لم أعد قادراً على الكتابة في الرياضة!

في وقت تشتعل فيه المنافسة في الدوريات العربية والأوروبية، وتظهر فيه ملامح المنتخبات المتأهلة إلى نهائيات بطولة كأس أمم أوروبا 2024، وتحصل المغرب على حق الاشتراك مع إسبانيا والبرتغال في تنظيم كأس العالم 2030، وتقدم السعودية ترشيحها لاحتضان مونديال 2034، وفي وقت لم يعد يفصلنا سوى ثلاثة أشهر عن انطلاق بطولتي كأس آسيا في قطر، وكأس أمم أفريقيا في كوت ديفوار، وهي كلها أحداث ومحطات تشكل مادة للكتابة، إلا أنني لم أعد قادرا على الكتابة في مجال الرياضة لأن طوفان الأقصى خطف كل الأنظار، والعدوان على الأبرياء في غزة لم يترك لنا مجال الالتزام بالتخصص، وسط تخاذل عربي مستمر يعتبر المقاومة اعتداء، ودعم غربي متزايد لإسرائيل التي تحولت الى ضحية.
أجد نفسي مضطرا لتخصيص هذه المساحة للكتابة في موضوع الساعة الذي يخطف الأنظار، ويعيد الى الساحة ذلك النقاش الذي نخوضه منذ عشرات السنين حول الاحتلال والمقاومة والحرب والسلام والتطبيع والممانعة والكيل بمكيالين من المجتمع الدولي الذي يساند أوكرانيا في حربها ضد ما يوصف بالاحتلال الروسي، لكنه يقف الى جانب المحتل الاسرائيلي في فلسطين. مجتمع دولي يهتز لصور الدمار في أوكرانيا، لكنه يصف مقاومة المحتل بالارهاب، ويصنف عدوانه ضمن خانة حق الرد حتى ولو بلغ درجة الابادة الجماعية للمدنيين والاجرام في حق الانسانية من خلال القصف العشوائي لغزة المحاصرة وقطع الماء والكهرباء والوقود والغذاء والدواء على ساكنيها الذي يصفهم وزير الدفاع الاسرائيلي بحيوانات بشرية.
أجد نفسي مضطرا لتذكير المؤيدين لإسرائيل والمحايدين، والساكتين عن الحق، والمطبعين، أن طوفان الأقصى ليس عدوانا ولا ارهابا ولا حتى هجوما بالمفهوم الكروي عند الجميع، بل هو حق في الدفاع عن النفس والأرض والعرض تقره كل الديانات السماوية، وكل تشريعات وقوانين التنظيمات الدولية بسبب الاحتلال والظلم والقهر والعدوان المتواصل منذ سنوات، هو أيضا رد على تدنيس المسجد الأقصى، والعدوان المستمر على الضفة الغربية، وحصار غزة منذ ستة عشر عاما، وكل المجازر التي ارتكبتها اسرائيل في حق الفلسطينيين، والانتهاكات المستمرة في حق آلاف الأسرى والمساجين والمدنيين من نساء وأطفال وشيوخ، يموتون قهرا كل يوم.
طوفان الأقصى يحمل أيضا رسالة للمطبعين الذين يعتبرونه تهديدا للسلام في المنطقة، بل تهديدا لمساعيهم في إرضاء أمريكا و تقويض القضية الفلسطينية والتخلص منها الى الأبد، مبررين خنوعهم بالرغبة في تحقيق السلام مع اسرائيل نيابة عن الفلسطينيين المعنيين مباشرة بالحرب أو السلام، حتى أن بعضهم راح يندد بما وصفوه بالاعتداء على أراض اسرائيلية هي بالأساس فلسطينية أقيمت عليها مستوطنات الاحتلال التي تنطلق منها الصواريخ باتجاه غزة، فلم تعد مواقفهم تختلف عن مواقف أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا التي قررت دعم اسرائيل سياسيا وماديا وعسكريا، وحتى إعلاميا من خلال شيطنة المقاومة الإرهابية في نظرهم، والتستر على جرائم اسرائيل التي تصنفها ضمن خانة الدفاع عن النفس، والتسويق لمعاداة المسلمين للسامية واليهود في كل مكان.
مهما كان الدعم الغربي والخنوع العربي والخسائر الفلسطينية في الأرواح والبنيان، فإن طوفان الأقصى حقق انتصارا معنويا كبيرا، كسر أسطورة اسرائيل التي لا تهزم، ورفع معنويات الشعب الفلسطيني وأحرار العالم، وغير عديد المفاهيم والمعطيات السياسية والأمنية في المنطقة، وكشف نفاق عالم يكيل بمكيالين في تعامله مع حق أوكرانيا في الدفاع عن أراضيها، وحق اسرائيل في الاعتداء على أراضي الفلسطينيين واحتلالها ومحاصرة شعبها والسعي لإبادته لمجرد أنه مارس حقه المشروع في تحرير أرضه.
إعلامي جزائري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مغربي من الكركرات:

    مبروك للمغاربة اينما كانوا شرف تنظيم كأس افريقيا 2025 و كأس العالم 2030. ندعوا الله العلي القدير ان يعم السلام ارض فلسطين و العالم اجمع.

  2. يقول لم أعد قادراً على الخروج إلى الشارع😡 😡😡:

    كان الشارع هو متنفس الجماهير العربية من أجل التعبير عن تضامنها و مشاعرها إتجاه ما تعانيه فلسطين.
    في الوقت الحالي الخروج إلى الشارع هو جريمة قد يتعرض أصحابها إلى تهمة ” تهديد أمن الدولة ” أو حتى “التحريض على الإرهاب” و تهم أخرى متعددة و خطيرة و قد يتعرض حتى أقرباؤه إلى التعسف و المضايقات.
    المواطن العربي قد يجد قوات جيش بلاده تنتظره في الشارع لأن النظام السياسي لم يعد يثق في المواطن الذي أصبح في أعين النظام ” مجرما حتى و إن ثبتت براءته”.😡😡😡
    إفتحوا الشارع لأننا فقط نريد أن نعبر عن عجزنا عن مساعدة فلسطين.😡😡😡

  3. يقول زياد:

    أجد نفسي مضطرا لتذكير المتاجرين بالقضية بأن الوقت هو وقت الفعل وليس القول. فكما قدمت الدول الغربية الدعم لإسرائيل فنحن ننتظر من المتاجرين بالقضية أن يقدموا الدعم العسكري لغزة وإن اقتضى الأمر إرسال جنودهم لتحرير فلسطين. وغير هذا فالمطبع وغير المطبع يتساويان في المواقف لكن الصيغة فقط هي التي تختلف.

  4. يقول احمد - لندن:

    اكتب عن الفرق و النوادي المؤيدة لفلسطين. Celtic فريق قام باعمال بطولية لدعم فلسطين متحديا كل ما فرض عليهم من ضغوط.

  5. يقول سعيد السعيدي:

    لم أرى اي بلد عربي يدعم المقاومة او يتجرؤ على التصريح بطعمها. و لم اسمع اي مسؤول عربي يبارك طوفان الأقصى. إذا، في الحقيقة لا فرق بين حاكم مطبع و حاكم شعاراتي. بل خيانة هذا الأخير أكبر. لأنه يسترزق بالقضية و لا يقدم لها الا الكلام. و عند الجد خدلها.

  6. يقول مغربي من المغرب طبعا:

    العز للاقصى وغزة وجميع مناطق القدس، والعار لاسرائيل وللمرتزقة

  7. يقول إشراق عميروش:

    كلام في القمة الحياة مواقف

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية