لندن – “القدس العربي”:
تساءلت صحيفة “ديلي تلغراف” في تقرير أعده كبير مراسلي الشؤون الخارجية، رولاند أوليفانت، عن أثر التقارب الأمريكي- الروسي على النظام الإيراني.
ونقل عن خبراء قولهم إن العلاقة الحميمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد تطيح إلى جانب السخط الداخلي بنظام الملالي في طهران.
وقال إن ترامب شن أقوى حملة عسكرية التي واستخدم فيها القوة العسكرية المدمرة ضد الحوثيين في اليمن وقتلت 53 شخصا على الأقل، مشيرا إلى أن استعراض القوة لم يكن يهدف فقط إلى إبقاء ممرات الشحن مفتوحة في البحر الأحمر، بل كانت رسالة تحد موجهة لدولة أخرى.
فقد أعلن ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي قائلا: “سينظر إلى كل طلقة يطلقها الحوثيون من الآن فصاعدا على أنها طلقة أطلقتها أسلحة وقيادة إيران. وستحاسب إيران وستتحمل العواقب وستكون هذه العواقب وخيمة”.
استعراض القوة لم يكن يهدف فقط إلى إبقاء ممرات الشحن مفتوحة في البحر الأحمر، بل كانت رسالة تحد موجهة لدولة أخرى
وتقول الصحيفة إن التحدي كبير، مع أن ما لم تتم مناقشته بالطريقة التي تناقش فيها غزة وأوكرانيا هو البرنامج النووي الإيراني، الذي يعتبر على رأس قائمة أولويات ترامب.
ففي عام 2018 مزق ترامب الخطة الشاملة المشتركة للعمل، وهي الاتفاقية الموقعة عام 2015 ومنحت بموجبها إيران تخفيفا من العقوبات مقابل رقابة صارمة على المنشآت النووية. ومنذ خروج ترامب من الاتفاقية زاد البرنامج النووي قوة بعد قوة. ويمتلك النظام اليوم يورانيوم عالي التخصيب صالحا للاستخدام في صنع الأسلحة لخمس قنابل على الأقل.
وتقدر المدة الزمنية الفاصلة بين إصدار الأمر وبدء إنتاج الرؤوس الحربية بأسابيع، لا بالسنوات. وقال ترامب في 7 آذار/مارس إنه كتب رسالة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، محددا مهلة شهرين لتوقيع اتفاق نووي جديد.
وقبل ذلك بيوم، أجرت طائرات إسرائيلية مناورة مشتركة مع قاذفات أمريكية من طراز بي 52 وهي واحدة من طائرتين فقط قادرتين على إطلاق القنابل اللازمة لضرب المنشآت النووية الإيرانية وتدميرها. أما الطائرة الثانية فهي بي2- سبريت التي استخدمت في الغارات على اليمن نهاية الأسبوع.
وتعلق الصحيفة أن الرسائل واضحة: فالعقود التي مضت في محاولة منع إيران من الحصول على القنبلة النووية قد وصلت نقطة حرجة، وفقط ترامب هو القادر على منع الأزمة، إما عبر الدبلوماسية أو الحرب. لكن الخيارين سيضعانه في مواجهة مع الرجل الذي يحاول التقرب إليه، وهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حليف إيران.
والسؤال الآن هو: هل ستدافع روسيا عن نظام طهران، أم ستضحي به على مذبح التقارب الروسي – الأمريكي؟ وتجيب الصحيفة أن الدلائل الأولية تشير إلى أن هناك الكثير مما يدعو قادة إيران للقلق. فعندما تحدث ترامب وبوتين في مكالمة مطولة الأسبوع الماضي، لإنهاء حرب أوكرانيا، شملت المكالمة حديثا عن الشرق الأوسط وكونه “منطقة تعاون محتمل لمنع الصراعات المستقبلية”. وبعد ذلك مباشرة، اتصل بوتين بإيران لعرض خدماته كوسيط مع الأمريكيين. وقال أحد المطلعين على خفايا الأمور في النظام لصحيفة “تلغراف” إن الروس “قالوا إن ترامب يريد المحادثات ويفضلها على الحرب”.
ولكن ما يخيف طهران هو رفع بوتين الدعم عن النظام مقابل الحصول على دعم ترامب في أوكرانيا. ويعني هذا أن يجبر التحالف الأمريكي- الروسي إيران على قبول المطالب الأمريكية وتوقيع صفقة محبذة لواشنطن.
وكانت إهانة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، في المكتب البيضاوي يوم 28 شباط/فبراير، تذكيرا لما قد يحدث لنظام طهران.
وقال المصدر إن هناك عدم يقين بعد ما حدث لزيلنسكي في البيت الأبيض. إلا أن عواقب رفض المبادرات من ترامب وبوتين غير جيدة. وقال المصدر إن العرض الذي قدمه ترامب لإنهاء الحرب على أوكرانيا هو أشبه بموقف متأرجح، أحدهما يؤدي إلى الحرب والدمار والآخر إلى الإذلال.
وأشارت الصحيفة إلى تاريخ الحكم في إيران على مدى التاريخ، حيث سقط حكام مثل كورش الكبير بسبب تدخل خارجي، وآخرون مثل الشاه نتيجة لثورة داخلية. وقد كان انهيار الحكم في معظمه نتيجة للخلل الاقتصادي ومشاكل المناخ. ولكن إيران عام 2025 تعاني من هذه المشاكل مجموعة.
وأشارت الصحيفة إلى خسارتها في العام الماضي نتيجة للحرب التي شنت على حلفائها بالمنطقة بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر وإضعاف حليفها اللبناني حزب الله وسقوط نظام بشار الأسد، إلى جانب الضربات الإسرائيلية التي دمرت دفاعاتها الجوية.
يعاني اقتصاد إيران من سقوط حر وزيادة في التضخم بنسبة 35% وخسارة العملة الإيرانية قيمتها أمام الدولار
ويعاني اقتصاد إيران من سقوط حر وزيادة في التضخم بنسبة 35% وخسارة العملة الإيرانية قيمتها أمام الدولار، وهناك أمر لا أحد يتحدث عنه وهو نقص المياه بسبب الجفاف. لو أخذنا هذه الانتكاسات معا، فإنها تركت النظام محاطا بأزمة شرعية عميقة تحد من هامش المناورة لكي يقوم بإصلاحات اقتصادية لا تحظى بشعبية ولكنها ضرورية، وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار المشروع الثوري بأكمله. ويقول مسؤول غربي عمل عن كثب في الملف الإيراني إن “سقوط النظام مسألة يتم الحديث عنها دائما، إلا أن هذا العام يبدو مختلفا”.
ووصف المخرج السينمائي، محمد رسولوف الذي يعيش في المنفى للصحيفة مزاج أصدقائه وأقاربه في داخل إيران: “الوضع صعب جدا ويشعرون أن النظام لم يكن يوما بهذا الضعف والعجز كما هو الآن، لقد أصبح يائسا وعاجزا”. وأضاف أن “طموحات إيران الإقليمية، التي أحدثت من خلالها كل هذه الفوضى في المنطقة، قد انهارت تماما خلال العام الماضي. وهذا أمر مهم جدا”.
ومن الواضح، في الوقت نفسه وجود انقسامات داخل النظام نفسه، فهناك من يعتقد أنه لم يعد من الممكن الاستمرار في مواجهة العالم بهذه الطريقة. وهناك من يرى أن امتلاك القنبلة النووية ضرورة حتمية.
وهناك من يرى أننا بحاجة إلى علاقات أقوى بكثير مع الصين وروسيا. والمخرج السينمائي، ليس وحده من يتحدث عن أزمة الشرعية، فقد قال قاض كبير قبل فترة إن الفساد مستشر في البلاد ويعمل على تآكل الدعم له وسط قاعدته.
وطالب القاضي غلام حسين محسني إجعي محذرا زملاءه بـ”السيطرة على جشعنا”. وقال مسؤول إيراني بارز لصحيفة “تلغراف” إن الوضع يائس جدا، لدرجة أن خامنئي مجبر على الاختيار بين التفاوض مع أمريكا لتخفيف المعاناة الاقتصادية، أو بناء قنبلة نووية كضمان. وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “هذه هي السبل الوحيدة لبقاء النظام”. وأضاف أن التردد الحالي بشأن المسار الذي سيختاره “يدفع النظام نحو الانهيار”.
وتقول الصحيفة إن تغيير النظام قد يحدث في النهاية من الداخل، ويبدو المشهد، ومن نواحٍ عديدة، مهيئا لثورة جديدة.
ورغم وجود تشابه في الظروف الحالية الهشة مع تلك التي أطاحت بنظام الشاه عام 1979، إلا أن هناك نوعا من التطابق، ففي نهاية سبعينيات القرن الماضي، جاءت صدمة التضخم المقترنة بسياسات تقشف حادة، بمثابة مفاجأة غير سارة لشعب اعتاد على ارتفاع مستويات المعيشة.
لا يتمتع البازاريون اليوم بالنفوذ الاقتصادي أو السياسي الذي كانوا يتمتعون به قبل 45 عاما، ولهذا فندمهم اليوم لا يشكل تمردا
وليس من الصعب أن تجد إيرانيين من الطبقة المتوسطة يعانون من هذا الفقر اليوم. ويرى العديد من الجيل الأكبر سنا أوجه تشابه مباشرة مع سقوط الشاه. وقال صاحب مكتبة في طهران: “رأيت الثورة تحدث أمام ناظري” و”لا أريد الموت قبل مشاهدة أخرى”.
وقد لعبت طبقة التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة، المعروفة باسم البازاريين، دورا رئيسيا وربما حاسما في ثورة 1979. وقال الرجل البالغ من العمر 68 عاما، والذي قال إنه اعتاد إغلاق متجره للانضمام إلى الناس في الشوارع في الأيام التي سبقت ثورة 1979، إنه يشعر الآن بأنه “خدع” بالوعود التي قطعها آية الله روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية. وقال: “بدا قرارا جيدا في ذلك الوقت، ولكن لو كنت أعلم أن هذه ستكون النتيجة، لما فعلته أبدا”. وأضاف: “الشعب يبتعد عن النظام والنظام يزداد وحشية ولا يمكنهم الصمود تماما، كما لم يستطع الشاه”.
ولا يتمتع البازاريون اليوم بالنفوذ الاقتصادي أو السياسي الذي كانوا يتمتعون به قبل 45 عاما، ولهذا فندمهم اليوم لا يشكل تمردا. لكن المطلعين على بواطن الأمور يقولون إنهم يدركون أن لحظة الخطر الثوري القصوى تقترب بسرعة. فمن ناحية، يقترب آية الله خامنئي من نهاية حياته، فهو في الـ 85 عاما، وربما اقترنت وفاته والبحث عن خليفة له بانتفاضة.
ونقلت الصحيفة عن أحد عناصر الباسيج، التابعة للحرس الثوري الإيراني “إن قمع الاحتجاجات الذي شهدتموه في السنوات الأخيرة ليس سوى تمهيد للانتفاضة الأخيرة، والتي ستحدث بعد وفاة المرشد الأعلى”. وما يثير قلق النظام هو أن الانتفاضة لو حدثت فستجمع معارضين من مختلف الأطياف السياسية. ويتفق المحللون الإيرانيون والأجانب عموما على أن خليفة خامنئي المرجح هو ابنه الثاني، مجتبى. ويعتقد البعض أن مجتبى لديه خطط لمجموعة من الإصلاحات على غرار سياسات محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي.
ولكن ماذا يعني هذا كله لترامب وهو يحاول منع القنبلة النووية الإيرانية؟ أولا هو أنه يمتلك نفوذا اقتصاديا حقيقيا. ويقول البروفسور علي أنصاري، رئيس مركز الدراسات الإيرانية بجامعة سانت أندروز، في إشارة إلى نظام العقوبات القاسية الذي فرضه ترامب يوم الثلاثاء: “أعتقد أن سياسة “أقصى ضغط” إذا أُعيد تطبيقها بالطريقة التي فرضت بها سابقا، ستسرع من عملية الانهيار الاقتصادي”.
وأشارت الصحيفة إلى أن أول ضغط اقتصادي أقصى مارسه ترامب، بعد انسحابه من الاتفاق النووي الأصلي عام 2018، أدى إلى انخفاض صادرات النفط الإيرانية إلى ما يقرب من الصفر بنهاية ولايته الأولى. وهو ما تسبب في فوضى اقتصادية، لكنه فشل في إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات.
لو انتهى الأمر بالحل العسكري، فإن ترامب يفضل لو قامت إسرائيل به. ويتدرب سلاح الجو الإسرائيلي على تدمير المنشآت النووية الإيرانية منذ أكثر من عقد
ولكن الكثيرين يعتقدون أن إيران لن تنجو من جولة جديدة للعقوبات، وليس أمامها إلا خيار التفاوض من أجل تخفيف العقوبات. وقال محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإصلاحي السابق الذي تفاوض كوزير للخارجية على اتفاق عام 2015: “أعتقد أنه يجب علينا التفاوض مع الجميع باستثناء النظام الصهيوني، لكن يجب أن نعرف أمريكا بشكل أفضل”. إلا أنه أجبر على الاستقالة بعد إصداره هذه التصريحات.
ولو انتهى الأمر بالحل العسكري، فإن ترامب يفضل لو قامت إسرائيل به. ويتدرب سلاح الجو الإسرائيلي على تدمير المنشآت النووية الإيرانية منذ أكثر من عقد، وقد كاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يأمر بالغارة عدة مرات. قامت القوات الإسرائيلية ببعض الأعمال التحضيرية في أكتوبر/تشرين الأول، عندما دمرت أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية من طراز إس-300 حول طهران.
ولكن الدور الروسي هنا مهم أيضا، فدعم بوتين، أو على الأقل موافقته، سيجعل المهمة أكثر أمانا ولكن التحديات ستظل قائمة. فهناك حاجة أولا لقمع الدفاعات الجوية وتوفير غطاء جوي وضرب الأهداف وتوفر حزمة من 100 طائرة مقاتلة. كما أن حجم القنابل يظل مهما، فالقنابل الخارقة للتحصينات مثل التي قتلت زعيم حزب الله حسن نصر الله في تشرين الأول/أكتوبر مصممة لاختراق تحصينات خرسانة على مسافة خمسة أقدام. ولا بد من مساعدة أمريكية، وهو ما يظهره نشر البوارج الحربية بالمنطقة. لكن نجاح العملية يعتمد على توفر المعلومات الأمنية الحقيقية.
ويرى البعض في المعارضة الإيرانية أن تدمير المنشآت النووية قد تكون كافية لإسقاط النظام. ومع ذلك، فإن كثيرين غير متأكدين. فقد ساهم غزو صدام حسين لإيران بعد ثورة 1979، في إضفاء الشرعية على النظام الجديد، حيث احتشد الإيرانيون، بمن فيهم بقايا النظام الملكي، للدفاع عن بلادهم.
ومن المشاكل الأخرى المتعلقة بتغيير النظام هي غياب قادة جاهزين وواضحين داخل إيران. وفي الوقت الذي يدعو فيه نجل الشاه لإيران علمانية ديمقراطية إلا أنه لا يوجد حماس لعودة الملكية. وهناك مريم رجوي زعيمة مجلس المقاومة، فهي غير شعبية داخل إيران وتتهم بالخيانة نظرا لقبولها العيش في ظل صدام حسين.
وفي النهاية فالتغيير لن يحدث إلا من الداخل، وقد يكون الطريق طويلا، لكن مثال سوريا يعطي صورة أنه ربما حصل سريعا.
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وهو ناصر الفلسطينيين وهازم عدوهم المحتل اللعين وعد رب العالمين وكان وعد الله قدرا مقدورا، اقتربت نهاية عصابة تل أبيب يا حبيب والأيام بيننا ☹️☝️🔥🐒🚀