لجنة موريتانية تحضّر لانتخابات قد تعيد تشكيل المشهد السياسي

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط- «القدس العربي»: تعكف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في موريتانيا، حالياً، على اقتراح أجندة للانتخابات النيابية والجهوية والبلدية، المقررة خلال الفصل الأول من السنة المقبلة، وذلك بعد أن انتخبت اللجنة وزير الداخلية السابق الداه ولد عبد الجليل من الأغلبية الحاكمة، رئيسا لها، ومحمد الأمين ولد داهي من حزب التكتل المعارض نائبا له.

وسيكون على هذه اللجنة، التي شكلت بعد مخاض عسير، أن تحدد تاريخ الانتخابات المقررة، وطرق تنظيمها وأن تقدم ضمانات بشفافيتها.

وبإعلان اللجنة المستقلة للانتخابات عن الأجندة التنظيمية للاستحقاقات القادمة، ستدخل موريتانيا، على مدى أشهر، في أجواء انتخابية ساخنة، حيث ستتمخض الاستحقاقات المنتظرة عن برلمان جديد، وعن مجالس بلدية وجهوية جديدة، وعن إعادة تشكل للمشهد السياسي، سنة قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة منتصف عام 2024.

ورحب حزب الإنصاف الحاكم في موريتانيا بالتقدم الحاصل في التحضير للانتخابات، مؤكدا، في بيان له حول الموضوع، على أهمية تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات التي يعول الموريتانيون جميعا على مهنيتها كي تتم مراحل الانتخابات القادمة في أحسن الظروف.

وأكد حزب الإنصاف أنه “سيعمل كل ما بوسعه، من أجل مساعدة اللجنة الانتخابية على القيام بمهمتها النبيلة على أكمل وجه”.

وأعرب حزب “الصواب” المعارض، في تقرير عن رؤية الحزب للتحضير التوافقي للانتخابات المقبلة، عن أمله “في ضمان شفافية الاستحقاقات المنتظرة، وحياد هيئات الإشراف عليها، وخلق المساحة الآمنة لتوفر قواعد إجرائية واضحة يلتزم بها الجميع في جو من الثقة المتبادلة وآفاق تطبيع الحياة السياسية، وتعزيز مناخ الحريات وتقوية الهيئات القضائية ومؤسسات الضبط والرقابة ووضع حد لانفراد أي طرف بتحديد من يشارك ومن يُمْنع”.

وتطرق التقرير “للجهود المطلوبة من القوى السياسية وأجهزة الدولة للتخلي عن أساليب الإقصاء، وإغلاق مجال العمل السياسي أمام بعض الأطراف أو منعها من لعب دورها المطلوب في حل المشكلات البنيوية داخل المجتمع والدولة بدل تأجيجها”.

وركز التقرير على “تنفيذ الاتفاق المبرم بين الحكومة والأحزاب والقائم على احترام الضوابط القانونية وتوفير الملائم من الضمانات لضمان الارتقاء بمهنية لجنة الإشراف على الانتخابات وفق القانون المنشئ لها، بما يضمن يقظة أعضائها، وما يسمح بشكل أفضل بتحقيق استقلاليتها وتوازنها في اتخاذ القرار وتنفيذ المهام الموكلة إليها وتمكينها من السيطرة الكاملة على كافة جوانب العملية الانتخابية”.

ومع أن الإدارة الانتخابية تأخذ في الدول أشكالا مختلفة قد تكون إدارة حكومية، أو إدارة مستقلة، أو إدارة مختلطة، فقد اعتمد المشرع الموريتاني نموذج الإدارة المستقلة الممثلة في لجنة حكماء مختارة من طرف الطيف السياسي أغلبية ومعارضة، مدعومة بإدارة حكومية مكلفة بدعم المسار الانتخابي تابعة لوزارة الداخلية.

 كما أنشأ المشرع سلطة عمومية هي اللجنة المستقلة للانتخابات، بموجب القانون النظامي رقم 2012-027 الصادر بتاريخ 12 أبريل 2012، ومتعها بالاستقلال الإداري والمالي، ومنحها صلاحيات تحضير وتنظيم مجموع العملية الانتخابية والإشراف عليها بدءاً بمرحلة التصديق على الملف الانتخابي، ولغاية الإعلان المؤقت عن النتائج، وإحالتها إلى المجلس الدستوري بقصد الإعلان النهائي، في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية والاستفتاء، وكذا الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخرى”.

 ويرى سيداب عالي، القيادي في حزب التجمع الوطني للإصلاح (المحسوب على التيار الإسلامي)، في تحليل للرهانات والتحديات التي تواجهها اللجنة المستقلة للانتخابات “أن

 المشرع الموريتاني أسند لهذه اللجنة مهمة مفصلية في تاريخ الأمة الموريتانية ممثلة في إدارة وتسيير وتحضير العملية الانتخابية، بيد أن الانتخابات محطة أساسية في المسار الديمقراطي لأي دولة، فهي محطة حاسمة في إنتاج طبقة سياسية مستقبلية تحمل هموم المواطن وتحقق انتظارات المجتمع، وتتحلى بالكفاءة، وتحمل تصورا جادا لحل إشكالات التنمية والانسجام المجتمعي”.

وأضاف “أن الاستحقاق الانتخابي لن يكون مفضياً لتحقيق الرهانات السابقة دون وجود لجنة انتخابية قوية تتميز بالكفاءة والنزاهة والحياد، ودون ذلك سنبقى في حلقة مهزلة الانتخابات الشكلية التي تعقد الوضع السياسي، وتسبب الاحتقان، وتفرق ولا تجمع؛ تلك الانتخابات الهزيلة التي تفرز نخبا ضعيفة وغير مسؤولة، ولا تحمل أي رؤية وطنية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية