لماذا يتوجب على أموريم التخلص من راشفورد سريعا؟

حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”: فجأة وبدون سابق إنذار، تحول ابن أكاديمية مانشستر يونايتد ماركوس راشفورد، من مشروع بطل قومي وأسطورة وقائد مستقبلي بالنسبة للشياطين الحمر، إلى عبء وحمل زائد على الفريق، وصلت لحد استبعاده من القائمة التي خاضت دربي الأسبوع الماضي أمام غريم المدينة مانشستر سيتي، الذي أقيم على ملعب الأخير “الاتحاد”، وانتهى بفوز درامي للضيوف بنتيجة 1-2 في الدقائق الأخيرة، قبل أن يأتي الدور على المدرب البرتغالي الشاب روبن أموريم، ليفتح الباب على مصراعيه أمام الصحف والمواقع الرياضية، لإثارة الجدل والقيل والقال حول مستقبله في قلعة “أولد ترافورد”، بتصريحات أو رسائل تم تفسيرها على نطاق واسع، على أنها مؤشرات لاحتمال رحيل الشاب الإنكليزي من مشروع أموريم إما في سوق الانتقالات الشتوية التي ستفتح أبوابها مع أول ساعات العام الجديد، أو في الميركاتو الصيفي على أقصى تقدير، حال استمر وضعه الحالي كما هو عليه. والسؤال الذي يراود الكثير من عشاق النادي: كيف تبدلت أوضاع راشفورد من جوهرة مشعة في مرحلة المراهقة والشباب إلى نموذج للاعب المتخاذل في النصف الثاني في عقد العشرينات من عمره؟ ولماذا من الأفضل بالنسبة للمدرب أموريم ومشروعه أن يتخلص منه عاجلا وليس آجلا؟

تشبع مبكر

من يتابع مباريات مانشستر يونايتد في آخر موسمين، لاحظ التحول المريب في مسيرة اكتشاف المدرب الهولندي لويس فان خال، ذاك الفتى اليافع الذي كان يأكل الأخضر واليابس قبل أن يحتفل بعيد ميلاده الـ18 على هذا الكوكب، لم يعد بلغة كرة القدم “منتجا ولا محبوبا” بالنسبة للفريق والمشجعين، مجسدا المقولة المأثورة في وطن كرة القدم عندما يتجاوز اللاعب سنوات الذروة في مشواره الاحترافي “كرة القدم لم تعد في مقدمة اهتماماته اليومية”، أشبه بجاره الويلزي غاريث بيل، في النصف الثاني من تجربته مع ريال مدريد، بعدما تحول من لاعب صاحب أهداف أيقونية في أهم مباريات جيل “العاشرة”، إلى فائض عن حاجة المدرب زين الدين زيدان، بعد وصول علاقته بالجماهير إلى طريق مسدود، على خلفية اتهامه بالتفكير في الغولف والمنتخب قبل اللوس بلانكوس، وما يدعم هذه الرواية، بأن صاحب الـ27 عاما، لم يعد يبالي بالفريق أو أنه يركز على أشياء أخرى غير كرة القدم، ما قاله المدرب أموريم في رده على سؤال أحد الصحافيين بعد فوزه الثاني على بيب غوارديولا مع فريقين مختلفين في غضون 40 يوم، بشأن أسباب استبعاد راشفورد والشاب الأرجنتيني أليخاندرو غارناتشو، قائلا في مقابلة مع شبكة “سكاي سبورتس”: “أهتم بكل شيء، الطريقة التي تأكل بها، الطريقة التي ترتدي بها ملابسك للذهاب إلى المباراة. كل شيء، ثم بعد ذلك أقوم بتقييم الأمور واتخاذ القرار”، مؤكدا صحة استنتاج قائد النادي في تسعينات القرن الماضي روي كين، بأن الأمور لا تبدو جيدة بالنسبة لابن النادي، أو كما قال نصا لنفس الشبكة التلفزيونية: “راشفورد لم يكن مقنعا في الآونة الأخيرة، ومن الواضح أن المدرب رأى شيئا لا يحبه”، في إشارة إلى فشل اللاعب في الالتزام بالمعايير أو الجهد العام الذي يريده المدرب من كل لاعب على حدة، أو كما لمح المالك الجديد السير جيم راتكليف، إلى عدم جدية ماركوس في التدريبات الاستعدادية لمباراة الدربي، في ما يمكن اعتباره بالدليل الجديد على استمرار خذلان راشفورد، لتكرار نفس الأمر أو الطلب بضرورة القتال وتقديم المزيد من التضحيات داخل المستطيل الأخضر، مع كل المدربين الذين تناوبوا على تدريب الفريق بعد رحيل مكتشفه فان خال، بداية من جوزيه مورينيو، مرورا بأولى غونار سولشاير والمؤقت رالف رانغنيك، نهاية بالمدرب السابق والحالي.

عدو التطور

واحدة من الأمور السلبية التي تؤخذ على ماركوس راشفورد، منذ حصوله على مكافأة ضخمة، بتعديل راتبه الشهري إلى ما يلامس الـ400 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع، بعد أول موسم ختمه بهز شباك المنافسين 30 مرة (موسم 2022-2023)، أنه توقف عن تطوير نهجه وأسلوبه في الهجوم، بظهوره بنفس النسخة والمستوى الذي كان عليه قبل 3 أو 4 سنوات، محطما آمال المشجعين، بأنه سيكون أحد رموز الشياطين الحمر، بمجرد اكتمال نضوجه في منتصف العشرينات، لدرجة أنه منذ مكافأة عقده الجديد في يوليو/تموز 2023، لم يسجل سوى 15 هدفا من مشاركته في 66 مباراة على مدار موسمين، وما زاد الطين بلة، مواقفه المحرجة للنادي ومجلس إدارته، على غرار فضيحة كذبه على المسؤولين وأصحاب القرار في يناير/كانون الثاني الماضي، مدعيا أنه لم يحضر التدريبات لمعاناته من المرض، بينما في حقيقة الأمر كان يستمتع بوقته وبالحفلات الصاخبة في بلفاست على مدار يومين، الأمر الذي أجبر النادي على معاقبته على الملأ، وفي نفس الوقت، كان من المفترض أن يكون جرس إنذار، إما لإيجاد طريقة ما لتعديل سلوكه قبل فوات الأوان، وإما بإسراع وتيرة التخلص منه من خلال عرضه للبيع مع نهاية الموسم، وكما تابعنا في وسائل الإعلام البريطانية على مدار أشهر الصيف، كانت هناك مجرد إشاعات حول إمكانية رحيله، لكن في نهاية المطاف، قررت الإدارة الإبقاء عليه كما أبقت على المدرب إيريك تين هاغ، بعد الصحوة الخادعة في نهاية الموسم الماضي، التي انتهت بالتتويج بكأس الاتحاد الإنكليزي على حساب غريم المدينة السماوي، وعلى ما يبدو أن الضربة القاضية، التي عجلت بانتهاء شهر العسل بينه وبين أموريم، كانت في فقدان شرارة الحياة المؤقتة في بداية رحلة أموريم في “أولد ترافورد”، التي أسفرت عن توقيعه عل ثلاثة أهداف في أول مباراتين مع المدرب الجديد، قبل أن يعود سريعا إلى نسخته الباهتة، كلاعب أقل ما يُقال عنه يكتفي بالتنزه مع اللاعبين داخل المستطيل الأخضر، أو آخر اهتمامه أن يعرق من أجل المنظومة الجماعية، اكتملت بحالة اللامبالاة التي كان عليها في ظهوره الأخير مع الفريق فيكتوريا بلزن في بطولة الدوري الأوروبي، لدرجة أنه فقد الكرة بطريقة مجانية 11 مرة، ولم يتحسن أداء الفريق إلا بعد خروجه في الشوط الثاني بداعي الإصابة.

المستقبل والخسائر

في تعليقه على قرار أموريم باستبعاد راشفورد وغارناتشو من قائمة دربي مانشستر، قال أسطورة النادي في تسعينات القرن الماضي غاري نيفل في تحليله بعد المباراة: “كلاهما فشل في الاستجابة لتحذير المدرب بالركض مثل الكلاب المجنونة، إنه يعطينا أدلة قاطعة حول الأيام القليلة الماضية التي كانا فيها مكتئبين ولا يقومان بدورهما في ملعب التدريب، لفترة طويلة للغاية رأينا لاعبين يتجولون حول هذا الملعب ويستمرون في الحصول على فرصة اللعب أو الجلوس على مقاعد البدلاء. لا يهمني من أنت، سواء كنت رايان غيغز أو ديفيد بيكهام أو ناني، أيا كنت كلاعب جناح في مانشستر يونايتد، عليك أن تركض في هذا الاتجاه إلى الأمام بأسرع ما يمكن وتركض في هذا الاتجاه إلى الخلف بأسرع ما يمكن، وإذا إذا لم يفعلوا ذلك فلن يكون هناك مكان لك في النادي، ولن يكون هناك مكان لك في الفريق”، وبالنظر إلى الشاب اللاتيني ووضعه، فلا يمكن اعتباره “قضية خاسرة” للفريق والمشروع برمته، إذ أنه ما زال بعمر الـ20 عاما، ولديه هامش كبير للتطور والتحول إلى لاعب لا غنى عنه في التشكيل الأساسي في المستقبل، لكن بالنسبة لراشفورد، سيكون من الصعب الإبقاء عليه، والأمر لا يتعلق فقط بسلوكه المثير للريبة سواء خارج الملعب أو داخله، بل أيضا بعد انقلاب جُل مشجعي النادي عليه، وصلت لحد اتهام الإدارة بإهدار أموال النادي بمنحه هذا العقد الفلكي، وهذا يرجع إلى فشله في تحقيق أدنى توقعات وآمال الجماهير، بأن يكون رجل الفريق وهدافه الأول في الوقت الحالي، وذلك بالتزامن مع مولد جوهرة بالمواصفات العالمية، والإشارة إلى أمادو ديالو، الذي أثارة إعجاب الرمز ديفيد بيكهام، وجعله يكتب عبر حسابه على منصة “انستغرام” بعد الانتصار المظفر يوم الأحد الماضي “بدأت عملية إعادة البناء، فريق كبير يفوز بلاعبين يريدون ارتداء هذا القميص”، مع صورة الشاب الإيفواري وهو يقبل شعار مانشستر يونايتد، لذا تظهر أغلب المؤشرات، أن راشفورد قد يكون أول ضحايا ثورة أموريم في فصل الشتاء، وذلك وفقا لصحيفة “تيليغراف”، لتجنب المزيد من الخسائر بعد الهبوط الحاد في قيمته السوقية في الآونة الأخيرة، بالرغم من ضيق الاختيارات المتاحة أمام اللاعب واليونايتد في يناير/كانون الثاني، متمثلة في إمكانية وصول عرض من باريس سان جيرمان، على أمل مساعدته في استعادة بريقه بعد رحيل كيليان مبابي، أو يلحق بركب الطيور المهاجرة من أوروبا إلى جنة كرة القدم الجديدة في السعودية، وإلا ستتراجع قيمته كلما مر الوقت، أو ربما يضطر النادي إلى دفع مبلغ كبير لإنهاء العقد بشكل أحادي، وهذا آخر وأسوأ سيناريو تريده إدارة اليونايتد، أو قد تحدث مفاجأة خارج التوقعات، وينجح راشفورد في استعادة مستواه وتركيزه داخل الملعب كما كان قبل انشغاله بالأعمال الخيرية وباقي الأمور التي أخذت من وقته مع كرة القدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية