لماذا يحبون ترامب؟

بعد الخروج الصاخب من البيت الأبيض عام 2021، يبدو أن الرئيس السابق دونالد ترامب يعد العدة للعودة وبقوة إلى سدة الرئاسة في ولاية ثانية. إذ تشير استطلاعات الرأي إلى ارتفاع نسبة تأييده بين الناخبين من جديد، كما إنه يحقق الفوز تلو الآخر في انتخابات الحزب الجمهوري في الولايات المختلفة، مكتسحا كل المرشحين الجمهوريين.
وعلى الرغم من جبل من لوائح الاتهام والمحاكمات، التي وصلت إلى أكثر من تسعين لائحة اتهام، لا يزال دونالد ترامب يحظى بشعبية لدى شريحة كبيرة من الشعب الأمريكي. وعلى الرغم من تأريخه الحافل بالفضائح الجنسية، وعدم الأمانة، وعلى الرغم من تقلبه الواضح، وتهوره ونرجسيته، وابتذاله، فإن الملايين من المسيحيين الإنجيليين سيصوتون له إذا وصل إلى منافسة خصمه جو بايدن الديمقراطي في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر هذا العام .
تشير عدة تقارير صحافية إلى أن الإنجيليين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم ليسوا من رواد الكنيسة النشيطين، هم أقوى مؤيدي ترامب، ولكن هناك الكثير من الحماس لانتخاب ترامب بين اليهود المتزمتين أيضا. وقد فسر البعض هذه الظاهرة عبر اتهام الإنجيليين بأنهم تبنوا دين القوة، واستبدلوا المسيح يسوع بالمسيح دونالد، باعتباره «مخلص» أمريكا. لا شك في أن هناك انزلاقا وتبريرا بين أنصار ترامب المسيحيين، لكن لا يمكن أن تكون هذه هي القصة بأكملها. ولا يتعلق الأمر بحسابات سياسية نزيهة، كما لو كان ترامب أفضل سيئ بين الخيارات السيئة، إذ أن الدعم الإنجيلي اليميني لترامب لا يأتي على مضض، بل هو حماسي، ومبهج في كثير من الأحيان. وبالتالي لن يكون من المناسب استبعاد ملايين الأمريكيين باعتبارهم مخدوعين، أو جحافل يحرك غليانها الغضب الشعبوي فقط، فمعظمهم أمريكيون من الطراز القديم، وهم جيران جيدون يذهبون إلى الكنيسة ولديهم وظائف، وأطفال، وآمال في المستقبل، لكنهم يرون أن النموذج الذي يرسم الحلم الأمريكي التقليدي يتمثل لدونالد ترامب، وصعوده الأسطوري في عالم المال والتجارة وانتهاز الفرص، وهنالك نظرية الباحث رينيه جيرارد حول أزمة التضحية وكبش الفداء، التي بات المجتمع الأمريكي المتدين ينظر إلى ترامب وفقها، فهو يراه بمزيج غريب من النفور والعشق ككبش فداء يقدم نفسه بشجاعة ضحية ليواجه القوى التي تتآمر على أمريكا.

تشير عدة تقارير صحافية إلى أن الإنجيليين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم ليسوا من رواد الكنيسة النشيطين، هم أقوى مؤيدي ترامب، وهناك الكثير من الحماس لانتخابه بين اليهود المتزمتين أيضا

وكان من المتوقع أن تثير كل القضايا والمحاكمات التي يتعرض لها ترامب إلى تراجع شعبيته، لكن ما حصل هو العكس تماما، ويشير خبير استطلاعات الرأي فرانك لانس، إلى أن ذلك ساعد بالفعل في ازدياد شعبية ترامب، وأضاف: «استطاع ترامب أن يسوق نفسه على أنه ضحية الدولة العميقة والقوى السرية التي تريد أن تهدم الولايات المتحدة الأمريكية، وأنه قد تعرض للاضطهاد وليس للمحاكمة، وأن ما يحدث ملاحقة سياسية له، لأنه رمز قوة أمريكا وأملها في النهوض من جديد». ووفقا لكليفورد يونغ رئيس الشؤون الأمريكية العامة لدى شركة إبسوس، فإن الرابط بين دونالد ترامب وأنصاره – الذين تشكل نسبتهم نحو 40 إلى 45 في المئة من الناخبين الجمهوريين- سيكون من الصعب كسره. إذ يقول يونغ:» إن أنصار ترامب يرون العالم من خلال عينيه». وتعتقد قاعدته الجماهيرية أنه تعرض للظلم وأن لوائح الاتهام ذات دوافع سياسية محضة. وربما كان أبرز دافع لدى جمهور ترامب من الطبقة الوسطى الأمريكية قليلة التعليم، التي تعيش في المدن النائية بعيدا عن مراكز التحضر الأمريكية، هو الاقتصاد، الذي يشار له بضبابية وعدم وضوح من قبل حملة ترامب الدعائية، ففي متابعة صحافية تم التطرق للموضوع بتناول حديث إحدى مؤيدات ترامب في ولاية أيوا، عندما سئلت عن سبب رغبتها في رؤية الرئيس السابق يعود إلى منصبه، إذ قالت: «سيعمل على إعادة الاقتصاد إلى حالته الطبيعية، وإعادة أسعار الغاز إلى الانخفاض». كما أشار ابن ترامب إريك في حديث مع «بي بي سي» إلى: أن «الناس يريدون الرخاء والقوة لهذا البلد. كان لدى والدي أعظم اقتصاد في تاريخ الأمة، وأدنى معدل بطالة، وأدنى تضخم، وأدنى أسعار للغاز».
لكن عند تمحيص هذا الكلام نجد أن الاقتصاد الأمريكي كان في حالة جيدة عندما كان ترامب في السلطة، لكن قبل تفشي وباء كورونا، ويعزو بعض المراقبين ذلك إلى خطط الاقتصاد التي نفذت إبان ولايتي الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، وما حققته من إنجازات أخرجت الاقتصاد الأمريكي من كارثة الأزمة المالية التي غرق فيها عام 2008. ولا يشير أنصار ترامب إلى السنة الأخيرة من ولايته عندما انهار الاقتصاد بشكل كبير وتعرض لأكبر انكماش اقتصادي يسجل على الإطلاق، نتيجة تفشي وباء كورونا عام 2019. من جانب آخر إذا أردنا الحديث عن الهزات التي تعرض لها الاقتصاد في ولاية الرئيس بايدن وما سببته الحرب في أوكرانيا من ارتفاع تكاليف الطاقة، حيث وصل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاما، يجب أن نشير إلى أن أسعار الطاقة اليوم تشهد انخفاضا كبيرا، وأثبت الاقتصاد الامريكي أنه أقوى من المتوقع في العام الماضي. المفارقة الأخرى أن سلوك دونالد ترامب العنصري تكرر كثيرا، سواء في حملته الانتخابية الأولى، أو حين كان في البيت الأبيض، أو في حملته الانتخابية الحالية، إذ يشير المراقبون إلى أن ترامب استخدم صيغا كلامية في مقابلة مع الموقع الإخباري اليميني «ذي ناشيونال بلس» في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تذكر بالخطاب النازي في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما وصف المهاجرين بقوله إنهم «يسممون دماء بلادنا»، وقد اتهمه الرئيس بايدن باستخدام خطاب يردد صدى ما سمعه العالم في ألمانيا النازية».
وقد ازداد ترامب عنجهية وغيا وتطرفا في خطابه العنصري عندما قال، إنه إذا عاد إلى منصبه، فسوف يلاحق كل من يعارضه، وسوف يقضي على من سماهم «الحشرات في أمريكا» وهي عبارة محددة ذات معنى محدد. وقد وصف الرئيس بايدن، ذلك في رده على منافسه بالقول: «إنها تعكس اللغة التي سمعتموها في ألمانيا النازية في الثلاثينيات. وهذه ليست المرة الأولى التي يتلفظ فيها ترامب بهذه العبارات العنصرية.» لكن المفارقة تكمن في التفاف جمهور الحزب الجمهوري حول هذا الخطاب العنصري، إذ يشير استطلاع رأي أجرته شبكة «سي بي إس» حول الموضوع، إلى أن أنصار الحزب الجمهوري يؤيدون تعليقات ترامب. وقد سألت الشبكة الناخبين الجمهوريين المسجلين عن الموضوع، إذ سُئل جمهور الحزب الجمهوري عن تصريح أن «المهاجرين يسممون دماء بلادنا»، فوافق 82 في المئة منهم على تصريحات ترامب العنصرية، وقد قُرأت هذه النتيجة على أنها مؤشر على أن سياسيات ترامب العنصرية تجذب جمهورا يمينيا أمريكيا متطرفا بشكل أكبر يوما بعد آخر. أما على صعيد السياسات الخارجية فإن حملة ترامب الدعائية تروج لأسباب فشل إدارة بايدن في عدد من الملفات الخارجية، يقف في مقدمتها الانسحاب الأمريكي المذل من أفغانستان، وتصويره على أنه هزيمة وإهانة لهيبة العسكرية الأمريكية. وعلى الرغم من سعي إدارة بايدن لتصوير الانسحاب من أفغانستان على أنه نتيجة ومحصلة حاصل لطريقة تعامل ترامب مع طالبان، لكن هذا الطرح يبدو غير مقبول لدى الناخبين المترددين، الذين لا يميلون إلا إلى تذكر من كان في السلطة عندما تم اتخاذ قرار الانسحاب المفاجئ. ولا يزال الجمهوريون يذكّرون الشعب بهذا الأمر في جلسات الاستماع في مجلس النواب، وسيواصلون فعل ذلك حتى موعد الانتخابات.
كاتب عراقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ترامب لن يفوز بالإنتخابات , لأنه سيتم إيقافه قانونياً !
    ولن يفوز بايدن بسبب موقفه من حرب غزة !!
    و لكن : قد يفوز نوابهما بالإنتخابات !!!
    و لا حول و لا قوة الا بالله

  2. يقول تاوناتي-فرنسا:

    مجرد كومبارس فلا بايدن و لا ترمب يحددان سياسة أمريكا. عندما تحتاج أمريكا إلى سياسة العصا “تنتخب” رئيسا جمهوريا، و عندما تحتاج الى سياسة الجزرة “تنتخب” رئيسا ديموقراطيا. و قد اطاحوا بترمب رغم فوزه في الانتخابات, و عوضوه ببايدن

  3. يقول S.S.Abdullah:

    يا د صادق الطائي ما الخطأ في حب أهل الفهلوة والتحايل على (القانون)، من أنصار تسويق صفقة (القرن)، في أي كيان من كيانات سايكس وبيكو، أو نموذج دولة الحداثة على أنقاض (نظام) الدولة العثمانية، قبل أو خلال أو بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945، حيث بدأ تسويق مفهوم (العولمة) لتقليل تكاليف إنتاج أي منتج، زراعي أو صناعي أو حتى فني/مهني أو إبداعي (لغوي/ترجمي)،

    تعليقاً على ما ورد تحت عنوان (لماذا يحبون ترامب؟) https://www.alquds.co.uk/?p=3309206

    لأن الإشكالية، عند أي موظف في أي وسائل الإعلام/الإعلان/التسويق بشكل عام مفهوم (في فمي ماء)، أو (لكل مقام مقال) بمعنى أهمية الشفاعة أو المحسوبية أو الواسطة بمعنى آخر الرشوة (بغض النظر، كانت بلغة الجسد، أو بلغة المال) على أرض الواقع.

    أحسنت التعبير، بمصداقية وموثوقية عالية، أي بلا تمثيل بمعنى آخر 👏👆

    كتبها الله في صالح أعمالك يا حبيبنا ا. حاتم الطائي، كما هو حال طريقة تعبير تنازل عن موقفه بهذه الطريقة (الصميدعي) مفتي الدولة بخصوص هلال شهر رمضان 2024،

    بحجة أهمية وحدة موقف أبناء الدولة/الأمة/الدين/الأخلاق (معنى المعاني/قاموس وهيكل لغة خلاصة حكمة الأسرة الإنسانية) بشكل عام.

  4. يقول S.S.Abdullah:

    ولذلك من وجهة نظري ما قامت به فضائية (العربية)، لأن هذه أظن أهم (كواليس)، هو ما حصل بعد سقوط مفهوم (الدولة) وليس فقط أسلوب نظام حكم (الحزب الواحد) يوم 9/4/2003 كما ورد من معلومات في الرابط

    https://youtu.be/4K24evU_52A?si=cNNBTKWf5redTzqD

    أي كيف تفاعل ممثلي النخبة من أهل (العراق)، بشكل عام،

    أثناء فترة (فوضى) الفرهود، أو من ساهم في سرقة أملاك (الدولة) أو (الوقف) أو غيرها من أملاك أو حقوق أي إنسان (ة) أو أسرة أو شركة، وعدم إكمال تنفيذ أي (مقاولة)، تم عمل (ميزانية) لها لتوفير أي خدمة أو وظيفة أو دعم؟!

    ثم كيف أن (السعودية) كدولة أعادت إلى (اللغة) مكانتها، وماذا يعني ذلك، بالتحديد؟!

    https://youtu.be/Lmt14Ze3_Bo?si=fbcgpHXCxo0__50F

    لأن أنا أفهم (ضمير) الإنسان الحي، دفع الطيار الأميركي، بعد تنفيذ أوامر في النظام (البيروقراطي)، التي لا يمكن له كموظف، (رفض) تنفيذها،

    هو إصدار عقوبة (الإعدام) على زي (الموظف/العسكري) بسبب ما فعله من (ظلم) إلى أهل (فلسطين) بالتعاون مع الكيان الصهيوني ممثل في السفارة في العاصمة الأمريكية، داخل نظام المتحدة عام 2024، في رمزية واضحة عملية حرق (نفسه)، من الله سبحانه وتعالى،

  5. يقول S.S.Abdullah:

    وللتوضيح، معنى كيفية تلخيص (الحكمة) الإنسانية في شعر (عبدالرزاق عبدالواحد)

    https://youtu.be/_2I-WyPmv3o?si=trY8AXxtFo_egYQi

    وإجادة عملية تمثيل/تصوير الإلقاء ك(مُنتَج لغوي) في برنامج (أضواء المدينة) في فضائية الشرقية.

    فهل هذا تمثيل أو تصوير معنى مفهوم (نجاح) الفريق أو المهنة أو الوظيفة أو العمل التطوعي (وقف/للتعليم/لتكوين جيل المستقبل)، على أرض الواقع؟!

    رمضان مبارك، أي الخير موجود، التطبيق العملي، في معنى العمل في خدمة، نصرة المظلوم، من نموذج من نماذج دول مجلس التعاون، سلطنة عُمان،

    كتبها الله في صالح أعمالك يا كل مخلص، في شركة الرؤية العُمانية (الجريدة والموقع ودار النشر) بقيادة حبيبنا ا. حاتم الطائي

    https://youtu.be/wHdW54nz8-k?si=JNgQsdBiQkuwtQV_

  6. يقول S.S.Abdullah:

    أرجو من الله، أن يستيقظ، ملك الأردن والمغرب ومحمود عباس وعبد الفتاح السيسي، وغيرهم قبل فوات الأوان ويتوقف التقصير، وتغيير زاوية الرؤية،

    وتجاوز عملية التزييف والغش إن لم يكن النفاق والتزويق (كل أنواع النفاق) أو الفساد في تكوين هالة (الظلم) أو (الهيبة) من قول الحق، لأي إنسان (ة) مؤمن (ة) بوجود خالق ويوم آخر، لتحقيق (العدالة)، داخل الأسرة أو الشركة أو المجتمع،

    في ضرورة استرجاع وحماية كل وقف من الأوقاف المُسجلّة في (الأرشيف العثماني) من أجل منع التحرش والاستفزاز والتعدي، الذي حصل بعد تقسيم تركة الدولة العثمانية، عند تكوين نظام الأمم المتحدة، بعد عام 1945،

    على حق كل مسلم أو مسيحي بل وحتى اليهودي وبقية الملل التي كانت محمية أيام الدولة العثمانية، داخل الكيان الصهيوني، أو بقية كيانات سايكس وبيكو،

    هلال رمضان في عام 2024، يعتمد على (الرؤية) في لغة القرآن وإسلام الشهادتين،

    ولا يعتمد على علم الفلك وحساباته أو سلطة فلان أو علان، لتثبيت ذلك،

  7. يقول S.S.Abdullah:

    فلذلك أنا أصوم، مع من رأى الهلال، في أي مكان، لأن مفهوم مواطن (العولمة) من خلال الآلة الروبوت التي في يد أي إنسان (ة) أو أسرة أو شركة، يستطيع معرفة هل هناك من رأى الهلال في أجواء (العولمة)، أم لا، لو أراد ذلك، فالكرة في ملعبك أنت وليس في ملعب موظف/مسؤول الوظيفة أو سلطة إدارة وحوكمة (تدوين اللغة/الترجمة في بيت الحكمة أو مجمع اللغة)، لمن يؤمن بمفهوم (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، والله أعلم.😉🤨

    نحن لدينا حل، لمن يُريد الإصلاح، مشروع صالح (التايواني) Seeking FAITH، كمنافس إلى مشروع مبادرة طرق وحزام الحرير (الصيني)، لربط إدارة وحوكمة أي (دولة) مع أدوات سوق (العولمة/الإنترنت/الشّابِكة)، بداية من عمود الكهرباء، من خلال مفهوم (الكهرباء الأرخص) أو براءات الاختراع إلى (د علي الفؤادي) من العراق.🤨😉
    🤑🙊🙉🙈🇺🇳📓✒️📟

  8. يقول ملاحظ:

    لماذا يحبون ترامب؟ لان العبيد يحبون الطغاة
    لكن الفرق بين ترامب وبايدن
    كالفرق بين الطاعون الكوليرا

اشترك في قائمتنا البريدية