لوبوان: محور باريس- الرباط في مواجهة تحدي الانتخابات التشريعية الفرنسية

حجم الخط
7

باريس- “القدس العربي”:

قالت مجلة “لوبوان” الفرنسية، إن العلاقات بين فرنسا والمغرب، التي اتسمت بفترات من التوتر والمصالحة، يمكن أن تشهد اضطرابات جديدة بعد الانتخابات. فآثار الزلزال السياسي الذي يهز أوروبا، وفرنسا على وجه الخصوص، أصبحت محسوسة خارج حدود القارة العجوز. وما تزال موجة النزعة القومية خلال الانتخابات الأوروبية تثير ردود أفعال عديدة على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.

وأوضحت المجلة أن ثمة جدلا كبيرا ما يزال مستمراً في المغرب على وجه الخصوص، حيال الدعوة المفاجئة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حل الجمعية الوطنية الفرنسية، بعد الإعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأوروبية التي أعطت اليمين المتطرف الصدارة.

فإذا كان الفرنسيون الذين يقيمون في المغرب قد وضعوا حزب “فرنسا الأبية” (LFI) اليساري الراديكالي في الصدارة في الانتخابات الأوروبية، إلا أن اليمين المتطرف شهد تقدماً واضحاً من حيث عدد المصوتين له. فعلى الرغم من أن إقبال الناخبين كان متباينا بين المدن، فقد حققت الانتخابات نتائج مثيرة للاهتمام، وأظهرت اتجاهات متنوعة وديناميكيات سياسية متباينة.

وإذا كان حزب “فرنسا الأبية” قد هيمن على العديد من المدن المغربية، مثل فاس والدار البيضاء والرباط وطنجة، فقد أظهر حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف من جهته، حضوراً كبيراً في أغادير ومراكش، حيث حصل على درجات أعلى. لكن الاختيار الانتخابي للفرنسيين المقيمين في مدينة أكادير هو في الأساس ما يثير الدهشة، حيث صوت 23% من الناخبين لصالح اليمين المتطرف، تقول “لوبوان”.

فاجأت هذه النتائج الكثيرين في المملكة المغربية، بمن فيهم الكاتب فؤاد العروي، الذي عنون عموده المنشور على موقع المعلومات Le360: “لماذا تصوت مدينة أكادير لليمين المتطرف؟”. ولا يخفي الكاتب المغربي الشهير دهشته.

ومع ذلك، إذا أخذنا في الاعتبار معدل الامتناع المرتفع للغاية عن التصويت، فإن هذه الأرقام ليست ممثلة، بحسب مهدي عليوة، الباحث في علم الاجتماع والمتخصص في الهجرة في العلوم السياسية بالرباط بجامعة الرباط الدولية (UIR). وردا على سؤال عبر موقع “يا بلادي” الإلكتروني، قال الأخير إن “بعض الفرنسيين الذين استقروا هناك هم من المتقاعدين أو رجال الأعمال”. وبعبارة أخرى: “الفرنسيون يذهبون إلى هناك للاستمتاع بالشمس، أو القيام بأعمال تجارية، وفي نهاية المطاف، فإن المسألة المغربية لا تهمهم كثيراً. ما يحبونه في المغرب هو التسلسل الهرمي الاجتماعي القوي إلى حد ما، حيث إن لدينا تفاوتات اجتماعية كبيرة، وحقيقة أننا لسنا ديمقراطية ليبرالية. لذلك سارت الأمور بشكل جيد مع أيديولوجيتهم”. وأضاف أن العيش في المغرب والتصويت لحزب التجمع الوطني ليسا متناقضين على الإطلاق، بحسب الباحث الاجتماعي المغربي.

ومضت “لوبوان” قائلة إن موجة الصدمة، التي أثارها حل الجمعية الوطنية الفرنسية، واحتمال وصول اليمين المتطرف إلى السلطة في فرنسا، تتواصل حتى خارج المنطقة الأوروبية. “ففرنسا تقف عند مفترق طرق حاسم، والعالم كله يراقب باهتمام مستمر تسلسل الأحداث الذي يمكن أن يفاجئنا أكثر من لعبة الروليت الروسية التي يعطيها ماكرون انطباعا بإعجابه”، كما جاء في مقال افتتاحي لموقع الإعلام الدبلوماسي المغربي، حيث يصف الكاتب قرار الرئيس الفرنسي بأنه “رهان عالي المخاطر”.

فهذا القرار الرئاسي الفرنسي، الذي يحمل عواقب متعددة، بدأ بالفعل يهز الأجندة السياسية. حيث إن الزيارة التي كان من المقرر إجراؤها في شهر يوليو/ تموز الماضي إلى الرباط، والتي كان من المقرر أن يقوم بها رئيس الحكومة، غابرييل أتال، ألغيت، حسبما ذكر الموقع الإعلامي atlasinfo.fr. حيث يتعين على المسؤول الفرنسي، الذي كان من المقرر أن يشارك في اللجنة العليا المشتركة بين البلدين والتحضير لزيارة رئيس الدولة إلى المغرب، أن يقود الحملة من أجل إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

لكن ماذا لو لم يكن صعود اليمين المتطرف بالضرورة خبراً سيئاً للرباط؟ تتساءل “لوبوان”. وهنا تشير المجلة إلى ما قالته صحيفة “لوبينيون” الناطقة بالفرنسية من أنه لا ينبغي اختزال حزب “فرنسا الأبية” اليساري الراديكالي في زعيمه جان ليك ميلانشون، واعتباره حليفا للمملكة المغربية.

فموقف أعضاء هذا الحزب في البرلمان الأوروبي، بما في ذلك رئيس القائمة، مانون أوبري، يظهر عكس ذلك. حيث إن هذه الأخيرة هي التي صوتت لصالح كل القرارات المناهضة للمغرب في البرلمان الأوروبي، في حين أن حزب مارين لوبان “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، كان قد عبّر بالفعل عن “مقترحات لصالح السلامة الإقليمية للمملكة“. وكانت لوبان قالت عام 2022 حول سياستها الخارجية: “أتمنى الحفاظ على العلاقات مع دول المغرب العربي الثلاث وإثرائها… خاصة مع المغرب، وهو عزيز علينا”.

وإذا كان من الصعب حتى الآن رسم صورة دقيقة للتحالفات المحتملة التي سيتم إنشاؤها وتحديد تأثيرها على محور الرباط- باريس، في ضوء الانتخابات التشريعية الفرنسية، فإن هناك شيئا واحداً مؤكداً، هو أنه سواء كان مع اليسار أو اليمين، فإن المغرب سيُكيّف تعامله، كما تنقل “لوبوان” عن أستاذ جامعي مغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بثينة عبود مواطنة لبنانية فرنسية:

    مكان اقامة المصوت لا علاقة مباشرة لها بقناعات الأيديولوجية، الفرنسيون الذين يقيمون بالخارج معظمهم اضطر لترك بلادهم لان ظروفهم المادية لا تتوافق مع غلاء الأسعار في بلادهم الام، وبعضهم جل ذويهم فرص العمل التي كانت متاحة في السنوات الماضية واليمين المتطرف يُحمل المسؤولية للاجئين والمهاجرين الاجانب، هذا توصيف ومنطق يتقبله الكثير من الشعب الفرنسي، لان خصوم اليمين المتطرف لا يستطيعون تقديم تفسيرات واضحة ومقنعة لمواجهة زعم اليمين الشعبوي المتطرف في تحميل المهاجرين وبال تراجع الرفاهية في فرنسا. اليمين الشعبوي المتطرف وان وصل للحكم ولو فرضنا حصل على منصب الرئاسة الفرنسية، لن يستطيع ان يفعل شيئا، ميلوني في إيطاليا وصلت للسلطة ولم تستطع أن تفعل شيئا، بسبب ان فرنسا ملزمة بقرارات الاتحاد الأوروبي والتزامات عضوية الناتو و الدين العام الذي يتزايد وكذلك تأثير الشركات الفرنسية العملاقة في القطاع الخاص، وهذه عوامل لا تترك لاي مؤسسات الدولة الفرنسية أي هامش كافي لتغيير السياسات التي يتم اتباعها، والدليل ان سياسات رؤساء فرنسا من اليمين (ساركوزي) الى اليسار ( هولوند) الى الوسط (ماكرون) تتجه الى نفس الاتجاه وكأن هؤلاء الرؤساء من نفس الحزب والخلفية الايديولوجية

  2. يقول كريم المغربي:

    في الحقيقة وهذا رأيي الشخصي وصول اليمين المتطرف للسلطة في فرنسا يخدم قضية الصحراء المغربية فزعماء اليمين عكس ماكرون يعبرون عن دعمهم لمغربية الصحراء بغض النظر عن موقفهم من الهجرة وغيرها من المسائل الأخرى

    1. يقول Rachid:

      إن كانت الصحراء الغربية فعلا مغربية فلماذا تلهثون وراء أعتراف الٱخرين. الحق يعلي ولايعلي عليه ولاضاع حق وراءه طالب.
      الصحراء الغربية التي تعتبرها الأمم المتحدة من بين الأراضي الخاضعة للاستعمار، “كيف تدعي المملكة المغربية سيادتها على الأراضي الصحراوية وهي التي اقترحت على موريتانيا أن تتقاسمها معها سنة 1975، وهي حقيقة محفوظة في أرشيف الأمم المتحدة. حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره ونيل استقلاله، من خلال تنظيم استفتاء حر تماشيا مع بنود القرار 1514 وتنفيذا لولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية

    2. يقول رد:

      صحيح نكاية في الجزائر كذلك فاليمين المتطرف الفرنسي لم يكن أبدا ضد المغرب أو الجالية المغربية بفرنسا.

    3. يقول abdel:

      رد على رشيد Rachid : بنفس المنطق ، إذا كانت الصحراء الغربية لكم فلماذا تلهثون خلف الأمم المتحدة لتجد لكم حلا وتعترف لكم بسيادتكم عليها

  3. يقول سعد المغربي:

    باختصار و لشكل تاريخيي، اليمين الفرنسي الدوكولي ( دوكول، جاك شيراك، دوفيلبان، خيبر فيدرين….) و حتى اليمين المتطرف له مواقف إيجابية لصالح المغرب ..في حين وبصفة عامة ان اليسار و معه اليسار الراديكالي ( الممثل اليوم ببفرنسا الأبية ) ضد مصابح المملكة المغربية، باستتناء جون ليك ملونشون رئيس هذا الحزب و المزداد بمدينة طنجة المغربية.

  4. يقول abdel:

    لماذا يصوت الفرنسيون المقيمون في مراكش وأكادير لليمين المتطرف الذي يكره المهاجرين؟؟؟ من الوهلة الأولى نعتقد أن العكس هو الذي يجب أن يكون ،لأنه لايعقل أن يأتوا للعيش بين المغاربة وفي نفس الوقت يريدون طردهم من فرنسا !!!! الجواب هو من طبيعة نفسية: أغلب المقيمين هم من كبار السن والميسورين وبالتالي يخافون على إرثهم وماضيهم (الإرث الحضاري والتاريخي) من الإندثار لهذا يعتقدون أن اليمين المتطرف هو الأمين على ذلك والقادر على حماية تاريخ فرنسا. يمكن أن نشرح هذا بمثال بسيط : رجل طاعن في السن قضى حياته في بناء مقاولة صناعية وله أولاد منحرفون وبدون تعليم…هذا الرجل قد يوصي بثروته لرجل غريب عاقل كي يحميها من الضياع بعد وفاته. إن كبار السن يصلون إلى حالة من الضعف تجعلهم يختارون قرارا يخالف ماكانوا يتخدونه عندما كانوا شبابا أقوياء.

اشترك في قائمتنا البريدية