الخرطوم ـ «القدس العربي»: حراك سياسي تشهده العاصمة السودانية الخرطوم بعد وصول المبعوث الأمريكي جيفري فيلتمان، الذي التقى الأحد، قيادات من طرفي الحرية والتغيير، وأكد أن الحل هو «سوداني ـ سوداني». وفيما، وجه مني أركو مناوي، حاكم دارفور، انتقادات لطريقة تشكيل وعمل الحكومة مطالبا بتوسيع قاعدة الحكومة بإدخال عناصر كان لها دور في الثورة، طالب وزير رئاسة مجلس الوزراء خالد عمر يوسف وقيادات من الحرية والتغيير، بضرورة الالتزام بنصوص الوثيقة الدستورية.
وكان فيلتمان، اجتمع أمس الأول، مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي» ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، حيث أكد الجميع على مبدأ «استمرار الشراكة بين العسكريين والمدنيين».
وقال الوزير خالد عمر يوسف، أحد أعضاء لجنة الأزمة من جانب الحرية والتغيير، «التقيت بصحبة ياسر سعيد عرمان، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، جيفري فيلتمان، مبعوث الرئيس الأمريكي للقرن الافريقي، ومساعده برايتون نوف، وبرايان شوكان القائم بالأعمال الأمريكي في البلاد».
«جوانب الأزمة السياسية»
وتابع «استعرض اللقاء جوانب الأزمة السياسية الحالية التي تمر بها البلاد وسُبُل الخروج منها عبر الالتزام بالوثيقة الدستورية وباتفاقية جوبا لسلام السودان كمرجعية مؤسسة للمرحلة الانتقالية، وسبل مواصلة دعم الولايات المتحدة لإنجاح التحول المدني الديمقراطي في السودان وأهمية التزام جميع مكونات الفترة الانتقالية بنصوص الوثيقة الدستورية واتفاقية سلام جوبا لسلام السودان ومواصلة إكمال الترتيبات الأمنية للوصول إلى جيش قومي مهني محترف وموحد يقوم بدوره كاملا في حماية الدستور والحدود السودانية بعقيدة قتالية وطنية».
وزاد: «أكدنا كذلك على أهمية الدفع لتحقيق استحقاقات عملية السلام في السودان واستكمال التفاوض مع جميع الأطراف لضمان تحقيق السلام العادل الشامل والمستدام، والتزامنا التام بما ورد في الوثيقة الدستورية بما في ذلك إصلاح المنظومة الأمنية وإكمال جميع مؤسسات السلطة الانتقالية ويأتي في مقدمتها المجلس التشريعي الانتقالي وتحقيق أوسع مشاركة سياسية ممكنة لقوى ثورة ديسمبر/كانون الأول المجيدة، وولاية المالية على المال العام وتحويل رئاسة مجلس السيادة الانتقالي الى المدنيين، وصولاً الى نهاية الفترة الانتقالية وقيام انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب السوداني ممثليه بملء إرادته». فيما انتقد حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، طريقة إدارة الفترة الانتقالية، معتبرا أنها «خاطئة وإقصائية». وقال مناوي في حديث إعلامي أمس الأحد: «نحن نرفض طريقة إدارة الفترة الانتقالية، وعدم إشراك القوى التي ساهمت في الثورة في القرار الحكومي». أما عن لقائه فيلتمان، فأكد أنه «كان جيداً» مضيفا أنه أوضح له «سبب الخلافات مع تيار قوى الحرية والتغيير».
كما قال مناوي، الذي انشق مع مجموعة أخرى الشهر الماضي عن قوى «الحرية والتغيير» المركزية، «أكدنا للمبعوث الأمريكي أن لا دخل لنا بخلاف المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير مع المكون العسكري». إلى ذلك، أوضح أن فيلتمان حثَّ على الحفاظ على الفترة الانتقالية وأمنها، مؤكدا أن الحل «سوداني ـ سوداني». ودعاه لـ«التحلي بالإيجابية» في الأزمة الحالية.
وغرد وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، على صفحته قائلا: «إنني أُفضِّلُ التعبير عن مواقفي بالأفعال على التعبير عنها بالكلمات أو الألفاظ، لكنني أجد الآن ضرورةً للإفصاح بالكلام عن موقفي بشأن المخرج مما يجري، وهو موقف السواد الأعظم من السودانيين، أصحاب الثورة وحماتها».
وأضاف أن «المخرج العملي الوحيد مما يجري هذه الأيام، من الأزمة المختلقة لخلق واقعٍ سياسي جديد، هو الالتزام الحرفي الصارم بالوثيقة الدستورية وتنفيذها بُغية الانتقال الكامل إلى الحكم المدني الديمقراطي. هذا يعني، من بين أشياء أخرى كثيرة، أن المشاركة في الحكومة الانتقالية ينبغي أن تتم بالمقادير والمعايير والمواقيت والغايات المنصوص عليها في الوثيقة».
حاكم دارفور انتقد طريقة تشكيل وعمل الحكومة وطالب بتوسيع المشاركة
وكان فيلتمان، استهل مباحثاته بلقاء البرهان و«حميدتي» وحمدوك. وحسب بيان من إعلام القصر الرئاسي «أطلع البرهان، المبعوث الأمريكي على تطورات الوضع السياسي الراهن والجهود الجارية للخروج من الأزمة». وأشاد رئيس مجلس السيادة الانتقالي بـ«الموقف الأمريكي الداعم للانتقال الديمقراطي في السودان ولعملية السلام».
توسيع المشاركة
وتابع البيان «أكد البرهان ضرورة العودة لمنصة التأسيس والاحتكام للوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا». ودعا إلى «ضرورة توسيع المشاركة السياسية لكل القوى الوطنية ما عدا المؤتمر الوطني» وقال «لا يمكن احتكار الحكومة التنفيذية بواسطة أحزاب بعينها لا تمثل كل أطياف الشعب السوداني».
وأكد «حرص القوات المسلحة على حماية الانتقال وصولاَ لمرحلة الانتخابات والتحول الديمقراطي». وجدد تأكيداته «بعدم السماح بأي محاولة انقلابية من أي جهة تعرقل عملية الانتقال الديمقراطي».
في السياق، أشاد رئيس الوزراء، بحنكة «رئيس مجلس السيادة وقيادته للفترة الانتقالية ووعد بالعمل معا لاستكمال مهام الفترة الانتقالية» حسب بيان إعلام القصر الرئاسي الذي أضاف «أشاد المبعوث الأمريكي بالإنجازات التي حققها رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء خلال الفترة الانتقالية وطالبهما بالعمل معاَ من أجل العبور بالمرحلة الانتقالية نحو غاياتها» داعياً إلى «عدم إقصاء أي طرف من أطراف العملية السياسية في البلاد». وقال فيلتمان، حسب البيان، إن «التباينات في مواقف القوى السياسية وراء تأخير تشكيل المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية ومفوضية الانتخابات وهياكل العدالة الانتقالية ومجلس القضاء العالي». وأضاف «لن يتم الانتقال بصورة آمنة بدون إنشاء هذه المؤسسات».
كذلك، استقبل حمدوك المبعوث فيلتمان، وبحث معه، حسب بيان لمكتب رئيس الحكومة، «الأوضاع السياسية في البلاد، وأهمية المحافظة على عملية الانتقال المدني الديمقراطي وصولاً لانتخابات حرة نزيهة يختار فيها الشعب السوداني ممثليه في نهاية الفترة الانتقالية، واستعرض اللقاء الأزمة السياسية الحالية وسُبُل الخروج منها عبر الالتزام بالوثيقة الدستورية وباتفاقية جوبا لسلام السودان وبالشراكة الحالية».
وتابع البيان «أكد فيلتمان خلال الاجتماع دعم الولايات المتحدة الصارم والقوي للانتقال المدني الديمقراطي وفقا لرغبات الشعب السوداني التي عبّر عنها بكل سلمية والتزام بعدم العنف، وحثّ جميع الأطراف على تجديد الالتزام بالعمل معا لتنفيذ الوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا لسلام السودان».
وأيضاً، التقت فيلتمان وزيرةُ الخارجية، مريم الصادق المهدي حيث «بحث اللقاء تطورات الأوضاع السياسية الراهنة في البلاد، وجهود الحكومة الانتقالية في تحقيق التحول الديمقراطي على خلفية المسيرات والتحركات الشعبية المساندة لطرفي الشراكة على التوالي، وخصوصاً المسيرات الضخمة التي شهدتها العاصمة وجميع مدن السودان مساندة للحكم المدني ورفضا لنهج الانقلابات العسكرية، حيث وصفت الوزيرة مجمل تلك التحركات بأنها كانت ممارسة ديمقراطية مشروعة بغض النظر عن رجحان كفة المساندة الجماهيرية لهذا الطرف أو ذاك».
مرجعية أساسية
وأعربت المهدي عن اعتقادها بأنه «من أجل الخروج من هذه الأزمة فإن على جميع أطراف الشراكة في عملية الانتقال، الالتزام بالوثيقة الدستورية كمرجعية أساسية مع استصحاب جميع المبادرات ذات الصلة، وخصوصاً مبادرة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك (الطريق الى الأمام) بالإضافة إلى تفعيل عمل الهياكل الدستورية المجمدة، والمسارعة باستكمال قيام الهياكل الاخرى وعلى رأسها المجلس التشريعي الانتقالي، وذلك من خلال آلية محددة يجب التوافق حولها بأسرع فرصة».
وأشاد المبعوث الأمريكي للقرن الافريقي بـ«مساندة الشعب السوداني القوية التي عبر عن تطلعاته من خلال المسيرات الأخيرة لعملية الانتقال والتحول الديموقراطي» منوها بصفة خاصة بـ«الطريقة السلمية التي تم بها ذلك».
وأكد «حرص بلاده على الاستقرار والسلام في السودان من خلال إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي وتعزيز الشراكة بين أطراف الحكومة الانتقالية» مشددا على أنهم يتعاملون بكل شفافية وإخلاص ووضوح مع جميع الأطراف ذات الصلة»
واتفق، في هذا الصدد مع دعوة الوزيرة «بضرورة تفعيل عمل كل الأجهزة الدستورية» كما دعا لـ«ضرورة الإسراع في تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي». و«تطرق اللقاء الى بعض المسائل ذات الصلة بعلاقات جوار السودان فضلا عن بعض القضايا الإقليمية الأخرى ذات الاهتمام المشترك، حيث تم التأكيد على أهمية دعم جهود السودان ودوره بوصفه رئيساً لمنظمة الإيغاد».