لم تعد كبوة عابرة، ولا أزمة صغيرة، بل كارثة كبيرة تلك التي يمر بها مانشستر سيتي في الوقت الحالي، والأنكى أن حتى مدربه الفذ بيب غوارديولا لا يعرف السبب والطريقة للخروج من هذه الأزمة.
كانت بداية مثالية تقليدية للسيتي هذا الموسم، حيث حقق في أول 13 مباراة في كل المسابقات 10 انتصارات و3 تعادلات كانت أمام الغريمين أرسنال ونيوكاسل في الدوري الممتاز ومع الانتر الايطالي في دوري الابطال، فكان متصدرا بأريحية تامة للدوري الانكليزي وكانت بدايته مقبولة في الدوري الموحد لأبطال أوروبا، حيث تبع تعادله مع الانتر بانتصارين كبيرين أمام سلوفان براتيسلافا وسلافيا براغ بمجموع 9-1، فحتى ذلك الوقت لم تكن هناك مؤشرات لكارثته الحالية التي بدأت في نهاية أكتوبر/تشرين الاول بخسارته أمام توتنهام في دور الـ16 لكأس المحترفين، وهي المسابقة التي أحرز لقبها 6 مرات في السنوات العشر الأخيرة، وتبعها شهر نوفمبر/تشرين الثاني الكارثي بثلاث هزائم في الدوري الممتاز بينها الكبيرة على أرضه أمام توتنهام برباعية نظيفة وأمام الوسطيين بورنموث وبرايتون، وختم الشهر بتعادل أشبه بالخسارة عندما فقد تقدمه بثلاثية نظيفة أمام فينورد الهولندي قبل النهاية بربع ساعة ليخرج متعادلا 3-3، وقبلها تعرض لخسارة كبيرة أمام سبورتينغ 1-4 في آخر مباراة لمدربه روبن أموريم قبل قدومه الى الجار يونايتد، وكلما حقق نتيجة ايجابية واحدة يتبعها باثنتين أو ثلاثة كارثية، فخسر أمام يوفنتوس ويونايتد وأستون فيلا، وصولا الى هزيمة تاريخية لفريق يدربه غوارديولا أمام الغريم أرسنال 1-5 وأخيرا السقوط على أرضه 2-3 أمام ريال مدريد. والغريب أنه بعد كل خسارة كان يخرج غوارديولا مندهشاً مما يحصل ويقول «أنا لست كفؤاً» أو «أنا لست مدربا جيدا بما يكفي» وأخيراً «لا أعرف ما هو الحل».
هذا التصريحات من مدرب حقق 5 بطولات دوري و4 كؤوس رابطة محترفين وكأسي اتحاد وكأس سوبر انكليزي ودوري ابطال أوروبا في السنوات التسع الماضية، مع نفس الفريق، يصعب تقبل فكرة هذا الانهيار المفاجئ في النتائج، لأن غوارديولا كمدرب، ومانشستر سيتي كادارة، عكسا على مدى السنوات الماضية قدرتهم على بناء الفريق واعداده في كل موسم ليكون بين النخبة والمرشحين بقوة للفوز بالألقاب، وهو فعلا ما حصل، لكن لماذا هذا الاخفاق المفاجئ؟ ولماذا يبدي المدرب جهله في قدرته على التعافي وتدارك الأمر؟
فاذا كان هذا المدرب الفذ لا يعرف ما علة فريقه، فأنا سأخمن من ملاحظاتي ما قد يكون سبب العلة، وأبدأها بملاحظة غريبة، أن السيتي في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة كان بين اثنين أو ثلاثة فرق تحقق أرباحاً في سوق الانتقالات، أي أن من يصرف على ضم لاعبين جدد هم أقل قيمة بكثير مما يتم بيعهم، فرحل فيران توريس وخوليان ألفاريز وجواو كانسيلو من دون تعويض حقيقي لمهاراتهم، لكن الأكثر تأثيراً كان رحيل الصف الثاني من النجوم أمثال كول بالمر وبيدرو بورو تومي دويل ويانغل هيريرا وغيرهم من النجوم الصاعدين والواعدين، الذين كانوا يمثلون الاحتياط الجاهز والقوي للأساسيين، وهذا الأمر تزامن مع بدء عامل السن يؤثر على النجوم، وعندما تعرض أبرزهم على غرار كيفن دي بروين وكايل ووكر ورودري للإصابة، لم يكن هناك من يحل مكانهم، فحتى نجوم الصف الثاني أمثال رياض محرز وايميريك لابورت، رحلوا بدون أن يستبدلوا بشكل صحيح، فعندما بدأ من هم في الثلاثينات من العمر او على مشارفه، يعانون من الاصابات، فانها أثرت عليهم بشكل سلبي، واخفق غالبيتهم في استعادة مستواه، فعاني دي بروين والحارس ايدرسون وكايل ووكر قبل رحيله وجون ستونز وأكانجي وآكي وروبن دياز من اصابات وتذبذب في المستوى، حتى المخضرمين أمثال بيرناردو سيلفا والعائد غندوغان عانوا، بل انتقلت العدوى الى المتألقين عادة أمثال فل فودن وجيريمي دوكو وايرلنغ هالاند، الى ان تفطنت ادارة السيتي متأخرة وحاولت استدراك الامر بانفاق نحو 200 مليون يورو في نافذة الانتقالات الشتوية على ضم 4 لاعبين، بينهم النجم المصري عمر مرموش التي باتت الأنظار منصبة عليه، للاعتقاد بانه سينقذ السيتي من أزمته.
بخسارة السيتي في كأس المحترفين، وذهاب ملحق الأبطال امام ريال مدريد، لم يتبق له سوى كأس الاتحاد ومحاولة البقاء بين الأربعة الاوائل في الدوري والتأهل الى دوري الأبطال مجدداً كي نقول أن غوارديولا أنقذ موسمه، وهذا يتطلب الفوز بكأس الاتحاد التي شهدت اقصاء الكبار أمثال أرسنال وليفربول وتشلسي وتوتنهام، لكن الأهم ان يبقى غوارديولا هادئا ويزيح توتره ويفصل حياته الشخصية العاصفة مع زوجته، كي يستطيع أخذ قرارات صحيحة قبل أن يفقد المزيد من هيبته وسمعته.
رياض محرز لم يكن من الصف الثاني لقد كان مهاجما مثابرا لكثيرا ما انقذ السيتي, شخصيا مسرور جدا بتدهور السيتي لأنني ببساطة لا ادعمه.