الأمم المتحدة- «القدس العربي»: بناء على طلب من البعثة السورية الدائمة لدى الأمم المتحدة، وبدعوة من الجزائر وموزامبيق وسيرا ليون والصين، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة، الثلاثاء، لمناقشة التطورات الأخيرة في الشمال السوري بعد قيام “هيئة تحرير الشام” المصنفة لدى الأمم المتحدة جماعة إرهابية، بالسيطرة على العديد من المدن والقرى من بينها سراقب وحلب وإدلب.
وشارك في الجلسة بالإضافة إلى السفير السوري، قصي الضحاك، كل من نائبة السفير التركي، والسفير الإيراني، والسفير اللبناني. كما دعي إلى المشاركة رائد الصالح، ممثلا عن منظمة “الخوذ البيضاء”.
واعترض السفير الروسي، فاسيلي نيبنزيا، في بداية الجلسة على دعوة الولايات المتحدة، والتي ترأس مجلس الأمن للشهر الحالي، لصالح، كي يقدم إحاطته أمام المجلس خلال الجلسة. وقال المندوب الروسي إن ذلك جاء دون تشاور مع بقية الدول الأعضاء. وصوتت الدول الأعضاء بمجلس الأمن، بطلب من روسيا، حول السماح للصالح بتقديم إحاطته أمام المجلس. وأيدت أغلب الدول الأعضاء (11 دولة) مشاركته، في حين صوتت ضدها كل من روسيا والصين وامتنعت الجزائر وموزمبيق عن التصويت.
وكان أول المتحدثين في الجلسة المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا، غير بيدرسون، الذي وصف الوضع في سوريا بالمتقلب والخطير للغاية، وقال: “إن التحولات التي شهدتها سورية على الأرض أخيراً أدت إلى تغيير جذري للوضع الراهن الذي استمر لأربع سنوات”.
وقال بيدرسون: “لقد أصبحت مساحة شاسعة من الأراضي تحت سيطرة جهات فاعلة من غير الدول، بهيئة تحرير الشام المدرجة على قائمة مجلس الأمن الدولي باعتبارها جماعة إرهابية، وجماعات المعارضة المسلحة، بما في ذلك الجيش الوطني السوري.” وتابع: “تسيطر هذه المجموعات حاليا على أراض تضم ما نقدره بنحو سبعة ملايين شخص، بما في ذلك حلب، ثاني أكبر مدينة في سورية، وهي مدينة ضخمة ومتنوعة يعيش فيها أكثر من مليوني شخص”.
وقال المبعوث الخاص إلى سوريا إن تلك التطورات أثارت ردود فعل متباينة بين الشعب السوري، فكانت تهديدا خطيرا للبعض، وإشارة أمل لآخرين.
وقال المبعوث الخاص لسوريا إن الأطراف السورية وأصحاب المصلحة الدوليين الرئيسيين بحاجة إلى المشاركة بجدية في مفاوضات هادفة وجوهرية لإيجاد مخرج من الصراع. وأضاف: ” تحقيقا لهذه الغاية، كنت أعمل عبر الهاتف مع مجموعة كاملة من الأطراف السورية وأصحاب المصلحة الدوليين الرئيسيين، لحثهم على اتخاذ إجراءات ملموسة وفورية”. وأعلن المسؤول الأممي أنه سيكون في المنطقة في الأيام المقبلة لحضور مجموعة من الاجتماعات رفيعة المستوى.
ووصف مندوب روسيا ما يحدث على الأرض بـ”الهجوم الإرهابي”، وتحدث عن انتهاك هيئة تحرير الشام للاتفاقات.
وعبر نائب السفير الجزائري أحمد صحراوي، نيابة عن أعضاء الدول الأفريقية الثلاثة + واحد (موزمبيق وغيانا وسيراليون والجزائر)، عن جزعه الشديد حيال التصعيد الأخير الذي تشهده سوريا. وأضاف: “هذه الهجمات (…) أدت إلى خسائر مأساوية في صفوف المدنيين الأبرياء بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية”، وأكد على الحاجة الماسة لإيجاد حلول سياسية فعالة بدلا من إدارة الصراع، مشدداً في الوقت ذاته على أنه “لا حل عسكرياً للأزمة السورية. إن المسار الوحيد القابل للتطبيق هو الحل السياسي الذي يحافظ على وحدة وسلامة واستقرار الأراضي السورية”. وأكد على “ضرورة عودة الحوار الشامل لتسوية الأزمة، ونحث كل الأطراف على الانخراط بشكل بناء والتجاوب مع مبادرة المبعوث الخاص غير بيدرسون”، وشدد على أهمية إعادة عقد اجتماعات اللجنة الدستورية.
المندوب الصيني فو كونغ أعرب عن قلق بلاده من التطورات الأخيرة، وقال إن “الهجمات واسعة النطاق على حلب وإدلب (…) أدت لمزيد من تدهور للوضع الهش أصلا”، وأدان “سيطرة القوات المسلحة على القنصلية الإيرانية في حلب”.
وقال نائب المندوبة الأميركية روبرت وود إن بلاده تتابع الحالة في سورية عن كثب، مؤكداً أن لا علاقة لبلاده بالهجوم الأخير، واتهم “النظام السوري بخوض حرب أهلية بدعم من حزب الله وروسيا وإيران (…) وهذه الجهات الثلاث أضعفت في الفترة الأخيرة بسبب نزاعات في مناطق أخرى (…) ومن غير المفاجئ أن الأطراف في سورية حاولت الاستفادة من ذلك. وكان نظام الأسد قد رفض المشاركة بالعملية السياسية بحسب ما ينص عليه القرار 2254″، وشدد في الوقت ذاته على أن لا صلة لبلاده “بهذا الهجوم الذي تشنه المعارضة المسلحة تحت قيادة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة مدرجة على قوائم مجلس الأمن والولايات المتحدة باعتبارها جماعة إرهابية. ومن الواضح أن لدينا مخاوف بشأن هذه الجماعة”.