ما دلالات اعتماد الجزائر أكبر موازنة في تاريخها؟ 

حجم الخط
16

الجزائر- حسان جبريل:
زكّى البرلمان الجزائري بغرفتيه (المجلس الشعبي ومجلس الأمة) قانون المالية لعام 2023، والذي يوصف بأنه تضمن أكبر موازنة في تاريخ البلاد قاربت 100 مليار دولار.
وبعد مصادقة البرلمان الذي تسيطر عليه كتل الموالاة على قانون الموازنة، بقيت خطوة واحدة لدخوله حيز التطبيق مطلع يناير/ كانون الثاني القادم بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه.
ورصدت الحكومة للعام 2023، أضخم موازنة في تاريخ البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962، بلغت 99 مليار دولار.
وبلغت الإيرادات الإجمالية المتوقعة في المشروع 7901 مليار دينار (56 مليار دولار).
وجرى إعداد الموازنة على أساس سعر مرجعي للنفط يبلغ 60 دولارا للبرميل، وسعر سوق يبلغ 70 دولاراً.
وتوقع وزير المالية إبراهيم كسالي، أمام البرلمان تراجع التضخم في السنة المقبلة إلى 5.4 بالمئة، نزولا من 9.4 بالمئة حاليا، في حين ستصل نسبة نمو اقتصاد البلاد 4.1 بالمئة.

عجز قياسي

ستبلغ نسبة عجز الموازنة 20.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بأكثر من 43 مليار دولار، صعودا من 15.9 بالمئة خلال العام الجاري، التي تعادل 31 مليار دولار.
وبرر وزير المالية إبراهيم كسالي ارتفاع نسبة العجز، بالأثر المالي المتوقع لرفع الأجور والمرتبات المنتظرة، خلال السنة المقبلة، إضافة لمراجعة علاوة العاطلين عن العمل (زيادتها).
وفي رده على أسئلة أعضاء البرلمان حول طريقة تمويل هذا العجز غير المسبوق، قال الوزير إنه سيتم “عن طريق استغلال موارد صندوق ضبط الإيرادات المتاحة في نهاية 2022.
ويتوقع أن يبلغ إجمالي أموال صندوق ضبط الإيرادات المتاحة في 2022، بنحو 16.6 مليار دولار. كما تعول الحكومة على فوائض قد يتم تسجيلها في 2023.
وصندوق ضبط الإيرادات، هو مؤسسة مالية لادخار عائدات النفط ويتضمن الإيرادات المحسوبة من الفارق بين سعر النفط المرجعي للبرميل عند إعداد الموازنة، وسعر السوق حيث يباع الخام فعليا.
كما سيتم التمويل حسب الوزير، من “سوق قيم الخزينة الذي أجريت عليه تحديثات، من خلال وضع أرضية إلكترونية لإصدار وتداول القيم، أدت إلى توسيع قاعدة المستثمرين في قيم الخزينة السيادية”.
يضاف إلى ذلك، حسب كسالي، السيولة البنكية التي شهدت خلال 2022 تطورا ملحوظا حيث بلغت 1800 مليار دينار (13 مليار دولار) في أواخر سبتمبر/ أيلول 2022.
وهذه السيولة، ستساهم بالإضافة إلى تمويل المشاريع الاقتصادية، في تمويل عجز الخزينة من خلال الاكتتاب في سوق سندات الخزينة.

أكبر ميزانية للدفاع

رصدت السلطات الجزائرية موازنة دفاع قاربت 23 مليار دولار وهي الأكبر في تاريخ الجزائر.
وورد في قانون الموازنة والذي عرض على البرلمان، أنه تم رصد حوالي 3186 مليار دينار (قرابة 23 مليار دولار) لنفقات الدفاع الوطني، دون تفاصيل حول طبيعتها.
وفي موازنة العام 2022 بلغت نفقات الدفاع الوطني 1300 مليار دينار (قرابة 10 مليارات دولار).
ولم يصدر أي تعليق من السلطات حول مشاريع الدفاع التي ساهمت في تضاعف موازنة 2023.
وظهرت مؤشرات حول توجه الجزائر، نحو صفقات تسلح جديدة، من خلال استقبال قائد أركان الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة، لعدة مسؤولين عسكريين أجانب خلال الأسابيع الأخيرة، في مقدمتهم مدير الهيئة الفيدرالية للتعاون العسكري التقني الروسية، ديمتري شوغاييف.
وحسب تقارير دولية، تعد الجزائر ثالث مستورد للسلاح الروسي في العالم، فيما تعتبر موسكو أول مموّل للجيش الجزائري بالأسلحة والأنظمة الحربية بنسبة تفوق الـ50 بالمئة.

تغطية زيادات الأجور

في هذا السياق، يرى والبروفيسور والمحلل الاقتصادي، محمد حميدوش، أن موازنة بهذا الحجم تقارب 100 مليار دولار، تشير إلى توجه نحو نموذج اقتصادي جديد يقود قاطرة النمو فيه الاستهلاك وليس القطاع العمومي (الحكومي).
وأوضح محمد حميدوش، الذي اشتغل سابقا كخبير لدى البنك الدولي، أن هذه الموازنة التي تعد الأضخم في تاريخ البلاد، موجهة بالدرجة الأولى لزيادات الأجور المرتقبة في العام المقبل.
ويشرح المتحدث أن هذا يعني وجود توجه لتغيير النموذج الاقتصادي، بحيث عوض أن يكون القطاع العمومي الحكومي والذي يقود قاطرة النمو، “سنتوجه تدريجيا إلى أن الأسر هي التي تحفز النمو من خلال الاعتماد على الاستهلاك”.
واعتبر الخبير أن هذا التوجه سيعطي دافعا للنمو الاقتصادي؛ موضحا أنه عكس ما يتوقعه قانون الموازنة ذاته بأن يكون أكبر من 4 بالمئة في 2023، ستقترب النسبة من 6 بالمئة.

استباق أزمة اقتصادية

من جهته، يعتقد الصحافي المتخصص في القضايا الاستراتيجية والدفاعية، أكرم خريف أن اعتماد السلطات هذه الموازنة الضخمة، يمكن تفسيرها بسببين رئيسيين.
وذكر أكرم خريف، أن الموازنة الضخمة التي قاربت 100 مليار دولار، تشير إلى وجود نية إطلاق إصلاحات كبرى خصوصا من الناحية الاقتصادية.
وأضاف خريف السلطات متوجسة أيضا من الحالة الاجتماعية، واحتمالات تفاقمها جراء الأزمة الاقتصادية العالمية، التي طالت عديد البلدان ويمكن أن تصل الجزائر أيضا ولو بأقل حدة.
“الموازنة الضخمة هي نوع من الاستباق، للتصدي لأي طارئ اجتماعي ومحاولات لتهدئة الجبهة الاجتماعية تحسبا لتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية”.
وبخصوص موازنة قطاع الدفاع التي تعتبر هي الأخرى الأكبر في تاريخ الجزائر، اعتبر أكرم خريف أن ذلك راجع لتداعيات الحرب في أوكرانيا، واقتناع الجيش الجزائري بضرورة التطور أكثر، وأيضا التحضير لمواجهة الوضع المتأزم بمنطقة الساحل الإفريقي.

(الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Nacer:

    شراء السلم الاجتماعي عوض تشجيع الاستثمار أمام الشباب بمنح قروض تفضيلية او مساعدات مالية . ويبقى الموظف الجزائري الأقل أجرا في منطقة المغرب العربي رغم ملايير المحروقات .

    1. يقول ابن الجزاءر:

      لكن اجر الموضف الجزاءري يغطي كل احتياجاته لان كل شيء بسعر معقول .

    2. يقول عمر:

      اجر الموظف الجزائري هو الاكبر في افريقيا ،،زيادة على المعيشة التي تعتبر من الارخص في العالم

    3. يقول نورهان جبار:

      حتى ولو لم يكن هناك استثمار بالمستوى المأمول لبلد بحجم الجزائر القارة، فلأول مرة أؤيد هكذا قرار يستبق الفوضى الممكن حدوثها جراء زعزعة استقرار السلم الإجتماعي في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية والجيوسياسية المعقدة منذ بداية الجائحة كورورنا مرورا بحرب أوكرانيا والله أعلم ما يمكن أن يحدث العام القادم في ظل التوتر العالمي ببن الغرب والشرق وما بينهما حول الهيمنة الطاقوية والاقتصادية وما تمارسه أمريكا من ابتزاز للدول المنتجة للطاقة التي من بينها الجزائر وروسيا والسعودية تحديدا. لذلك وجب تطمين الجبهة الاجتماعية وتأمين البلاد اقتصاديا، سياسيا وعسكريا فيما يمكن أن يراه بعض بسطاء التفكير مجرد اهدار للمال …العجز الحقيقي يمكن أن يكون لو لم تستبق الدولة أمورا مصيرية كهذه ….ولكم مثال في تونس وليبيا والمغرب وموريتانيا ومصر ولبنان والأردن والسودان كلها تعاني الأمرين اجتماعيا واقتصاديا لدرجة الانفجار الاجتماعي الذي أصبح لا يطاق. إذن القرار منطقي وواقعي بغض النظر عن صوابه من عدمه في هذه النرحلة الحرجة.

  2. يقول قلم حر في زمن مر:

    دلالات تبشر بالخير العميم بإذن الرحمان الرحيم رب العالمين ????

  3. يقول عيسى الجزائري:

    الجزائر، تتأقلم مع الوضع العالمي، ليس إلا!! ،اليابان اليوم خصصت ثالث أعلى ميزانية للدفاع، بعد أمريكا والصين، وقد رحبت أمريكا بذلك!!!! ،فكيف تلام الجزائر على ذلك؟، أم حلال عليهم وحرام على الجزائر؟

  4. يقول جزائري حر:

    لانستبق الحكم على سلبيات أو إيجابيات هذه الموازنة غير المسبوقة،حتى نرى إنعكاساتها على المواطن والإقتصاد بعد عام

  5. يقول Nacer:

    هناك فرق بين شراء السلم الاجتماعي، وبين ادماج الشباب داخل المنظومة الاقتصادية لخلق الثروة . شراء السلم الاجتماعي يعني تكبيل المواطن و جعله تحت السيطرة ، والا تسحب منه المنحة . ادماج الشباب في المنظمة الاقتصادية يعني خلق طبقة قادرة على المبادرة لكنها قد تخرج عن السيطرة ، لأنها ستصبح أكثر استقلالية و ستطالب باصلاحات جذرية قد تسحب البساط من أقدام المتحكمين في زمام الأمور بقبضة من حديد . ستهدر الملايير كما في السابق ، ولا شيء سيتغير.

    1. يقول ابن الجزاءر:

      نشكرك على اهتمامك بشؤون الجزاءر و نبادلك الشعور لبلدك ،الذي هو متال للرخاء و التنمية و الرفاه.

  6. يقول عزوز:

    أكبر موازنة لشراء الخردة الروسية كم سيأخذ التعليم من هذة الموازنة ؟

    1. يقول Hamzapirlo:

      اللهم بارك وزد….

  7. يقول اسامة جفالي:

    ميزانية الدفاع هي من رفع حجم الموازنة العامة.

  8. يقول Redouane:

    ميزانية الجيش الامريكي و هو اقوى جيش في العالم يتم مناقشتها بالتفاصيل و هذا رغم سرية و حساسية ااكثير من المشاريع العسكرية التي تصرف لها الاموال .
    اما نحن ترفع ميزانية الجيش الذي يشتري كل شيء من روسيا بنسبة 60%

  9. يقول Adel Rais:

    الاقتصاد الاسلامي هو الحل ولا حل سواه .

  10. يقول رفبق:

    اللهم بارك وزد

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية