لماذا تستعجل إسرائيل برفع العلم في مارون الراس؟

حجم الخط
8

تقصّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي إحداث ضجة إعلامية أول أمس الثلاثاء، من خلال بثها صورة لجنود قالت إنهم رفعوا علم الدولة العبرية في قرية مارون الراس في جنوب لبنان. تبيّن لاحقا إن الجنود كانوا موجودين في «الحديقة الإيرانية» وهي متنزه على أطراف القرية، كما تبع ذلك إعلان عن انسحابهم مجددا خارج الحدود.
سبق لجنود إسرائيليين أن توغّلوا في القرية نفسها قبل أسبوع حيث قاموا بعمل رمزيّ آخر وهو تدمير مجسم للأقصى بُني قبل 12 عاما ودشنه حينها الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، وأصبح بعدها نقطة لتجمع قوات «حزب الله» وموقعا لإصدار البيانات العسكرية، وكان ذلك المجسم، حسب تصريحات المستوطنين الإسرائيليين، وخصوصا في مستوطنتي يارون وأفيفيم، يثير الرعب في صفوفهم!
تعيد المناوشات الأخيرة التي جرت في مارون الراس التذكير بالمعارك التي وقعت عام 2006 في القرية الجنوبية نفسها وقاتلت فيها قوات النخبة من الجانبين وقد أدت تلك الاشتباكات الى مصرع ثمانية جنود إسرائيليين، ورغم زجها بآلاف الجنود بعد ذلك فإن إسرائيل لم تستطع أن تؤمن القرية الصغيرة تماما أو تتمكن من تحقيق أهدافها بالدخول بحدود 5 إلى 8 كيلومترات في الحدود اللبنانية.
للأسباب المذكورة، يبدو حدث إعلان رفع علم إسرائيل في مارون الراس تعبيرا عن هستيريا وجرح نرجسي مرتبط بتلك الأحداث التي كانت نقطة تحوّل في تاريخ ذلك الهجوم الإسرائيلي الذي أدى إلى قرار أودي آدم قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي آنذاك، منع الهجوم على القرية «لأنه يمكن لمحمية طبيعية ابتلاع كتيبة بأكملها».
تناظر حدث رفع العلم في مارون الراس مع تصريحات تظهر الخلاف المتواصل بين بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، ويؤاف غالانت وزير الحرب، على إدارة الحرب في غزة ولبنان والضربة المتوقعة على إيران، ففيما أسرع الأول إلى التأكيد على تصفية هاشم صفيّ الدين، أهم الأسماء لخلافة حسن نصر الله، الأمين العام الراحل لـ«حزب الله» وكذلك على «خليفة خليفته» تحدث الآخر عن احتمال ذلك، ثم خرج الناطق باسم الجيش للقول إنه لم يتأكد بعد من نجاح الاغتيال، وتبع ذلك منع نتنياهو لغالانت من السفر لأمريكا.
وفيما كان نتنياهو وغالانت يتسابقان على إعلان اغتيال مجمل قيادات الحزب اللبناني، وعلى أنه صار جماعة مكسرة منهكة وبدون قيادة كان الحزب يمطر حيفا وصفد وتل أبيب بمئة صاروخ، ويصد التوغل البري في القطاع الشرقي للجبهة، فيما أعلن جيش إسرائيل عن سقوط 30 من جنوده جرحى على الجبهة الجنوبية خلال 24 ساعة.
كان زعيم «حزب الله» الراحل قد اعترف بالضربات الأمنية الكبيرة التي تلقاها الحزب، غير أن اغتياله هو نفسه، واستمرار الضربات التي تتلقاها الجماعة أثبتت وجود عطب كبير، واختراق إسرائيلي هائل لمنظومات الاتصال والقيادة والأمن، ويمكن أن ينسحب هذا على منظومة الاتصال للنظام السوري، وصولا ربما إلى العراق وإيران.
كشفت الأحداث الأخيرة إذن عن جزء من الاختراقات الكبيرة التي قامت بها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ويؤشر ذلك إلى تغيّر كبير تريد تل أبيب تأكيده وهو أن حرب 2024 لن تكون مثل حرب 2006، غير أن ما حصل في الأيام القليلة الماضية من تصد متكرر لتوغلات إسرائيل، واستمرار قصفها بالصواريخ، يشير أيضا إلى أن القاعدة العسكرية للحزب تستخدم منظومة اتصالات لم تنجح إسرائيل في اختراقها، وأن لديها إمكانيات عسكرية لإحداث أذى كبير بقوات الاحتلال، وهو ما يفسّر استكمال نتنياهو تصريحاته بالقول إن الجنوب اللبناني أصبح مستودع ذخيرة وأنه تحول إلى قلعة.
لا يمكن طبعا البناء على معطيات الأيام القليلة الماضية وحدها لكن الواضح أن تسرّع إسرائيل في انتقامها من مجسم الأقصى لن يعيد نازحيها قريبا، وأن عليها ألا تتعجل بإعلانات رفع العلم على مارون الراس.
ما يمكن قوله أيضا لـ«حزب الله» هو أن الصمود أمام قوة الاحتلال الإسرائيلية الغاشمة ليس معطى عسكريا فحسب، وهنا أيضا يظهر الفارق بين 2006 و2024، ورغم أن الظرف قد لا يسمح بمراجعات سياسية كبرى، لكن الأكيد أن عليه أن يقارن بين حربه السابقة التي كانت مدعومة بجبهة داخلية لبنانية عريضة، فيما أن حربه الحالية التي تحصل في وقت تعاني فيه البلاد من فراغ رئاسي، وتسيّرها حكومة تصريف أعمال، في ظل أوضاع اقتصادية شديدة البؤس.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح// الاردن:

    *ما يحصل على جبهات القتال مقدمة
    لزوال هذا الكيان الصهيوني المجرم الهمجي
    ان شاءالله.
    حسبنا الله ونعم الوكيل والله المستعان.

  2. يقول ابن الوليد. المانيا. (على تويتر ibn_al_walid_1@):

    ايران انشأت حديقة سمتها حديقة ايران.. ونصبت مجسما لسليماني فيها..
    .
    رسالة ايران تقول هنا انها وصلت لبعد امتار من اسرائيل .. بوسطة حزب الله طبعا..
    .
    دخلت اسرائيل ودمرت الحديقة ودمرت تمثال سليماني.. ورفعت علم اسرائيل..
    .
    رسالة اسرائيل هنا تقول انها طردت ايران.. بسبب حزب الله طبعا..
    .
    تبادل رسائل واضحة..
    .
    الاشكال هو ان مركز بريد الرسائل.. هو في ارض عربية..
    .
    لا هي اسرائيلية.. ولا فارسية.. والشكر لحزب الله طبعا.

    1. يقول ahmad:

      اللهم صل على محمد وال محمد و عجل فرجهم و اهلك عدوهم

  3. يقول عماد غانم:

    هددت أيرلندا بمقاضاة اسراءيل عندما عرضت عمليات اسراءيل جنودها لحفظ السلام للخطر ، فتراجعت اسراءيل
    باستقراء التعليقات على خبر “الغاء نتنياهو زيارة غالانت لواشنطن لمناقشة الأهداف التي ستقصفها في ايران” في النيويورك تايمز ، بايدن وادارته تعرضوا لصفعة واهانة أخرى من اسراءيل
    التقى وزير الخارجية الأيراني نظيره السعودي وولي العهد محمد بن سلمان في الرياض اليوم، فمنذ “الاختراق الصيني” والأمور في تحسن مضطرد ، وهذا أكبر مغيث ومنقذ للبنان وغزة، لان المزايدة والتخوين و”نفخ القنوات والسوشال ميديا” لا يخدم سوى اسراءيل

  4. يقول محي الدين احمد علي رزق:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لماذا تستعجل إسرائيل برفع العلم في مارون الراس. يوجد مثل جميل وحزين في نفس الوقت كل واحد يفسر كما يشاء (جت الحزينة تفرح ما لقت إلها مطروحا). إسرائيل طول عمرها هكذا احن بس مكناش وخدين بلنا بسبب قوة إعلام الغرب الذي صورها لنا التي لا تقهر وأقوى جيش في العالم والتي لا تهزم الآن بقيادة الغبي النتن ياهو فرصة لنا رغم قسوة ما حصل في غزة والآن في لبنان من قتل المدنيين والدمار البنية التحتية وللعلم أي رئيس وزراء يحكم إسرائيل سيكون مثل النتن ياهو وإذا أرادنا نرجع لجميع وزراء إسرائيل في الماضي هم من مدرسة الإرهاب العالمية وهي واحدة إذن أي نتن يحكم الإرهاب واحدا ولكن النتن ياهو من الغباء لدرجة سيكتب في التاريخ أنه له الفضل أول من وضع على على أول درجة من سلم زوال إسرائيل لا نقول إنها بعد كأم سنة لا ولكن أصبح الأمل واضحا ولكي تزول إسرائيل علينا الرجوع إلى الله لكي يرضى الله عنا. ويذهب النتن ياهو يرفع العلم فوق منزله…

  5. يقول الدكتور جمال البدري:

    في التاريخ القديم كان اطلاق أصوات الأبواق فيه إعلان لتحقيق النصر بعد انتهاء المعركة… أنما بنو إسرائيل خالفوا في مواجهتهم لجنود فرعون هذا التقليد؛ فأطلقوا أصوات الأبواق { الشوفار } قبل تحقيق النصر لتخويف الجنود وللايحاء أنهم منتصرون.وهكذا هم اليوم؛ ذريّتهم يرفعون علمهم مبكّرًا فوق أديم مارون الراس؛ وللتعبير عن { الثأر القبليّ } من خسارتهم لمعركة 2006 في لبنان.

    1. يقول خالد الترهوني ليبيا:

      احسنت يا دكتور. اسرائيل لم تستطع التقدم سوى امتار قليلة في اجتياحها البري، وقد خسرت في اول محاولة ٩ جنود، اضافة لجرح ٣٨ اخرين بينهم ٧ اصابات حرجة. اسرائيل تبطش من الجو وتقصف منشآت مدنية، لكن هذا لا يقود للنصر. فأمريكا جربت قصف المدنيين بالنابالم في فيتنام، ولكنها في النهاية استطاعت بالكاد اخذ اخر جنودها بالمروحية من سفارتها هناك. اسرائيل لديها تجربة مريرة جدا مع حزب الله في لبنان، خاصة انها سجلت في التاريخ ان الانسحاب الوحيد لاسرائيل تحت الضربات كان من لبنان تحت ضربات حزب الله عام ٢٠٠٠، ثم اخذت درسا اكثر قسوة عام ٢٠٠٦، وها هي الان تتلقى ما تستحق. طبعا قصيري الذاكرة لا يعرف عن حزب الله سوى ارتباطه بايران وهناك ايضا من يتذكر فجأة انهم من اهل السنة دون ان يتذكر طبعا ماذا قدم لغزة وهي تذبح، وان الذي وقف مع غزة لم يكن سوى ايران والقوى المرتبطة بها. وفي نفس الوقت، وقفت دول المحور السني اما متفرجة او متآمرة. ارفع القبعة للحزب الذي طرد اسرائيل واذاقها الذل عام ٢٠٠٠ وعام ٢٠٠٦، وسيذيقها الذل ايضا في هذه المواجهة باذن الله.

  6. يقول جبارعبدالزهرة /كاتب من العراق:

    فليرفع نتنياهو ليس علم اسرائيل على مارون الراس ليرفع ما يحلو له من اعلام مثل علم امريكا وعلم حلق الناتو واعلام الدول الحليفة مثل فرنسا وبريطانيا والمانيا وغيرها فإن ذلك لن يغير النتيجة نتيجة انهزامهم امام ميليشيا حزب الله
    محدودة التسليح وعدد المقاتلين جيش طالما تبجحت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على انه رابع جيش في العالم من حيث القوة والقدرات القتالية الميدانية الفائقة والتنظيم العالي والتدريب الفائق هزمته هذه الميليشيا شر هزيمة ومرغت انوف القيادتين العسكرية والسياسية في التراب ولا شك والعزم بالله سيحصد نتنياهو هزيمة ثانية في توغله الحالي في الارض اللبنانية

اشترك في قائمتنا البريدية