كييف: استقبل السكان في وسط مدينة خيرسون القوات الأوكرانية بفرحة عارمة اليوم الجمعة بعدما انسحبت روسيا من العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها منذ بداية الغزو في فبراير شباط.
وقالت روسيا إنها أكملت الانسحاب عبر نهر دنيبرو دون خسارة جندي واحد، لكن الأوكرانيين رسموا صورة لانسحاب فوضوي ترك خلاله جنود روس زيهم العسكري الرسمي وغرق آخرون خلال محاولة الفرار.
وفيما يلي عرض للأسباب التي تضفي على المنطقة أهمية استراتيجية بالنسبة لمسار الحرب الروسية في أوكرانيا.
بوابة القرم
تقع منطقة خيرسون على حدود شبه جزيرة القرم بالبحر الأسود، وتوفر لموسكو رابطا، من خلال جسر بري، مع شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014. وسيترتب على استعادة كييف السيطرة على مساحات شاسعة من منطقة خيرسون حرمان موسكو من هذا الممر البري. وسيعني ذلك أيضا اقتراب المدفعية الأوكرانية بعيدة المدى من شبه جزيرة القرم، التي تعتبرها موسكو ذات أهمية حيوية لمصالحها.
وتضم شبه جزيرة القرم، التي يعتبر بوتين ضمها إنجازا رئيسيا له خلال فترة حكمه المستمر منذ أكثر من عقدين، قوة عسكرية روسية ضخمة وأسطولا في البحر الأسود تستخدمه موسكو لاستعراض قوتها في البحر المتوسط والشرق الأوسط.
إمدادات المياه العذبة
ستتعرض إمدادات المياه العذبة لشبه جزيرة القرم للخطر أيضا إذا استعادت أوكرانيا منطقة خيرسون.
وبعد أن استولت موسكو على شبه جزيرة القرم، منعت كييف إمدادات المياه عبر قناة متفرعة من نهر دنيبرو. وعندما استولت روسيا على أجزاء من منطقة خيرسون ومنطقة زابوريجيا المجاورة إلى الشرق، تحركت على الفور لفتح القناة. وتحتاج روسيا لهذه المياه من أجل السكان المحليين والمنشآت العسكرية العديدة ولري الأراضي القاحلة في شبه الجزيرة.
طرق الإمدادات اللوجستية
تضم منطقة خيرسون مصب نهر دنيبرو الواسع الذي يُقسم أوكرانيا. وتقع العاصمة الإقليمية، مدينة خيرسون، على الضفة الغربية للنهر. وكانت المكان الوحيد الذي توجد فيه روسيا على الضفة الغربية وعززت بكثافة قواتها هناك في الأشهر القليلة الماضية.
وقصفت القوات الأوكرانية الجسور فوق النهر لعرقلة قدرة موسكو على إعادة التزود بالإمدادات. وإذا فقدت روسيا موقعها الوحيد على الجانب الغربي من النهر، فستكون أوكرانيا أكثر قدرة على مهاجمة خطوط الإمداد الروسية الأخرى وتحدي سيطرة موسكو على أجزاء أخرى محتلة من الجنوب مثل منطقة زابوريجيا حيث تحتل القوات الروسية محطة للطاقة النووية.
وقال أوليه جدانوف “الضفة اليمنى (الغربية) مهمة لكلا الجانبين،(لروسيا) من أجل ضمان استمرار الدفاع من اتجاه زابوريجيا، و(لأوكرانيا) لتحرير هذه الجهة وقطع هذه الشرايين الثلاثة المهمة: الممر البري إلى شبه جزيرة القرم والمياه إلى شبه جزيرة القرم واستعادة السيطرة على (المحطة النووية)”.
أهمية رمزية
كانت مدينة خيرسون العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها القوات الروسية منذ بدء الغزو في 24 فبراير شباط. وقال المحلل العسكري أولكساندر موسينكو إن خسارة خيرسون ستكون بالتالي ضربة معنوية كبيرة للكرملين وتشير إلى أن روسيا عجزت، في الوقت الحالي، عن المضي قدما إلى مدينتي ميكولايف وأوديسا اللتين سعت موسكو إلى الاستيلاء عليهما.
وتابع “من الواضح أن خسارة خيرسون وجسر خيرسون ستكون لها عواقب على صورة روسيا وسيُنظر إليها بشكل سلبي داخل البلاد”.
السيطرة على البحر الأسود
تطل منطقة خيرسون، التي كان عدد سكانها قبل الحرب يتجاوز مليون نسمة، على البحر الأسود. وستساعد استعادتها كييف على استعادة السيطرة على بعض المناطق على طول ساحل البحر الذي يعد شريانا مهما لتصدير سلعها الغذائية للأسواق الخارجية.
(رويترز)