أعلن الجيش الإسرائيلي أنه وافق على «الخطط العملياتية» لشنّ هجوم على لبنان. جاء الإعلان بعد يوم من نشر «حزب الله» اللبناني مقطع فيديو مدته تسع دقائق و31 ثانية لما قال إنها لقطات تم جمعها من طائرات مراقبة تابعة له لمواقع في إسرائيل، بما في ذلك الموانئ البحرية والجوية لمدينة حيفا التي تبعد 27 كيلومترا عن الحدود اللبنانية.
تأتي واقعة مسيّرة الحزب، المعروفة باسم الهدهد، كنجاح لافت في أنشطة الحزب الاستخباراتية والعسكرية ضد الدولة العبرية، الجارية بالتوازي مع الحرب التي تشنّها حكومة بنيامين نتنياهو على قطاع غزة، فيما يمكن اعتبار الإعلان الإسرائيلي كتهديد باستخدام «استراتيجية الردع» الشهيرة القائمة على إرهاب دول المنطقة وأعدائها بتفوقها العسكري الكبير باعتبار أن ذلك سيمنعهم عن مهاجمتها.
من نافل القول إن «استراتيجية الردع» لم ترهب الواقعين تحت احتلال إسرائيل، والمتضررين من جبروتها، ولم تمنعهم عن مهاجمتها مرارا وتكرارا منذ إنشائها عام 1948، وحتى الآن؛ وأن القوة الاستخباراتية والسياسية والنارية الهائلة التي تحوزها، التي توفّر لـ«الدولة اليهودية» التغنّي بالأمان الذي توفّره الاستراتيجية المذكورة، وتعطي مصداقية لطغيانها على من تحكمهم، أو تجاورهم، أو تهددهم في أنحاء الإقليم والعالم، هي إحدى أسباب تكرر هذه الهجمات، وليس العكس!
راكمت إسرائيل قوة عسكرية هائلة جعلتها تتبوأ الرقم 18 بين الدول الأقوى عسكريا، والمرتبة 12 بين الدول المصدّرة للسلاح، ويبلغ إنفاقها السنوية 16 مليار دولار، ولديها ترسانة نووية من 90 صاروخا، و42 مطارا عسكرية في الخدمة، وتمتلك أسرابا من الطائرات الحديثة، وعددا هائلا من القنابل الذكية وأجهزة الاستشعار عن بعد، والطائرات المسيّرة الهجومية، وهي تتمتع أيضا، ومنذ عشرات السنوات بمساعدة أقوى دول العالم عسكريا، الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية، التي تدعمها بأسلحة حديثة متطورة تمنعها عن غيرها، بما في ذلك حلفاؤها، ومع ذلك فقد سمعنا نتنياهو يتشكّى، قبل يومين، من مراجعة الولايات المتحدة لشحنة قنابل أمريكية، بعد تبجّحه قبل فترة قصيرة بكون إسرائيل قادرة على الاكتفاء والقتال لوحدها.
رغم تصريحات الحكومة الإسرائيلية المتكررة عن قرب انتهاء عمليتها في رفح، وهي آخر رقعة يزعم الجيش الإسرائيلي أن عليه أن يهيمن عليها ليقضي على «حماس» والفصائل التي تقاومه، فلا أحد يعلم حقيقة ما سيكون عليه الوضع لاحقا، سواء ما يتعلّق بالقضاء على «حماس» أو «نزع سلاحها» أو «إطلاق الرهائن» حسب ما تتابع حكومة الاحتلال تكراره.
ينطبق الأمر أيضا على «الخطط العملياتية» للهجوم الذي يهدد الجيش الإسرائيلي بشنّه على «حزب الله» ولبنان، والأغلب أن هذا الجيش يعلم بعضا مما ينتظره في الأراضي اللبنانية، ومن ذلك ما ذكرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية عن وجود شبكة أنفاق تحت لبنان أكثر اتساعا حتى من تلك التي تستخدمها «حماس» في قطاع غزة.
يضاف إلى ذلك، وجود طرق إمداد برية وجوية تؤدي إلى لبنان عبر العراق وسوريا، وهو ما يمنع من تكرار سيناريو حصار إسرائيل لقطاع غزة تماما، إلا إن كان قادة حكومة الاحتلال وجيشها يعتقدون أنهم قادرون على احتلال كامل لبنان وعزله عن جغرافيا المنطقة!
تتسم تصرفات الحكومة الإسرائيلية بالجنون، ويمارس وزراؤها المغرقون في التطرف الهمجية ضد الفلسطينيين، ويسندهم في كل ذلك جمهور استيطاني مسعور. يتصرّف كل هؤلاء باستهتار صارخ بالشرع الأممية والدولية، ومنظمات حقوق الإنسان، وضغوط أغلب دول العالم. ما يخلص إليه هذا العرض هو أن الإرهاب الإسرائيلي، الذي تمثّله نظرية الردع الاستراتيجي، وكل الممارسات الإجرامية التي تسمح بها، هي نفسها العناصر التي تفكّك هذه النظرية، وتثبت عطبها، وتجعلها سببا كبيرا في أن هذه الدولة هي العامل الأخطر على نفسها، وعلى كل من حولها.
لأن الله مع المقهورين …
عملت مع شاب من جنوب لبنان وموقفه من العنجهية الاسرائيلية عقيدة مجبولة بتجربة؛ وعقب “7 اكتوبر” وضعت “النيويورك بوست” صورة لفتاتين يمزقن بوسترات “الاسرى الاسرائيليين” على الغلاف؛ فرد اقرانهن في الجامعات والشارع الامريكي “الرطل ب10 ارطال” على حد تعبير السنوار؛ ليصبح هذا الجيل كابوس يؤرق اسرائيل ومن يدعمها؛ وتبين انهما “الفتاتين” كن طفلتين في جنوب لبنان ابان حرب 2006 وشاهدن الاجرام الاسرئيلي بحق الابرياء من اقارب واصدقاء؛ ومن يومين نشرت “الول ستريت جورنال” عن جيل الشباب الفلسطيني؛ ففي نابلس كما غزة تمارس اسرائيل ابادة بطيئة باجرامها بحق اهاليهم وحرمانهم من حياة آمنة وكريمة
في مقابلة للنيويورك تايمز مع ابنة الشهيد “حسان اللقيس” نهاية 2013 قالت ان ما يتعرض له الشعب السوري على يد النظام وحلفاءه ظلم كالذي يتعرض له الشعب الفلسطيني؛ وانها تتذكر والدها انه عاش وعمل واستشهد لرفع الظلم؛ فالمسالة ليست دينية او سياسية؛ بل ما قاله الشيخ الشعراوي قبيل وفاته: لا يوجد معركة بين حقٍ وحق، لأن الحق واحد ولا تطول معركة بين حقٍ و باطل لأن الباطل دائمًا زهوق