من يتابع الإعلام التقليدي والوسائط الاجتماعية في الجزائر يكتشف، دون كبير عناء، أن الأمر ليس جديدا، بل هو قديم ومكرر، يعود كل مرة إلى الواجهة. يحصل هذا عندما تصر بعض الأقلام على منح جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أدوارا لم تقم بها في تاريخ الجزائر السياسي.
منطق الأشياء يقول إنها بعيدة عنها ولا تستطيع إنجازها، حتى لو وضعت ألف صورة تجمع بين العقيد عميروش والشيخ العربي التبسي. لقاء لم تكن له فرصة لكي يحصل فعلا للاختلاف الكبير في مسار الرجلين. رغم القرب المسجل على مسار عميروش عندما كان مهاجرا في فرنسا من جمعية العلماء، من خلال أبناء قريته، كما يحصل عادة لدى العمال المهاجرين، الذين يحنون إلى كل ما يقربهم من أصولهم، دون أن يعني هذا أن العقيد عميروش لم يكن قريبا من التيارات الدينية والمحافظة، حتى وهو مستمر في انتمائه إلى التيار الوطني الاستقلالي الجذري، الذي جعله يترك كل شيء ويلتحق بجبال الولاية الثالثة عندما حانت ساعة الجد.
أمر ليس جديدا، يعود كل مرة إلى الواجهة، عندما تصر بعض الأقلام على منح جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أدوارا لم تقم بها في تاريخ الجزائر السياسي
فالمعروف تاريخيا أن التيار الوطني الاستقلالي الذي مثلته حركة الانتصار -حزب الشعب، ولاحقا جبهة التحرير، لم يكن تيارا متجانسا من الناحية الفكرية، بل كان خليطا من تيارات عدة تتراوح بين أقصى اليسار القريبة من الفكر الشيوعي، وصولا إلى التيارات الدينية المحافظة، كانت تلتقي داخل هذه المدرسة السياسية الوطنية. كانت سببا في قوتها، بل هيمنتها عندما كانت في حالة صعود، وضعفها وهي في حالة تقهقر وانتكاسة، كما هي اليوم. تيار قادته منذ مرحلة الحركة الوطنية ولغاية مرحلة حرب التحرير، قوى اجتماعية غير متجانسة هي الأخرى غلب عليها الطابع الشعبي من أبناء الحضر- الجدد والريف على مستوى قاعدتها، والميسور على مستوى القيادة، إذا راعينا الدور الذي قامت به النخب المتعلمة باللغة الفرنسية، على حساب النخب صاحبة التعليم المعرب، التي بقيت متوارية في الغالب الأعم، رغم بعض الاستثناءات القليلة، لعبت فيه الهجرة إلى فرنسا أدوارا محددة في إنتاج هذه النخب المتنوعة، تعلق الأمر بالحركة العمالية والنقابية أو الحركة الطلابية لاحقا.
الحقيقة الأولى التي يجب ألا تخفيها هذه النقاشات التي تتكرر عند الجزائريين بين فترة وأخرى، أن هذا التيار الوطني الاستقلالي هو الذي قاد ثورة التحرير، وهو الذي فجرها وتحمل مسؤولية تسييرها في أصعب الظروف. لدرجة أن جمعية العلماء لم تكن على علم بتاريخ اندلاع الثورة التي اتخذ منها إعلامها الرسمي موقفا متحفظا، لم يستوعب ما ميز ليلة الفاتح من نوفمبر من خصوصية. دون أن يعني هذا أن التيارات السياسية والفكرية الأخرى على غرار جمعية العلماء لم تشارك فيها بأفراد محدودين، يزيد أو ينقص عددهم حسب الجهات التي لم تكن متجانسة ثقافيا ولغويا، كما حصل على سبيل المثال في الولاية السادسة التي تميزت بوصول محمد شعباني، الله يرحمه ويرحم جميع شهدائنا، أحد طلبة مدارس جمعية العلماء إلى قيادتها، منطقة معروفة ببعض الخصائص الثقافية واللغوية التي جعلت نخبها قريبة من فكر الجمعية. لن نفهم موقف الجمعية من اندلاع وتسيير ثورة التحرير لاحقا، إلا إذا تعرفنا عن قرب على استراتيجية الجمعية وطرق عملها الثقافية والتعليمية، التي ركزت فيها على الإصلاح الديني والثقافي في مواجهة الطرقية، بهدف الوصول إلى السيطرة على عقول الجزائريين وتحريرهم من الخرافات، بمعنى آخر الجمعية كانت تهدف إلى نشر التعليم والثقافة لدى الفئات الشعبية تحديدا، وليس كل المجتمع – أبناؤها استمروا في تعليمهم بالفرنسية كما تبينه حالة ابن الشيخ الإبراهيمي نفسه- وليس القيام بثورة ضد الاستعمار الفرنسي بواسطة العمل المسلح، الذي لم يكن طلبة ومعلمو الجمعية قادرين على إنجازه عمليا. مهام تعليمية ثقافية ودينية إصلاحية قامت بها الجمعية بما كانت تستطيع تجنيده من إمكانيات، ضمن حالة استعمارية استيطانية طويلة، حاولت أن تتكيف معها وتراعيها. تقربت قيادتها في بعض الأحيان من الطرح العلماني، الذي كان يخدم أغراضها كوسيلة للتحرر من السيطرة التي فرضتها عليها الإدارة الكولونيالية في الجزائر في تلك الفترة.
جمعية العلماء التي حكمتها أجيال مختلفة من حيث قناعاتها، كما كان الحال مع عبد الحميد بن باديس ابن العائلة القسنطينية الميسورة، القريبة وظيفيا من الحالة الاستعمارية، الأكثر انفتاحا كما بينه وهو يعبر عن إعجابه بالتجربة العلمانية لكمال أتاتورك وهو يصر على تعليم البنات على سبيل المثال، عكس الشيخ البشير الإبراهيمي الذي قربته إقامته المشرقية في القاهرة، وقبل ذلك في الحجاز من تيارات أكثر يمينية ومحافظة، على غرار الإخوان المسلمين، بل حتى التيار الوهابي، كما ظهر لدى بعض وجوه الجمعية، مثل الشيخ العقبي. توجهات انفجرت بعد الاستقلال في الصراع الذي اندلع مع بن بلة، وصل إلى حد فرض الإقامة الجبرية على الشيخ الإبراهيمي وابنه أحمد الطبيب القيادي في جبهة التحرير، الذي لم يكتف بن بلة بسجنه، بل قام بتعذيبه في السنوات الأولى للاستقلال، بعد خروجه من السجون الفرنسية والعودة إلى الجزائر. كما حصل وهو يسجن وينفي شخصيات من تيارات كثيرة أخرى – بوضياف أيت أحمد وغيره. لنكون أمام استراتيجية مختلفة للجمعية، بعد توقف مرحلة المواجهة مع النظام السياسي الوطني. اعتمدت على غرس أبنائها في مواقع السلطة والقرار على مستوى المنظومة التعليمية والإعلام، التي ركزت عليها كقطاعات تستطيع من خلالها فرض هيمنتها الفكرية، كما يفعل بعض أبنائها والمدافعين عنها اليوم، وهم يحاولون إقناعنا أن الجمعية هي التي قادت ثورة التحرير في الجزائر!
لتعرف جمعية العلماء حالة ضعف أكيدة لمدة طويلة بعد الاستقلال لم تسترجع عافيتها وعنفوانها لغاية اليوم حتى بعد عودة الاعتراف بها بعد أحداث أكتوبر 88. نتيجة التنافس الذي وجدته من التيارات السياسية ـ الدينية الناشئة التي احتلت الشارع، التي بقيت بعيدة عنه كحركة نخبوية، رغم وصول بعض أبنائها إلى عضوية الحكومة في مجال الشؤون الدينية، كما حصل مع ابن الجمعية الشيخ عبد الرحمن شيبان، الذي لم ينس الاستعانة ببعض وجوه الإخوان المسلمين مثل محمد الغزالي ويوسف القرضاوي، لدعم التيارات الدينية الوسطية بالقرب من الرئيس الشاذلي، في مواجهة تيارات عنيفة ومتطرفة تلونت بألوان إسلام محلي سلفي جذري، تميز باعتماده على قاعدة شعبية شبابية قوية. لم تملكها الجمعية يوما. في وقت ابتعدت قواعدها التقليدية ونخبها عنها بعد الهفوات التي ارتكبتها في اختيار بعض قيادتها في السنوات الأخيرة، لم تسمح لها بتسجيل عودة قوية للساحة الدينية والفكرية في الجزائر.
كاتب جزائري
في الوقت الذي مازال فيه البعض مغرقًا في تأمل الماضي، عالقًا في تحليل الأدوار التي لعبتها جمعية العلماء المسلمين في بناء الهوية الوطنية، ومشغولًا باستحضار ذكريات “الأبطال التاريخيين”، هناك في دول أخرى “أبطال” من نوع آخر، صنعوا التاريخ بطرق أكثر عملية عبر مشاريع حية، أثمرت تقدمًا فعليًا بشكل مادي وملموس. خذ مثلًا كوريا الجنوبية، التي حولت شركات كهيونداي وسامسونغ، كانت في بداياتها صغيرة ومتواضعة إلى كيانات عالمية رائدة، أو إلى “أبطال وطنيين” (National champions) بلغة الاقتصاد، وذلك في ظرف قياسي . هذه التحولات لم تأتِ من الوقوف على أطلال التاريخ، بل عبر الدعم والتحفيز ، و الاستثمار الحقيقي في التعليم و البحث العلمي، وكذلك الابتكار الصناعي، والشراكات الاستراتيجية مع شركات عالمية، وهو ما مكن كوريا الجنوبية أيضا من التحول من اقتصاد فقير إلى واحد من أقوى اقتصادات العالم.
الجزائر شوكة في حلق أعدائها.
حقيقة لا أعرف كيف يجب شكر جريدة القدس العربي، أم (د ناصر جابي)،
على ما تم جمعه ونشره تحت عنوان (لماذا يختلف الجزائريون حول تاريخ جمعية العلماء؟) https://www.alquds.co.uk/?p=3421202
والسبب لأن ما قرأت هو نفسه سبب مشاكل كل من شارك في العملية السياسية في (العراق)، ما بعد سقوط (الدولة)، أو نظام (الحزب)، أو نظام الرئيس (صدام حسين)،
وصول (دونالد ترامب)، للمرة الثانية إلى رئاسة أمريكا/نظام الأمم المتحدة، سيفرض تحديات جديدة على (الإقتصاد)، في أي دولة أو قارة، كانت تعتمد على النظام المالي الذي يمثله صندوق النقد والبنك الدولي،
حبيبي أبا ياسر، أشكرك على رابط هذا الحدث في مدينة الرياض
https://youtu.be/mofEOSUkMpA?si=NoCadckJradxxkta
والذي يُبيّن، جدية المملكة في موضوع تخصيص 100 مليار، من أجل جذب واستقطاب أهل الإنتاج في مجال AI إلى الإقامة في المملكة،
ومن هنا أهمية أن يكون هناك علاقة مباشرة بين شركتنا في السعودية مع مركز الملك سلمان لدعم لغة القرآن وإسلام الشهادتين، لتكون أساس مفهوم Saleh Halal AI بنسختها السعودية،
حتى تنافس ثقافة عقلية MacDonald Franchise Business Model غير الحلال، إلى Business Model يُمثّل ثقافة عقلية جملكو (الحلال) في أجواء بورصة أسهم سوق (العولمة الإنترنت الشّابِكة) أو التعامل (عن بُعد OnLine) من خلال الآلة/الروبوت التي في يد أي إنسان (ة) أو أسرة أو شركة،
فالسر أو المستقبل، إلى من يُحسن الوصول إلى (لغة إتفاق) مع الآخر قبل غيره، من خلال حكمة التكامل، بدل فلسفة الصراع/الحرب، أليس كذلك، أم لا؟! الله أعلم، هكذا علمتنا لغة القرآن وإسلام الشهادتين،
بدون إضافة شهادة ثالثة لضمان كرسي الحكم (آل البيت الهاشمي/العلوي/الأعجمي) أو شهادة رابعة لتضمن تمويل (العالة، شعب الرّب المُختار)، كما يفرضه عليك نموذج واحة الديمقراطية (الكيان الصهيوني/دولة ولاية الفقيه/المملكة الهاشمية/المملكة العلوية)، وبالتأكيد كان ذلك على حساب ظلم أهل (فلسطين)، بعد عام 1945،
وحتى إن شاء الله لن يتكرّر ذلك بعد 2024.😉🤨
🙈🙊🙉📓✒️📟🇺🇳
طرح سليم، اعتمد على معطيات تاريخية، تؤيده مواقف قادة الحركة الوطنية من امثال احمد بودة الذي تحدث في شهادته عن مسيرته التي حررها دحو جربال، فذكر كيف تحول من متابعة دروس نادي الترقي الى النضال مع حزب الشعب، كما ذكر موقف الاصلاحيين بشيء من التفصيل.
لم يختلف الجزائريون يوماً حول دور جمعية العلماء الجزائريين في النضال الوطني
جمعية العلماء المسلمين وعلى رأسها عبد الحميد ابن باديس لا يحتاجون لا الى من يقوم بمدحهم ولا الى من يقوم بقدحهم بل يكفيهم ما كتبوا في الجرائد الناطقة باسمهم : الشريعة والشهاب والسنة والبصائر … من منتصف العشرينيات الى الاستقلال وتلك فقد هي من تشهد عليهم وعلى موقفهم من المستعمر والثورة التحريرية .
المعروف عند الطبقة المثقفة الجزائرية الحديثة ان الثورة قامت بفضل الله و سواعد رجال.غالبيتهم لم يحوزوا على تعليم عال سواء في المدارس او الكتاتيب.النضال عندهم كان واجب مقدسا وليس وظيفي كما هو اليوم عند المثقفين و الاعلاميين نضال مئجور. و ثورة التحرير التي يراد التشكيك في مؤسيسها او الداعمين لها المتعاونين معها.فرنسا و غيرها من بعض الجول صنعت لنفسها تاريخا من كذب اساطير اصبحت حقيقة خيال جعلوا منه واقعا.من خلال السينما و المسرح.الامثلة كثيرة.
و اليوم ياءتني واحد يريد ان يمحو الدور الذي قامت به الجمعية خلال الثورة…ما الفائدة من ذلك.
الثورات تحتاج الى اساس صلب قوي ، وهذا ماقامت به جمعية العلماء المسلمين
مجرد تساؤل.
لماذا يختلف الجزائريون حول تاريخ جمعية العلماء !!!؟؟؟
مجرد تساؤل.
لماذا يختلف الجزائريون حول تاريخ جمعية العلماء !!!؟؟؟
التساؤل السالف مقتبس من المقال، والجواب عليه لا يحتاج إلى حك الرأس.
الجزائريون لا يختلفون لا على تاريخ ولا على دور جمعية العلماء المسلمين.
فقط أولاد فرنسا هم من يفعلون ذلك.
مؤخرا قرأت مقالا شكك حتى في هدف الثورة وعقيدتها، نشره صاحبه تحت عنوان: الجزائر:1 نوفمبر 1954 … من أجل الوطن أم الدين؟