لندن ـ «القدس العربي»: النجم المصري محمد صلاح، كان أول من تقدم بواجب العزاء للشعب البريطاني بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، وعندما أرادوا المتاجرة بالقطط والكلاب وتصديرها الى خارج مصر، تقمص دور رئيس منظمة الرفق بالحيوان العالمية، وسنويا يحتفل مع بناته وزوجته بعيد الكريسماس على الطريقة الغربية المختلفة عن بيئته وعاداته وتقاليده وربما ثقافته قبل أن يشق طريقه الاحترافي في أوروبا، لكن عندما يتعلق الأمر بالأحداث والقضايا السياسية والإنسانية المهمة للأمة العربية من المحيط إلى الخليج، يكتفي بالمشاهدة والصمت الطويل، مجسدا المثل المصري الدارج «عامل نفسه من بنها»، من باب الإسقاط على الشخص الذي يمثل أو يدعي أنه مشغول ولا يعرف أي شيء عما يدوره حوله وفي عالمه، هذا بالضبط ما يقوله جُل البسطاء والكادحين في المقاهي الشعبية والبيوت من أقصى شمال أم الدنيا هناك في الأسكندرية وحتى بلاد النوبة في الجنوب، عن بطلهم القومي محمد صلاح، بعد موقفه الصادم من تصاعد الأحداث في غزة، بعدم إظهار تضامنه مع القضية الفلسطينية ولو بتعليق دبلوماسي عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي حتى وقت كتابة هذه الكلمات، في اليوم السابع لعملية «طوفان الأقصى».
حسابات خاصة وحرية
بالنظر إلى فئة الإعلاميين والمؤثرين المقربين من دائرة الميغا ستار في وطنه، سنجد أنهم يروجون لفكرة «الحسابات الخاصة»، التي انفرد بها الإعلامي الشاب هاني حتحوت، وهو يحاول تبرير أو تمرير صمت مواطنه وصديقه على عمليات الإبادة الجماعية الممنهجة التي يتعرض لها سكان غزة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية، بحجة أن صلاح له الحرية في التعليق من عدمه على الأحداث، لأن هذا من وجهة نظره «لن ينتقص من أحد»، فيما أرجع الناقد هاني سكر، السبب الرئيسي وراء صمت أبو مكة الطويل، إلى السياسات التي تحكم ليفربول وباقي الأندية الإنكليزية والأوروبية، في إشارة واضحة إلى أنها مجرد مؤسسات مسيرة بحكم مواقف بلادها واتجاهات الإعلام، وهناك من يفسر صمت نجمنا العربي، لتجنب الدخول في صراعات ومشاكل شخصية مع الإدارة الأمريكية المستحوذة على النادي، ومعروف للجميع الموقف العدائي الزائد على الحد للولايات المتحدة والعواصم الغربية تجاه كل ما هو فلسطيني هذه المرة، والذي وصل لحد استبدال الوجه الديمقراطي الناعم، بذاك الوجه الديكتاتوري والعنصري، الذي يلاحق كل من يرفع العلم أو حتى يفكر في إظهار دعمه للمقاومة الفلسطينية أمام قوات جيش الاحتلال، ريثما تتم معاقبته إما بدعم منظمات إرهابية أو معاداة السامية، لكن عندما تكون الضحية بنفس الملامح الأوروبية والبشرة البيضاء والعيون الزرقاء، كما حدث في حرب روسيا على أوكرانيا، فلا بأس أن تمتزج الرياضة وكرة القدم بالسياسة، بل يتحول الدفاع عن أوكرانيا ودعمها، إلى واجب أخلاقي وإنساني.
مجد ومال
بعيدا عن مخاوف صلاح من توابع دعمه لفلسطين في خضم موجة الغضب الأوروبي من المقاومة، يربط البعض بين صمته وبين حرصه على تحقيق ما تبقى من أحلامه وطموحاته في ذروة مشواره الاحترافي قبل أن يتوقف عن اللعب في أعلى مستوى تنافسي في كرة القدم، أبرزها مجد الحصول على جائزة أفضل لاعب في العالم سواء من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أو من مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية، خاصة بعد عودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل عصر ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، وهجرة أبرز الوجوه والمنافسين الكبار إلى المملكة العربية السعودية، وهناك من يتحدث عن الخسائر المادية التي سيتكبدها إذا أظهر انحيازه للقضية بشكل واضح، أو على الأقل كما فعل قبل عامين، حين استجاب متأخرا لدعوات مماثلة إبان أزمة أحداث الأقصى 2021، بما اعتبر بالتعليق الرمادي، كونه اكتفى بدعوة قادة وزعماء العالم للتدخل من أجل وقف ما وصفه «العنف وقتل الأبرياء»، في تغريدة عبر منصة «تويتر» سابقا «وإكس» حاليا، جاء نصها على النحو الآتي: «أدعو جميع قادة العالم، بما في ذلك رئيس وزراء البلد الذي كان موطنا لي طيلة السنوات الأربع الماضية إلى بذل كل ما في وسعهم للتأكد من وقف العنف وقتل الأبرياء على الفور… لقد طفح الكيل»، بدون أن يذكر اسم فلسطين أو القدس أو الأقصى أو حتى مجرد التلميح، بيد أنه هذه المرة، فَضل التركيز على مهمته الوطنية الأخرى، بتلبية نداء المنتخب من أجل المشاركة في وديتي زامبيا الجزائر، وذلك كما أشرنا أعلاه، ربما لخوفه من غضبة الغرب الشرسة هذه المرة ضد المقاومة وفلسطين، والتي قد تبلغ تكلفتها ضياع عقود رعاية وحملات تجارية مع أشهر الماركات والعلامات التجارية حول العالم، بجانب التهديد المهني على باقي أحلامه وآماله في الملاعب الإنكليزية والأوروبية.
علامات استفهام
يبقى أكثر ما توقف عنده المتابعون والنشطاء في الإعلام الحديث، هو تباين موقف صلاح قبل وبعد الشهرة الطاغية، وذلك بوضع كلامه في عام 2013 في مقارنة مع خجله من القضية بعدما تحول إلى واحد من كبار مشاهير الكوكب، وبالأحرى عندما كان ينشر صورته أمام الأقصى، ويعترف أمام الشاشات أنه رفض مصافحة خصومه الإسرائيليين في مباراة جمعت فريقه الأسبق بازل السويسري بممثل الأراضي المحتلة في بطولة اليوروبا ليغ، يقول عنها في لقاء موثق مع التلفزيون المصري، إنه لولا ضغط إدارة النادي عليه، لما وافق على مرافقة زملائه في هذه الرحلة، لكنه في الأخير انتهى به المطاف بالسفر وخوض اللقاء، وحسنا فعل بإذلال المنافس داخل المستطيل الأخضر، وقهر المشجعين اليهود في المدرجات، باحتفاله بالسجود على الطريقة الإسلامية بعد نجاحه في هز شباك الفريق الصهيوني، وتشمل علامات الاستفهام التي لا يجد لها المنتقدين أي مبرر لصلاح، أنه من المفترض أنه تخطى فترة القلق والمخاوف على أمان مستقبله المادي بعد اعتزال الكرة، والدليل على ذلك، أنه أدار ظهره للعرض السعودي الملياري في سوق الانتقالات الصيفية الأخيرة، وبعبارة أخرى لا يهتز أو يضعف أمام المال، وهذا ما أصاب الملايين من متابعيه العرب بالدهشة والاستغراب، مقارنة مثلا بموقف بطله المفضل محليا، محمد أبو تريكة، الذي بادر كعادته بإظهار دعمه وانحيازه لغزة منذ اللحظة الأولى ليوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
شجاعة
محرز والنني
واحدة من الأمور التي جعلت صلاح في موقف لا يُحسد عليه أمام دراويشه في مصر وعشاقه في الوطن العربي، حالة التضامن الجماعي من نجوم ومشاهير الرياضة وكرة القدم العرب لغزة والقضية الفلسطينية، وفي مقدمتهم زميل رحلة الكفاح محمد النني، الذي ضرب بكل التهديدات ورسائل التحذير الإنكليزية عرض الحائط، بتغيير صورة بروفايله في منصة «إكس» إلى علم فلسطين، والكارثة، أن «الغارديان» وباقي الصحف البريطانية، لم تنتبه إلى مخاطر خلط السياسة بالدوري الإنكليزي الممتاز، إلا بعد رسالة النني الداعمة، لكن لم يلحظ أحد ما فعله الأوكراني زينتشينكو لاعب آرسنال، بإعلان دعمه وتضمانه مع وطنه الثاني الافتراضي إسرائيل منذ اللحظة الأولى، ليبدأ المسؤولون وأصحاب المناصب الرفيعة في إصدار التعليمات ورسائل التحذير المشددة من انخراط المحترفين في الدوري الممتاز في الأحداث الجارية الآن في غزة، وقبل أن تنتقل هذه العدوى إلى فرنسا، بادر الدولي المصري الآخر مصطفى محمد، بتقديم أضعف أنواع الدعم لأشقائه المحاصرين في القطاع، بنفس تصرف النني، أما زميلهم في المنتخب والمعسكر الحالي محمود حسن تريزيغيه لاعب طرابزون سبور التركي، فلم يكتف باستبدال صورته الشخصية بالعلم الفلسطيني، بل اقتبس الآية الكريمة «ألا إن نصر الله قريب»، وقائمة عريضة من نجوم وأساطير الكرة في مصر، من نوعية محمود عبدالرازق (شيكابالا)، أيقونة الزمالك، وحامي عرين الأهلي ومنتخب الفراعنة محمد الشناوي، وأفضل لاعب محلي أحمد سيد (زيزو) لاعب الزمالك وإلخ.
وعلى المستوى العربي الأفريقي، فحدث ولا حرج عن المتعاطفين والداعمين لغزة والقضية برمتها، لعل أكثرهم شهرة واهتماما بالقضية رياض محرز، الذي لم ينتظر كثيرا لإعلان وقوفه ودعمه لأبناء عروبته أمام الهجوم الصهيوني الغاشم، الذي تسبب في استشهاد مما يقرب من ألفي مدني، قرابة النصف أطفال والنصف الآخر ما بين نساء وشيوخ وعائلات لا دخل لها بالقتال المسلح، ونفس الأمر ينطبق على مواطنه إسلام سليماني، والدولي الأردني موسى التعمري لاعب مونبيلييه الفرنسي، في موقف شجاع لابن النشامى، كونه جاء بعد تهديد وزير العدل الفرنسي بسجن الداعمين للقضية الفلسطينية، حتى اللاعب الأنغولي السابق ومهاجم الأهلي المصري في عصر أبو تريكة وبركات ومتعب الذهبي، أمادو فلافيو، فاجأ الجميع بوقوفه مع الشعب الفلسطيني وقطاع غزة، بعد تزايد عمليات القصف الجوي على الأبراج والأبنية بشكل عشوائي وجنوني، وقائمة من الشجعان الذين لم يترددوا في إعلان موقفهم، مثل الدولي التونسي السابق حاتم الطرابلسي، والشاب الجزائري بشير بلومي، نجل الأسطورة لخضر بلومي، والفرنسي المولد/الجزائري الجنسية نبيل بن طالب وآخرون ليس من ضمنهم محمد صلاح، حاولوا قدر المستطاع الرد على الصحف والمؤسسات الإعلامية الغربية، التي تتجاهل عن عمد إدانة الصهاينة أو حتى المرور بشكل عابر على جرائمهم المروعة في حق الأطفال والنساء طوال فترة التصعيد الجنوني الأسبوع الماضي، كأن إسرائيل مجموعة من الملائكة، وليسوا أولئك السفاحين والقتلة الذين لا يتوقفون عن زهق الأرواح البريئة في فلسطين الحبيبة منذ بداية حملات الإبادة والتطهير العرقي الأولى وما تبعها من عمليات تهجير قرابة المليون من السكان الأصليين تحت تهديد السلاح بعد سقوط الأرض في قبضة الاحتلال عام 1948.
محمد صلاح جمع الكثير من المال والشهرة،، هو لن يخسرها ان وقف مع الحق وكسب نفسه ومبادئه ان كان ذا قيمة ويحترم نفسه وامته،، هو لو وقف العالم ضده ربما سيخسر القليل من المال في السنوات القادمة، اي ليس كل ما يملك وليس كل مسيرته الكروية لانها في نهايتها,, اما ان استمر على الجبن وخوفه على سمعته الكروية التي ربما منحت له ليكون مؤثرا من اجل قضية ما، فانه سيخسر كل شيء،، فمن جعله كذلك، يأخذ منه كل ذلك في لحظة,,,هذا حال الدنيا,,,
عندنا في الجزائر مثل شعبي “الرجال تعرف الرجال”
لعنة الله على القاب تفقد الرجل كرامته وشرفه الا تبالها من نجومية معها الخزي والعار
دنيا زائله يا أبو مكه … الباقيات الصالحات خير وأبقى