لغوتيريش: أصبت بقولك “لم يحدث ذلك من فراغ”

حجم الخط
2

 يوسي كلاين

الحقيقة غير مهذبة، وقحة ومزعجة، تظهر في المكان والوقت غير الصحيحين. انظروا إلى ما فعلته في الأسبوع الماضي لسكرتير الامم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي قال إن هجوم حماس “لم يحدث من فراغ”، فتعرض لانتقاد شديد. كل كلمة قالها كانت صحيحة. حقيقة ثقيلة ومزعجة وفي التوقيت غير المناسب. السكرتير العام أدان جرائم حماس، وكرر هذه الإدانة، لكن ذلك لم يساعده. فقد تم اتهامه بـ “تفهم القتل الجماعي”.

الهجوم الذي حدث السبت لم يحدث من فراغ. الفظائع كانت فصلاً آخر في قصة استمرت 57 سنة. ولكن محظور على غوتيريش قول ما نقوله ونكتب عنه منذ عشرات السنين. الجميع وصفوا وضعنا كمن يجلسون على “فوهة بركان يوشك على الانفجار” أو على “برميل متفجرات”.

عندما ينفجر البركان يخترعون حقيقة لتبرير التجاهل الغبي. الحقيقة المخترعة لا تعتبر حقيقة، بل تطمح إلى تحويل الأمنية إلى “واقع”، والأمنية كانت أنه لن يحدث شيء لنا إذا تجاهلنا الخطر الكامن بقمعنا 2.5 مليون إنسان. اكتفينا بـ “لا يوجد حل” كجواب مرضٍ ومريح يمكننا من الجلوس فوق هذا الثقب الساخن والغرق في الأوهام.

الأوهام ليست حقيقة. بل هناك حقيقة واحدة، ولم تحدث من فراغ. فمن انقض على أقوال السكرتير العام للأمم المتحدة يدعي بالفعل أن سكان غزة عاشوا في جيرة طيبة مع الإسرائيليين، وبعد ذلك، بشكل مفاجئ، أصيبوا بالجنون في 7 تشرين الأول وقتلوا واختطفوا.

ما الذي تريدونه؟ يقول نتنياهو. كيف أعرف؟

هناك أشخاص مهمتهم أن يعرفوا. نتنياهو لم يعرف ذات مرة، سواء في نيرون أو في غزة. والواجب أن يعرف من ناحيته أنه غير مشمول في مجال مسؤوليته. كيف يمكنني معرفة أن الفلسطينيين لا يحبون حصارنا، هكذا سيسأل لجنة التحقيق.

بالنسبة له، عدم المعرفة هي الذريعة. بالنسبة له، هذا اعتراف بالذنب. من لا يعرف هو المسؤول، ومن لا يسأل هو المذنب. تحمل المسؤولية ليس بادرة حسن نية أخلاقية فارغة مثل القول “أعتذر إذا أصاب الضرر أحداً”. تحمل المسؤولية هو اعتراف بالذنب. من يعترف بالذنب تجب معاقبته. لو اعترف نتنياهو من تلقاء نفسه لأمكن أن نحكم عليه بعقوبة بسيطة: الاستقالة والنفي.

ليس وحده نتنياهو هو الذي يختبئ وراء عدم المعرفة. نحن كذلك؛ نحن نختبئ وراء “ضباب المعركة”. ما لا نراه من ناحيتنا هو أمر غير موجود، وغير الموجود هو غير مفهوم. لا يظهرون لنا أطفالاً قتلى في غزة، ولا نعرف لماذا يتظاهرون ضدنا حتى بعد فظائع 7 تشرين الأول.

عندما لا نرى، لا نعرف. ومن لا يعرف معفي من تأنيب الضمير والتساؤل. وفي حين تقلقنا فظائع يوم السبت، فإن العالم ينتقل إلى حالة الصدمة من فظائع أخرى. هو لا يميز بين الأطفال اليهود والأطفال العرب. هو وبحق يميز بين غزة وحماس. أما نحن فلا نميز.

7 تشرين الأول خلصنا من الأوهام. من الذي ما زال يؤمن بعد السبت ذاك، بوهم “لن يتجرأوا”؟ ومن الذي ما زال يعتقد بأن الجيش الاسرائيلي الذي غفا في نوبة الحراسة هو الجيش “الأفضل في العالم”؟ وهل ما زال بالإمكان القول بعد ما حدث في بئيري “مستوطنات خط الحدود تحمي الدولة”؟

لكن هذا لا شيء مقابل الوهم الأكبر من بينها جميعاً، وهو وهم “اليوم التالي”. “اليوم التالي” سيكون مثل اليوم الذي سبقه. لن يكون يوماً للبداية، بل يوم للاستراحة والهدنة. ما لم نقم بحل مشكلة علاقتنا مع الفلسطينيين، فسنعود مرة تلو الأخرى إلى المكان الذي كنا فيه. وإذا واصلنا تجاهل المشكلة “التي لا حل لها” فسيبقى للفلسطينيين تنظيمات إجرامية أو عصابات بربرية.

نحلم بحياة سلام وطمأنينة، ولكننا غير قادرين على تحقيقه. لا نملك الشجاعة لمواجهة القضية الفلسطينية التي أنزلت علينا أحداث 7 تشرين الأول. لا نملك القدرة على مواجهتها بسبب القومية المتطرفة والتحريض والكراهية والغطرسة والعنصرية. بدون مواجهة المشكلة سنجد أنفسنا نواجه كارثة.

“اليوم التالي” سيكون مثل اليوم الذي أعقب عملية “الجرف الصامد” و”الرصاص المصبوب”. الآلاف دفعوا الثمن بحياتهم من أجل العودة إلى ما كان. سيتم تدمير حماس. والسؤال هو: من الذي سندمره ونقضي عليه ونجتثه بعدها؟

هآرتس 2/11/2023

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سعود الزيود:

    نحن نؤمن بالقرآن إيمانا جازماً وقطعياً ونؤمن به لأنه لم يأتي بشي الا كان حق ولم يخبر بتقديم الا كان حقيقة قد وقعت ولم يخبرنا بشئ سيحدث الا وحدث عندما جاء وقت نبؤته وقد أخبرنا بزوال إسرائيل عاجلاً أم آجلا ولكي تتحقق هذه النبؤه اختار الله أغبى مخلوقاته من البشر لتنفيذها على أيديهم لانه لو اختار الأذكياء لما قبلوا بارتكاب الحماقات والظلم الجائر والعمل البربري والوحشي لانهم يعرفون مصيره لذلك اختار اليهود أنفسهم وأعوانهم من خدم الشيطان بريطانيا أم الخبائث وابنتها بائعة الهوى أمريكا فكلما اوغلوا بالظلم والاستبداد كان الحنق اكبر وإرادة الانتقام أعظم والتصميم على الأخذ بالثأر متأصلا …اقسم لكم أنها مسألة وقت ومن شدة غباءكم لا تقرأون التاريخ

    1. يقول فصل الخطاب:

      قال تعالى : وأملي لهم إن كيدي متين 🇵🇸✌️

اشترك في قائمتنا البريدية