الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف
تجري مفاوضات مع حماس منذ 15 شهراً، ونأمل في الأيام القريبة القادمة بالوصول إلى نهايتها. “الدلائل المشيرة” تثير مشاعر متفائلة، مغلفة بظل ثقيل وطعم مر، بقيت بعد كل “تطور جديد”، و”شرط آخر” أو “انعطافة اللحظة الأخيرة”، التي ظهرت في جولات سابقة. لكن لا يمكن تجاهل أن إسرائيل تجري المفاوضات ليس أمام قطر أو مصر، وليس أيضاً مع الولايات المتحدة: هذه مفاوضات مع منظمة إرهابية قاتلة، وهكذا، لا جديد.
بعد كل عملية في غزة، وجدت إسرائيل نفسها أمام منظمة ليس بينهما اعتراف متبادل. ورغم ذلك، وافق الطرفان على أخذ تعهدات متبادلة على مسؤوليتها لوقف إطلاق النار وإعادة إعمار القطاع أو نقل الأموال لدفع رواتب الموظفين، وفعلياً محاربين، الذين شغلتهم حماس. هذه الحوارات التي توسطت فيها دول وجهات أجنبية، رسخت شبكة العلاقات بين الدولة وبين هذه المنظمة، وكأنهما جهتان متساويتان في المكانة والقوة.
والآن، فالتعامل مع حماس رغم تحطم بناها العسكرية والمدنية التي لم تنهر تماماً بعد، ووجود مفاوضات تسمح للطرف الضعيف عسكرياً إملاء الشروط وطرح طلبات وتقديم تنازلات ومحاولة إملاء نتائج، كل ذلك يخلق وضعاً متناقضاً يضطر فيه الطرف القوي للتعامل مع الخصم وكأنه مساو له في المكانة. يبدو أن المفاوضات تدور حول بند واحد- إعادة المخطوفين، ولكنها مفاوضات قد تؤثر على الوضع السياسي والمحلي والإقليمي.
إسرائيل ليست الدولة الوحيدة التي وجدت نفسها خاضعة لضغوط تجبرها على تجاوز، وحتى إلغاء، النماذج التي وجهت نشاطاتها مع التنظيمات الإرهابية. المقولة “الخالدة” التي بحسبها لا نجري مفاوضات مع الإرهابيين، والاستراتيجية التي اعتقدت أن القوة الزائدة والدمار الزائد هي التي ستخضع المنظمة، والحكم القائل بأنها لن تتمكن من إملاء نتائج الحرب، كلها انهارت. والولايات المتحدة، التي يهدد رئيسها المنتخب ترامب، بفتح باب جهنم إذا لم يتم التوصل إلى صفقة حتى موعد دخوله إلى البيت الأبيض، لم تتخيل أنها ستضطر، في نهاية الحرب الدموية في أفغانستان، إلى الجلوس مع طالبان على الطاولة، التي تعتبر منظمة إرهابية، بل والتوقيع معها أيضاً على اتفاق والاعتراف بحكمها في أفغانستان.
الاتفاق الذي وقع في شباط 2020 في الدوحة في عهد ترامب، ينص على عدم تشكيل قاعدة للتنظيمات الإرهابية في أفغانستان تستهدف أهدافاً أمريكية أو ضد الجنود الأمريكيين، وذلك مقابل وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الأمريكية. وقد تم ذكر جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، وطالب بإجراء مفاوضات بين طالبان وحكومة أفغانستان حول اتفاق سياسي. تم خرق الاتفاق بعد فترة قصيرة من التوقيع عليه، لكنه سمح لترامب بانسحاب أكثر من 5 آلاف جندي. هذه السابقة أبقت لوريثه بايدن مهمة إجراء مفاوضات أخرى مع طالبان، التي انتهت في آب 2021 بالانسحاب الكامل للقوات الأمريكية في عملية بائسة ومخجلة. بقيت طالبان الحاكمة في الدولة.
في ساحة أخرى، اليمن، كان ترامب شريكاً ناجعاً أيضاً في المفاوضات التي أجرتها السعودية مع الحوثيين في 2019، بعد أن تعرضت لهجوم شديد على منشآت النفط فيها، رغم أنه أيد الحرب في اليمن ووفر للسعودية مساعدات عسكرية كبيرة، اضطر ترامب للضغط على السعودية لإجراء مفاوضات مع الحوثيين كي يستطيع تمرير صفقة سلاح أخرى في الكونغرس، الذي طلب وقف التعاون العسكري مع السعودية في كل ما يتعلق بالحرب في اليمن. قبل سنتين تقريباً، استأنفت السعودية المفاوضات مع الحوثيين ووافقت على وقف إطلاق النار، وحتى على دفع رواتب موظفي الدولة في اليمن، الذين يعملون في مناطق سيطرة الحوثيين، وهكذا تساعد في تمويل نظام الحوثيين.
في أفغانستان مثلما في اليمن، تحولت منظمات إرهابية إلى قوة دولة وحكام فعليين. رغم أن الحوثيين يعتبرون منظمة إرهابية – الصفة التي “أعطيت” لهم في فترة ترامب، رفعت في بداية ولاية بايدن، وتم استئنافها في السنة الماضية عقب هجماتهم على مسار الملاحة في البحر الأحمر، وعلى إسرائيل وأهداف أمريكية – لكن السعودية تتمسك بوقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه قبل سنتين تقريباً. وهي تعمل على المضي باتفاق سياسي مع اليمن، وليست عضوا في التحالف العسكري الذي شكلته الولايات المتحدة في البحر الأحمر.
وتركيا مثال آخر على الدولة التي تحارب منذ منتصف الثمانينيات ضد منظمة “حزب العمال الكردي” (بي.كي.كي)، الذي يعتبر، ليس فقط في تركيا، منظمة إرهابية. أكثر من 40 ألف شخص قتلوا في الحرب التي تعتبرها تركيا حرباً وجودية. تركيا التي احتلت مناطق في سوريا لتشكل “حزام أمان” وتطمح إلى توسيع مناطق سيطرتها في سوريا لتدمير المؤسسة العسكرية والمدنية للأكراد، تطلب من أكراد سوريا الذين تعتبرهم “شركاء في إرهاب بي.كي.كي، نزع سلاحهم أو أن يدفنوا معه، كما هدد الرئيس رجب طيب اردوغان منذ فترة قصيرة. وفي الوقت نفسه، بدأت قبل أسبوعين تفحص إمكانية التصالح، بالذات مع الـ بي.كي.كي، بل وسمحت لممثلي الحزب المؤيد للأكراد (دي.إي.ام) بالالتقاء مع رئيس بي.كي.كي، عبد الله أوجلان، الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد. قناة المصالحة مع بي.كي.كي تقترح وقف النار وحقوقاً ثقافية وسياسية، مقابل الإعلان عن نزع المنظمة لسلاحها وتفكيك إطاره التنظيمي.
لهذه الخطوة علاقة عميقة مع تطلعات تركيا في سوريا، والإدراك بوجوب حل النزاع مع الأكراد – الإرهابيين الذين يهددون وجودها – إذا كان في نيتها أن تكون شريكة مؤثرة في النظام الجديد في سوريا بقيادة أحمد الشرع. أيضاً هو، بالمناسبة، إرهابي بشكل “رسمي”، حظي بإعادة تأهيل كاملة ونجح في تدمير نظام الأسد. ليس أردوغان الوحيد الذي سارع إلى مصافحته، فالإدارة الأمريكية أيضاً هي الأخرى سارعت للمثول في دمشق وإلغاء الجائزة بمبلغ 10 ملايين دولار، التي وضعت مقابل رأس الشرع. الآن تتم مناقشة إمكانية رفع العقوبات عن سوريا.
هذه ليست المرة الأولى التي تبادر فيها تركيا إلى إجراء مفاوضات مع المنظمة الإرهابية الكردية. في 2010 أيضاً بدأت سراً بفحص احتمالية بلورة اتفاق مع الانفصاليين الأكراد، وبعد ثلاث سنوات من ذلك بدأت عملية علنية من المصالحة التي استمرت حتى 2015، عرض اردوغان في إطارها وقف إطلاق النار والعفو عمن “أيديه ليست ملطخة بالدماء”. ولكن عمليات كبيرة وقعت خلال ثلاثة أشهر، عندما كانت الانتخابات على الباب، أفشلت العملية.
رغم أن هذه الأمثلة تعلمنا عن مرونة كبيرة لمفهوم “الإرهاب” والطريقة التي تستعد فيها الدول لاستبدال استراتيجية الحرب ضد الإرهاب كلما سنحت فرصة لتغيير سياسي مناسب، فإن مكانة حماس مختلفة بشكل جوهري عن مكانة طالبان والحوثيين والأكراد. فحماس منظمة لم تعرض المصالحة مع إسرائيل ذات يوم. وإسرائيل لم تعتبرها البديل عن قيادة فلسطينية. رعتها إسرائيل بشكل منهجي كهيئة حكومية موازية حتى تستطيع إفشال مكانة السلطة الفلسطينية م.ت.ف كهيئات تمثيلية للفلسطينيين وكشركاء في اتفاق سياسي دائم. “طلب” من حماس الحفاظ على فصل مطلق بين الضفة الغربية والقطاع، وفي المقابل حصلت على امتياز من إسرائيل لإدارة القطاع.
في 7 أكتوبر تحطم هذا “الاتفاق” إلى شظايا، وأصبح التقاء المصالح بين إسرائيل وحماس صداماً تكتونياً ودمر كل شيء في طريقه. ولكن الآن، حيث صفقة التبادل آخذة في النضوج وتملي انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من مناطق معينة في قطاع غزة، وتقتضي الانسحاب الكامل عند استكمالها، بات المطلوب من إسرائيل الآن إيجاد بديل لحماس لإدارة القطاع. هذا البديل موجود في رام الله، الذي تصفه إسرائيل كمنظمة إرهاب. غير أن السلطة الفلسطينية (الإرهابية) جسم معترف به دولياً ومن إسرائيل، ولا يزال ينسق معها أعماله الأمنية. رئيس السلطة يعارض الكفاح المسلح، والتطبيع مع السعودية الذي يتطلع إليه ترامب، متعلق بالتسوية معه.
من يتطلع أن تحصل إسرائيل على إذن من ترامب لتدمير السلطة نهائياً وضم المناطق، يجدر به أن يتذكر بأن هذا هو الرئيس الذي وقع على اتفاق مع طالبان، والذي دفع السعودية إلى إجراء مفاوضات مع الحوثيين، وهو من يطالب تركيا ببلورة اتفاق مع الأكراد. ولم يعلن ترامب أيضاً أنه تنازل عن حل الدولتين، الذي طرحه بصورة صريحة في “صفقة القرن” الخاصة به.
تسفي برئيل
هآرتس 14/1/2025
سلطة العار والتنسيق الأمني مع عصابة بنغفير وسموتريتش ضد أبناء الضفة الغربية ماتت يوم 7 أكتوبر أو تشرين يا أبو العينين حقيقة مكشوفة ومفضوحة من عصابة البيت الأسود الصهيوني الأمريكي يا انريكي ✌️🇵🇸😎☝️🚀🐒🔥
هه إذن على أحرار حماس والجهاد و الكتائب والقسام و السرايا والعرين و جنين وبلاطة و نابلس وحوارة و اريحا و كل أحرار فلسطين الميامين المباركين أن لا يخضعوا للارهاب الترامبي 2025 ✌️🇵🇸😎☝️🔥🐒🚀