مرت قراءة الطحين الفلسطيني في شعر محمود درويش في مرحلتين: المرحلة الأولى: عندما كانت وكالة الأونروا توزع الطحين على اللاجئين الفلسطينيين تحت العنوان الشعري «عندما تفرغ أكياس الطحين يصبح البدر رغيفاً في عيوني».
المرحلة الثانية: عندما تحول الطحين إلى أداة قتل وإجرام، فكتب شاعر فلسطين: «فاذهب بعيداً في دمي/ واذهب بعيداً في الطحين/ لنصاب بالوطن البسيط/ وباحتمال الياسمين».
لا أدري من أين أتى درويش باحتمال الياسمين كي ينكه بها الدم والخبز، لكنني أعرف جيداً أن الوحي، أو شياطين الشعراء، يزورون شعراءهم خلسة ويملون عليهم أجمل الأبيات التي تتجاوز كل منطق.
في هذه الأبيات الأربعة الصغيرة يستعيد الشاعر النكهة الأولى للشعر حيث يضعه في مرتبة عليا بين أشكال التعبير، ويبدو وكأنه يتنبأ بما حصل خلال الأيام القليلة الماضية في غزة.
شاحنات معبأة بأكياس الطحين ترسل إلى شمال غزة حيث المجاعة وتقصف بالدبابات والقناصة، تقطع أيدي الذين أتوا بحثاً عن قوت عيالهم في الصباح الباكر وتطلق النار على الرؤوس في إحدى أبشع المجازر هولاً منذ بداية الحرب الهمجية على غزة. ويريدون إثباتات أنها حرب إبادة، إذا لم تكن هذه حرب إبادة فماذا تكون؟ إذا لم يكن الجيش الإسرائيلي هو جيش المجزرة، فماذا نطلق عليه من أسماء؟
ومع ذلك، يتفرغ الرئيس الأمريكي جو بايدن لتبريد قلبه بالبوظة. الرئيس الأمريكي متيقن من أنه سيصل هذا الأسبوع إلى وقف إطلاق النار في غزة قبيل شهر رمضان المبارك، كي تكون هذه خطوته الأولى نحو تجديد رئاسته. هذا النوع من العهر السياسي الذي يربط بين البوظة والنار، هو قمة اللامبالاة الأمريكية في مصائر الشعوب.
الحقيقة أن إسرائيل يجب أن تمحو خوفها من كلمة رمضان، كما صرح وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، لأنها تخلق توتراً في الضفة والقدس! تخيلوا معي وزيراً للتراث يعتبر التراث توتراً ويدعو إلى الخلاص منه.
مواطن أمريكي وجندي في سلاح الجو يقرر أن يحرق نفسه أمام سفارة الاحتلال الإسرائيلي في واشنطن، احتجاجاً على الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل والولايات المتحدة في غزة.
الحقيقة أننا ضعنا أمام هول الكلام الذي استفرغ معناه؛ نعيده ونكرره كأننا لا نقول شيئاً حين نقول. بالأمس، اتصلت بأحد المثقفين العرب الذين يقيمون في نيويورك كي أطلب منه أن يكتب لنا في مجلة الدراسات الفلسطينية مقالاً عن غزة والثقافة العربية الآن، وفوجئت برده الذي قال: «لا أستطيع. منذ خمسة أشهر والحرب تطحننا في غزة وتريد مني أن أكتب عن مأساة تتكرر في كل يوم وتحمل معها حكايات جديدة لا تحتمل».
الرجل لم يكن مخطئاً، بل كان يعيش التباساً كبيراً في حياته، لم يعد قادراً على استيعاب اللحظة التي نمر بها أو على التخلص من القهر الذي نعانيه جميعاً. فنحن نعيش وسط تكرار من نوع جديد، إنه تكرار الموت. في العادة يشعر الناس بالسأم من تكرار الحياة، أما نحن فنعيش سأماً يائساً من تكرار الموت.
هذه الوجوه الكالحة التي تظهر على التلفزيون الإسرائيلي وهي تكرر المكرر تتلطخ كل يوم بأشكال الجريمة. فالمجرمون يلطخون وجوههم بجرائمهم ويصيرون أسرى هذه الجرائم.
انظروا كيف تغيرت ملامح نتنياهو خلال الأشهر الخمسة الماضية من محاولة الإيحاء بأننا أمام رجل «دولة» إلى حقيقة أننا أمام زعيم عصابة تتألف من مجموعات من القتلة والمجرمين.
استخدمت العصابة أساليب متعددة من إطلاق النار على أكياس الطحين، إلى القتل العشوائي للناس، وصولاً إلى سرقة مقتنيات المنازل وأخذ الصور الإباحية فيها مع ملابس النساء الداخلية والنوم في أسرة الأطفال مع ألعابهم والرقص على الدبابات.
ماذا نقول بعد ذلك؟ هل نقول انتهى الكلام؟ أم نقول إن على الكلام أن يبدأ من جديد؟
نصف المساعدات التي أسقطتها الطائرات الأردنية , ذهبت للبحر !
وربع هذه المساعدات ذهبت للمستوطنات !!
و لا حول و لا قوة الا بالله
– ((انظروا كيف تغيرت ملامح نتنياهو خلال الأشهر الخمسة الماضية من محاولة الإيحاء بأننا أمام رجل «دولة» إلى حقيقة أننا أمام زعيم عصابة تتألف من مجموعات من القتلة والمجرمين)).
—
صح كلامك مليون ٪،
سيدي العزيز عندما احاول ان اجد كلمات تعبر عن المي العميق عن ماساة شعبي الفلسطيني في غزه ينتابني شعور غريب ليست ادري كيف اعبر عنه هل أتكلم عن الشهداء آم الخونه من امتنا الذي ينبغي لهم التصرف بشكل يحفظ كرامتهم وسمعتهم امام التاريخ لعلهم لا يأبهون بها لانهم لا يفكرون بالتاريخ وكل مايسمعون له هو كيف يعيشون اليوم ولايمهم سوى العيش في ذل ام لا و اتذكر كلام الرئيس السابق ترامب عندما تكلم عنهم بكلام لا يعبر إلا عن ذلهم فهم علامه مسجله ووضاحه لانهم لايستحون من كل هذه إلا حداث هذا واهم ما يفكرون ان يبقون علي كراسي العار اما عن الطحين الذي سآلت دماءً الشهداء من اجله فهو عباره عن لقمة القهر الذي يسعى له الجوعى من اجل الحياه فهم سيبقون احياءً سواء كانوا شهداء او لم يكونوا يكفيهم شرفا انهم جهادوا بارواحهم من اجل اطعام الاخرين فهم مجاهدين من اجل العدالة المفقوده بفعل ابطال العار الذي تجبرنا علي تجرع السم والقبول بهم تحت السيف والسيطره علي العباد بدعم عصابه البيت ألأبيض وكذلك النازي وحكومته في بلادي التي احتلت بفضل ابطال العار في اوطان العربية هذا ان كانوا كذلك عرب فاخلاق العرب لا تمت اليهم باي صله إنما تعبر حياة العار التي يعيشون بها
تحية صباحية للكاتب الذي اتابعه منذ سنوات. ارغب في اقرأ نصا عن قطعان الخلايجة الحكام
“ماذا نقول بعد ذلك؟ هل نقول انتهى الكلام؟ أم نقول إن على الكلام أن يبدأ من جديد؟” …
على الكلام أن يبدأ من جديد وخاصة إزاء الطغاة “العرب” وأذنابهم قطعان المجتهدين العتف والمتأسلمين المهنة
شكراً أخي الياس خوري. وماذا نقول نحن والله صدقاً أصبحنا نحتار في تفسير كوابيسنا واختيار وكلماتنا. رغم أننا لاتشك لحظة واحدة بأن هذا الكابوس سينتهي مهما طال ويبدأ الكلام من حديد.
شكراً لك إلياس خوري. اثبت مرة أخرى انك رجل القضية قضية المعذبين في الارض.
تحياتي استاذنا الكبير الياس خوري اليس مايجري في غزه والضفة الغربيه فوق مايحتمل الانسان اللي عنده انسانيه؟؟؟