ليبيا: رسالة قوية لروسيا… تقارير تؤكد أن سبب رسو السفينة الحربية الأمريكية متعلق بتصاعد النفوذ الروسي في البلاد

نسرين سليمان
حجم الخط
2

طرابلس ـ «القدس العربي»: يتواصل الجدل الذي أثارته زيارة سفينة حربية أمريكية لسواحل طرابلس وبنغازي رفقة وفد التقى سلطات المنطقتين الشرقية والغربية، ما دعا الصحف العالمية والسياسيين للتعليق على مغزى الزيارة، مشيرين إلى أنها محاولة لإرسال رسالة إلى روسيا والصين اللتين يتصاعد نفوذهما يوماً بعد آخر في المنطقة.
وفي السياق، قال موقع ستارز آند ستربس الأمريكي إن زيارة السفينة الحربية “يو إس إس ماونت ويتني” التابعة للأسطول السادس الأمريكي، إلى ليبيا تبعث برسالة واضحة إلى روسيا والصين، تفيد بعزم الولايات المتحدة تأكيد نفوذها في منطقة البحر المتوسط.
وأشار الموقع، في تقرير منشور الثلاثاء، إلى أن الزيارات التي أجرتها السفينة الحربية الأمريكية إلى طرابلس وبنغازي يومي الأحد والإثنين الماضيين هي الأولى للبحرية الأمريكية منذ 56 عاماً، وكان على متنها نائب الأدميرال جيفري أندرسون، قائد الأسطول السادس الأمريكي.
ونقل التقرير عن ضابط الحرب المتقاعد في البحرية الأمريكية، برادلي مارتن، أن وجود السفينة الرئيسية للأسطول السادس، وثاني أعلى ضابط في الخدمة في أوروبا وإفريقيا، يبعث برسالة مهمة إلى الخصوم، مفادها أن الولايات المتحدة لا تزال مهتمة بمنطقة شمال إفريقيا.
وأضاف: “إنها رسالة إلى العالم أننا ما زلنا هناك، ولن ننسحب، وأن لدينا القدرة على تشكيل العلاقات حتى في مناطق مثل ليبيا، حيث تأزمت العلاقات بشدة في السابق”.
وأشار مارتن وغيره من المحللين العسكريين إلى تحول ليبيا لساحة منافسة استراتيجية للولايات المتحدة مع الصين وروسيا، وتركيز موسكو المتنامي على ليبيا لنقل عملياتها البحرية في البحر المتوسط وشمال إفريقيا بعد تضاؤل نفوذها في سوريا.
وتعمل روسيا بشكل نشط، حسب تقرير ستارز آند ستربس، على إرسال سفن عسكرية إلى ليبيا. كما تعمل شركات الشحن الخاصة والمملوكة من الدولة في الصين على شراء أسهم وتطوير وتشغيل موانئ في حوض المتوسط، بما في ذلك ميناءان قرب قناة السويس.
وتعليقاً على ذلك، يقول الخبير العسكري والمستشار السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي، عادل عبد الكافي، إنّ زيارة الوفد الأمريكي إلى ليبيا “تحمل رسائل عسكرية واضحة في سياق مواجهة واشنطن لسياسات موسكو العسكرية التوسعية، خاصة في ليبيا”.
ولفت، إلى خلفية الوجود العسكري الروسي في السنوات السابقة، مشيراً إلى أنه تزايد بشكل لافت في الأشهر الأخيرة، فبعد أن كان يتركز في قواعد الجفرة والخروبة وبراك الشاطئ العسكرية عبر قوات فاغنر، تحوّل إلى مشروع الفيلق الروسي، وضم قواعد عسكرية جديدة منها قاعدة السارة، جنوب شرقي البلاد، ما رفع من مستوى القلق الأمريكي. وقبلها حاولت موسكو بناء منصة بحرية في طبرق، أقصى شرق الساحل الليبي، حيث رست سفن روسية عسكرية منتصف العام الماضي لتدشين هذا المشروع.
واعتبر عبد الكافي أنّ الحرب في أوكرانيا وتراجع النفوذ الروسي في سوريا، دفعا موسكو إلى مضاعفة حجم وجودها العسكري في ليبيا، وهو ما أقلق واشنطن وحملها على الانخراط أكثر في البلد في الأشهر الأخيرة.
وقال “إنّ زيارة السفينة الحربية، التي تُعد رمزاً للقوة العسكرية الأمريكية، تحمل رسائل واضحة لروسيا، مفادها بأنّ واشنطن لن تترك الساحة الليبية خالية للتنافس الدولي”.
وقبل يومين، أثار إعلان السفارة الأمريكية في ليبيا بأن السفينة “يو إس إس ماونت ويتني” وصلت إلى طرابلس في إطار التعاون الأمني بين البلدين، جدلاً واسعاً في الأوساط المحلية، حيث رفض سياسيون وأحزاب رسو سفينة حربية في طرابلس معتبرينها إهانة علنية لاستقلالية ووحدة وسيادة الدولة الليبية.
وفي إعلان مقتضب، قالت السفارة عبر صفحتها على “فيسبوك” إن الزيارة تشمل مدينتي طرابلس وبنغازي، ويشارك فيها نائب الأدميرال “جيه. تي. أندرسون” قائد الأسطول السادس، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، إلى جانب القائم بالأعمال في السفارة “جيريمي برنت”.
وأشارت السفارة إلى أن الوفد سيناقش مع مسؤولين ليبيين سبل التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وليبيا، وتعزيز الأمن الإقليمي، والتأكيد على دعم الولايات المتحدة لوحدة ليبيا.
وتُعد “ماونت ويتني” السفينة القيادية لعملية “فجر الأوديسا”، التي قادها حلف الناتو ضد ليبيا من 19 إلى 31 آذار/ مارس 2011، ما أضفى على وصولها أبعاداً رمزية وتاريخية أثارت ردود فعل واسعة في الداخل الليبي.
وفي الوقت الذي توالت فيه الانتقادات المحلية لرسو السفينة، وصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، الزيارة بأنها “حدث تاريخي”، مشيراً إلى أنها تعكس التزام واشنطن بتسخير أدواتها الدبلوماسية والعسكرية لتحقيق الاستقرار في ليبيا. وأضاف في تصريحات صحافية: “هذه الخطوة ترمز إلى دعمنا لليبيين في سعيهم نحو الوحدة والسلام، ليس فقط في ليبيا بل في عموم المنطقة”.
من جانبه، أكد نائب الأدميرال جي تي أندرسون، قائد الأسطول السادس، أن الشراكة مع ليبيا “ثابتة”، وقال خلال مؤتمر صحافي على متن البارجة: “نحن هنا لتعزيز التعاون الأمني وحماية سيادة ليبيا، تحت شعار القوة من أجل السلام”. وأشار إلى أن وجود البارجة يهدف إلى دعم الأمن في البحر المتوسط والدول المجاورة.
وجاءت الزيارة بالتزامن مع تصريحات للجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم)، الذي حذّر من تداعيات الانقسامات الأمنية بين شرق ليبيا وغربها، قائلاً: “التنافس بين الجهات الأمنية يعيق الاستقرار ويؤثر على الاقتصاد العالمي، خاصة في قطاع الطاقة”. وأكد أن واشنطن تدعم “بناء جيش ليبي موحد تحت سيطرة مدنية”، مشيراً إلى استعداد أفريكوم لتقديم مساعدة محدودة في هذا الإطار.
وفي أوائل نيسان/ أبريل الجاري، قال قائد قيادة الولايات المتحدة لإفريقيا (أفريكوم)، الجنرال مايكل لانغلي، إن القيادة تسعى إلى دفع الليبيين من أجل تعزيز اعتمادهم على أنفسهم لبناء جيش موحد يخضع للسيطرة المدنية، ويحفظ السيادة الليبية، ويعزز أمن الحدود، ويحارب الهجرة غير النظامية والإرهاب العابر للحدود.
وأضاف لانغلي، في بيانه أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي، أن التنافس بين الفاعلين الأمنيين في شرق وغرب ليبيا يؤثر على تطور البلاد واستقرارها، وهو وضع يهز أحياناً أسواق الطاقة العالمية، بينما يجب أن تأتي إعادة التوحيد الوطني في النهاية من الشعب الليبي.
وأوضح أنه يمكن لأفريكوم من خلال خطوات مدروسة ومحدودة أن تدعم جهود التكامل الأمني المتعدد الأطراف، لتعزيز الظروف المواتية للمصالح الأمريكية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    ههههه روسيا وأمريكا تتصارعان على الشمال الأفريقي يا رفيقي والعرب كالنعاج قطيع بلا راعي 🤔☹️

  2. يقول فصل الخطاب:

    ههه روسيا والصين يتعاركون على اقتسام الكعكة الليبية يا عينيا 🤔😢

اشترك في قائمتنا البريدية