لماذا لا يسير محمد صلاح على خطى تييري هنري؟

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: تصدر النجم المصري محمد صلاح، عناوين الصحف والمواقع الرياضية الإسبانية على مدار الأيام والساعات القليلة الماضية، بتسونامي من الأنباء والتقارير التي تضع اسمه في جمل مفيدة مع نادي برشلونة، بدأ بانفراد صحيفة «سبورت» الكتالونية بشأن رغبة واهتمام هداف ليفربول في العصر الحديث، بالانتقال إلى صفوف البلوغرانا بداية من الموسم الجديد، وذلك بعد وصوله إلى قمة اليأس والاحباط من قبل إدارة ناديه الإنكليزي، بتجاهل مفاوضات تمديد عقده في قلعة «الآنفيلد» إلى ما بعد صيف 2025، وأيضا بالتزامن مع خروج الفريق من دوري أبطال أوروبا، بعد خسارته أمام باريس سان جيرمان بركلات الجزاء الترجيحية في مباراة إياب دور الـ16 للكأس ذات الأذنين، لكن وفقا لنفس المصدر، فإن صفقة انتقال المو إلى «كامب نو» الجديد، لن تتم إلا بعد موافقته على تخفيض جزء من راتبه الحالي الذي يلامس الـ18 مليون يورو سنويا، وذلك بسبب القيود المالية المفروضة على إدارة البارسا في المرحلة الحالية، على خلفية الفجوة بين أجور اللاعبين وعوائد الفريق بما لا يتماشى مع قانون اللعب المالي النظيف لرابطة الدوري الإسباني، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل سيوافق الفرعون على تقديم بعض التنازلات المالية مقابل المكاسب الضخمة الأخرى نظير ارتداء قميص برشلونة؟ أم يسلك أسهل الطرق بالنسبة له لجني عشرات وربما مئات الملايين من خلال الذهاب لأحد كبار دوري روشن السعودي؟ دعونا نذهب في رحلة قصيرة داخل عقل هداف الدوري الإنكليزي الممتاز حتى هذه اللحظة.

الفرصة
الأخيرة

لا يُخفى على أحد، أن فرص صلاح في الفوز أو المنافسة على جائزة «الكرة الذهبية»، كأفضل لاعب في العالم هذا العام من قبل مجلة «فرانس فوتبول»، قد تقلصت كثيرا بعد الخروج المبكر من الكأس ذات الأذنين على يد العملاق الباريسي، وهذا لتأثير مسابقة دوري الأبطال في السباق نحو «البالون دور» في 2025، كما هو الحال بالنسبة للسنوات الفردية التي تتعارض مع المواعيد الكبرى (كأس العالم وكأس أمم أوروبا)، وبالخروج من هذه المرحلة في الأبطال، يكون قائد المنتخب المصري في طريقه لمواجهة نفس مصير أيقونة الدوري الإنكليزي وآرسنال في بداية الألفية تييري هنري، الذي كان يفعل كل شيء في كرة القدم في الفترة بين عامي 2003 و2004، بما في ذلك قيادة المدفعجية للتتويج بلقب البريميرليغ بدون هزيمة، لكنه لم يتمكن أبدا من الحصول على «الكرة الذهبية»، والسبب الرئيسي كان في نتائج فريقه اللندني المتواضعة في أم البطولات آنذاك، مثل الخروج من الدور الثاني للمجموعات عام 2003، وأيضا الإقصاء على يد تشلسي من الدور ربع النهائي في الموسم التالي، وذلك من دون أن يترك ولو بصمة واحدة في مباراتي الذهاب والإياب، تماما كما حدث مع صلاح في حواره الشخصي مع نونو مينديز في مباراتي الذهاب والعودة، وبالأخص مباراة «حديقة الأمراء»، التي فقد خلالها الكرة 9 مرات في المواجهات المباشرة، حتى موقعة «الآنفيلد»، البعض اعتبرها للنسيان بالنسبة للملك المصري، نظرا لعدم ظهوره إلا في مناسبات نادرة في أول ربع ساعة في اللقاء، قبل أن يرفع الراية البيضاء أمام دابته السوداء البرتغالية فيما تبقى من الملحمة، وهذا في حد ذاته، كان كافيا لتدمير فرصه في تحقيق حلمه الكبير بالظفر بالكرة الذهبية، وذلك في أعظم مواسمه على الإطلاق في الجزء الأحمر من مقاطعة الميرسيسايد، بمساهمته في تسجيل ما مجموعه 52 هدفا، منها 32 هدفا من توقيعه بالإضافة إلى 22 تمريرة حاسمة، كأفضل أداء فردي على الإطلاق منذ معجزات هنري في سنوات المجد مع الغانرز، لكن بنسبة كبيرة، لن يكون كافيا للفوز بالجائزة الفردية الأكثر أهمية بالنسبة لنجوم اللعبة، خاصة مع تقدم أقوى المرشحين والمنافسين على الجائزة في الأبطال، وفي مقدمتهم المدمر المدريدي كيليان مبابي وثنائي برشلونة لامين يامال والمرشح الأوفر حظا حتى الآن رافينيا.
واحد من أبرز وأهم الأسباب التي دفعت تييري هنري، الى مغادرة آرسنال وهو في أوج عطائه في الدوري الإنكليزي الممتاز، حاجته لمزيد من التقدير والاحترام، أو على أقل تقدير الحصول على المعاملة التي يستحقها، كواحد من أفضل المواهب في جيله، المدجج بالنجوم والأساطير من نوعية زين الدين زيدان ورونالدو الظاهرة وريفالدو ورونالدينيو ولويس فيغو وباقي مشاهير العقد الأول في القرن الجديد، إلى جانب شغفه وهوسه بمعانقة الكأس ذات الأذنين مع الكثير من الألقاب القارية والمحلية، باعتبارها فرصة العمر لتعزيز رصيد ألقابه في أعلى مستوى تنافسي في الساحرة المستديرة قبل أن يتجه إلى خطوة تأمين مستقبل الأولاد والأحفاد في دوري «الميجر ليغ» الأمريكي، ولولا أن تزامن انتقاله إلى «كامب نو»، مع اشتعال المنافسة الأبدية بين ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، لتذوق طعم الفوز بالكرة الذهبية قبل الاعتزال، والمفارقة مع صلاح في الوقت الحالي، أنه يكرر نفس مشاهد هنري في سنوات ذروته مع آرسنال في البريميرليغ، وفي نفس الوقت لا يحظى بالتقدير او الاحترام الذي يستحقه، آخرها خروجه من قائمة أفضل 10 لاعبين في العالم خلال العام الماضي، رغم موسمه الرائع حتى وقت الإصابة التي ألمت به مع منتخب بلاده في بطولة أمم أفريقيا، والأكثر تعقيدا، شعوره بعدم التقدير من قبل إدارة ناديه، التي لم تفاتح وكيل أعماله رامي عباس حتى هذه اللحظة، في ملف تأمين مستقبله مع النادي، رغم مساهمته في أكثر من 50% من الأهداف التي سجلها الفريق في حملة البحث عن لقب البريميرليغ رقم 20 في تاريخ النادي، بتوقيعه على 27 هدفا وصناعة 17، من أصل 69 هدفا سجلها كل أفراد الفريق في 29 مباراة حتى وقت كتابة هذه الكلمات، هذا بخلاف طموحه المشروع في تعزيز رصيد ألقابه في أعلى مستوى تنافسي في القارة العجوز قبل أن يأتي موعد التفكير في خطوة اللعب في الدوري السعودي.
صحيح أن من الممكن أن يخرج محمد صلاح بلقبين هذا الموسم، وستكون البداية من اليوم عندما يواجه نيوكاسل يونايتد على ملعب «ويمبلي» لتحديد هوية بطل كأس كاراباو هذا العام، وقريبا سيأتي موعد الاحتفال الكبير بلقب البريميرليغ، بعد اتساع الفارق مع آرسنال لـ15 نقطة كاملة، لكن عشاق النادي قبل المنافسين والأعداء، على دراية كاملة بأن هناك حالة من عدم اليقين تحيط بمشروع المدرب آرني سلوت فور إطلاق صافرة نهاية هذا الموسم، وتكمن في احتمال خسارة 3 لاعبين دفعة واحدة من الركائز الأساسية في الفريق، والإشارة إلى القائد فيرجيل فان دايك وابن الأكاديمية والمدينة ترينت ألكسندر أرنولد، الى جانب صلاح، وأيضا لنفس السبب، عدم التوصل إلى اتفاق بشأن تجديد العقود، إلى جانب صداع المهاجم رقم (9)، متمثلا في الكوارث الكروية التي يرتكبها المهاجم الأوروغواني داروين نونييز، بإصرار غريب على إحباط المشجعين بتأثيره السلبي كلما احتاجه الفريق، باستثناء الومضة النادرة التي خرجت منه في مباراة ذهاب دور الـ16 لدوري الأبطال أمام باريس سان جيرمان، بصناعة هدف الفوز لهارفي إيليوت بعد انتصاره على ماركينيوس في حوارهما الفضائي، حتى الجوكر البرتغالي ديوغو جوتا، من الصعب الاعتماد أو الرهان عليه لمدة موسم كامل، بسبب مشاكله مع لعنة الانتكاسات العضلية من حين الى آخر، وغيرها من الكوابيس التي ينتظرها المدرب الهولندي في فصل الصيف.
أما مشروع المدرب هانزي فليك في كتالونيا، فمن الواضح أنه يسير بخطى ثابتة إلى الأمام، متسلحا بذاك المزيج الفريد بين أبناء أكاديمية «لا ماسيا» والشباب العشريني وأصحاب الخبرات، وفي القلب منهم ساحر العصر لامين يامال وشريكاه في الخط الأمامي رافينيا وليفاندوسكي، ومن خلفهم بيدري وغافي ودي يونغ وكوبارسي ومارك كاسادو والبقية، مثل وضع البارسا عندما جاء هنري، ليمثل عنصر الخبرة في خط الهجوم بجانب ليو ميسي وبيدرو وديفيد فيا، منها تخلص من هاجس الفوز بالكأس ذات الأذنين، وتقاسم مع هذا الجيل مع بداية انفجاره، الكم الهائل من البطولات التي زينت خزائن «كامب نو» في مستهل مشوار بيب غوارديولا التدريبي، وكان ذلك في الوقت الذي يعيش فيه آرسنال ما كانت تعرف بـ«سنوات العجاف» في النصف الثاني لولاية الأستاذ آرسين فينغر، لذا من الممكن أن تصدق الأنباء التي تشير إلى أن محمد صلاح قد عرض نفسه على وسطاء الرئيس جوان لابورتا، تمهيدا للسير على خطى الغزال الأسمر، بضرب عصافير بالجملة بحجر واحد، منها على سبيل المثال لا الحصر، المزيد من الشهرة والشعبية الطاغية، بحكم الجماهيرية الهائلة التي يتمتع بها برشلونة في مختلف أنحاء العالم، وأيضا إنعاش فرصه في الفوز بالكرة الذهبية في خريف مشواره الاحترافي في أوروبا، والاستمتاع باللعب مع المرشح ليكون ميسي المستقبل وليكون قد خلق منافسة مع غالاكتيكوس ريال مدريد كيليان مبابي وفينيسيوس جونيور ورودريغو غوس وجود بيلينغهام، وقبل هذا وذاك، ستكون حظوظه أكبر في الحصول على عدد أكبر من البطولات القارية والمحلية، مقارنة بالمجهول الذي ينتظر سلوت في «الآنفيلد»، حتى مكانه في مشروع هانزي فليك، يبدو شبه مضمون، مع ظهور أعراض الشيخوخة الكروية على الهداف البولندي روبرت ليفاندوسكي، فهل يا ترى سنشاهد صلاح في برشلونة الموسم المقبل؟ دعونا ننتظر لنرى ما سيحدث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية