بيروت ـ «القدس العربي»: يمضي الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام في المساعي لإخراج سَلِس للحكومة العتيدة في أقرب وقت بالتفاهم مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، ويحدد البعض موعداً لهذه التشكيلة في 27 كانون الثاني/يناير الحالي تزامناً مع انتهاء مهلة الستين يوماً لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».
وفي إطار الاتصالات لمعالجة المشكلة مع «الثنائي الشيعي» التقى الرئيس المكلف المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد والمسؤول السياسي في «حزب الله» حسين الخليل للبحث في مسألة تمثيل الثنائي في حكومة من 24 وزيراً حيث يصر ثنائي «أمل» و«حزب الله» في حال قبول المشاركة على نيل كل الحصة الشيعية المؤلفة من خمسة وزراء ومن ضمنها حقيبة المال السيادية.
وفي وقت توصل الرئيس المكلف إلى تصور أولي لشكل الحكومة وبدأ البحث في توزيع الحقائب على الكتل لإسقاط الأسماء في ما بعد على أن تكون من الاختصاصيين والكفاءات، فقد نفى المكتب الإعلامي للرئيس بري «ان يكون طلب من الرئيس المكلف اطلاعه على التشكيلة لإبداء الرأي فيها» وأكد «أن ورد في إحدى محطات التلفزيون عار من الصحة جملة وتفصيلاً».
ودرجت العادة في عملية تشكيل الحكومات السابقة أن يحتفظ الرئيس بري بأسماء ممثلي «حركة أمل» حتى اللحظات الأخيرة لصدور التشكيلة الحكومية.
مسودة التشكيلة
لكن وفقاً لما يتردد فإن القاعدة مختلفة حالياً حيث يضع الرئيس المكلف مسودة التشكيلة ويعرضها ويتشاور بشأنها مع رئيس الجمهورية ثم يقف على آراء الأحزاب والكتل قبل إعلان التشكيلة بصيغتها النهائية، على أن تؤمن هذه الصيغة ما إتفق عليه في الاستشارات النيابية لجهة توزير أصحاب الاختصاص والابتعاد عن منطق المحاصصة والإقصاء.
قاسم: لن يقصينا أحد
واعتبر أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أنه «لا يمكن لأحد إقصاء الحزب ولا يمكن استثمار نتائج العدوان الإسرائيلي في السياسة الداخلية» لافتاً خلال كلمة مسجلة في المؤتمر الدولي الثالث عشر «غزة رمز المقاومة» الذي عقد في ايران إلى «أن المسار السياسي مُنفصل عن وضع المقاومة» وقال «مساهمتنا كحزب الله وحركة أمل هي التي أدّت إلى انتخاب الرئيس بالتوافق، الرئيس العماد جوزف عون، ولا يستطيع أحد إقصاءنا من المشاركة السياسية الفاعلة والمؤثرة في البلد، فنحن مُكوّن أساسي في تركيبة لبنان ونهضته» ورأى «أن بعض البهلوانيات في إبراز إبعادنا عن المسرح هي فُقاعات ستظهر لاحقاً ان شاء الله».
بعد اجتماعه مع رعد و«الخليلين» ممثلي «حزب الله» و«حركة أمل»
وتوجه إلى «الحالمين بعدائية: ستبقى المقاومة في لبنان عصية على المشروع الأمريكي الإسرائيلي، وهي مستمرة وقوية وجاهزة وأمينة على دماء الشهداء لتحرير الأرض، لتحرير فلسطين. وصبرنا على الخروقات لإعطاء فرصة للدولة اللبنانية المسؤولة عن هذا الاتفاق، ومعها الرعاة الدوليين، ولكن أدعوكم إلى ألا تختبروا صبرنا، وأدعو الدولة اللبنانية إلى الحزم في مواجهه الخروقات التي تجاوزت المئات، هذا الأمر لا يمكن أن يستمر، الاتفاق حصرًا هو في جنوب نهر الليطاني، وخرجنا بحمد الله تعالى مرفوعي الرأس والسلاح بأيدي المقاومين والقرار 1701 إطار عام، أما خُطط الاستفادة من المقاومة وسلاحها في نقاش ضمن الاستراتيجية الدفاعية وبالحوار من ضمن الحفاظ على قوة لبنان وسيادة لبنان واستقلاله».
وفي سياق المواقف من الحكومة المرتقبة، رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «أن امام الرئيس نواف سلام فرصة تاريخية لتأكيد الثقة والمصالح الوطنية التي تضعنا بقلب مبادئ المواطنة بعيداً عن السرطان الطائفي».
وأكد في بيان: «لأننا نريد لبنان بكل ما يعني من عيش مشترك وعائلة وطنية ومؤسسات حقوقية، فإنّ المطلوب حكومة قادرة على استعادة الثقة بين اللبنانيين، وهذا أكبر طموح الشعب اللبناني على الإطلاق، ويجب أن نخرج من عقدة الخوف والغبن والنزعة الطائفية ولعبة الغلبة والأنانية السياسية والمناطقية». وقال «الطموح بالحكومة أن تكون حكومة لكل لبنان بحيث تعمل بعيداً عن الهوية الطائفية، وأكبر طموحنا أن تحل الدولة بدل الطائفة، والكفاءة بدل المحسوبية، وأن تثبت الدولة قدرتها على ضمان الأهداف الوطنية، وأن نعيش معاً بعيداً عن نزعة غالب ومغلوب وقوي وضعيف ووطني ونصف وطني، ويجب أن نصل لمرحلة التمثيل المؤسساتي الذي لا فرق فيه بين مسيحي ومسلم، وإنما الخوف على لبنان من اللعبة الدولية وإصرار الخارج على تطويب لبنان كحصة بالصراع الدولي الإقليمي» مضيفاً «للرئيس نواف سلام أقول: قد لا تتجاوز العقبات التاريخية الطائفية لهذا البلد لكنك تستطيع أن تكون أباً وطنياً لكل طوائف لبنان».
بري نفى طلبه الاطلاع على التشكيلة… وقاسم: لا يمكن إقصاؤنا أو استثمار نتائج العدوان
في غضون ذلك، أعاد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي التشديد على «الحياد الإيجابي» وقال في عظة الأحد «إن اللبنانيين يشعرون بالانشراح عند سماعهم المبادئ التي سيتبعها فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، وعن اهتمام رؤساء الدول وترحيبهم ووعودهم بدعم لبنان ومساعدته على النهوض الاقتصادي والاجتماعي والمالي والإعماري، وإنهم يعبّرون عن ثقتهم برئيس الحكومة المكلف القاضي نواف سلام. ويتمنون له سرعة تأليف الحكومة مع فخامة الرئيس».
الراعي والحياد الإيجابي
وأشار إلى «أن فخامة الرئيس وعد في خطاب القسم، في ما وعد، بممارسة الحياد الإيجابي، فارتاح معظم المواطنين. لقد ربط الحياد مع «تصدير أفضل المنتجات اللبنانية واستقطاب السيّاح، والإصلاح الاقتصادي.
ما يعني إلى كونه يحيي الوحدة الوطنية يؤمّن الاستقرار، والإزدهار والنمو الاقتصادي، ويساهم في السلام العالمي. فالحياد لا يعني الضعف، والدليل حضور سويسرا المحايدة العالمي القوي على الساحة السياسية والاقتصادية».
وأضاف «الحياد الإيجابي حاجة للبنان، انطلاقًا من شعار الميثاق الوطني «لا شرق ولا غرب» ومن مبدأ أن لبنان ليس «لا مقرًّا ولا مستقراً». وقد تبدلت لغة الإستعمار الجغرافي إلى سيطرة إقتصادية، اجتماعية، ثقافية، تكنولوجية. والمبدأ الثالث، «لبنان ليس بلاد الغلبة» بل هو أكثر من بلد، إنه رسالة حرية وعيش مشترك مسيحي ـ إسلامي» حسب القديس البابا يوحنا بولس الثاني. فلكي يقوم لبنان بهذه الرسالة، وبرسالة لقاء الثقافات والأديان، وبأن يكون مكان لقاء وحوار من أجل الدفاع عن حقوق الشعوب، ينبغي أن يكون محايدًا إيجابياً ناشطاً».
وختم الراعي «الحياد الإيجابي هو مذهب سياسي وضعي يقوم على عدم الانحياز إلى كتلة من الكتل المتصارعة إقليمياً ودولياً مع الالتزام بالقضايا العادلة في العالم، مثل حق الشعوب في الحرية والاستقلال، وحق الدول في التصرف بثرواتها الوطنية. الحياد هو أساس الميثاق الوطني وليس بديلاعنه. هو خير مخرج للبنان من أزماته السياسية والاجتماعية والمذهبية. ميثاق لبنان هو ميثاق الحياد. فلنصلِّ، لكي نعيش وعود معموديتنا، ولكي ينعم الله على لبنان بالسلام الدائم والحقيقي والشامل، وبالعيش معًا ومؤازرة الجميع في نهوض الوطن».
وكان الرئيس اللبناني زار صباح الأحد دير مار مارون في عنايا حيث صلّى أمام مزار القديس شربل، ثم تناول الفطور مع رئيس الدير والتقى عدداً من الرهبان.