بيروت – رويترز: قال وزير المالية اللبناني ياسين جابر في لقاء مع رويترز أمس الثلاثاء إن المسؤولين اللبنانيين يأملون في لقاء حاملي سندات لبنان الدولية خلال الاثني عشر شهراً المقبلة لمناقشة إعادة هيكلة الديون، وأكد أنه لا يوجد اجتماع مقرر قريب معهم خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين الأسبوع المقبل. وتحدث جابر إلى رويترز قبل أيام قليلة من سفره إلى العاصمة الأمريكية واشنطن لحضور اجتماعات الربيع، وهي واحدة من أكبر التجمعات لصُنّاع السياسات المالية والمستثمرين، حيث سيسعى لبنان إلى إظهار التقدم الذي أحرزه في الإصلاحات الاقتصادية لمعالجة الأسباب وراء الانهيار المالي في البلاد.
ودخل اقتصاد البلاد مرحلة الانهيار في 2019 بعد سنوات من تفشي الفساد الذي تسبب في أزمة مالية مما أدى إلى تخلف لبنان عن سداد سندات دولية مستحقة قيمتها 31 مليار دولار في مارس/آذار 2020.
ورداً على سؤال عما إذا كان يخطط للقاء حاملي السندات الدولية خلال العام المقبل قال جابر «أكيد…أكيد، هذا كما يقال الفيل الموجود بالغرفة». وأضاف «في النهاية لا نستطيع الهروب منه، أكيد لبنان حريص على أن يعالج هذا الموضوع».
لكن جابر أشار إلى الحاجة لإحراز تقدم في إصلاحات منها المتعلقة بالقطاع المصرفي وزيادة الإيرادات الحكومية عبر إصلاح السياسة الضريبية والجمركية قبل البدء في محادثات.
وقال «أردنا قبل كل شيء التركيز على الإصلاحات، على موضوع المصارف وغيره، نحن كنا نريد أن نقوم بواجباتنا، يعني أن نضع عملية الإصلاح برمتها على المسار الصحيح للانطلاق. لا نستطيع أن يكون بيتنا خربان ونقول نريد التفاوض. يجب أن تعيد ترتيب البيت الداخلي أولاً وأن لبنان يطوي الصفحة، لبنان يدخل في مرحلة جديدة ولاحقا كله يأتي وراء بعض».
وسيكون حضور الوفد لاجتماعات الربيع أول مشاركة للحكومة اللبنانية الجديدة في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين. وتشكلت الحكومة في فبراير/شباط وتعهدت بالسعي إلى التوصل لاتفاق جديد مع الصندوق.
وقال جابر إن تلك المشاركة ستمثل المرة الأولى التي يحضر فيها وزير مالية لبناني الاجتماعات منذ أكثر من عشر سنوات. ووفقاً لوثائق اطَّلعت عليها رويترز من المقرر أن يقدم وزير الاقتصاد والتجارة عامر بساط رؤية للاقتصاد اللبناني في مؤتمر بنك «جيه.بي.مورغان» للمستثمرين الذي سيعقد على هامش الاجتماعات.
واختارت مجموعة الدائنين، ومن بينهم صناديق الاستثمار العملاقة «أموندي» و»أشمور» و»بلاك روك» و»بلوباي» و»فيديليتي» و»تي.رو برايس»، إضافة إلى مجموعة من صناديق التحوط الأصغر، في الآونة الأخيرة مستشارا ماليا لمحادثات الديون.
وبعد أن شكل حاملو السندات مجموعة تمثلهم في 2021 أشاروا إلى أن تلك المجموعة لديها «حصة حاكمة» تزيد عن 25 في المئة في عدد من السندات اللبنانية، مما سيجعلها طرفاً أساسياً في أي خطة لإعادة هيكلة الديون.
وتعود ملكية حصة كبيرة من السندات اللبنانية إلى بنوك تجارية محلية أو مصرف لبنان (المركزي) الذي اشترى ديونا بقيمة ثلاثة مليارات دولار مباشرة من حكومة سابقة في 2019
ويجرى التداول على السندات اللبنانية عند مستويات منخفضة للغاية تتراوح بين 15 و16 سنتاً للدولار. ومع ذلك يمثل العائد الحالي ارتفاعا حادا عن أرقام أحادية قبل عملية عسكرية إسرائيلية أضعفت جماعة حزب الله التي كان ينُظر إليها على أنها عقبة أمام تجاوز حالة الجمود السياسي في لبنان. وفي يناير/كانون الثاني وافق مجلس الوزراء اللبناني على قرار «تعليق حق الدولة اللبنانية بالإدلاء بدفوع مرور زمن المهل التي تسري على مطالبات حاملي سندات اليوروبوند الصادرة عنها».
وأشار المجلس في ذلك الوقت إلى أنه «بالرغم من الأوقات العصيبة التي نعيشها، يبقى لبنان ملتزماً بالتوصل إلى حل رضائي ومنصف بخصوص إعادة هيكلة سندات اليوروبوندز. وعبر تمديد مهل مرور الزمن، لن يضطر حاملو هذه السندات إلى اتخاذ إجراءات قانونية بسبب نفاذ المهل، ريثما يشاركون في إعادة هيكلة منظمة وتوافقية لهذه السندات».
وقال جابر إن تلك الخطوة «أراحت حاملي السندات».
ولكنه أحجم عن التعليق على ما إذا كانت الحكومة ستسعى إلى تخفيض أو تمديد أو شطب الديون قائلاً إن التركيز الأساسي ينصب على الإصلاحات.
وأوضح جابر أن محافظ مصرف لبنان يدرس مناهج مختلفة لمعالجة خسائر مالية تقدر بنحو 84 مليار دولار.
وأشار إلى أن الحكومة لا تدرس في الوقت الحالي تسييل احتياطي الذهب الذي قُدِّر في أبريل/نيسان 2022 بنحو 286 طناً وارتفعت قيمته في الوقت الحالي بسبب صعود أسعار المعدن النفيس إلى مستويات غير مسبوقة خلال العام الجاري.