لوغاريثمات وفيزياء في الطريق نحو دور الثمانية في ملحق دوري أبطال أوروبا!

عادل منصور
حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: من الوهلة الأولى، قد تعتقد عزيزي القارئ أنك على موعد مع قصة في مادة الرياضيات أو شرح لواحدة من نظريات أو معادلات الفيزياء الحديثة، لكن ردود أفعال أغلب النقاد ومشاهير «السوشيال ميديا» على نظام قرعة الملحق أو ما يُسمى دور خروج المغلوب المؤهل لدور الـ16 لدوري أبطال أوروبا، وطريقتهم في شرح وتحليل الخارطة التي نشرها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) لتحديد مسار البطولة حتى الدور ربع النهائي، كانت أشبه بمحاضرات أساتذة مادة الفيزياء أو «رياضة 2» في فصول المدارس أو الدروس الخصوصية، وهذا بطبيعة الحال يرجع أولا للاختلاف الجذري بين النظام الحديث الموجه وبين الأوعية وما كنا نسمع عنه بشأن الكرات الباردة والساخنة في السابق، وثانيا وهو الأهم، لصعوبة هضم طريقة القرعة من المرة الأولى على أقل تقدير، في ظل الحاجة الماسة لمراجعة المراكز بالورقة والقلم، لتحديد طريق تلك المربعات التي ستبدأ في التصادم بعد 48 ساعة من الآن، حيث ستنطلق معارك ذهاب الإقصائيات المؤهلة لدور الـ16 للكأس ذات الأذنين، وفي رواية أخرى المواجهات المكملة لدور الـ16، بعد تأهل أصحاب المراكز الثمانية الأولى في الدوري إلى ثمن النهائي بشكل مباشر، أبرزهم وأكثرهم متابعة هي الملحمة الإنكليزية الإسبانية التي ستجمع الكبيرين مانشستر سيتي وريال مدريد على أرضية ملعب «الاتحاد»، كثالث صدام على التوالي بين العملاقين في إقصائيات الأبطال، الفارق هذه المرة، أن المواجهة جاءت في وقت مبكر للغاية، مقارنة بقمم نصف وربع النهائي السابقة، والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لم تسفر القرعة عن مواجهات أخرى بنفس الوزن رغم وجود عدد لا بأس به من كبار الدوريات الأوروبية الكبرى؟ ومن الأوفر حظا للتأهل إلى دور الـ16 الحقيقي؟ وما هي أقوى المواجهات الأخرى المحتملة بعد الانتهاء من الملحق الإقصائي الأول؟ هذا ما سنعرفه وأكثر في موضوعنا الأسبوعي.

تبسيط القرعة

كما نعرف جميعا وأشرنا أعلاه، تأهل أصحاب المراكز الثمانية الأولى إلى الدور ثمن النهائي، وهم بالترتيب ليفربول، وبرشلونة، وآرسنال، والإنتر، وأتلتيكو مدريد، وباير ليفركوزن، وليل وأستون فيلا، أما باقي الفرق من المركز التاسع وحتى الرابع والعشرين، فهي من أجريت بينها القرعة وستقص شريط مراحل خروج المغلوب، بما يمكن وصفه مجازا بـ«دور الستة عشر الأول»، الذي تشكل بناء على مراكز الفرق مع إطلاق صافرة نهاية الجولة الثامنة والختامية لمرحلة الدوري، والسؤال هنا الذي كان سببا في حيرة الكثير من عشاق اللعبة في كل أركان المعمورة: كيف تم تحديد مسار الأندية بناء على نتائجها ومراكزها في الدوري حتى الذهاب إلى دور الثمانية؟ باختصار شديد الأمر أشبه بالمربعات المتشابكة بين أصحاب المراكز المتقدمة في الجدول (من المركز التاسع للسادس عشر) وبين نظرائها أصحاب المراكز المتأخرة (من السادس عشر وحتى الرابع والعشرين)، ومن هنا يكون أصحاب المركزين التاسع والعاشر على دراية قبل إجراء مراسم القرعة «الفيثاغورسية»، أن أحدهما سيلتقي بصاحب المركز الأخير على أرضه ووسط جماهيره في لقاء الذهاب، والآخر سيكون من نصيبه صاحب المركز قبل الأخير، حتى لو كان من نفس البلد، أو تقابلا في جولات الدوري، ولهذا ضرب أتالانتا التاسع موعدا مع الأخير كلوب بروج، وبوروسيا دورتموند عاشر الدوري مع سبورتنغ لشبونة صاحب المركز قبل الأخير، وكان من الممكن أن يحدث العكس، أن يتقابل ممثل الكالتشيو مع لشبونة وأسود الفيستفاليا مع بروج، وفي كل الأحوال، الفائز في كل مواجهة سيكون محظوظا بقرعة أقل ما يُقال عنها رائعة، بانتظار واحد من أستون فيلا الإنكليزي صاحب المركز الثامن أو ليل الفرنسي السابع، وبنفس المسار، كان معروفا أن حامل لقب الدوري الإنكليزي الممتاز في آخر أربعة مواسم مانشستر سيتي، قد ورط نفسه في قرعة معقدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وذلك بعد سلسلة نتائجه الكارثية في الدوري، بالاكتفاء بالانتصار على سلوفان براتيسلافا السلوفاكي وسبارتا براغ التشيكي وكلوب بروج، في المقابل ذاق مرارة الهزيمة 3 مرات على يد سبورتنغ لشبونة ويوفنتوس وباريس سان جيرمان، وتعادل مرة واحدة بدون أهداف أمام أفاعي الإنتر الإيطالي، لينتهي به المطاف في المرتبة الثانية والعشرين، ويصبح مجبرا على مقارعة واحد من العملاقين بايرن ميونيخ صاحب المركز الحادي عشر أو ريال مدريد الثاني عشر، فكان من نصيبه خصمه الثابت في الإقصائيات في السنوات القليلة الماضية، فيما أسفرت المواجهة الثانية عن نزهة للعملاق البافاري أمام المنافس البريطاني الآخر صاحب المركز الثالث والعشرين سيلتك الاسكتلندي، والفائز من هنا وهناك تنتظره واحدة من سهرات ألف ليلة وليلة في إقصائيات الأبطال ضد الخامس أتلتيكو مدريد أو السادس باير ليفركوزن.
وكذلك الأمر بالنسبة لميلان الذي أنهى الدوري في المركز الثالث عشر، بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من مرافقة الثمانية الأوائل، لولا هزيمته المحرجة في الجولة الأخيرة أمام دينامو زغرب 1-2، هو أيضا تجنب تكرار نهائي 2003 ضد مواطنه يوفنتوس، بعد ما وضعته القرعة أمام فينورد الهولندي التاسع عشر، في الجهة المقابلة، ستكون هناك معركة أخرى إيطالية هولندية بين فريق السيدة العجوز وآيندهوفن الرابع عشر، والرابح من هذا المربع الهولندي الإيطالي، سينتظر قرعته مع ثالث أو رابع الترتيب العام آرسنال والإنتر للحصول على تأشيرة اللعب مع الثمانية الكبار، أما المسار الأخير المحتمل أن يكون الأكثر إثارة وتشويقا في المرحلة القادمة، هو المربع المؤهل لمواجهة المتصدر ليفربول والوصيف برشلونة في الطريق نحو دور الثمانية، والحديث عن الموقعة الفرنسية الخالصة بين كبير القوم هناك باريس سان جيرمان الخامس عشر ومواطنه بريست الثامن عشر، واللقاء المكرر من مرحلة الدوري بين بنفيكا البرتغالي وموناكو الفرنسي، في مباراة ثأرية بامتياز، بعد نجاح عملاق الدوري البرتغالي في خطف أصحاب ملعب «لويس الثاني» بالضربة القاضية، في مباراة الجولة الخامسة التي انتهت بفوز رجال المدرب روجر شميت بثلاثية مقابل اثنين في قلب الإمارة المستقلة، كما الحال لمواجهة يوفنتوس وآيندهوفن في افتتاح الدوري، وهذا يفسر ما أشرنا إليه حول إلغاء القواعد القديمة، التي كانت تمنع لقاء فريقين من نفس البلد في بداية مراحل خروج المغلوب أو سبق لهما اللعب معا في الدوري مع بداية الإقصائيات. الشاهد عزيزي القارئ أننا في نهاية المطاف، سنكون على موعد مع قمة من زمن العمالقة في حال تمكن «بي إس جي» من افتراس بريست، وهو المتوقع والمحتمل، ضد متصدر الدوري الإنكليزي الممتاز ومكتسحه الأول حتى وقت كتابة هذه الكلمات ليفربول، أو برشلونة الذي يتفنن هذا الموسم أكثر من أي وقت مضى في جلد وقهر الكبار سواء داخل الوطن إسبانيا أو قاريا في هذه البطولة، على غرار رباعية بايرن ميونيخ، وريمونتادا بوروسيا دورتموند في عقر داره «سيغنال أيدونا بارك» بنتيجة 3-2 في قمة مواجهات الجولة السادسة، وتبعها بريمونتادا أخرى أكثر إثارة ضد بنفيكا، وأيضا على ملعبه «النور» وأمام عشرات الآلاف من جماهير، في مباراة ملحمية انتهت بفوز كاتالوني لن يمحى من الذاكرة بنتيجة 5-4، على أن يلتقي الفائز من موناكو وبنفيكا مع العملاق الآخر الذي سيتجنبه الزعيم الباريسي في المربع الحديدي المؤهل لدور الثمانية.. فهل اكتملت الرؤية بالنسبة للنظام الفيزيائي أو الحاسوبي للقرعة حتى الوصول للدور ربع النهائي؟

أم المعارك

بعيدا عن لوغاريثمات القرعة، يبقى الشيء المؤكد أن أعين مئات الملايين من عشاق اللعبة ستتوجه نحو ملعب «الاتحاد» بعد 48 ساعة من الآن، لمشاهدة الصدام الثالث على التوالي بين صاحب الأرض مانشستر سيتي وضيفه الثقيل ريال مدريد، في رابع مواجهة مباشرة بينهما في مراحل خروج المغلوب منذ جائحة كورونا 2020، وخامس مواجهة إقصائية بينهما في آخر 10 سنوات، وبالنظر إلى وضع كلا الفريقين في الوقت الحالي أو منذ بداية الموسم بوجه عام، سنجدهما في موقف لا يُحسدان عليه، ولو أن السكاي بلوز، يبدو وكأنه يعيش أتعس وأسوأ أوقاته منذ استحواذ الإدارة الإماراتية على أسهمه، وكذلك الأمر للمدرب بيب غوارديولا، الذي اهتزت الأرض تحت أقدامه بطريقة غير مسبوقة في مسيرته التدريبية، من الوصول إلى قمة هرم النجاح مع الفريق السماوي في آخر 4 سنوات، إلى السقوط إلى الهاوية بسرعة الصاروخ هذا الموسم، ونتذكر جميعا، أن هذا الانهيار العظيم، حدث بعد فترة قصيرة من الإصابة المروعة التي تسببت في انتهاء موسم أفضل لاعب في العالم من قبل مجلة «فرانس فوتبول» رودري، أثناء مشاركته في قمة مواجهات الجولة الخامسة للبريميرليغ ضد آرسنال، وما زاد الطين بلة، تفشي فيروس الإصابات في مختلف المراكز، أبرزها تلك الانتكاسة التي أبعدت ثنائي الدفاع جون ستونز وروبن دياز عشية عيد الميلاد، بالأحرى في خضم سلسلة النتائج الكارثية مثل التعادل مع فينورد بنتيجة 3-3 في ملعب «الاتحاد»، والخسارة خارج القواعد أمام يوفنتوس بثنائية، وذلك على مستوى دوري الأبطال، أما على مستوى الدوري المحلي، فحدث ولا حرج عن الهزائم والنتائج الصادمة، على غرار رباعية توتنهام، وثنائية ليفربول ثم السقوط أمام غريم المدينة مانشستر يونايتد وأستون فيلا بنتيجة 1-2 في الأسبوعين السادس عشر والسابع عشر للدوري الإنكليزي الممتاز، وفوق ما سبق، عانى بيب من صداع أو خذلان التراجع الجماعي في مستوى جُل رجاله المخلصين في سنوات المجد مع السيتي، في مقدمتهم صاحب الحلول العبقرية في الماضي القريب كيفن دي بروين، كواحد من أكثر الأسماء التي أخفقت في تقديم دورها بالشكل المطلوب، وهذا يرجع إلى الانخفاض الملحوظ في معدلاته البدنية، نتيجة ذاك الكم المخيف من الإصابات التي طاردته في آخر موسمين، منهم انتكاسة تسببت في ابتعاده عن الملاعب أكثر من خمسة أشهر في بداية الموسم الماضي.
ونفس الأمر ينطبق على رجل اللحظات الصعبة في المواسم الماضية فل فودن، هو الآخر تحول إلى ما هو أشبه باللغز، بسبب التذبذب العجيب في مستواه، آخرها على سبيل المثال، صحوته في فترة تحسن النتائج بعد الخريف الكارثي، ثم فجأة وبدون سابق إنذار، عاد إلى المربع صفر في ليلة الفضيحة الكبرى أمام آرسنال، وتجلى ذلك في هفواته الكارثية سواء على مستوى التمرير أو المواجهات المباشرة مع المدافعين، أبرزها الخطأ الطفولي الذي أهدى به المنافس اللندني هدف العودة في التقدم في النتيجة، وذلك بعد دقائق تعد على أصابع اليد الواحدة من تسجيل هدف التعادل عن طريق إيرلينغ هالاند، حتى البرتغالي المتعدد الاستخدام برناردو سيلفا، هو أيضا يبصم على موسم أقل ما يُقال عنه للنسيان، كواحد من المفترض أنه على أرض الملعب من أهم مفاتيح اللعب للمدرب غوارديولا، لما لديه من قدرة على صنع الفارق بفضل موهبته في المراوغة وجرأته في مواقف لاعب ضد لاعب سواء على الأطراف أو في عمق الملعب، بينما الآن، بلغة كرة القدم «يقوم بعمل السهل»، مجرد لاعب مساعد في تمرير الكرة من قدم إلى قدم، بعيدا عن الصورة التي رسمها لنفسه على مدار سنوات، كلاعب جناح يهابه أعتى المدافعين قبل الصغار والصاعدين، هذا بجانب مرونته التي اختفت بشكل مفاجئ، بعد فشله في القيام بدور لاعب الوسط رقم (8) لتقديم يد العون لماتيو كوفاشيتش وإلكاي غندوغان، وعلى سيرة الأخير، يبقى حلقة الوصل الأصعف في المنظومة، مع زيادة مشكلته عندما يتعرض للضغط العالي من منتصف ملعبه، في مشهد بات شبه كربوني، إذ عادة ما يسفر عن عشرات الانفرادات بالحارس إيدرسون، الذي أثبتت التجارب أنه كان من الأفضل تركه يختم مسيرته الاحترافية خارج وطنه البرازيل بالانتقال إلى أحد أندية الدوري السعودي، وهذا بطبيعة الحال بسبب الهبوط الصادم في مستواه، مقارنة بالنسخة الهوليوودية التي كان عليها في السنوات الماضية، ناهيك عن إشكالية ما يمكن تسميته بـ«موت الطموح» لدى أغلب هذه المجموعة، بالأحرى هؤلاء الذين تشبعوا بكل البطولات المحلية والقارية على مدار السنوات الماضية، والتي وصلت لحد الهيمنة على لقب البريميرليغ 4 مرات على التوالي، في إنجاز لم يحققه أي فريق إنكليزي آخر في كل العصور، فكان طبيعيا أن تفتح خزائن الأموال أمام العم بيب، بدأت بضخ حوالي 120 مليون جنيه إسترليني لشراء الثلاثي عمر مرموش، وعبدالقدير خوسانوف وفيتور رييس، وبعد الصورة البائسة التي كان عليها الوسط في ليلة السقوط أمام التلميذ آرتيتا بالخمسة، اضطر النادي لإنفاق ما يلامس الـ60 مليون لشراء نيكو غونزاليز من بورتو البرتغالي، على أمل أن ينجح في مساعدة كوفاشيتش على تعويض غياب المهندس رودري في النصف الثاني من الموسم.
بالنسبة لضيف ملعب «الاتحاد» في سهرة الثلاثاء، فوجوده في هذه المرحلة في حد ذاتها، تبقى واحدة من كبرى مفاجآت نظام الدوري الجديد للأبطال، كيف لا والحديث عن حامل اللقب، الذي كان مرشحا فوق العادة للمنافسة على أحد المراكز الثلاثة الأولى، لاسيما بعد وصول الغالاكتيكو المنتظر منذ سنوات كيليان مبابي، وعلى النقيض من المان سيتي، الذي استهل الموسم بطريقة شبه طبيعية إلى أن تدهورت أوضاعه في فترة ما بعد فقدان صاحب جائزة «البالون دور»، كان الميرينغي يعيش فترة من التخبط في بداية الموسم، بسلسلة من العروض والنتائج غير المقنعة بالنسبة للمشجعين والرأي العام في العاصمة مدريد، أبرزها البداية المخيبة في حملة الدفاع عن كأس الأبطال الخامسة عشر، والتي أسفرت عن 3 هزائم على يد ليل وميلان وليفربول مقابل انتصارين على حساب الثنائي الألماني شتوتغارت وبوروسيا دورتموند في أول 5 جولات، الأمر الذي كاد يتسبب في وضع اللوس بلانكوس في نفس موقع السكاي بلوز الحرج، بمواجهة خطر الخروج المبكر من البطولة المفضلة للنادي وجماهيره، لولا الفوز المظفر الذي تحقق على حساب أتالانتا بنتيجة 3-2 هناك في بيرغامو، في ما كان أشبه بطوق النجاة بالنسبة للمدرب كارلو أنشيلوتي ورجاله، منها استعاد الفريق توازنه ونغمة الانتصارات، ومنها أيضا تمكن من تصحيح أوضاعه في دوري الأبطال، قبل أن يفترس سالزبورغ بالخمسة وبريست بالثلاثة في آخر جولتين، وذلك بالتزامن مع الصحوة المتأخرة على مستوى الدوري الإسباني، وبالتحديد بعد التجرع من مرارة الهزيمة بالأربعة أمام الغريم الأزلي المحلي برشلونة في كلاسيكو الدور الأول للدوري الإسباني، باستثناء الهزيمة المفاجئة أمام بلباو والتعادل المثير أمام رايو فاييكانو بثلاثة أهداف في كل شبكة، وبين هذا وذاك، تحصل الفريق على دفعة معنوية لا تقدر بثمن، بعد تتويجه بلقب كأس القارات للأندية بعد اكتساح باتشوكا المكسيكي في المباراة النهائية في بداية فصل الشتاء، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الأمور تسير مع الميستر كارليتو بالطريقة التي يريدها الرئيس فلورنتينو بيريز وأصحاب القرار، وذلك لعدة أسباب منها علامات الاستفهام الكثيرة حول شخصية وأداء الفريق عندما يواجه خصومه العمالقة، كما حدث مرتين أمام البلوغرانا، بالسقوط مرة بالأربعة في قلب «سانتياغو بيرنابيو»، وبعدها بشهرين بالخمسة في نهائي الكأس السوبر الإسبانية (النسخة السعودية الرباعية)، وقبلها بأيام قليلة انحنى الفريق على نفس القلعة الرياضية التاريخية على يد ضيوفه ميلان الإيطالي بنتيجة 3-1 في دوري الأبطال، ثم بخسارة مع أداء ولا أسوأ أمام ليفربول بهدفين نظيفين في «الآنفيلد»، هذا بخلاف مخاوف الكثير من النقاد والمتابعين من عواقب إصرار المدرب على أخطائه الفنية والتكتيكية الكارثية، لعل أكثرها وضوحا عودة للاعتماد على تشواميني في مركز قلب الدفاع، والقائد لوكاس فاسكيز في مركز الظهير الأيمن، علما أن أهل الأرض اتفقوا على أن تواجد لاعب الوسط الفرنسي في محور قلب الدفاع وفاسكيز في الرواق الأيمن، يجعل الكرات العرضية على الفريق أشبه بركلات الجزاء بالنسبة للمنافسين، مع ذلك من حين لآخر، يكرر أنشيلوتي نفس الخطأ، كما شاهدنا في الخسارة الأخيرة أمام الحليف الكتالوني الوحيد إسبانيول، والتي ساهمت بشكل أو بآخر في تجدد حملات الهجوم العنيف على المدرب المخضرم، وسط مطالبات وضغوط على الرئيس بيريز، لإنهاء ولاية المدرب الثانية مع إطلاق صافرة نهاية هذا الموسم، واستبداله بالابن البار تشابي ألونسو، بعد نجاحاته المذهلة مع ناديه باير ليفركوزن، لذا سيكون من الصعب التسليم، بأن الريال سيكون على موعد مع نزهة سهلة في ملعب «الاتحاد» والأسبوع المقبل في «البيرنابيو»، ليس فقط لأن الساحرة المستديرة، علمتنا أنها أحيانا لا تخضع لمقاييس العقل والمنطق، بل أيضا لأهميتها الاستثنائية بالنسبة لبيب غوارديولا وكتيبته، باعتبارها فرصة العمر لتصحيح الأوضاع، أو على الأقل ستكون منعرج طريق للفريق السماوي المتخبط، حتى يستعيد هيبته وكبريائه على المستوى المحلي والقاري في الأسابيع والأشهر المتبقية على انتهاء الموسم، كأفضل مصالحة لجماهير النادي المصدومة من الوضع المأساوي الحالي، لكن بلغة الأرقام واستنادا إلى ما يقدمه الفريق في الآونة الأخيرة، ستكون الأفضلية من نصيب النادي الميرينغي، حتى في ظل ما يتردد عن مشاكل الإصابات التي تلاحق أنطونيو روديغر، وجود بيلينغهام وكيليان مبابي قبل معركتي أتلتيكو مدريد والسيتي.وفي نفس توقيت القمة الإنكليزية الإسبانية، سيكون باريس سان جيرمان على موعد مع لقاء مواطنه بريست، الذي كان قريبا من إنهاء الدوري ضمن المراكز الثمانية الأولى، لولا هزيمته الكئيبة خارج قواعده أمام شاختار دونيتسك في الجولة قبل الأخيرة، لكن في النهاية، نجح في تحقيق ما فاق توقعات أغلب جماهيره، باللحاق بركب الفرق المتأهلة إلى مرحلة خروج المغلوب، بتلك الإمكانات المادية التي لا تقارن مع أغلب منافسيه في البطولة، وفي مقدمتهم ابن جلدته ومنافسه في سهرة الثلاثاء باريس سان جيرمان، العائد هو الآخر من الموت مثل المان سيتي، كونه كان قريبا من مغادرة البطولة مبكرا بعد هزيمته أمام بايرن ميونيخ، إلا أن الانتصار المقنع على المان سيتي في الجولة قبل الأخيرة، أعاد الفريق الباريسي إلى منطقة الأمان، قبل أن يؤكد أحقيته في التأهل بفوزه المريح خارج القواعد على شتوتغارت الألماني بنتيجة 4-1، والآن سيتعين على المدرب لويس إنريكي ورجاله استكمال هذه الصحوة أمام بريست، قبل أن يأتي موعد التفكير في منافس المرحلة القادمة (ليفربول أو برشلونة)، وهو نفس المطلوب من المدرب تياغو موتا مع فريقه يوفنتوس عندما يكرر مواجهة الافتتاح أمام آيندهوفن، كأقل رد على الشكوك التي بدأت تتضاعف حول بصمته التدريبة مع السيدة العجوز، بالعودة بالفريق إلى مرحلة الماكس أليغري، بعروض ونتائج لا تتماشى مع طموحات المشجعين، وأيضا لفارق الإمكانات والخبرة بين البيانكونيري وخصمه الهولندي، شأن شأن نظيره في ميلان سيرجيو كونسيساو، المطالب بوضع حد لغرائب وعجائب الروسونيري، آخرها رفع الراية البيضاء أمام دينامو زغرب، وقبلها كان قد حقق 5 انتصارات على التوالي على حساب كلوب بروج، وريال مدريد، وسلوفان براتيسلافا، والنجم الأحمر الصربي وجيرونا الإسباني، بعبارة أخرى كانت قدمه اليمنى في دور الـ16 الحقيقي، وفي الأخير فرط في هذه الفرصة، بعد الهزيمة أمام زغرب، والآن لا بديل أمام المدرب البرتغالي ومشروعه سوى الفوز على فينورد، وإلا ستكون العواقب وخيمة، كما هو الحال للمدرب كومباني وفريقه بايرن ميونخ، الذي كان محظوظا بقرعة في المتناول بمواجهة سيلتك الاسكتلندي، أما باقي المواجهات، فتندرج تحت مسمى «متكافئة وقابلة لكل الاحتمالات»، والحديث صدام لشبونة ضد بوروسيا دورتموند وأيضا موناكو ضد وبنفيكا. مشاهدة ممتعة للجميع.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية