عمان ـ «القدس العربي»: «ضم كامل للضفة… إنهاء حل الدولتين… بدء مرحلة تهجير جديدة على حساب الأردن». تلك العبارة هي مضمون الخطاب الذي تقدم به مجددا المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة لاختصار فهمه لما يسميه الإعلام الإسرائيلي خطة الوزير بتسلئيل سموتريتش ألد أعداء وخصوم الأردن.
الخلاصة في تغريده العضايلة قد تكون هي الأهم من جهته فقد أكمل الرجل عبارته قائلا: «لا سبيل لمواجهة هذا اليمين المتطرف إلا بدعم مقاومة الشعب الفلسطيني وجهاده على أرض فلسطين».
يعلم العضايلة ورفاقه في الحركة الإسلامية الأردنية بأن مثل هذا الخطاب لا يوجد من يتقبله وسط النخبة السياسية الرسمية على الأقل لا بل هو ذاته الخطاب الذي يتعاكس في الجوهر والشكل مع كل اتجاهات إنكار المخاطر وسط النخبة تلك.
في بعض الزوايا يزاود حتى على الموقف الرسمي بعض الإسلاميين سابقا على مثل هذه المقاربة التي يقترحها الشيخ العضايلة فالقول بأن السبيل الوحيد لمقاومة خطة سموتريتش هو دعم المقاومة الفلسطينية في الداخل اعتبرته بعض الأقلام المتحرشة بالإسلاميين صنفا من أصناف التحريض.
تلك طبعا، وفي كل حال، مزايدة يتبرع بها البعض حتى على الرؤية الرسمية البيروقراطية بحجم ومستوى المخاطر لكنها مزاودة تدفع العضايلة ورفاقه للتمسك أكثر بالبرنامج العلني الذي يقترحونه بعنوان دعم المقاومة تحصين لمصالح الدولة الأردنية.
كما تدفع في اتجاه إظهار حجم الحساسيات التي أنتجتها في الواقع الثقافي والسياسي الأردني كل اتجاهات اليمين الإسرائيلي حيث لا اتفاق بعد ولا تفاهم أفقيا على ما يصفه الخبير الإستراتيجي الدكتور أنور الخفش وهو يتحدث مع «القدس العربي» بإستراتيجية وطنية فعالة ومنتجة تقرأ واقع وميزان القوى اليوم.
الإسلاميون في عمان أكثر حذرا حتى من حكومة البلاد في جزئية محور المقاومة والبصمة الإيرانية.
والإخوان المسلمين في الأردن لا يمكنهم تقبل فكرة تجميد المحاذير الإيرانية تحديدا رغم ذلك هم الأكثر دعما وعلنا للمقاومة الفلسطينية.
وما يقترحه العضايلة في تغريدته المثيرة الأخيرة تجاوز إشكالات فتح علاقة أو تواصل مع فصائل المقاومة بكثير في اتجاه وصفة تدعم جهاد الشعب الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة.
دعم المقاومة
والمعنى هنا واضح فما يقترحه المراقب العام لجماعة الإخوان أكثر من صيغة دعم صمود الفلسطينيين على أرضهم بل الانتقال لحماية الأردن وليس لأي سبب آخر الى مستوى الاشتباك مع اليمين الإسرائيلي ودعم المقاومة في الأراضي المحتلة إضافة الى دعم الصمود باعتباره تحصيل حاصل علما بأن ما يقترحه الخفش وغيره هو قراءة خارج الصندوق للإجابة على سؤال في غاية الأهمية: من هو الطرف الذي كسب أو خسر معركة طوفان الأقصى بالمعنى الاستراتيجي؟
تغريدة العضايلة توحي بالجواب وإن كانت تريد خطوات إضافية لملء الفراغات الأردنية الوطنية.
لكن الأكثر حساسية في مجمل هذا الجدل والنقاش هو أن ما يقوله العضايلة وغيره من الناقدين لاتجاهات التكيف وإنكار المخاطر الإسرائيلية من الصنف الذي لا يتجرأ اي مسؤول رسمي في الهرم الدبلوماسي أو السياسي على نفيه اليوم علنا.
لا أحد عمليا يستطيع القول بأن خطة سموتريتش المعلنة في ضم الضفة الغربية لن تنتهي الى ما اقترحه في تغريدته الشيخ العضايلة لكن لا أحد في المقابل على الأقل في الهرم الوظيفي والرسمي يريد أن يقول للعضايلة أو للرأي العام بأن «.. ما يقوله الإخوان المسلمين للأسف صحيح».
هنا تبرز فعالية الإنكار البيروقراطي الرسمي وأحيانا السياسي وتبرز معها إشكالية خطاب رموز التيار الإسلامي السياسي عندما يقترحون المشكلة وحلولا صعبة جدا ومعقدة لها مثل الدعم الصريح للمقاومة الفلسطينية في الداخل.
أي دعم صريح ومباشر للمقاومة الفلسطينية سيطيح بالتأكيد أو يلحق ضررا على الأقل بحزمة المصالح والتحالفات الأردنية لأن المسألة مسألة إمكانات وتوازنات وتعقيدات مصالح في المقام الأول.
ولأن الخطاب الإخواني ليس مشكلته توقع أو مسؤولية إدارة ما سيحصل لاحقا إذا طبقت معايير محتوى ومضمون ما تقترحه تغريدة الشيخ.
استقرار المنطقة
قالها قريبة من هذا المعنى لـ «القدس العربي» وزير الخارجية أيمن الصفدي وهو يؤشر إلى التحديات اليومية التي زرعها في طريق استقرار المنطقة والعالم العدوان الإسرائيلي وألمح لها رئيس الوزراء الأسبق المخضرم سمير الرفاعي عندما أشار الى أن الدول لديها مصالح وتوازنات. في كل حال مقاربة العضايلة تقترح مجددا بأن الأفق الوحيد أمام البلاد إذا ما تمكن سموتريتش من فرض إيقاعه في الضفة الغربية هو الانتقال لدعم فصائل وخيارات المقاومة أردنيا.
قد يكون ذلك صحيحا بالمعنى الشعبي. وقد يكون الأكثر تمثيلا حقا لمشاعر الشعب الأردني. لكن رهانات السلطة السياسية تقرأ الإمكانات بمعزل عن المايكرفون وتتعامل مع المصالح بمنأى عن الشارع ووجهة النظر في غرف وكواليس القرار هي تلك التي تقترح بأن أجندة سموتريتش لا مستقبل لها.
وبأنه لا يوجد خطر محدق بتهجير أهل الضفة الغربية بعد كما تقترح بأن البقاء في إطار التوازن ما بين المبدأ السياسي الأخلاقي والثوابت والدور هو الفرصة الحقيقية لمواجهة المخاطر.
طبعا خطاب الأروقة الرسمية والدبلوماسية لا يناسب تيارات الشارع.
والعكس بالتأكيد صحيح لكن المطلوب بين هذه وتلك في الحد الأدنى الآن تشخيص المصالح بصورة أعمق ثم ترسيم الخيارات والإجراءات والخطوات دون التورط مجانا بإقصاء وإبعاد وتشويه المقاومة الفلسطينية التي قدر كثيرون من اللحظة الأولى بعد 7 أكتوبر وعلى رأسهم المخضرم أحمد عبيدات وغيره بأنها السبيل الوحيد ليس لدعم الشعب الفلسطيني فقط ولكن للدفاع عن مصالح الأردن العليا التي لا يختلف عليها لا الشارع ولا المؤسسة.
ليس غريبا أن يلتقي خطاب أو إنذار عبيدات في نقطة ما مع محتوى الشيخ العضايلة. ليس غريبا أن يقلق المواطن الأردني أو حتى يكفر بالسلام والتطبيع ويرتاب بالقطيعة مع المقاومة.
الغريب هو أن جهة ما رسمية وعميقة لا تريد أن تسمع كل الأصوات.
والأغرب أن هذا لا يحصل حتى اللحظة لأن البقاء في سياسة التخويف من الإخوان المسلمين والاندفاع نحو الانتخابات النيابية المقبلة انطلاقا من هواجس ما حصل في انتخابات طلاب الجامعة الأردنية قد لا يكون الخيار الأسلم.
بعض من فشلوا بالوصول للبرلمان وتمثيل الشعب قانونيا يدعون بين حين وآخر تمثيل مصالحه على طريقة (إني أريكم ما أرى) فتخيلوا لو وصل أيهم لموقع مسؤولية، إذن يجب تأكيد أن نظامنا نشأ بشرعية مبايعة عشائر وقبائل وذوات من كل منبت لقيادة هاشمية جيدة أمينة بنظام حكم دستوري ملكي نيابي يحترم مكونات وحقوق إنسان ومرأة وطفل ويحمي نفس وعقل ومال وعرض ومساواة أمام عدالة أسوةً بأول دولة مدنية بالعالم أقامها سيدنا محمد (ص) قبل 14 قرن وهذا عقد الأردن الاجتماعي وسند استقراره وتبنته أكثرية ساحقة ترفض خلق دولة فوق الدولة.
النظام الأردنى يزود اسرائيل بما تحتاحه من الخضروات
سيكتب التاريخ أن الممالك العربية حراب بأيدي أمريكا و الغرب لمحاربة الإسلام، و منع أي نهضة لهم.