دمشق ـ «القدس العربي»: شيّع أهالي قرية كويّا في ريف درعا جنوب سوريا، أمس الثلاثاء، 7 شهداء سقطوا في قصف نفذته قوات الاحتلال خلال توغلها في البلدة الواقعة في ريف المحافظة الغربي.
وحسب مصادر «القدس العربي» فقد قصفت قوات الاحتلال البلدة بعدة قذائف ما تسبب في حركة نزوح بين سكان البلدة إلى قرى حوض اليرموك، وسط تحليق متواصل للطيران المروحي في أجواء المنطقة.
المتحدث باسم شبكة تجمع أحرار حوران، أيمن أبو نقطة، قال لـ «القدس العربي» إن جيش الاحتلال استخدم ثكنة الجزيرة الواقعة في ريف درعا، كمنطلق لعملية التوغل التي شنها صباحا على القرية، وهي موقع عسكري قديم تابع لقوات نظام الأسد، سيطرت عليه قوات من جيش الاحتلال بعد سقوط النظام المخلوع، واتخذته موقعا عسكريا لها ومنطلقا لعمليات التوغل في درعا والقنيطرة، كما كان موقعا لقصف المنطقة ورصدها. وأضاف: من خلال هذه الثكنة المرتفعة، والتي تشرف على القرية وترصدها ، قامت قوات الاحتلال بالتوغل البري في وادي القرية الذي يضم مساحات زراعية واسعة للفلاحين.
أول اشتباك مسلح
بدأت التطورات، حسب المتحدث، عندما حاولت دورية عسكرية إسرائيلية التوغل داخل قرية كويا، عبر الوادي الذي يضم مساحات زراعية للفلاحين، إلا أن فلاحين وشبانا من أبناء القرية تصدوا لها ورفضوا دخولها، ما أدى إلى وقوع اشتباكات متقطعة استمرت نحو ساعتين، وانتهت بانسحاب الدورية خارج القرية.
وأكد أن عملية التصدي من قبل شبان قرية كويا جاءت في إطار الدفاع عن النفس كردة فعل على عمليات التوغل الإسرائيلي المتكررة في محافظة القنيطرة وريف درعا الغربي، والتي تنجم عنها تجاوزات وتعديات على ممتلكات المدنيين الخاصة وتهديد حياتهم، الأمر الذي يزيد من معاناة المدنيين ويدفع المنطقة نحو تصعيد أكبر.
ودفع الاشتباك المسلح الأول من نوعه «منذ أن توسعت إسرائيل واحتلت مواقع عسكرية في ريفي درعا الغربي وريف القنيطرة جنوب سوريا، جيش الاحتلال الإسرائيلي لقصف قرية كويا بعدد من قذائف الدبابات، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى في صفوف المدنيين، في ظل افتقار المنطقة لأي نقطة طبية قادرة على تقديم الإسعافات اللازمة للمصابين».
وخلّف القصف حسب المصدر، شهداء، منهم أمين سالم سليمان، أيهم هايل الحمدان، علي محمد الحنيص، لؤي العقلة، جودت علي سليمان، ومحمد قاسم محسن، من بينهم اثنان قضيا متأثرين إثر جراحهما البليغة». كما أدى القصف إلى جرح العشرات بعضهم نساء بترت أطرافهن، وجرى نقلهم إلى نقطة طبية في بلدة الشجرة غربي درعا، في حين نقلت الإصابات البليغة إلى مشفى درعا الوطني.
نداء استغاثة
كما أسفر القصف عن حركة نزوح واسعة للأهالي نحو القرى المجاورة، وسط مخاوف متزايدة من تصعيد عسكري أوسع قد تشهده المنطقة من قبل جيش الاحتلال، وسط استمرار التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع في الأجواء.
في ظل هذه التطورات، وجّه الأهالي نداءات استغاثة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل العاجل ووقف القصف الذي يهدد حياتهم، وسط غياب أي دعم طبي أو إغاثي في المنطقة.
توغل وقصف واشتباكات… الأهالي يتصدون… وقطر والأردن يدينان
في الموازاة، قال مصدر عسكري لـ «القدس العربي» إن غارات إسرائيلية استهدفت فجر الثلاثاء مطار تدمر العسكري ومواقع عسكرية محيطة بالمدينة في ريف حمص.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قال إن الجيش هاجم قدرات عسكرية متبقية في منطقة القواعد العسكرية في تدمر وقاعدة التي فور، مؤكدا أنه سيواصل العمل لإزالة أي تهديد على إسرائيل. وحسب الرواية الإسرائيلية بما يخص درعا، فإن مجموعة من المسلحين اقتربت من قواته وفتحت النيران باتجاه قوة عسكرية إسرائيلية مما استدعى الجيش الإسرائيلي للرد بالمثل على هذه المجموعة، كما شنت طائرة إسرائيلية غارة على هذه المجموعة المسلحة.
واستنكرت وزارة الخارجية السورية العدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي السورية.
وأفادت في بيان بأن العدوان الإسرائيلي «شهد تصعيدا خطيرا في قرية كويا بريف درعا الغربي، حيث تعرضت القرية خلال الساعات الماضية لقصف مدفعي وجوي مكثف استهدف الأحياء السكنية والمزارع، ما أسفر عن استشهاد ستة مدنيين، مع احتمال ارتفاع العدد نتيجة الإصابات الخطيرة واستهداف المناطق الزراعية».
وأضاف البيان: يأتي هذا التصعيد في سياق سلسلة من الانتهاكات التي بدأت بتوغل القوات الإسرائيلية في محافظتي القنيطرة ودرعا، ضمن عدوان متواصل على الأراضي السورية في انتهاك صارخ للسيادة الوطنية والقوانين الدولية.
وأكدت الرفض القاطع لهذه الجرائم، ودعت إلى فتح تحقيق دولي حول الجرائم المرتكبة بحق الأبرياء وحول الانتهاكات الإسرائيلية. كما دعت أبناء الشعب السوري للتمسك بأرضهم ورفض أي محاولات للتهجير أو فرض واقع جديد بالقوة، مؤكدة أن هذه الاعتداءات لن تثني السوريين عن الدفاع عن حقوقهم وأرضهم.
وفي السياق، قالت الخارجية القطرية، في بيان، إن قطر تدين بـ»أشد العبارات قصف الاحتلال الإسرائيلي لبلدة كويا غربي درعا في الجمهورية العربية السورية الشقيقة».
وأكدت أن القصف يمثل «تصعيدا خطيرا وانتهاكا سافرا للقانون الدولي». وحذرت من أن «الاعتداءات المستمرة من الاحتلال على سوريا ولبنان واستمرار حربه الوحشية على غزة من شأنها تفجير دائرة العنف في المنطقة».
ودعت المجتمع الدولي إلى «الضغط على الاحتلال للامتثال لقرارات الشرعية الدولية».
وجددت الإعراب عن «دعم قطر الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وتطلعات شعبها الشقيق في الأمن والاستقرار».
كذلك أدانت المملكة الأردنية الهاشمية عملية التوغل الإسرائيلي الأخيرة في قرية كويا التي أسفرت عن ارتقاء وإصابة عدد من الأشخاص، وأكدت أن ذلك يعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، وانتهاكًا صارخًا لسيادة ووحدة سوريا، وتصعيدًا خطيرًا لن يسهم إلا بمزيد من الصراع والتوتر في المنطقة، وفقًا لقناة المملكة.
وأكّد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سفيان القضاة رفض المملكة المطلق، واستنكارها للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على أراضي سوريا، في خرق واضح لاتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 بين إسرائيل وسوريا.
وحذر من مغبة تفجّر الأوضاع في المنطقة، مُجدداً التأكيد على وقوف المملكة الأردنية مع سوريا وأمنها واستقرارها وسيادتها.
وتعقيبا على الأسباب والغايات الإسرائيلية من عمليات التوغل داخل الأراضي السورية، قال الباحث في الشؤون العسكرية عمار فرهود لـ «القدس العربي» إن إسرائيل تعتبر أن سقوط النظام وحالة الفراغ التي تمر بها سوريا، فرصة تاريخية لإرساء حالة من العجز العسكري السوري لسنين مقبلة من خلال استهداف المواقع العسكرية وتدمير البنية التحتية العسكرية السورية، وكذلك لمنع الحكومة الجديدة من القدرة على توحيد جميع المكونات السورية، ولذلك بدأنا نشاهد الخطاب الإسرائيلي الذي يميل لكسب شرائح محددة في سوريا.
واعتبر أن السبب الرئيسي هو تخوف إسرائيل من حالة انفلات السلاح الذي حصلت بعد سقوط الأسد وفتح مستودعات السلاح للمدنيين وتجار السلاح والميليشيات المتنوعة والتي في غالبها ليست على وفاق مع إسرائيل.
وفيما يخص الغاية من احتلال مواقع في الجنوب السوري، فهي تتوزع وفق المتحدث العسكري، بين الرغبة في قضم مزيد من الأراضي السورية والعمل على فرض خطوط اشتباك جديدة مع الدولة السورية.
كذلك فإن الرغبة في استغلال حالة الضعف العسكري والسياسي الذي تمر به الدولة السورية «سيجعل من التوغل ورقة ضاغطة عليها للقبول بتقديم تنازلات في السياق العسكري والسياسي تكون فيها مصلحة اسرائيل محفوظة. كما أن التوغل سيجعل إسرائيل في موقع عسكري يهدد كيان الدولة السورية بشكل مباشر، وخاصة عندما سيطرت على قمة حبل الشيخ الاستراتيجية المطلة على مدينة دمشق»، حسب المتحدث.
على الحكم الجديد في سوريا أن يعتبر الحرب مع إسرائيل حتمية مهما حاول تحاشيها