لماذا فشلت الأنظمة السياسية التونسية في تشكيل المحكمة الدستورية؟- (فيديو)

حسن سلمان
حجم الخط
3

تونس- “القدس العربي”:

أعاد قرار البرلمان التونسي سحب مبادرة تشريعية تتعلق بتشكيل المحكمة الدستورية الجدل حول “فشل” جميع الأنظمة السياسية التي جاءت بعد الثورة في تشكيل أعلى هيئة دستورية مكلفة أساسا بحماية النظام الديمقراطي في البلاد.

وأعلن البرلمان التونسي، الأربعاء، سحب مبادرة تشريعية لتنظيم المحكمة الدستورية، وذلك “تبعا لسحب 5 إمضاءات لنواب من ضمن مجموعة العشرة نواب المقدّمين لمقترح قانون أساسي لتنظيم المحكمة الدستورية (…) وذلك وفقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 124 من النظام الداخلي، بحسب بيان لمكتب المجلس.

وكتب النائب ياسين مامي تحت عنوان “المحكمة الدستورية صمام أمان وقلب الدولة”: “بعد الثورة، فشلت المنظومات السياسية المتعاقبة على الحكم في تركيز المحكمة الدستورية. ربما فشلت لأنها تخاف من رقابة حقيقية أو لأنها حطّت مصالحها قبل المصلحة الوطنية”.

واعتبر أن “المحكمة الدستورية ليست خيارا بقدر ما هي واجب وطني وأخلاقي، وركيزة لاستكمال بناء مؤسسات الدولة، وعلى مجلس نواب الشعب أن يكون في حجم المسؤولية”.

لكنه قلل من أهمية سحب المبادرة التشريعية المتعلقة بتشكيل المحكمة، معتبرا أنه “ليس سحبا للفكرة، بل هو إجراء عادي نظرًا لعدم استجابة المقترح المعروض للإجراءات اللازمة، وأعتقد أنه سيتم معالجة بُنود المقترح من كل الجوانب حتى يكون متماشيًا مع الدستور، ثم إعادة إيداعه من جديد في المجلس”.

وقالت البرلمانية بسمة الهمامي (كتلة لينتصر الشعب) لـ”القدس العربي”: “لقد خص دستور 25 جويلية/ تموز 2022 المحكمة الدستورية بأهمية قصوى حيث وردت في الباب الخامس وشملت ثمانية فصول، ولم ترد بشكل اعتباطي وإنما وردت بعد إتمام الوظيفة التشريعية (مجلسا النواب والجهات والأقاليم)، والوظيفة التنفيذية (رئاستا الجمهورية والحكومة) والقضائية. والمحكمة هي هيئة قضائية مستقلة ولها دور هام ومحوري، فبعد تركيز كل مؤسسات الدولة، وخاصة الغرفة الثانية في البرلمان، صار لزاما أن يتم تشكيل المحكمة الدستورية”.

واعتبر المحامي هادي الحمدوني أن عودة النقاش حول المحكمة الدستورية، يمثّل “فرصة تاريخية لإصلاح مسار تأخر طويلاً، وتجسيد مبدأ علوية الدستور على أرض الواقع. لقد طال غياب هذه الهيئة التي كانت دائمًا في موقع “ضمير الغائب”، بينما هي في الأصل الضامن الأعلى للفصل بين السلط وصون الحقوق والحريات”.

وأضاف لـ”القدس العربي”: “لقد أظهر الواقع السياسي التونسي، منذ سنة 2014، أن غياب المحكمة الدستورية ترك فراغًا مؤسساتيًا كبيرًا، كانت له كلفة دستورية وسياسية باهظة. ومع كل أزمة، كانت الأصوات تتعالى: “أين المحكمة الدستورية؟” واليوم، لا تزال الإجابة ممكنة. فالتشريعات تُعدّل، والإرادات تتغيّر، وما كان تعطيلاً في الماضي يمكن أن يتحوّل اليوم إلى انطلاقة جدّية إذا ما توفرت النية السياسية الصادقة”.

كما اعتبر، في السياق، أن رفض الرئيس قيس سعيد ختم التعديل المتعلّق بقانون المحكمة الدستورية في 2021 (بعد المصادقة عليه من البرلمان) كان “لحظة خلافية، لكنها كشفت عن حاجة البلاد إلى إعادة التفكير في آليات التعيين، وضمانات الاستقلالية، ومآلات استعمال المحكمة في الصراع السياسي. واليوم، يمكن الاستفادة من تلك اللحظة، لا لتصفية الحسابات، بل لتصحيح المسار، وتطوير مقاربة جديدة تضع المحكمة فوق التجاذبات، وتُعلي مبدأ الحياد المؤسساتي”.

وقال المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي لـ”القدس العربي”: “كان بالإمكان تشكيل المحكمة الدستورية منذ انتخاب المجلس التأسيسي في 2011 كان. وخاصة أنها أساسية للنظام الديمقراطي. إذ لا معنى لأي نظام ديمقراطي دون محكمة دستورية، لكن لم يتم تشكيلها نتيجة لحسابات سياسية ضيقة”.

وأضاف: “الصراعات ذات الطابع السياسي والإيديولوجي والشخصي بين النخبة السياسية الطارئة هي التي عرقلت نجاح التجربة الديمقراطية في تونس، وما يعرف بالغنيمة السياسية هي التي أوصلت البلاد إلى الوضعية التي نعيشها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن آكسيل:

    خصوصية الوضع التونسي الراهن تقتضي التريض في ارساء ما يمكن ان يعقد الأمور عوضا حلها …! تعدد الصلاحيات ليس في صالح استقرار الوضع …!

    1. يقول غلام العسكر:

      “كالمستجير من النار بالرمضاء” هذا حال تونس اليوم…تخلصت من ديكتاتور مرن هو الرئيس المخلوع بن علي، لتقع في فخ ديكتاتور متصلب و مرتاب وفوق كل ذلك خبير في القانون الدستوري، سخر خبرته لعرقلة القانون والدستور وجمع كل السلطات بين يديه.

  2. يقول منصف:

    لا يريدون محكمة دوستورية لأنهم يدركون انهم أكثرهم ليسوا على الحق يخدمون مصالحهم ولا الدولة كلهم لصوص افقروا الشعب واقتسموا الثروة فيما بينهم بالنسبة لهم أن المحكمة الدستورية غير مرغوب فيها

اشترك في قائمتنا البريدية