للمعسكرين الإسرائيليين: حتى “فيلادلفيا” لن يجلب الأمن من دون “تسوية شاملة” مع الفلسطينيين

حجم الخط
0

الخطاب الذي ألقاه كل من نتنياهو وغانتس وآيزنكوت، نرى فيه تطوراً إيجابياً في الخطاب الجماهيري – أخيراً قادة المعسكرين يعرضون موقفهم من استمرار الحرب بوضوح. قال رئيس الوزراء أموراً واضحة: علينا الاحتفاظ بمحور فيلادلفيا لمنع تهريب السلاح. حتى لو كان الثمن التخلي عن أمن عشرات آلاف سكان الشمال ممن لا يمكنهم العودة إلى بيوتهم؛ وحياة المخطوفين ممن لا يمكنهم أن يتحرروا بدون صفقة؛ وحياة الجنود الذين يتعرضون للقتل في ظل حرب متواصلة ما زالت أهدافها حتى اللحظة غير واضحة (وسنشعر بثمنها الاقتصادي قريباً). نتنياهو لم ينتبه إلى أن اقتراحه هو، في واقع الأمر، عودة إلى السياسة ما قبل 7 أكتوبر: إغلاق بوابات غزة لنكون مسؤولين عنها بدلاً من فك الارتباط عن غزة تماماً ثم البحث عن حل سياسي يتضمن السلطة الفلسطينية والدول العربية المعتدلة بدون حكم حماس.
أما غانتس وآيزنكوت فقد شرحا بأن المخطوفين لن يعودوا بدون حل وسط على فيلادلفيا، والأفضل إقامة عائق تحت أرضي من مرابطة جنود- سيشكلون أهدافاً للعمليات – في استحكامات فوق الأرض. ليس عندي شك أن الأفضل، في الظروف الحالية، وحماس منهارة وغزة مدمرة، المساومة على محور فيلادلفيا، والوصول إلى صفقة تعيد المخطوفين وكذا تهدئ الشمال وتسمح ببداية عودة السكان.
لكن ما ينقص الجدال الجماهيري هو موقف واحد لم يقل للجمهور، وهو الحاسم: متى تعتزم إسرائيل وقف الحرب، التي كانت مبررة وأدت إلى انهيار حماس، لكن ضرر استمرارها فاق فضائلها؟ فحتى لو تراجع نتنياهو عن محور فيلادلفيا، فإننا نسير نحو صفقة على مراحل لم نتلق فيها إلا بعضاً من المخطوفين، ومعقول وسنكون مطالبين في كل مرحلة بمزيد من الخلافات، ثم سننتظر الشائعات مرة أخرى عن مزيد من المخطوفين الذين قتلوا، وسيواصل الشمال اشتعاله أشهراً أخرى. وعليه، فالمطلوب شجاعة أكثر من مجرد تأييد الصفقة.
الحقيقة أن ما ينبغي أن يكون على الطاولة من جانب معارضي سياسة نتنياهو، التي تسعى لمواصلة القتال، هو المطالبة بصفقة واحدة، شاملة، في إطارها تعيد لنا حماس كل المخطوفين ولا تعود إلى الحكم مثلما كانت، وبالمقابل توقف إسرائيل الحرب، وهذه هي المصلحة الإسرائيلية الجوهرية.
هكذا نتمكن من التفرغ لتسوية في الشمال، وترميم المجتمع واستكمال المفاوضات بالسلام مع السعودية، الذي في إطاره ستشارك دول عربية في نظام سلطوي جديد في غزة وإجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية في الضفة كخطوة نحو مفاوضات معهم. هذه هي الوصفة الوحيدة التي تسمح لإسرائيل بالاستعداد لمعركة مستقبلية حقيقية مع حزب الله وإيران وكذا للعيش هنا مع أمل في مستقبل من المصالحة.
يجب المطالبة بالانتخابات على هذه المسألة؛ على ما نريد نحن الإسرائيليين في واقع الأمر عقب الحرب.
في هذا السياق، نتنياهو بالفعل محق في أن كون محور فيلادلفيا مرتبطاً بمحور الشر، لكنه يرتبط بأن من يصر على وجود استراتيجية تتصدى لمحور الشر بالاحتفاظ بمحور فيلادلفيا في واقع الأمر، لا يقترح أي تصدّ جدي لإيران وحزب الله، بل يتمترس في حل عسكري محلي فقط.
من يخطط للتصدي بجدية وبحكمة لمحور الشر، عليه أن يفهم بأن فيلادلفيا ليس سوى ورقة واحدة يمكننا مقابله بناء حلف استراتيجي مع السعودية والدول العربية المعتدلة، إلى جانب الولايات المتحدة، ضد محور الشر. بالتوازي، وجب أن تكون هناك قيادة إسرائيلية شجاعة تعلن للجمهور بأنه علينا أن نفهم بأن الحل الذي قد يجلب أمناً حقيقياً إنما يكمن في تسوية سياسية مع الفلسطينيين. نعم، على إسرائيل الآن استغلال نتائج الحرب التي أضعفت حماس بحيث إن رجالها شوهوا استطلاعات تأييد لها في أوساط الفلسطينيين، ووضع بنية تحتية على الأقل لإجراء مفاوضات حول التعايش هنا. على المدى البعيد، هذه هي الوصفة الوحيدة لنصر مطلق.
وعليه، حتى لو كان من الخير في هذه اللحظة وجود جدال جماهيري على الصفقة وتفاصيلها، لكن علينا أن نتذكر بأنه جدال يفوت القصة الأكبر: يجب إنهاء الحرب في غزة، ومن الأفضل في صفقة واحدة شاملة، لأنها مصلحة إسرائيلية.

آفي شيلون
يديعوت أحرونوت 5/9/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية