في الأسبوع الأخير، من الشهر الماضي، اندلعت حرب صامتة في الجزائر. حرب لا نعرف من يُشنها، فقد اختلطت علينا الأسماء والوجوه، لكننا نعرف من هو ضحيتها. إنه جمال بلماضي. رجل واحد وأعزل وجد نفسه وجهاً لوجه أمام جوقة عميان. شحذوا سكاكين حقدهم، على بلاتوهات التلفزيون، في السوشيال ميديا، أو على مقاعد المقاهي، وشرعوا في تمزيق سيرة الرجل. وحجتهم أن الضحية فشل في تأهيل منتخب الكرة إلى الدور الثاني من كأس افريقيا للأمم.
من غير شفقة من خصومه، وجد بلماضي نفسه مصب التهم كلها. صار هو المسؤول عن تهاوي سعر برميل البترول، وهو المذنب لأن الطرقات تتخللها حفر، وأن المستشفيات لا تحوز مُخدراً في إجراء العمليات. كل ذلك حصل من غير أن يُتاح له الحق في الكلام. لم يتسن له عقد ندوة صحافية، فيُدافع عن نفسه أو ينفي الكلام الذي نزل على رأسه. ظل صامتاً، لكن العميان زادت حماستهم في نصب مشانق للرجل. فطيلة أيام امحت معضلات البلاد كلها، ولم تتبق سوى معضلة واحدة، هي النيل من مدرب المنتخب.
قنوات التلفزيون نسيت أخبار غزة، وأشلاء الأطفال، وانشغلت بالبحث عن بلماضي، فقد صار كلمة سر في فتح حنفية التنكيل، يكفي أن يرد اسمه في مجلس، فيصير محل كلام غير مُباح. قد يقول أحدهم إن ردة الفعل كانت متوقعة، بحكم أن الجزائريين «مجانين كرة»، ولا يُرضيهم أن يخرج المنتخب، بتلك الطريقة المذلة، في الدور الأول للمرة الثانية على التوالي. وهو كلام صائب إذا توقف الأمر على ردة فعل الجماهير، لكن العدوى انتقلت إلى النخب الإعلامية ثم الثقافية، التي ركبت هي كذلك الموجة، وبات لا فرق بينها وبين العامة. صارت التلفزيونات مثل الصحف، مقاهي الأدب مثل نوادي السينما، الجميع ينطق لغة الشارع، الجميع لبس بزة مُتشابهة للقفز إلى حلبة التنكيل بجمال بلماضي. وبلغت الحمى أوجها، لا سابقة لها مع مدرب آخر. مع العلم أن منتخب الكرة كان يعجز، قبل سنوات قليلة، على التأهل إلى نهائيات كأس افريقيا، مع ذلك لم تقم ضجة مثلما حصل آخر مرة، فهل الأمر يتعلق بغضب من مدرب كرة قدم؟ أم أنه يُضمر شيئا آخر؟
صارت للعنصرية أسماء جديدة
هل كان سيحصل ما حصل مع بلماضي لو أنه مدرب محلي؟ أو مدرب من أبوين أجنبيين؟ طبعاً، لا. جمال بلماضي لم يتحمل فقط وزر الخسارة في مباراة كرة، بل تحمل كذلك وزر الهوية. أن تكون جزائرياً بجنسية فرنسية، فالأمر ليس مريحاً في الداخل. سوف يصفقون لك حين تكسب مباريات، ثم يلعنونك حين تخسر، مع أن منطق الكرة يفرض الربح والخسارة، لكن نقدهم للمدرب، عقب مباراة كرة، يخفي كذلك تضايق خصومه من هويته. إنه مزدوج الجنسية بالتالي فهو محل ريبة، لا أحد يثق فيه، على الرغم من أن مزدوجي الجنسية يعانون من رفض كذلك في فرنسا. ويواجهون الأمر ذاته في موطن الأجداد. ففي حمى التنكيل بمدرب الكرة، ارتأت بعض الفضائيات المحلية، نشر أرقام راتبه. قد يبدو للمتتبع البسيط أن الرقم مهول. يعد بمليارات الدنانير، لكن الفضائيات نفسها التي نشرت راتبه نسيت أن تعلم المشاهد ما تتقاضاه من غنيمة الإعلانات.
راتب المدرب يأتي من الخزينة العامة وقفة الإعلانات التي تتساقط على الفضائيات تأتي من الخزينة العامة كذلك. هذه الفضائيات لم تندهش من الأموال المهولة التي تحصل عليها، في حين أنها تقدم خدمة إعلامية هزيلة، بينما فاجأها راتب مدرب كرة. حالة الانفصام بلغت ذروتها عندما سمعنا مذيعين يذكروننا بالهوية المزدوجة لجمال بلماضي، والغريب أن هذه الفضائيات، التي شاركت في الإطاحة بالمدرب، يندر أن تستضيف في برامجها لاعب كرة جزائري، مزدوج الجنسية، بل تفضل اللاعب المحلي، الذي لا يرى حرجاً في النيل من زميل له، لا فرق بينهما سوى أن الأول لا يمتلك الجنسية الفرنسية، بينما الثاني يمتلكها بحكم أن ظروفاً حتمت أن يُولد ويكبر في فرنسا.
إن ما شاهدناه من معارك ضارية ضد رجل واحد وأعزل، في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، لا يقصد منه الإساءة إلى جمال بلماضي نفسه، بل هي عنصرية جديدة، بزغت في السنين الأخيرة، في الفصل بين الداخل والجالية، في توسيع الهوة بينهما، وجاءت خسارة المنتخب، في كأس افريقيا، كي تخرج مكبوتات البعض إلى السطح، في مسعاهم إلى الإساءة إلى كل جزائري وُلد وكبر خلف الحدود.
أنت كاتب إلى أن تُغادر
في نهاية الستينيات من القرن الماضي، وقد انتقل محمد ديب إلى العيش في فرنسا، يتذكر حين أصاب جيبه جفاف، فالتمس من شركة النشر الحكومية في الجزائر، اقتناء حقوق رواياته المنشورة في دار (لوسوي) الفرنسية، قصد أن يستفيد من مداخيلها في إعالة نفسه وعائلته، لكنّ القائمين على تلك الشركة رفضوا. فأهم كاتب جزائري بات يقيم في فرنسا، بالتالي صار منبوذاً. وكذلك الحال مع آسيا جبار، التي لم يهتم بأمرها أحد، في رأس السلطة، وحين مرضت لم يسارعوا إليها، ولكن حال موتها، وبعدما شاهدوا تهافت الفرنسيين عليها، أقاموا لها جنازة رسمية. جعلوا منها غنيمة وافتكوها من الفرنسيين. والعديد من المثقفين والفنانين الجزائريين يعانون من الإهمال، ليس لسبب سوى أنهم يقيمون في الضفة الأخرى. فقد ازدهرت، في السنين الأخيرة، معاداة المثقف الذي يقيم خلف الحدود، صار محل شك وريبة، غير مرغوب فيه في الداخل، مع العلم أن غالبية المثقفين لم يختاروا المهجر، بل اجتمعت عوامل حتمت عليهم هذا الخيار. بالتالي حين يلتحق مثقفون بجوقة التنكيل بمدرب كرة قدم، لمجرد أنه مزدوج الهوية، فإنهم يفرغون كبتهم في مثقفين مثلهم، يخبروننا أن عداءهم تجاه جمال بلماضي، ليس عداءً تجاه مدرب فشل مع المنتخب، بل هي معاداة كل شخص يقيم في الجانب الآخر. ورغم أن الجزائر تحتفل كل سنة باليوم الوطني للهجرة، فإنها تعامل مهاجريها كما لو أنهم أناس خارج السرب، كأنهم أصبع زائدة في اليد الواحدة.
كاتب جزائري
بعيداً عن ذكر مهارات أو نتائج تدريب أهل (الصين)،
السؤال كيف يمكنك (التدريب)، على طريقة (تدوين) لغة القرآن
Look at this video… 👀 https://pin.it/43teSJnZ0
وإسلام الشهادتين، على أرض الواقع؟!
في سياق أحداث(طوفان الأقصى)، وأول زيارة إلى مصر (نظام الإنقلاب) ماذا يعني أن يتم قبول من جريدة القدس العربي، البريطانية، إلى كاتب (تركي)، بالذات:
نشر العنوان التالي (هل تبيع مصر الإسكندرية لتركيا؟) https://www.alquds.co.uk/?p=3299529
بمعنى آخر، هل الدولة في تركيا، تحت قيادة حزب (رجب طيب أردوغان) تعمل الآن، على تسويق تطبيق مفهوم Global Citizen، في أجواء بورصة سوق (العولمة الإنترنت الشّابِكة)، والبداية بالتعاون مع دولة العسكر في مصر (عبدالفتاح السيسي)، أم ماذا؟!
ولكن السؤال، هل ما قام به (جمال عبدالناصر) يختلف، عندما تم انفصال وتكوين (دولة السودان)؟!
أو عندما قام (عمر البشير) تكوين دولة جديدة، بفصل دولة (جنوب السودان)؟!
السؤال هل في ذلك أي (ظلم)، على أي إنسان (ة) أو أسرة أو شركة مُنتِجة،
كما يحصل من (ظلم) ضد أهل (فلسطين) منذ صدور شهادة ميلاد (الكيان الصهيوني) ظلماً في نظام الأمم المتحدة، بعد تأسيسه في عام 1945، وحتى الآن، أليس كذلك، أم لا؟!
كبار المسؤولين في البلاد و القائمون على شؤون الكرة جعلوا من المدرب جمال بلماضي شخصا يكاد يكون مقدسا بعد الفوز بكأس أفريقيا سنة 2019 حيث انبهر الجميع بهذا الفوز و أصبح المدرب نجما ساطعا في الإعلام و المجتمع و لقب بوزير السعادة و تزايد نفوذه و تشبته باختياراته التقنية و بمجموعة اللاعبين الذين اعتمدهم منذ بداية مشواره مع المنتخب الوطني إلى حد أنه أصبح متعنتا و متغطرسا تجاه الجميع و لا يتقبل الانتقادات مما جعل المنتخب يقصى من الدور الأول لكأس أفريقيا مرتين كما أن المنتخب تعرض لكارثة الإقصاء من مونديال قطر و رغم ذلك تشبت به اتحاد الكرة … في الواقع كل مشوار له نهاية و لا ينبغي أن يجلد الرجل على كبوات النتائج كما لا ينبغي له أن يستمر في حلب خزينة أموال الشعب بتفكير ميركانتيلي صرف.