ماذا سيحصل بعد قرار ترامب الانسحاب من سوريا؟

حجم الخط
13

في تغريدة مفاجئة أمس قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: «لقد انتصرنا على تنظيم الدولة في سوريا، وهذا كان سبب وجودنا هناك خلال فترة رئاستي»، وتبعت ذلك أخبار عن قرب انسحاب القوات الأمريكية أكّدها البيت الأبيض بوضوح حين قالت الناطقة باسمه إن القوات «بدأت في التحرك إلى أرض الوطن»، فيما عبّر مسؤول أمريكي في تصريح لوكالة الأنباء رويترز عن جانب آخر عن «سرعة العملية» بالقول إن إجلاء كل موظفي الخارجية الأمريكية في سوريا سيتم خلال 24 ساعة.
ليس هذا التصريح الأول لترامب، الذي كرر منذ استلامه منصبه أنه يرغب في انسحاب كامل لقواته ليس من سوريا فقط ولكن من كل الشرق الأوسط، وفكرة الانسحاب هذه جزء أساسيّ من خطابه السياسيّ الرافض للتدخّل العسكري الأمريكي في العالم، وهو ما كان يجد معارضة من المؤسسات العسكرية والخارجية والأمنية الأمريكية التي نجحت، أكثر من مرة، في تأجيل هذا القرار. مسؤولو البنتاغون بدأوا مجددا بمحاولة إقناع ترامب بتأجيل قراره (كما تقول «نيويورك تايمز») بدعوى أنه يشكل «خيانة» لحلفائهم الأكراد، وإذا لم ينجحوا في إثنائه، هذه المرة، عن قراره، فسوف نشهد تموضعات عسكريّة وسياسية جديدة في سوريا، حيث ستحاول الأطراف الخارجية ذات الوزن، كروسيا وتركيا وإيران، أن تملأ الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي، وهو ما ينطبق على الأطراف الداخلية أيضا، وعلى رأسها النظام والميليشيات اللبنانية والعراقية الحليفة له، وتنظيمات المعارضة المسلحة.
وإذا كان القرار منسجما مع برنامج ترامب السياسي فإن هذا لا ينفي ارتباطه بعوامل أخرى كثيرة، خارجية وداخلية. أول هذه العوامل هو «العلاقة الخاصة» التي تربط الإدارة الأمريكية بموسكو، والتي تجسّدت، بشكل فظّ، في التدخل الروسي المباشر لصالح انتخاب ترامب في انتخابات عام 2016 الرئاسية، وإذا كان هذا التدخّل يبدو مبررا كافيا لـ«مكافأة» ترامب لروسيا رغم ما سيشكّله ذاك من إحراج سياسيّ للرئيس الأمريكي، فإن الواقعية السياسية تقتضي القول إن تلك «العلاقة» هي من طبيعة أيديولوجية، فترامب، ومعسكره الأيديولوجي، برهنوا أنهم حلفاء سياسيون طبيعيون لبوتين، وهو أمر أكدته العلاقات الوثيقة لكل أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا والعالم.
لا يخلو ربط الانسحاب بالضغوط التي مارسها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على ترامب من وجاهة، غير أن هذه الضغوط تراكبت مع علاقة ترامب ومعسكره «الخاصة» بالقيادة الروسيّة، وانضافت إليها الضغوط التي شكّلتها قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، والانتصار الذي حققه الحزب الديمقراطي في الكونغرس، والذي بدأ مطاردة حقيقية لترامب في القضايا العالمية والمحلّية.
الرابحان الأساسيان الظاهران للقرار (لو تمّ تطبيقه بالسرعة التي يطلبها ترامب) سيكونان روسيا، التي بدأت حشد قوات ونقل ذخائر في دير الزور (التي تحتوي حقولا نفطية كثيرة أهمها حقلا العمر والتنك)، وتركيا التي أعلنت منذ أسبوع استعدادها لعملية كبيرة للقضاء على خصومها الأكراد شرق الفرات، ولابد أن سباقا كبيراً سيجري بين هاتين القوّتين على ملء الفراغ العسكريّ الأمريكي، وهناك بوادر أيضاً لمحاولة إيران والنظام السوري استغلال الوضع ودفع قوات نحو المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
أما ما الذي سيحصل لما يسمى «قوات سوريا الديمقراطية» التي كانت الذراع العسكرية الأساسية الفاعلة للتحالف الدوليّ في النزاع مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، وما هو سيكون موقفها من هذه «الخيانة» الأمريكية الجديدة (على حد وصف مسؤولي البنتاغون)، فأمران سيتكشفان سريعا في مقبل الأيام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلام عادل(المانيا):

    لا احد يعرف كيف يتصرف ترامب لكن يبقى السؤال الى متى سيظل الاكراد رهينة بيد الاخرين ومصالحهم

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    لقد سلحت أمريكا مرتزقة «قوات سوريا الديمقراطية» بمعدات وذخائر بآلاف الأطنان لدحر داعش ثم ليكونوا شوكةً بخاصرة تركيا!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه (ماذا سيحصل بعد قرار ترامب الانسحاب من سوريا؟)
    هل لهذا القرار المفاجئ علاقة بالمشاكل التي أخذت تقض مضجع ترامب؟ ومنها على سبيل المثال لا الحصر انكشاف دور روسيا في إنجاح ترامب وتشبث ترامب بابن سلمان بالرغم من الكونغرس والرأي العام الأمريكي؛ وغير ذلك كثير .
    واذا نفذ هذا هذا القرار المفاجئ وغير المسؤول -في رأي الكثير من الأمريكيين (فسوف نشهد تموضعات عسكريّة وسياسية جديدة في سوريا، حيث ستحاول الأطراف الخارجية ذات الوزن، كروسيا وتركيا وإيران، أن تملأ الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي، وهو ما ينطبق على الأطراف الداخلية أيضا، وعلى رأسها النظام والميليشيات اللبنانية والعراقية الحليفة له، وتنظيمات المعارضة المسلحة.)
    الرابح الاكبر من هذا القرار هو اردوغان ؛حيث سيكون ذلك صفعة
    على وجوه ما يسمى قوات سوريا الديموقراطية الكردية المتحالفة مع قوات المعارضة الكردية داخل تركيا ؛وهذا سيسهل مهمة اردوغان في هزيمتها والتخلص من خطرها على الأمن القومي التركي .
    ولا ننسى كذلك أن قوات سوريا الديموقراطية الكردية كانت في تحالف مع النظام السوري ضد المعارضة المسلحة وضد تركيا في شمال شرق سوريا .

  4. يقول Dinars:

    المستقبل في الشرق الأوسط سوف يكون لتركيا.

  5. يقول سوري:

    هذا القرار غير مفاجيء للأسباب التالية:
    اولا إن خيانات الإدارة الأمريكية لحلفائها هي سياسات راسخة ومستدامة لنتذكر سوموزا في نيكاراغوا وماركوس في الفيليبين وشاه ايران ونورييغا وفيديلا في الار جنتين و بينوشيه في التشيلي وباتيستا في كوبا.. وسواهم ويبدوا أن سالم مصلح لم يفهم هذه السياسة والاكراد سيجدون أنفسهم وحيدين تركيا من أمامهم وكل زمرة المحتلين من خلفهم اي روسيا وايران وميليشيات النظام
    يتبع

  6. يقول سور ي:

    ولم يفهم أكراد سورية أن مستقبلهم هو مع الشعب السوري البطل المناضل من أجل الحرية والتخلص من ربقة حكم المجرم ابن المجرم بشار الكيماوي بائع سورية ولم يعوا درس اكراد العراق ومسعود البرزاني الذي تخلت عنهم امريكا ايضا بعد أن دعموها وساعدوها في القضاء على نظام صدام حسين.
    ثانيا فإن دونالد ترامب دادا لا يريد أن يكون هناك مواجهة مع تركيا المصرة على التدخل في المناطق التي سيطرت عليها ب ي د ويبدأ بإعادة جنوده بأكياس بلاستكية في مرحلة تمهيدية لانتخابات رئاسية
    ثالثا هو يريد أن يدم هدية لأبي علي بوطين كمكافأة على مساعدته في اعتلاء الرئاسة الامريكية
    رابعا واخيرا هي خيانة لآل سعود الذين دفعوا البليارات له لأن إيران ستسرح وتمرح في سورية

  7. يقول دوحی ال اجخیور:

    لن یخرج من سوریا کما لم یخرج من الکویت و قطر و الامارات و البحرین و نجد و الحجاز و العراق و عمان و مصر. انهم باقون مادام الشعوب المتفرقهه تصورهم محبین الحریه و الانسانیه و مدافعین عن العرب امام الارهابیین. دعوهم یبقون و یحلبون الحکام و یطرقون فوق رئوسهم.

  8. يقول محمد منصور:

    القشه التي قسمت ظهر البعير الموقف الصلب للقياده التركيه بضرورة التصدي للكيان الكردي،وهذا سيجعل وضع القوات الكرديه في حاله صعبه وسيؤثر على الحاله المعنوي والتماسك الداخلي ومن السهل ان تجد الاستعداد للاستسلام وعلى تركيا ان تستفيد من هذه الحاله لتقليل الخاسر واختصار الوقت.

  9. يقول سامى عبد القادر:

    ويتزامن مع سحب القوات الأمريكية من سوريا, وفى نفس اليوم, خبر آخر هام جداً, وهو المصادقة على صفقة بيع منظومة باتريوت لتركيا, بعد طول رفض وعناد من جانب الإدارة الأمريكية, مما دفع بتركيا لشراء منظومة صواريخ إس ٤٠٠ من روسيا, والتى هى على وشك التنفيذ
    .
    وأمام هذين الخبرين اليوم, لا أملك إلا أن أقول لتركيا; إحذروا الغدر الأمريكى-الصهيونى القادم, فهما لن يخطوا خطوة واحدة فى صالح تركيا أبداً

  10. يقول سامح //الأردن:

    *الرابح الأكبر هما (روسيا وتركيا )
    والخاسر الأكبر (الاكراد ) .
    *سلام

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية