لندن ـ «القدس العربي»: كما جرت العادة في النظام الجديد، استمتع عشاق كرة القدم الجميلة، بعدد لا بأس به من الوجبات الكروية الدسمة في الجولة الخامسة لدوري أبطال أوروبا، ما بين مباريات نهائية مكررة من النسخ القليلة الماضية، وبين معارك وقمم كلاسيكية من الزمن الجميل، وأخرى كانت شاهدة على مفاجآت أقل ما يُقال عنها مدوية وصادمة، خاصة بعد وضوح معالم أو ملامح جدول الترتيب العام، مع نجاح أربعة أندية على أقل تقدير في وضع «القدم اليمنى» في مراحل خروج المغلوب في الكأس ذات الأذنين، وتجدد آمال البعض في اللحاق بركب الثمانية الأوائل في الجدول. وفي المقابل، حدث بالفعل آخر وأغرب سيناريو كان ينتظره النقاد والمتابعون، بحالة من التقهقر والتراجع الجماعي لأندية تُصنف من فئة العمالقة والكبار في القارة، لدرجة أن ثلاثة ممن كانوا في مقدمة المرشحين لإنهاء سباق «الدوري» ضمن المراكز الثمانية الأولى المؤهلة بشكل مباشر إلى الإقصائيات، أصبحوا مهددين بالذهاب إلى المجهول، بالفشل حتى في الحصول على واحد من المركز التاسع وحتى المركز الرابع والعشرين، لخوض مباراتين بنظام الذهاب والعودة لاستكمال أعداد المقاعد المخصصة لقرعة الدور ثمن النهائي، والسؤال الذي يفرض نفسه: من يا ترى من الكبار وأصحاب الشعبية الجارفة في العالم من الممكن أن ينتهي به المطاف بالخروج المبكر من دوري الأبطال بنظامه الجديد؟ ومن ما زالت حظوظه قائمة وقوية رغم موقفه الصعب والمعقد في الوقت الراهن؟ هذا ما سنحاول استعراضه معا في نقاشنا عن أبرز المشاهد والأحداث في الجولة الخامسة للبطولة القارية الأكثر شهرة عالميا على مستوى الأندية.
الحلم الملعون
نبدأ بالقمة الإنكليزية الإسبانية التي جمعت ليفربول بحامل اللقب ريال مدريد على ملعب «الآنفيلد»، تلك الملحمة التي كان يعتقد جمهور الميرينغي، أنها فرصة عظيمة لضرب عصافير بالجملة بحجر واحد، أبرزها وأكثرها أهمية في هذه المرحلة، الرد على الشكوك التي لا تتوقف بشأن قدرة فريق «الغالاكتيكوس» الجديد على افتراس خصومه الكبار سواء على المستوى المحلي أو القاري، وخصوصا بطولته القارية المفضلة، كفريق يهابه الأبطال والكبار قبل الأندية المتوسطة والصغيرة، حتى لو كان في أسوأ حالاته في مبارياته المحلية في الدوري الإسباني، وذلك السقوط المدوي أمام ميلان بنتيجة 1-3 في قلب «سانتياغو بيرنابيو»، وقبلها بأيام انحنى الميستر كارلو أنشيلوتي ورجاله على نفس الملعب أمام الغريم الأزلي برشلونة برباعية نكراء كانت قابلة للضعفين، هذه بجانب التأكد من القيمة الفنية للوافد الجديد كيليان مبابي، عندما يتعرض لأول ضغط حقيقي بالقميص الأبيض خارج القواعد، وهذا كما يعرف المتابع البسيط قبل خبراء النقد والتحليل، لإخفاق الهداف التاريخي لباريس سان جيرمان في الظهور بنفس النسخة البراقة التي كان عليها في «حديقة الأمراء» ومع منتخب بلاده الفرنسي، إلى أن حقق حلمه الكبير، باستنساخ المشهد العالق في أذهان عالم كرة القدم، الذي كان بطله الملك كريستيانو رونالدو، حين امتلأت مدرجات قلعة «البيرنابيو» من أجل استقباله في بيته الجديد، صحيح لغة الأرقام تخبرنا أنه ساهم في تسجيل ما مجموعه 11 هدفا، بواقع تسعة أهداف من توقيعه بالإضافة إلى تمريرتين حاسمتين من مشاركته في 18 مباراة في مختلف المسابقات، لكن فتش الجانب المظلم، بما يمكن اعتباره «اختفاء» لذاك العداء المدمر مبابي، الذي كان يقطع نصف الملعب في ثوان تعد على أصابع اليد الواحدة، مع قدرات استثنائية في إنهاء الهجمات على طريقة مواطنه الأسطورة تييري هنري، وما زاد الطين بلة هذه المرة أكثر من أي وقت مضى، أن كيليان خيب آمال المشجعين مرتين، الأولى بفشله الذريع في القيام ولو بربع دور زميله البرازيلي المصاب فينيسيوس جونيور، رغم أن أغلب المتابعين وأصحاب الأقلام الذهبية في «ماركا» و«آس» وباقي المنصات المحسوبة على النادي الأبيض، توقعوا أن ينجح مبابي في استغلال فرصة غياب فيني، كونها المرة الأولى التي سيشارك فيها في مركزه المفضل، كجناح أيسر مهاجم، بعيدا عن الزحام وحالة عدم التوازن التي كان يتسبب فيها بتحركاته الفطرية في نفس الجهة. والثانية وهي الضربة القاضية، أنه بإجماع جُل من شاهد الـ90 دقيقة، كان اللاعب الأسوأ على مدار المباراة، وفوق كل ما سبق، فوت على فريقه فرصة العودة في نتيجة المباراة عندما كانت تشير إلى تقدم أصحاب الأرض بهدف أليكسيس ماك أليستر، بإهدار ركلة الجزاء التي تحصل عليها فاسكيز بذكاء في حواره المشترك مع القلب الشجاع أندي روبرتسون داخل مربع العمليات، معيدا إلى الأذهان، حتى وقت كتابة هذه الكلمات، سيناريو إيدين هازارد وأنطونيو كاسانو وباقي الأسماء التي كانت تحلم أكثر من غيرها في الطفولة بارتداء قميص نادي القرن الماضي، وفي نهاية المطاف، استيقظوا على ما يمكن وصفه بالكابوس «الجاثومي» أو «الحقيقة المرة»، بتلك المسافة المفزعة بين خيال الأطفال وبين ما يحدث على أرض الواقع.
هيمنة وخذلان
بعيدا عن الحالة الفنية والبدنية المتواضعة التي كان عليها مبابي، بإخفاقه في تسديد ولو كرة واحدة بين القائمين والعارضة، باستثناء ركلة الجزاء التي تصدى لها الحارس كويمن كيلهير في الشوط الثاني، بجانب فشله في تقديم ولو مساعدة واحدة لرفاقه في الثلث الأخير من الملعب، وخسارة 50% من صراعاته الثنائية مع مدافعي الريدز، وكانت هناك أسباب أخرى ساهمت في خروج أحمر الميرسيسايد بالثلاث نقاط، وتأكيد تفوقه الكاسح على المستوى القاري والمحلي، بجمع العلامة الكاملة في أول 5 جولات لدوري الأبطال، وحفاظه على صدارة الدوري الإنكليزي الممتاز بفارق مريح عن أقرب مطارديه، منها القراءة الجيدة للمدرب الهولندي آرني سلوت، التي أسفرت عن نجاح شبه كاسح في استغلال ثغرات المنافس، معتمدا على أسلوبه المفضل 4-3-3، وبالشراكة الأساسية في محور قلب الدفاع، باللعب بالثنائي إبراهيم كوناتي وفيرجيل فان دايك، وعلى اليسار روبرتسون وعلى اليمين الايرلندي كونور برادلي، في مهمة خاصة لتعويض ابن الأكاديمية ألكسندر أرنولد. وفي مركز لاعب الوسط المحوري رقم 6، رهانه الرابح وهو مواطنه ريان غرافينبرش، وأمامه الثنائي كيرتس جونز وماك أليستر في مركز اللاعب رقم (8) المتقدم، مع تبادل سلس بينهما في تقمص دور لاعب الوسط المهاجم رقم 10، برفقة ثلاثي الهجوم محمد صلاح وداروين نونييز ولويس دياز. وكما شاهدنا، كان رجل المباراة الأول هو الظهير الأيمن برادلي، الذي قدم ملحمة لن تمحى من الذاكرة لفترة طويلة، في مباراته الخاصة مع مبابي، بدون أن ننسى دور جمهور «الآنفيلد»، الذي أبدع في لعب دور المدافع الخامس في الدفاع الأحمر، بإحداث ما يمكن وصفه إن جاز التعبير بـ«الزلزال» في كل أرجاء الملعب، بمجرد أن يتسلم مبابي الكرة في أي مكان، مع تحفيز يُدرس لبرادلي، الذي بدوره أحسن استغلال هذه الطاقة الإيجابية التي لا تقدر بثمن، بقطع كل الطرق التي تؤدي إلى وصول مبابي إلى الثلث الأخير من الملعب من الجهة اليسرى، وهذا في حد ذاته، أفقد الفريق الضيف ما يزيد على 50% من قوته الضاربة، كيف لا وخطة المدرب الإيطالي، كانت شبه مرتكزة على انطلاقات صاحب القميص رقم 9، وقدراته الخاصة في التحولات ومواقف لاعب ضد لاعب أو اثنين وأحيانا ثلاثة في سباقات السرعة في آخر 25 لـ30 مترا في الملعب، والحلول الفردية والإبداعية التي جاء من أجلها إلى «سانتياغو بيرنابيو»، لكن خذل المدرب وجماهير النادي، بتلك الحالة المتواضعة التي كان عليها طوال المباراة، تارة بإهدار مجهود الفريق بتمريراته الخاطئة للمنافس، وتارة أخرى بمحاولات فردية بائسة في مناطق بلا قيمة ولا أهمية في الثلث الأخير من الملعب، وهذا ما أثر بشكل سلبي على الفعالية الهجومية للمغربي براهيم دياز، والتركي اليافع أردا غولر والهجوم بأكمله.
حتى جود بيلينغهام، لم يكن في أفضل حالاته، مقارنة بالمستوى الجيد الذي كان عليه في آخر مباراتين على المستوى المحلي. وبالمثل وجد ثنائي الارتكاز في وسط الملعب إدواردو كامافينغا والعجوز لوكا مودريتش، عانى الأمرين لأخذ زمام المبادرة في أم المعارك أمام هيمنة كيرتس جونز وماك أليستر ومن خلفهما حائط الصد الهولندي غرافينبرش، على كل متر في دائرة المنتصف، وتجلى ذلك في مشاكل الريال في عملية الخروج بالكرة من الخلف إلى الأمام، على عكس صاحب الأرض، الذي كان أكثر تنوعا وإيجابية في محاولاته على مرمى الحارس تيبو كورتوا، مقارنة بالحارس الألماني الذي لم يتعرض سوى لاختبار ركلة الجزاء، وكرة أخرى مقوسة في الوقت المحتسب بدل الضائع، وقبل أي شيء، يُحسب للمدرب سلوت، نجاحه في مغالطة القيدوم الإيطالي، بالدفع بخاكبو على حساب المزعج نونييز في منتصف الشوط الثاني، في نفس مركز الأخير، كمحطة وهمية للخط الأمامي، وحسنا فعل الشاب المجري، بتصدير كل معاني الإزعاج والتوتر لخط الدفاع، مستغلا الحلقة الفارغة بين ثنائي قلب الدفاع والوسط، بسلسلة من الانطلاقات والمحاولة الجريئة، التي أسفرت واحدة منها عن تسجيل هدف تأمين النقاط الثلاث وصدارة البطولة حتى إشعار آخر، ولو أن ما سبق، لا يقلل من مجهود أسماء بعينها في الريال، في مقدمتهم المدافع الصاعد راؤول أسينسيو، الذي أثبت جدارته في الاحتفاظ بمكانه في التشكيل الأساسي للمباراة الثالثة على التوالي، مقدما نفسه بصورة المدافع المخلص الذي جاء في الوقت المثالي لحل أزمة النقص العددي الحاد في مركز قلب الدفاع، بعد تجدد انتكاسة إيدير ميليتاو في الرباط الصليبي، بجانب تأخر النمساوي ديفيد آلابا في التعافي من إصابته السيئة الأخيرة، وبدرجة أقل كامافينغا قبل خروجه بداعي الانتكاسة، ليصبح المدرب الإيطالي في وضع لا يُحسد عليه، بهذا الكم الهائل من الغيابات المؤثرة تقريبا في كل مركز في الفريق، مع بطء في استعياب اللاعبين لأفكاره الجديدة بعد انضمام مبابي، في الوقت الذي لم يعد أمامه أي طريق آخر سوى تحقيق الفوز في المباريات الثلاث المتبقية على نهاية مرحلة الدوري، أمام أتالانتا الإيطالي، الذي لم يعرف طعم الهزيمة في أول 5 مباريات في البطولة، وسالزبورغ النمساوي، وبريست الفرنسي، وذلك ليس للحاق بركب المتأهلين لدور الـ16 مباشرة، بل لتحسين مركزه الحالي (الرابع والعشرون)، وتأمين مكانه ضمن المجموعة التي ستتنافس لانتزاع المقاعد الثمانية الأخرى في قرعة اليويفا القادمة، فهل يا ترى سينجو أنشيلوتي من هذه الورطة التي بدأت تهدد منصبه في النادي؟ أم تحدث وحدة من غرائب وعجائب البطولة ويكون واحدا من الكبار المرشحين للخروج مبكرا؟ هذا ما سنعرفه في الأسابيع القليلة القادمة. أما المعلم الأصلع الهولندي، فأثبت بما لا يدع أي مجال للشك، أنه بالفعل مشروع مدرب عالمي ومن الوزن الثقيل كأغلب العباقرة الذين صدرتهم الأراضي المنخفضة لعالم التدريب في العقود الماضي، وليس من النوع الهولندي الذي يعرفه جمهور مانشستر يونايتد أكثر من غيره.
ريمونتادا ورهان
على سيرة العجائب والغرائب في كوكب كرة القدم، حدثت واحدة من تلك العجائب في مباراة مانشستر سيتي ضد فينورد الهولندي، التي كانت في طريقها للانتهاء بمهرجان أهداف للنادي السماوي، بعد قتل المباراة إكلينيكيا بالتقدم بثلاثية نظيفة حتى قبل ربع ساعة من نهاية الوقت الأصلي، كبداية مصالحة مع الجماهير بعد سلسلة النتائج المخيبة للآمال، والتي وصلت لحد التجرع من مرارة الهزيمة في 5 مباريات على التوالي، وهو أمر لم يحدث من قبل في أرشيف بيب غوارديولا التدريبي، ولا مع النادي منذ عقود، لكن فجأة وبدون سابق إنذار، قرر محارب الصحراء أنيس حاج موسى، إضافة بعض الإثارة والتشويق لأصحاب ملعب «الاتحاد»، بتسجيل واحد من أجمل أهداف الجولة، في ما كان أشبه بجرس الإنذار بالنسبة للفيلسوف الكتالوني، الذي فهم الرسالة كما وضح في ردة فعله، بتعمد جرح نفسه بأحد الأظافر في أنفه، وكأنه كان يعرف أن الفريق سينهار بعد هذا الهدف، لتأثيره السلبي المهول على معنوية اللاعبين، الذين كانوا يعتقدون أن المهمة انتهت وأنهم تحرروا من ضغوط الخسائر الأخيرة، لا سيما بعد تحسس شعور المدرب بالاطمئنان من ناحية النتيجة، بعد الدفع باثنين من المراهقين على حساب ناثان أكي وإلكاي غندوغان في آخر 20 دقيقة، لتنقلب الأمور رأسا على عقب، أو كما يقال «انقلب السحر على الساحر»، باستقبال هدفين آخرين عن طريق المدافع ديفيد هانكو والبديل الموفق سانتياغو خيمينيز. ولأن الكرة ترغب في الاستمرار في التمنع والعناد مع بيب وفريقه، شاهدنا كيف أنابت العارضة عن حامي عرين الضيوف لحرمان الجناح الإنكليزي جاك غريليش من خطف هدف الفوز والابتعاد عن المنطقة المظلمة في جدول ترتيب أندية مرحلة الدوري، وذلك في آخر لحظات الوقت المحتسب بدل الضائع، ليتراجع الفريق إلى المرتبة السابعة عشرة، مع وصوله للنقطة الثامنة، ومواجها نفس مصير ريال مدريد صاحب الست نقاط، بل ربما بلغة الأرقام والحسابات، يمكن القول إنه في موقف أكثر صعوبة من الملكي، وذلك بطبيعة الحال بسبب المواجهات النارية التي تنتظره في الجولات المتبقية في الدوري، والتي ستبدأ بزيارة ملعب «آليانز ستاديوم»، لمقارعة بطل إيطاليا العقد الماضي يوفنتوس، الذي يملك نفس رصيد السيتيزنز قبل معركتهما المقررة مساء الأربعاء الموافق الحادي عشر من ديسمبر، ثم بزيارة أخرى بنفس الصعوبة أمام كبير الأندية الفرنسية باريس سان جيرمان، الذي بات مجبرا على رفع شعار «لا بديل عن الفوز» في آخر 3 مباريات، بعد الهزيمة الأخيرة أمام قاهره في نهائي المسابقة في نسخة كورونا الصامتة بايرن ميونيخ، التي تسببت في وضع الفريق في موقف غاية في الصعوبة، كيف لا وهي كانت الهزيمة الثالثة للعملاق الباريسي في أول 5 مباريات، ليتراجع إلى المركز الخامس عشر، برصيد 4 نقاط جمعها من انتصاره على جيرونا الإسباني في اللقاء الافتتاحي بهدف نظيف، وبالتعادل مع فينورد بهدف لمثله في الجولة الثالثة، في المقابل تجرع من مرارة الهزيمة 3 مرات على يد آرسنال وأتلتيكو مدريد ثم البايرن. ويرى قطاع لا يُستهان به من النقاد والمتابعين المحايدين، أن المدرب لويس إنريكي، لم يقدم البصمة أو التأثير المتوقع منه في «حديقة الأمراء» منذ وصوله إلى سُدّة الحكم في صيف 2023، متحولا من مدرب جاء إلى عاصمة النور والموضة، بثوب العراّب الذي سينقل عصارة خبراته في دوري الأبطال والملاعب الأوروبية إلى مشروع العقد، إلى ما هو أشبه بالمدرب الذي اعتاد على الهزائم والانتكاسات. يكفي أنه على مدار 50 مباراة في دوري الأبطال، حقق الفوز في 30 مباراة وخرج راضيا بالتعادل 6 مرات بينما كانت خسارته أمام العملاق البافاري الـ14 في مشواره الأوروبي، منها 8 هزائم مع سان جيرمان في أقل من 18 شهرا، على غرار الخسارة الأولى أمام برشلونة في مراحل خروج المغلوب الموسم الماضي، والسقوط أمام آرسنال والأتلتي، والأخير بالذات يعيش أتعس أيامه تحت قيادة اللوتشو دييغو سيميوني، قبل أن يختمها بالعودة من «آليانز آرينا» بالهزيمة والظهور بهذه النسخة الصادمة لعشاق النادي، لا سيما بعد خروج الفرنسي عثمان ديمبيلي في أول ربع ساعة من الشوط الثاني لحصوله على البطاقة الحمراء، حيث انهار ثلاثي خط الوسط فابيان رويز وفيتينيا ونيفيز وزاير إيمري، وبالتبعية اختفى تماما برادلي باركولا عن المشهد، وما عقد الموقف، أن التغييرات التي أجراها مدرب برشلونة وإسبانيا سابقا، بالدفع بلي كانغ وماركو أسينسيو وغونسالو راموس، لم تساهم في تحسن الأداء الجماعي أو حتى تُحدث أي نوع من أنواع التنشيط للخط الأمامي، بل كانت سببا في زيادة الضغط البافاري على الفريق، لدرجة أنه كان بإمكانه تأمين النتيجة بأكثر من هدف في آخر نصف ساعة، بفضل ديناميكية وتماسك وانسجام وترابط لجميع خطوطه أمام فريق هش فنيا يعاني من نقص عددي بعد لعب أكثر من نصف ساعة، بالإضافة إلى ثبات المدرب فينسنت كومباني، الذي كان أكثر ثباتا بالاعتماد على خطة 4-2-3-1 وخلق جبهات قوية على الجانبين بتواجد كومان وموسيالا وليروي ساني خلف هاري كاين، وخلفهما غورتسيكا وكيميتش اللذين أحكما السيطرة على وسط الملعب، وأيضا الظهيران ألفونسو ديفيز يسارا وكونراد لايمر يمينا، كانا حاضرين بقوة وأكثر نشاطا من ظهيري باريس أشرف حكيمي الذي لم يظهر إطلاقا، ونونو مينديز الذي نشط على فترات ولكنه لم يجد مساعدة، كما أن عمق الهجوم البافاري قوي للغاية بفضل حركة مستمرة للرباعي كاين وكومان وساني وموسيالا، وضغطوا كثيرا على ماركينيوس وباتشو، وسط حالة من الضعف البدني والذهني للعمق الباريسي سواء على مستوى خط الوسط أو الدفاع، ليواصل زعيم الأندية الألمانية صحوته منذ هزيمته أمام برشلونة برباعية مقابل هدف، بتحقيق الفوز الثاني على التوالي والوصول للنقطة التاسعة، التي جعلته على بعد نقطة واحدة من صاحب المركز الثامن الذهبي بنفيكا، وذلك قبل مواجهة شاختار دونيتسك الأوكراني، وفينورد الهولندي وسلوفان براتيسلافا السلوفاكي، أما العملاق الباريسي، فلا خيار أمامه سوى تحقيق الفوز في مبارياته الثلاث المتبقية أمام ريد بول سالزبورغ، ومانشستر سيتي وكلوب بروج البلجيكي، ما عدا تلك المواجهات، فقد انتهت باقي مباريات الكبار بنتائج متوقعة، مثل تعافي برشلونة من نتائجه المحلية السيئة على مستوى الليغا، باكتساح ستاد بريست الفرنسي بثلاثية نظيفة، والتقدم إلى المركز الثالث بأفضلية الأهداف عن بوروسيا دورتموند، ونقطة واحدة عن الوصيف إنتر الإيطالي، الذي تجاوز لايبزيغ الألماني بهدف بالنيران الصديقة سجله كاستيلو لوكيبا بالخطأ في مرماه، وأيضا تقدم ميلان إلى المركز السادس عشر بفارق الأهداف فقط عن بايرن ميونخ، وذلك بعد الفوز سلوفان السلوفاكي بنتيجة 3-1، تزامنا مع الانتصار الكاسح الذي حققه أتالانتا خارج القواعد على حساب يونغ بويز السويسري بنتيجة 6-1، ليؤمن فريق المدرب غاسبريني مكانه في المركز الخامس برصيد 11 نقطة وبلا هزيمة كما أشرنا أعلاه، متقدما بنقطة واحدة عن آرسنال بعد انتصاره العريض على سبورتنغ لشبونة بخماسية مقابل هدف، وباير ليفركوزن الألماني الذي كان له نصيب من هذه المهرجانات، بفوز عريض على سالزبورغ بخمسة أهداف مقابل لا شيء، في ما توقف رصيد موناكو عند نفس النقطة بعد سقوطه المفاجئ أمام بنفيكا في قلب «لويس الثاني»، وبالمثل حافظ أستون فيلا على حظوظه في مرافقة الثمانية المتأهلين مباشرة إلى دور الـ16، بعد وصوله للنقطة العاشرة بفضل تعادله السلبي مع يوفنتوس الإيطالي، هذا تقريبا عزيزي القارئ كان ملخص الجولة الخامسة المثيرة في دوري أبطال أوروبا.