يخبرنا تاريخ الجزائر السياسي والاجتماعي، أن الفئات الشعبية كانت هي الأخرى مرتبطة بالظاهرة الاستعمارية، عكس ما تم الترويج له في السردية الوطنية بعد الاستقلال، بأن الأغنياء والميسورين فقط هم الذين كانوا مرتبطين بالاستعمار الفرنسي. هذا ما تؤكده حالة أب اللواء خالد نزار وزير الدفاع وعضو المجلس الأعلى للدولة، الذي فارق الحياة الأسبوع الماضي عن عمر ناهز 86 سنة.
كان الأب مجندا في الجيش الفرنسي في مواقع دنيا – رقيب- ما جعله يشارك في بعض حروب الجيش الاستعماري، في الشام وحرب الريف المغربية، حسب بعض المصادر. وضع لم يمنع مشاركة أبناء آخرين من العائلة في حرب التحرير كمجاهدين في هذه القرية ـ جهة سريانة – الأوراسية الفقيرة التي احتضنت الثورة مبكرا. علاقة الأب رحال نزار بالجيش الفرنسي هي التي ستفسر لنا لاحقا كيف تم توجيه الابن خالد، نحو المدارس العسكرية – مليانة – القليعة – وهو في مقتبل العمر، للحصول على تنشئته الأساسية داخل المنظومة التعليمية للجيش الفرنسي، بكل قيمها العلمانية، التي قامت بالترويج لها هذه المؤسسة، وهي تعيش وضعا استعماريا استيطانيا طويلا، اتسم بالكثير من التناقض.
يبقى خالد نزار متميزا بالتعبير عن آرائه ومواقفه السياسية، التي دافع عنها بشجاعة نادرة بين أعضاء النخبة السياسية والعسكرية الجزائرية، في مذكراته
بعد مرور سريع على المدرسة الفرنسية وكتّاب القرية التقليدي باللغة العربية، داخل هذا الوسط الاجتماعي الفقير، الذي عُرف بازدواجية لغوية تتقاسمها العربية الدارجة، مع الأمازيغية بلسانها الشاوي، التي كان قد غنى به أصغر الإخوة نزار نواري، في التلفزيون الجزائري، أثناء مروره على الحركة الأمازيغية، عكس الأخ البكر خالد، الذي تبنى بالعكس أطروحات الفكرة الوطنية اليعقوبية، نتيجة نشأته السياسية داخل مؤسسات الدولة الوطنية، بعد استقلال البلاد، وقبلها مؤسسات الجيش الفرنسي، التي كان الانخراط فيها مفتوحا أمام أبناء مختلف الجهات، زاد في تعميقه ابتعاده عن جو القرية منذ سنوات عمره الأولى.
للانخراط في الجيش الفرنسي لاحقا، كما فعل الأب، داخل مدارس تخصصت في ربط الكثير من العائلات الجزائرية مع الظاهرة الاستعمارية.. تكلم عنها خالد نزار في مذكراته، وهو يشرح كيف اكتشف أنها كانت تضع عراقيل عدة، في مساره التعليمي حتى لا يبتعد هو وزملاؤه عن موقع ضابط الصف، التي كانت تؤهل لها هذه المدارس العسكرية التي فتحت أبوابها لأبناء هذه العائلات، التي يغلب عليها عدم التجانس الاجتماعي، جعلت أحد المستفيدين من التكوين فيها هو عبد المجيد علاهم، يصفها بمدرسة للوطنية الجزائرية، وهو يتكلم عن التحاق الكثير من طلبتها بجيش التحرير، في عز حرب التحرير بداية من 1958. لم تمنع أحد الضباط المكلفين باستقبال الشباب الهاربين من الجيش الفرنسي، على الحدود التونسية، بالقول لهم إنكم وصلتم متأخرين، ترديدا لما كان يقوله جنود جيش التحرير عنهم.. سمعوا أن الاستقلال قريب جاؤوا إلى تونس. مجموعة الفارين من الجيش الفرنسي كما كانت تسمى – لم تكن تعجب هذه التسمية خالد نزار الذي احتج عليها في مذكراته – عرف مسارها المهني داخل جيش الحدود حالة صعود واضحة، رغم أنها كمجموعة لم تشتغل في بداية عهدها إلا في مجال التدريب، ولم تدخل إلى التراب الوطني، إلا كحالات نادرة، كما حصل مع أحمد بن شريف ـ مقابل تقربها الكبير من مراكز القرار داخل المؤسسة العسكرية، وهي في طور البناء خارج الحدود، عبر بومدين بالذات، الذي تبنى هذه المجموعة ورعاها في إطار لعبة توازن كان خبيرا بها، من أجل الحفاظ على سلطته داخل وخارج الجيش، بعد وصوله إلى رئاسة الجمهورية. مجموعة احتلت مواقع الاستشارة التقنية داخل هياكل قيادة الأركان، على الأقل بالنسبة إلى الأعلى رتبة من هذه المجموعة، التي كانت تتكون من ضباط الصف كذلك. لم يعرف عن عناصرها المشاركة في معارك جيش التحرير داخل التراب الوطني إلا كاستثناء وفي حالات نادرة، رغم الصورة الإيجابية التي سوقتها عن نفسها، كمجموعة منضبطة، ذات خبرة عسكرية ميدانية، مقابل منافسيها من مكونات قيادات جيش التحرير الأخرى، على غرار خريجي المدارس العربية، أو ضباط جيش الداخل، التي عابت عليها ضعف تأهيلها وخبرتها العسكرية، بل حتى طمعها في السلطة السياسية، لما توفر لديها من شرعية في منافسة أصحاب القرار داخل الجيش، التي لا يمتلكها الملتحقون بالجيش الفرنسي، الذين كانوا في حاجة إلى عرابين من قيادات جيش التحرير، كما فعل بومدين والرئيس الشاذلي الذي عينه وزيرا للدفاع في 1990-93. استراتيجية استغلت فيها هذه المجموعة حالة الأمية وضعف التدريب الذي كان يعاني منه جيش التحرير، المكون في الغالب من أبناء الريف الفقير، لتتسلق إلى مواقع القيادة ومراكز السلطة، بعد الاستقلال، كما فعل خالد نزار، الذي عينه الرئيس الشاذلي وزيرا للدفاع، بعد المرور على مواقع قيادة الأركان والنواحي العسكرية المختلفة. خالد نزار الذي سنجده حاضرا في كل محطات الاضطراب السياسي والأمني، التي مرت عليها الجزائر، كما حصل له في آخر مرة بمناسبة الحراك الشعبي 2019 فرض عليه الهروب من التراب الوطني، بعد المواقف العلنية التي اتخذها ضد قائد الأركان قايد صالح. كانت نتيجتها الحكم عليه بعشرين سنة سجن. وقبل ذلك أثناء أحداث أكتوبر 1988 ويناير 1992 بعد إلغاء المسار الانتخابي ودخول البلد ما يشبه الحرب الأهلية التي واجه فيها الرجل التيار الإسلامي الجذري، الذي بقي معه في حالة عداء، لغاية وفاته الأسبوع الماضي. بعد تقاعده من تجربة المجلس الأعلى للدولة الذي كان رئيسه الفعلي بعد وفاة محمد بوضياف. ليبقى خالد نزار متميزا بالتعبير عن آرائه ومواقفه السياسية، التي دافع عنها بشجاعة نادرة بين أعضاء النخبة السياسية والعسكرية الجزائرية، وهو يكتب مذكراته، والكثير من الكتب حول القضايا التي كان طرفا فيها، لم تخلق النقاش الاجتماعي التي كان يفترض أن تجده، لأهمية ما احتوته من آراء وما تضمنته من وثائق، زيادة على مجموعة كبيرة من اللقاءات التلفزيونية المسجلة في الجزائر والخارج، استفاض فيها في شرح مواقفه كشاهد وفاعل رئيسي متميز، كما كان الحال اثناء احداث أكتوبر 1988 وإيقاف المسار الانتخابي في 1992، بكل التهم التي تم الترويج لها ضده من قبل أعدائه العديدين، من أبناء التيار الإسلامي، بما فيها تلك التي ارتبطت بالتعذيب والإخفاء القصري، التي لاحقته لآخر أيامه، صنفها أخيرا القضاء السويسري كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
كاتب جزائري
خالد نزار، رحمه الله، انقذ الجزائر من كارثة عظمئ و هي افغنة المجتمع و مؤسسات الدولة و الرجوع الئ العصور الوسطى. للامانة الفكرية كان يجب ان تذكر انجازات المرحوم يا استاذ جابي، خاصة في المقالات الأجنبية.. أما عن القضاء السويسرية فكلنا نعلم الآن بأن معظم الهيئات القضائية و السياسية الغربية لم تبقى لها أي مصداقية او استقلالية.. فالمرحوم كان يحظى باحترام الكثير من الجزائريبن ولقد نظمت له جنازة مشرفة في بلده و هذا هو المهم….
3/3 .. ، والإخلاص،والنزاهة وحب الوطن ، وفصاحة اللسان . فكان يسمع له العدو قبل الصديق ، وكان محبوبا عند الشعب الجزائري برمته ، وخاصة من الطبقة الفقيرة ، وصارت الجزائر في وقته ــ قبلة الأحرار . حتى قال أحدهم … إذا كان المسلمون يحجون إلى الكعبة الشريفة … وإذا كان المسيحيون يحجون إلى الفاتكان فنحن الأحرار نحج إلى الجزائر . فصارت الجزائر قبلة الأحرار . وكان مساندا للقضية الفلسطينية . وخاطب الفصائل الفلسطينية .. كنوا فلسطينيين .
وقال قولته المشهورة .. نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة..مات الزعيم ولم يترك لاعقارا . ولا مليارا . ولم يسمح لأسرته التقرب من دواليب السلطة ومن حبه لوطنه ولثوابت الوطن انه كان لايتكلم الفرنسية امام زواره وفي المحافل الدولية حتى قال عنه جيسكار ديستان : ان التيار لايمر بيني وبين بومدين لانه خريج الازهر .وقال مولود قاسم نايت بلقاسم . ادعوالعلماءالمضطهدين في العالم العربي والاسلامي ليعبروا عن افكارهم في الجزائر بكل حرية فكانت ملتقيات التعرف على الفكر الإسلامي . كان يحث المثقفين الخروج من برجهم العاجي , ويساهمون في عملية البناء .والتشييد . وكان في كل رمضان يقييم حفلا ساهرا ويدعوله الادباء والعلماء والمثقفين والفنانين والشعراء ويحاورهم بكل بساطة وتواضع .
4/4… يقول عنه الدكتور أحمد طالب الابراهيمي :. ( لايوجد شخص إنساني أكثر من بومدين كرئيس دولة . ) ويقول :. .. زارني في بيتي مرتين ؛وأقنعني في الانضمام الى الحكومة سنة 1965 – وأستعار مني الكتب ..
وكان من مميزاته الصرامة ؛والوفاء وحب الوطن نبذ التبذير. والترف والبعدعن المظاهر ويقول عنه .. لمل توفى والده بلغه الخبر ونحن في اجتماع مجلس الوزراء فكلمني بالليل ؛ وقال لي .أنا ذاهب لقالمة لأحضر مراسيم الدفن وحذار أن تهولوا الصحافة ..
وعندما مرض وسافر الى موسكو للعلاج سافر معي شقيقه ولما وصلنا سألني من دفع ثمن التذكيره يقصد أخيه .. وقال لي أخبر عبدالمجيد علاهم بأن تخصم ثمن التذكيرة من مرتبي الشهري .
مجرد تساؤل.
ما هو الفرق بين قرار الحكيم قايد الصالح وقرار خالد نزار !!!؟؟؟
خالد نزار سمح للجبهة الإسلامية للإنقاذ بالمشاركة في الانتخابات ولما خيب ظنه الشعب ومنحها أصواته حرمها من فوزها وألغى الانتخابات، وخلع الشاذلي، واستولى على السلطة بتنصيبه مجلسا صوريا سماه “المجلس الأعلى للدولة” يتحكم بموجب عضويته فيه، وأجبر الجيش ليطلق الرصاص على الشعب الذي خذله في الانتخابات، فتسبب في حرب أهلية أتت على الأخضر واليابس وحصدت أرواح 300 ألف جزائري.
أما القايد الصالح فانحاز للشعب وقاد الجزائر إلى بر الآمان وعهد جديد، واتعه بأن لا تسيل قطرة دم واحدة، فاستجاب له الرب في عليائه ووفى بعهده، ورد له الشعب جميله يوم استشهاده.