ماكرون يؤكد دعم “سيادة” المغرب على الصحراء الغربية ويعد باستثمارات فيها

حجم الخط
17

الرباط: جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب أمام البرلمان المغربي الثلاثاء التأكيد على تأييد بلاده “لسيادة” المملكة على الصحراء الغربية، ووعد باستثمارات فرنسية في الإقليم المتنازع عليه، من بين حوالى 40 عقدا واتفاق استثمار بأكثر من 10 مليار يورو في عدة مجالات تأكيدا لشراكة “استثنائية” بعد خلافات حادة.

وقال ماكرون “أعيد التأكيد أمامكم، أنه بالنسبة لفرنسا، يندرج حاضر هذه المنطقة ومستقبلها في إطار السيادة المغربية”. قد أثار كلامه تصفيقا حارا من جانب البرلمانيين.

وأضاف “أقولها أيضا بكل قوة، الفاعلون الاقتصاديون وشركاتنا سيرافقون تنمية هذه المنطقة عبر استثمارات ومبادرات دائمة وتضامنية لصالح سكانها”.

في وقت لاحق مساء الثلاثاء أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن فرنسا قامت بتحديث خارطة المغرب لتشمل الصحراء الغربية.

أتاح الموقف الفرنسي الجديد، الذي سبق لماكرون إعلانه في رسالة للملك محمد السادس نهاية تموز/يوليو، تجاوز سلسلة من التوترات الحادة خلال الأعوام الثلاثة الماضية بين البلدين، من أجل إرساء “شراكة استثنائية وطيدة”.

تتضمن هذه الشراكة خصوصا حوالى 40 عقدا واتفاق استثمار أبرمت الاثنين والثلاثاء بين المغرب وفرنسا، وتشمل عدة قطاعات، وبعضها يغطي الصحراء الغربية لا سيما في إنتاج ونقل الطاقات الخضراء.

“ليس عدائيا ضد أحد”

تشكل هذه المستعمرة الإسبانية السابقة، التي تصنفها الأمم المتحدة ضمن “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”، محور نزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر منذ نحو نصف قرن.

ومنذ اعتراف واشنطن أواخر عام 2020 بسيادة المغرب عليها، ضغطت الرباط على باريس لتتخذ موقفا مماثلا.

لكنّ الأولوية التي خصّ بها الرئيس الفرنسي الجزائر بعد إعادة انتخابه في 2022، بينما قطعت الأخيرة علاقاتها مع المغرب منذ عام 2021، قد زادَ من توتّر العلاقات بين الرباط وباريس.

واختار ماكرون في نهاية المطاف تحسين العلاقة مع المغرب حيث لفرنسا مصالح اقتصادية كبيرة، وهي أول مستثمر أجنبي فيه.

وقال الرئيس الفرنسي أمام البرلمانيين المغاربة إن موقف بلاده “ليس عدائيا تجاه أحد”، وأنه “يتيح فتح صفحة جديدة بيننا، وأيضا مع كل أولئك الذين يريدون العمل في إطار تعاون إقليمي”.

وكانت الجزائر أعربت مطلع آب/أغسطس عن رفضها هذا الموقف، واستدعت سفيرها في باريس للتشاور.

تعقيبا على خطاب ماكرون اعتبر رئيس الغرفة الثانية للبرلمان محمد ولد الرشيد، وهو صحراوي وحدوي، أن الموقف الفرنسي “يشكل لحظة فاصلة في مسار التطور الإيجابي للحل النهائي لهذه القضية”.

بالنسبة إلى المغرب، يعدّ هذا الاعتراف الرهان الأساس لتطبيع علاقاته مع فرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن الذي يصدر قرارات سنوية حول هذا النزاع.

وفي نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2023، جدد مجلس الأمن الدولي دعوة أطراف النزاع إلى “استئناف المفاوضات” للتوصّل إلى حلّ “دائم ومقبول من الطرفين”.

لكن المغرب يشترط التفاوض فقط حول مقترح الحكم الذاتي، فيما تعارض الجزائر المشاركة في المفاوضات.

“احترام الالتزامات”

في الجانب الفرنسي، حظيت قضية الهجرة باهتمام كبير، إذ يريد وزير الداخلية الجديد برونو روتايو الذي يعتمد نهجا صارما بهذا الخصوص، دفع المغرب إلى استعادة مواطنين أوقِفوا لإقامتهم بطريقة غير نظاميّة في فرنسا.

وشدد في مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء، على الإرادة المشتركة “لتحديد هوية الأشخاص الذين لا تتوافر وثائق حول أصولهم”، من أجل “تقليص آجال” ترحيلهم.

وأكد نظيره المغربي عبد الوافي لفتيت أن “مسألة الالتزام بمغادرة الأراضي الفرنسية تحظى بعناية خاصة من الطرفين”.

وشدّد نصّ الإعلان عن الشراكة الاستراتيجية الذي وقعه قائدا البلدين الاثنين على مبادئ “العلاقة بين دولة ودولة، والمساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفي اختيارات السياسة الخارجية، واحترام الالتزامات المبرمة”.

وحظي التعاون الاقتصادي بالحيز الأكبر من برنامج زيارة ماكرون للرباط، التي تختتم الأربعاء، حيث تم التوقيع على عقود واتفاقيات تفوق قيمتها 10 مليارات يورو.

“ارتباط بإفريقيا”

ويطمح الطرفان إلى الاستفادة من “ارتباط المغرب بإفريقيا”، “إذا أردنا الحفاظ على سيادتنا الصناعية والتكنولوجية (…) علينا أن ننتج أكثر فأكثر بين المغرب وفرنسا، بين إفريقيا أوروبا”، على ما قال ماكرون في خطابه أمام البرلمان.

كذلك، يرغب البلدان في الاستفادة من احتضان المغرب، مع اسبانيا والبرتغال، كأس العالم لكرة القدم 2030، مع تأكيد مشاركة الشركتين الفرنسيتين ألستوم وإيجيس في الشطر الثاني للخط الفائق السرعة بين طنجة (شمال) ومراكش (وسط).

وستزود ألتسوم الجانب المغربي بعربات قطار فائق السرعة “من آخر طراز”، وفق ما أعلن مديرها هنري بوبار لافارج في مؤتمر صحافي مع مدير مكتب السكك المغربي محمد ربيع الخليع الثلاثاء.

وقال الأخير إن هذا الشطر الثاني سيكون جاهزا قبل 2030.

وكانت فرنسا تأمل في أن تبقى الطرف الرئيس في توسيع خط القطارات السريعة، بعدما حظيت بصفقة بناء المرحلة الأولى بين طنجة والدار البيضاء (شمال غرب)، ودشن في 2018.

وحظيت قطاعات تحلية مياه البحر والطاقات المتجددة بعدة اتفاقيات، بينها مشروع لشركة توتال إنرجي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ومشروع بين عملاق الفوسفات المغربي “المكتب الشريف للفوسفات” وشركة إنجي الفرنسية لإنتاج الأمونياك الأخضر، وهي مادة حيوية لصناعة الأسمدة.

من جهة أخرى وقعت شركة فيوليا عقدا مع الحكومة المغربية لبناء مصنع لتحلية مياه البحر، قدم على أنه الأكبر في إفريقيا. ويراهن المغرب الذي يواجه جفافا بنيويا على هذه الصناعة لسد حاجياته من مياه الري والشرب.

وحظي ماكرون بحفاوة كبيرة عند وصوله المغرب الاثنين، فيما يرتقب أن يزور الملك محمد السادس فرنسا خريف العام المقبل، وفق ما أعلن وزير الخارجية الفرنسي الثلاثاء.

(أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمود گولانجي:

    كانت رسالتي لنيل درجة الماجستير من كلية القانون والعلاقات الدولية بجامعة أربيل تدور حول قضية الصحراء الغربية. وخلال البحث، أدهشتني القدرة الفريدة للمغرب على استثمار قوة خصومه بذكاء، ليس فقط للتغلب عليهم، بل لتحقيق مكاسب غير مسبوقة تفوق التوقعات. ومن أبرز الأمثلة على ذلك فضيحة “بيغاسوس” الشهيرة، والتي كانت كفيلة بدفع أي دولة أخرى نحو تحقيقات دولية وربما محاكمة قياداتها. لكن المغرب، وعلى نحو غير متوقع، استطاع توظيفها لصالحه بشكل مدهش.

    ويتجلى هذا الأسلوب أيضاً في الأزمة مع إسبانيا، التي انتهت بتمكين المغرب من تحقيق حلم استضافة كأس العالم، إضافة إلى اعتراف إسبانيا بسيادته على الصحراء الغربية. نفس الشأن حصل في أزمة الكركرات في 2020 ، ونفس الشيء حصل في 1979 حينما تراجعت موريتانيا تحت الضغط عن إقليم وادي الذهب المترامي الأطراف, وكان في صالح المغرب !! الذي قام بضمه مباشرة وضاعف الأراضي التي كان يسيطر عليها.

    1. يقول مهتم بالصناعات العسكرية و الأمنية:

      شكرًا أستاذ محمود على تحليلك واهتمامك بقضايا المغرب. أود أن أوضح أن هذه الإنجازات لا تعتمد فقط على استغلال قوة الخصم، بل هي نتيجة طبيعية لقوة المغرب أيضًا. لو لم يكن للمغرب هذه القوة، لما استطاع استغلال نقاط ضعف الخصوم وتحويلها لصالحه. أحد الأدلة على ذلك هو تعامل القوى العظمى مع الأطراف المعنية. عندما تتجنب هذه القوى التعامل الجاد مع طرف معين، فإنها في المقابل تأخذ في الاعتبار وتعدل سياساتها لتناسب مطالب المغرب. وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بناءً على تقارير استخباراتها حول قوة الأطراف المعنية، بعيدًا عن الدعاية والاستعراضات.

      يمكننا أن نرى مثالًا واضحًا من خلال طلب الصين من المغرب شراء طائرات دراغون J-10، بينما تسعى دول أخرى بشغف لشراء نفس الطائرات لكنها تواجه شروطًا أكثر تعقيدًا. هذه الديناميكية تعكس بوضوح كيفية إدراك القوى العظمى لقوة المغرب وموقعه الاستراتيجي في الساحة الدولية.

    2. يقول كريم المغربي:

      الأخ محمود شكرا لك من المغرب ، أريد منك تزويدي بعنوان بحثك لنيل شهادة الدكتوراه ربما أجده في البحث عبر جوجل ، فأنا أستاذ تاريخ ومهتم بالموضوع لأنه شأن كل المغاربة من طنجة إلى لݣويرة

  2. يقول مجتهد:

    هناك نقاط مهمة في خطاب ماكرون لم ينتبه إليها أحد, حينما بدأ يتحدث عن المغرب كواحدة من أقدم الممالك في العالم، أشار إلى أن علاقته مع فرنسا خلال الصراع على الأندلس وعلى مدينة إشبيليا بالخصوص. والغريب أن ماكرون كان يتحدث كممثل و وارث للأمة الفرنجية التاريخية، مسلطًا الضوء على صراعها مع الإمبراطورية المغربية. وأكد أن الصلح الذي خطّه مع المغرب يمثل خطوة تتجاوز المرحلة الاستعمارية.

    1. يقول Ahemd:

      بالفعل, خطاب ماكرون في البرلمان المغربي كان مليئًا بالإشارات، و حتى ترتيب مواضيعه يمكن تفسيرها من منظور الصلح التاريخي بين المغرب و فرنسا. التي تمثل رأس حربة العالم المسيحي بكل تجلياته

  3. يقول عبد القادر:

    فرنسا،صاحبة حق الفيتو،تقول لكل من لا يزال يحلم بتقسيم المغرب و الحصول على منفد على المحيط الأطلسي،أن الصحراء مغربية و مستقبلها لن يكون إلا تحت السيادة الوطنية المغربية.

    1. يقول نزار:

      لا تنسى أن روسيا والصين هما ايضا يمتلكان حق الفيتو فلا تذهب بعيدا.

  4. يقول طارق المغربي:

    إنها الدبلوماسية الملكية الناعمة النافذة، إنها الرؤية الوطنية المستقبلية الجيوستراتيجية الشاملة.

  5. يقول عياش العياش:

    الصحيح أن فرنسا تجدد دعمها للمغرب في هذه القضية دون جدوى

    1. يقول لاعق حداء العسكر:

      الرؤية السديدة بعد النظر الدبلوماسية اللباقة، الثبات و الإصرار على الحق الذي يعلو و لا يعلا عليه.
      بسم الله الرحمن الرحيم: مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا.

    2. يقول Nabil Bahij:

      بل ستستثمر نحو 10 مليار اورو في الأقاليم الجنوبية للمملكة وستفتح قنصلية فرنسية في مدينة العيون وستدافع عن مغربية الصحراء في كل المحافل الدولية حيث تمتلك حق الفيتو وتمتلك وثائق تاريخيّة تثبت مغربية الصحراء.و مازال العاطي يعطي

  6. يقول ابو عمر:

    باختصار : الدول المهمة التي لا زالت تعلن بشكل صريح عدائها لسيادة المغرب على الصحراء قليلة ، بالمجمل تتركز في : الجزائر محتضنة البوليساريو ، جنوب افريقا لاسباب تتعلق بالمنافسة على زعامة القارة ، وايران لاسباب تتعلق بدور المغرب في الحفاظ على المذهب السني في غرب افريقيا .. خارج هذه الدول ، اما لها موقف حيادي غير عدائي ، او تدعم خطة الحكم الذاتي .. هذا باختصار الوضع الحالي من الناحية الدبلوماسية ، اما الناحية العسكرية فالمغرب في وضع مريح ، اللهم اذا قررت الجزائر التدخل بنفسها ، لكنه واقعيا امر مستبعد لأن ربما المجتمع الجزائري يصعب عليه دخول حرب شاملة بسبب موضوع لا يمسه مباشرة .. لكن الله اعلم

    1. يقول كريم المغربي:

      أبو عمر ، أوافقك كثيرا في التحليل الذي قدمته ، شكرا

  7. يقول مغربي من الكركرات:

    نجاح الدبلوماسية الملكية حقيقة ادهش القوى العظمى عبر العالم فما بالك بدول العالم الثالث.

  8. يقول ولد مسعود:

    و هل حق الفيتو سمح لفرنسا بالبقاء في استعمار الجزائر.

    1. يقول مغربي محب للمقاومة:

      الصحراء مغربية، و دون ذلك بحار من الدم

    2. يقول سعد المغربي:

      سيدي الفاضل فرنسا خرجت من الجزائر بعد استفتاء سنة ١٩٦٢ .و قد ساعد المغاربة و المصريون و السعوديون و التونسيون…..الجزائريين…و حتى ضغوط أمريكية لإنهاء الاحتلال الفرنسي الذي دام امثر من ١٣٢ سنة.

اشترك في قائمتنا البريدية