لندن- عمان ـ “القدس العربي”:
“تيار الشد العكسي وأدواته لا يريدون الإصلاح”، تلك هي العبارة الاستثنائية الأكثر أهمية في البيان الذي أصدره علاء العرموطي المفوض العام لحقوق الإنسان في الأردن بعد ثلاثة أيام فقط من الصمت إثر قرار غامض وغريب اتخذ ضده بعنوان “كف يده”.
وهي صيغة قررها مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان وهو يبرر قراره ضد المحامي العرموطي، متذرعا بوجود ملف يبحثه القضاء، وهو ما نفاه علنا صاحب الشأن.
في اليوم الرابع بعد قرار كف يده شرح المفوض المبعد والذي يتعرض للإقصاء فجأة موقفه باختصار مبررا ما حصل معه ليس على أساس قضية ينظرها القضاء ولا مخالفات إدارية لكن على أساس لحظة اصطدام بالواقع والحقيقة، بعد شغف الالتزام بما تقرره القيادة العليا بخصوص ملف حقوق الإنسان.
قالها العرموطي باختصار وهو يتحدث عما حصل معه لاحقا، حيث اصطدم بقوى الشد العكسي وأدواتها دون أن يعرفها أو يسمّها أو يقدم تفاصيل عنها، في بيان مختصر أصدره، معبرا عن تقديره لردود الفعل التي حصلت وتضامنت معه.
لم يشرح مجلس أمناء المركز للرأي العام حيثيات تفصيلية تخص أحد أغرب القرارات في مجال حقوق الإنسان، وهو قرار لا يتخذ بالعادة دون غطاء سياسي أو حكومي، لأن من يشغل وظيفة المفوض، منصب رفيع في الدولة لا بل هو المنصب الحقوقي الأرفع باسم هيئة هي بمثابة الذراع القانوني للدولة بعنوان مسألة حقوق الإنسان.
وقال العرموطي في بيانه عصر الأحد إن لديه تفاصيل أخرى قد يتحدث عنها لاحقا. لكنه أشار بوضوح، وهو بالمناسبة من المراجع الحقوقية في البلاد، إلى أن مجلس الأمناء لا يملك صلاحية القرار المتخذ ضده.
لكن وبعيدا عن التفاصيل، واضح مجددا بأن محاولة إقصاء العرموطي صاحب الحضور والمصادقة في المجال الحقوقي ضربة أو لكمة جديدة للأنف توجهها السلطات لنفسها هذه المرة في المجال الحيوي الذي يرتفع فيه النقاش تحت عنوان، نمو وتزايد الحريات السالبة في الحالة الأردنية.
ثمة تقارير دولية وأخرى أممية وغيرها أمريكية وغربية ومحلية توسعت مؤخرا في الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة في الأردن.
ويمكن القول إن الاستعانة بشخصية مثل العرموطي كان الهدف منها أصلا معالجة هذا الخلل في الميزان، قبل أن يتطور خلاف غامض ومجهول مع مجلس الأمناء باتجاه قرار كف اليد، الذي نقل المسألة فورا ودحرجها بصيغة قضية رأي عام، الآن تنتظر الفتوى الشرعية في الخلاف الذي برز فجأة بين مفوض بصلاحيات إدارية تنفيذية، مهامه واضحة ومجلس أمناء تعينه الحكومة بالعادة.
لم يصدر عن الحكومة أي تعليق على ما أثاره العرموطي بعنوان قوى الشد العكسي، التي ضربت مجددا هذه المرة، لكن في عمق المركز الوطني لحقوق الإنسان، وهو للتذكير المركز الذي تحدث العام قبل الماضي عن خروقات وانتهاكات صعبة حصلت في الانتخابات النيابية الأخيرة.
بكل حال رفض المجتمع الحقوقي بوضوح قرار مجلس الأمناء غير المبرر وتبعات المسألة تتدحرج بصمت.