إن مرور أكثر من خمسة عشر عاما على احتلال العراق حيث فرض المحتل وأذنابه عملية سياسية ودستور طائفي عرقي جعل العراق بلدا لا يمكن أن يحكمه شخص أو حزب منتخب أو غير منتخب.
إملاءات دستورية
إن ما يجري نتيجة هذه الإملاءات الدستورية وما نتج عنها من محاصصات طائفية وعرقية انعكس بمرور الأيام من ممارسات ظلم ممنهج غير مرئي داخل العراق ضد مكون عراقي أصيل. هذا ما سيقود العراقيين إلى مزيد من التمزق الذي ينذر بعواقب وخيمة لا يعلم نتائجها إلا الله أهونها التقسيم أو حتى عودة الحرب الأهلية المشفوعة بالثأر والانتقام.
إن انهيار مفهوم المواطنة وظهور الهويات الفرعية كالطائفية والميليشيات والأحزاب وترسخها في أعماق البلاد أضحت اشكاليات يومية تنخر مفردات عمق الدولة العراقية اجتماعيا واقتصاديا. لقد بات المتنفذون من العراقيين من أقطاب المحور الثلاثي سابق الذكر يمارسون اليوم مع مواطنيهم المهمشين أصلا من العراقيين العرب السنة سياسة الكفيل أو الضامن التجاري. أي مثلما تفعل دول الخليج مع الأجانب من الدول العربية والإسلامية في سياساتها الاقتصادية. تمارس في العراق ايضا هذه العبودية الاقتصادية لكن مع أبناء الوطن الواحد وليس مع الأجانب من إيرانيين وغيرهم.
إن من الحقائق التي لا تريد أمريكا والدول الأوروبية وسائر دول العالم معرفتها ماهية الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في العراق بعد مرور أكثر من عقد ونصف على كارثة احتلال العراق. لقد تجذرت حقائق مرة وصعبة تعيشها وتتعايش معها طبقات اجتماعية عريضة من أهل السنة بعضهم من ميسوري الحال كالضباط القدامى والتجار وأرباب الحرف المهنية إضافة إلى الموظفين والفلاحين والحرفيين وجيوش العاطلين من الشباب. بطبيعة الحال هناك أيضا الكثير من المظالم ضد أهلنا الشيعة أيضا خصوصا في البصرة والنجف وسائر المحافظات الجنوبية سنعرج عليها لاحقا.
معاناة العراقي
إن الهيمنة الحكومية التي ترسم سياسة العراق الجديد والقاضية برضوخ الآخر لسياسة الأمر الواقع. فقد مورست وتمارس ضغوطات على الوزراء والنواب السنة على جميع الأصعدة. فالوزير أو النائب السني الذي جاء بالمحاصصة أو التزوير لا يمكنه أن يقرر قرارا سياديا دون أن يأخذ موافقة نائبه الشيعي الذي يأخذ التعليمات من حزبه وسياسة مكونه. في حين أن الوزير او النائب لا يمتلك أي استراتيجية لخدمة مكونه لأن المكون السني نفسه استسلم تماما للأمر الواقع وهو مشتت المشارب بين السلفية والصوفية والإخوانجية. لم يبق أمام أغلب أهل السنة العرب في داخل العراق إلا الصراع مع الحياة ومقدراتها اليومية أمام التهجير والخطف والاعتقال الكيدي والاغتيالات والتفجير. ينبغي إذن على أهل السنة أن يتعايشوا مع الظروف الجديدة وفق رغبات وتوازنات المحاور المهيمنة الجديدة الطائفية الميليشيات الأحزاب.
هناك بعض الأمثلة التي تكشف معاناة العراقي السني العربي وانتشار هيمنة المد الطائفي ففي بعض مدن محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار وديالى وكركوك لا يتمكن ذلك المواطن أن يفتح متجرا أو معملا أو حتى دكان بيع خضار من دون أن يشاركه شيعي من أحد الميليشيات المتنفذة كبدر أو العصائب. هذا الشخص الشيعي في تلك المنطقة الذي صنف نفسه كمواطن من الدرجة الأولى أضحى لا يعمل شيئا وتأتيه الأرباح نهاية كل شهر دون أي مجهود. والويل والثبور وعظائم الأمور لمن يرفض هذا العرض اذ ستكون نتيجته ومصير رافضه القتل او التهجير أو تفجير المتجر أو البيت.
في بلد لم يتعاف بعد من البعد العشائري أيام النظام البائد اذ كانت العشائرية تلعب دورا مهما آنذاك تحت خيمة حزب البعث والولاء المطلق له. تحول ولاء العشيرة اليوم من الحزب الواحد إلى الطائفة والمذهب الواحد. فباتت القبائل تحتمي وتتحرك تحت خيمة المذهب وقوة ميليشياته المسلحة. فكم من بيت من بيوت أهل السنة كتب عليه مطلوب دم لا يؤجر ولا يباع. ولإمعان تغفيل الشعب العراقي في تلك المناطق ومجاراة رفض عموم العراقيين للطائفية المقيتة. يكتب المجرمون على الجدار أحيانا مطلوب عشائريا. لكن الحقيقة أن الميليشيات الطائفية هي التي تقف وراء هذه الأعمال لأنها الوحيدة التي تفرض قوانينها على الدولة والمجتمع.
ضمن هذه السياسة المهيمنة والمتجبرة نرى كيف أن الحشد الشعبي هدم بيوت ومساجد في قرى صلاح الدين والانبار وديالى وأحرق بساتين الفلاحين بعد هروب تنظيم الدولة عام 2015. فعلى سبيل المثال هدمت جميع القصور الرئاسية للنظام السابق في مدينة تكريت بل حتى المحكمة القضائية وعشرات البيوت للضباط السابقين ولا يتجرأ أحد على إصلاحها أو التقرب منها. فالكلمة الفصل للحشد وليس للمواطن وعلى مواطني تلك المناطق الاستسلام والخنوع القسري تحت تهديد التهجير والقتل وتهمة 4 إرهاب.
إن هيمنة الميليشيات على مدن وقرى العراق فتح الحبل على غاربه لتأجيج الطائفية مرة أخرى اعتقادا منها بفرض الأمر الواقع على الأرض. فجنبا إلى جنب التطهير الطائفي ترتفع الكثير من الشعارات التكفيرية في الطرقات الرئيسية وعلى جدران المباني العامة، التي تنتقص بل تسب الصحابة الكبار ورموز الإسلام كأبو بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهما. كما أن مناهج الدراسة في المدارس والمعاهد والكليات بدأت تتغير بسلاسة وعناية باتجاه تكريس مقولة عراق المذهب الواحد
الدفاع عن المظلومين
إنني لا أدعي في هذه المقالة امتلاك الحقيقة كاملة ولا أدعي الدفاع ظلما وعدوانا عن أهل السنة العرب العراقيين. إن كل ما أبتغيه هو نقل الحقيقة والدفاع عن المظلومين في بلاد الرافدين أيا كان دينهم ومذهبهم وقوميتهم. فعلى سبيل المثال لم يمنعني ديني ومذهبي وقوميتي أن أقف مع حقوق أهلنا الشيعة والأكراد العراقيين ضد بطش النظام السابق ضدهم في منتصف سبعينيات القرن الماضي. لقد اجبرتني تلك المواقف المبدئية فيما بعد لطلب اللجوء السياسي من فرنسا في مطلع أيلول/سبتمبر 1980 ولم أعد لوطني الا بعد سقوط النظام. لست الوحيد بطبيعة الحال من السنة العرب العراقيين الذين وقفوا ضد النظام في عز جبروته لنصرة المظلومين في العراق. إذ أن هناك الكثير من اهل السنة العرب ممن استشهدوا لهذه الغايات النبيلة .
أتوقع اليوم بعد نقل هذه المشاهدات على الأرض العراقية من أهلنا الشيعة والأكراد أن ينصفوا أهل السنة العرب ويدافعوا عن وجودهم برفض الدستور الطائفي الذي استأصلهم. من المفترض أيضا أن يطالبوا بإعادة المهجرين إلى مدنهم وقراهم ورفع الضيم السياسي والاقتصادي المسلط عليهم من قبل أنصار الميليشيات الطائفية، تلك التي تشاركهم بدون وجه حق في أرزاقهم وتفرض عليهم الأتاوات لأسباب طائفية وترميهم بالسجون تحت تهم الإرهاب الكيدية. كما أتمنى المخلصين من الشيعة والأكراد أن يطلبوا من الحكومة والمرجعيات الدينية منع وحظر رفع اللافتات الطائفية المحرضة على الفتنة المذهبية المرفوعة حتى هذه اللحظة في بغداد ومحافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى وكركوك. من المهم كذلك أن يلتزم الإعلام العراقي الرسمي والخاص قواعد المهنية والوطنية والحيادية دون تفضيل مذهب على آخر ودون سب وقدح لرموز الإسلام والمسلمين.
أما ممثلو أهل السنة العرب في الحكومة والبرلمان فلا يرتجى منهم أي خير لأن شغلهم الشاغل كسب رضى السلطة التنفيذية الحاكمة وربح الأموال والبحث عن الجاه والموافقة باستلام أي وزارة أو منصب. إنهم بالنتيجة بيادق تحركهم أمريكا وإيران والسعودية لصالح دولهم. تلك المصالح لتلك الدول غالبا ما تتعارض وتتقاطع مع المصلحة العراقية العليا.
كاتب عراقي
الحقيقة هي أن السُنة بالعراق أكثر من الشيعة! لكن الأخوة الكُرد فضلوا قوميتهم عن دينهم, وتخلى معظم العرب السُنة عن الإنتخاب!! ولا حول ولا قوة الا بالله
يا سيدي دفاعك عن مكون واحد هو امر لا يمكن وصفة باقل تعبير بالجيد فكل العراقيين يقبعون تحت نفس الظروف الامر بدا مع الاقليات ومن ثم بتفاقم الوضع اصبح الكل سواسيه فابن البصرة يعاني اكثر من ابن الموصل والانبار قبل ان تدمرا,على الشعب باكمله ان ينتفض ويغير المعادلة وحتى الاكراد يعانون من نفس المشاكل ولكن سلطة الاحزاب الكردية تمنعهم عن قول الحقائق
يجب ان يعرف ابناء العراق انهم جميعا في سفينه واحده فاما ان يصلو جميعا الى بر الامان او يغرقو جميعا في بحر الطاءفيه والقبليه والمذهبيه التي اتت بها القوى الاسعماريه والصهيونيه خصيصا لتدمير هذا البلد العظيم بشعبه وقدراته
يجب علا كل العراقيين ان يعرفو انهم في سفينه واحده فاما ان ينجو جميعا الى بر الامان او يغرقو جميعا في بحر الطاءفيه والقبليه والمذهبيه التي اتت بها القوى الاسثعماريه والصهيونيه خصيصا لتدمير هذا البلد العظيم بشعبه وقدراته