القاهرة ـ «القدس العربي»: بدأ مجلس النواب المصري، أمس الأحد، مناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إصدار قانون المسؤولية الطبية وسلامة المريض، بحضور نقيب الأطباء أسامة عبد الحي.
وأثار مشروع القانون الذي قدمته الحكومة غضب الأطباء خلال الفترة الماضية، وقدمت النقابة عدة ملاحظات إلى مجلس النواب لتعديله.
وحسب مسودة مشروع القانون، فإنه يستهدف تحقيق التوازن المطلوب بين توفير حماية قانونية لحقوق المرضى وضمان بيئة عمل آمنة للأطقم الطبية، من خلال وضع معايير قانونية عادلة لمساءلة الأطباء قانونًا، بما يحمي حقوق المرضى ويمنع حدوث أي إهمال طبي، وفي الوقت ذاته يؤكد حق الأطباء في ممارسة رسالتهم السامية.
وقالت عضوب لجنة الشؤون الصحية في مجلس النواب، إيناس عبد الحليم، إن مجلس النواب سيناقش ملاحظات نقابة الأطباء، التي ترى ضرورة إلغاء الغرامة في الأخطاء الطبية غير الجسيمة، وتحمل صندوق التعويضات للتعويض كاملاً وليست المساهمة فيه فقط، وألا يتم التحقيق مع مقدم الخدمة إلا بعد صدور تقرير لجنة المسؤولية الطبية، فضلاً عن زيادة عقوبات التعدي على المنشآت والأطقم الطبية.
وأضافت أن مطالب تقليل الغرامة تحتاج إلى إعادة نظر حيث إن العقوبات الموجودة بمشروع القانون جاءت نتيجة تقديرات علمية وبناء على دراسات، مضيفة: «خلال السنوات شهدنا واقعة مضاعفات طبية وليست خطأ طبيا، وتم تغريم الطبيب حينها 200 ألف جنيه، على الرغم أنه كان شابًا حديث التخرج».
وتابعت: «كما أن الغرامة المنصوص عليها بـ50 ألف جنيه، حال الاعتداء على المنشآت والأطقم الطبية هي غرامة أولية، حيث إن القرار النهائي فيها متروك للقضاء، وذلك لأنه في حال جسامة الاعتداء سيتم رفع العقوبة بنسب أكبر قد تصل إلى مليون جنيه».
وأكدت أن مشروع القانون، عقب موافقة اللجنة عليه نهائيا خلال الفترة الماضية، بات يشبه القوانين الموجودة في الدول المجاورة ولا يحتاج إلى تعديلات كما هو مطروح من قبل العديد من الأطباء، معقبة: «أغلب الأطباء يطرحون ملاحظات ليست دستورية ولا تتماشة مع النصوص القانونية، وبالتالي يجب دراستها أولاً من الناحية التشريعية قبل طرحها».
فيما أكد نقيب الأطباء أسامة عبد الحي خلال كلمته على محاور أساسية وضرورية يجب تضمينها في مشروع القانون.
وأشار إلى ضرورة أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الخبير الفني لجهات التحقيق والمحاكم.
وتوجه بالشكر للجنة الصحة واللجنة المشتركة لأنها أضافت هذا التعديل.
وزاد: حرصا على وقت وجهد النيابة العامة وجهات التحقيق والمحاكم ووقت وجهد مقدمي الخدمة نرجو إضافة: «وفي جميع الأحوال لا يجوز سماع أقوال الطبيب المشكو في حقه أو استكمال إجراءات التحقيق أو الإحالة إلى المحاكم الجنائية إلا بعد صدور تقرير اللجنة ذات الصلة أو الفصل في التظلم من قرارها».
التمييز بين الحالات
ودعا، عند حدوث ضرر لمتلقي الخدمة وتقدمه بالشكوى، إلى التمييز بين 3 حالات: أن يكون الضرر نتيجة مضاعفات متعارف عليها أو طبيعة المرض وهذا واضح في القانون في المادة 4. أن يكون الضرر نتيجة خطأ طبي وارد حدوثه. أن يكون نتيجة إهمال جسيم، وهنا فإن اللجنة المشتركة أضافت تعريف الخطأ الطبي الجسيم، وإن كنا نرى أنه يجب أن يسمى إهمالا جسيما.
حزب «النور» السلفي يطالب بإقرار «الديّة الشرعية» في حالة حصول أخطاء تؤدي للوفاة
وشرح نقيب الأطباء هذه النقطة بقوله إن «الخطأ الطبي وارد حدوثه مع أي طبيب يمارس المهنة مهما كبرت خبرته وكان ملتزما بكل القواعد والقوانين ومهما توافرت الإمكانيات، وهو مرتبط بكوننا بشرا ولا يمكن منع الخطأ البشري، أما الإهمال الجسيم فهو إذا كان مقدم الخدمة الذي تسبب في ضرر للمريض ارتكب خطأه وهو متجاوز قوانين الدولة وقواعد ممارسة المهنة، وهنا فهو أخطأ في حق المريض، وفي حق المجتمع، وهنا تقع عليه مسؤولية مدنية للمريض وجنائية للدولة».
وطالب بتعديل تعريف الإهمال الجسيم على أن يكون على سبيل الحصر.
وأوضح أنه في الخطأ الطبي المعتاد والذي يقع من الطبيب الملتزم، يجب أن تكون العقوبة فيه التعويض فقط عن الضرر الواقع على المريض، لأنه أخطأ فقط في حق المريض ولم يخطئ في حق المجتمع. أما إذا القانون المصري يستلزم الغرامة حتى يستطيع المتضرر المطالبة بالتعويض وقيام الدعوة المدنية، فلتكن الغرامة رمزية وتتراوح بين مرتب شهر لثلاثة شهور، حرصاً على أن يستطيع المريض الحصول على التعويض المناسب وهذا حقه. أما المبالغة في الغرامة فتلك عقوبة عن خطأ في حق المجتمع، وهو لم يرتكب أي خطأ في حق المجتمع ولا قدرة للغالبية العظمى من الأطباء على دفع غرامة مبالغ فيها. أما الإهمال الجسيم فهو خطأ في حق المريض وفي حق المجتمع، ويحق عليه الغرامة أو الحبس أو كلاهما، كحق للمجتمع وحق عليه التعويض المناسب كحق للمريض.
وأكد نقيب الأطباء ضرورة أن يكون هناك تأمين إجباري شرطا لممارسة المهنة وضمانا لحق المريض في التعويض العادل في حال وقوع الضرر.
الحبس الاحتياطي
وكانت لجنة الصحة في مجلس النواب استجابت لمطالب الأطباء بإلغاء جواز الحبس الاحتياطي في الأخطاء الطبية التي أفرد لها المشرع عقوبة الغرامة، بناء على التفرقة بين الأخطاء الطبية والأخطاء الطبية الجسيمة، وفقا للقواعد العامة والاعتداد بنص المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي، فيما تخضع الأخطاء الطبية الجسيمة للقواعد العامة في الحبس الاحتياطي من حيث توافر مبرراته والتي تقدرها سلطة التحقيق حسب كل حالة.
تحركات نقابية
وعقدت نقابة الأطباء لقاءات مكثفة مع أعضاء مجالس النقابات الفرعية، وذلك في إطار مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الصحية ومكاتب لجان الشؤون الدستورية والتشريعية، والشؤون الاقتصادية، وحقوق الإنسان، بشأن مشروع قانون المسؤولية الطبية وسلامة المريض.
واستعرض المشاركون رؤاهم وملاحظاتهم حول مشروع القانون، لتضمينها ضمن تعديلات وملاحظات نقابة الأطباء ووجهة نظرها التي سيعرضها نقيب الأطباء الدكتور أسامة عبد الحي على الجلسة العامة لمجلس النواب، والتي ترى النقابة ضرورة إدخالها لضمان صدور قانون عادل ومتوازن، يتضمن أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الخبير الفني لجهات التحقيق والتقاضي، وأن يكون هناك تمييز واضح في التعريفات بين المضاعفات الطبية، والخطأ الطبي، والإهمال الجسيم، وأن يكون هناك تأمين إجباري ضد أخطاء المهنة يتحمل كامل التعويض لضمان حق المريض، والتأكيد على انتفاء المسؤولية في المضاعفات الطبية، وأن تكون العقوبة في الأخطاء المعتادة عقوبات مالية مناسبة، يتحملها التأمين، وفي الإهمال الجسيم تكون عقوبة جنائية.
وتجري النقابة العامة للأطباء اتصالات مكثفة مع الكتل البرلمانية في مجلس النواب لشرح وجهة نظرها بشأن مشروع القانون وتوضيح التعديلات التي تطالب بها، وذلك في إطار جهودها لضمان تحقيق أفضل صيغة ممكنة لمشروع القانون، بما يحقق التوازن بين حماية حقوق الأطباء وضمان سلامة المرضى وتقديم خدمة طبية آمنة وعادلة للجميع.
يذكر أن نقابة الأطباء كانت أولى الجهات التي تطالب منذ سنوات عدة بصياغة مشروع قانون للمسؤولية الطبية، يسهم في تنظيم العلاقة بين الأطباء والمرضى على أسس عادلة ومتوازنة، ويحدد الحقوق والمسؤوليات، ويراعي خصوصية المهنة، وإنهاء معاناة الأطباء من معاملتهم بموجب قانون العقوبات الجنائي الذي لا تمييز فيه بين الخطأ الطبي الوارد حدوثه والإهمال الجسيم، بما يهدد الأطباء طوال الوقت بتعرضهم للحبس أو الابتزاز.
وقال الدكتور محمد إبراهيم منصور رئيس حزب «النور» إن الحزب يتبنى عددا من التعديلات الجوهرية لصالح جميع عناصر المنظومة الصحية وحماية الأطباء مع حفظ حقوق المرضى.
وبين: مع إقرارنا أهمية وجود قانون للمسؤولية الطبية، لكن لا بد من التوازن بين حقوق المرضى وحقوق الأطباء، من خلال عدة مبادئ، منها تحديد الفوارق بين المضاعفات والإهمال والخطأ الجسيم أمرٌ فنيٌ يلزم الرجوع فيه إلى رأي اللجنة الاستشارية المختصة.
الدية الشرعية
وزاد: في حالة ثبوت خطأٍ يستحق الضمان، نطالب بمقادير الديات الشرعية فهي رادعة للمهمل من الأطباء، وفي الوقت نفسه جابرةٌ ومرضِيةٌ لمن حصل في حقه الإهمال، ولتحقيق البند السابق لا بد من وصول مبلغ الضمان إلى من تم الإهمال في حقه وليس إلى جهة أخرى.
وتابع: حتى لا يحصل استسهال لشكوى الأطباء وابتزازهم نرى إلزام من ظهر بالحكم القضائي بطلان أو رفض دعواه بدفع 10 في المئة من مبلغ التعويض، كتعويض للطبيب وما أصابه من ضرر في سمعته وفي عمله، وألا يتم الحبس الاحتياطي إلا بعد صدور قرار اللجنة الفنية بأنه خطأ جسيم، وإلزام الجهات المختصة بتعريف الأطباء بالإجراءات الطبية الصحيحة، واعتماد إقرارات الموافقة من قِبل المرضى أو ذويهم في الجهات القانونية، وعدم معاملتها أنها إقرارات إذعان، لأنها ستكون خط الدفاع الأكبر لتشجيع الأطباء على العمل تحت الظروف الطارئة التي تحتاج إنقاذ حياة المرضى في كل الظروف.
وتمسكت النقابة بمجموعة من المطالب التي لم تستجب لجنة الصحة في مجلس الشيوخ لأي منها، وهي إقرار وقوع المسؤولية المدنية على الطبيب حال التسبب في ضرر للمريض نتيجة خطأ، لكنه يعمل في تخصصه وملتزم بقواعد المهنة وقوانين الدولة، وتكون العقوبة هنا تعويضات لجبر الضرر وليس الحبس.
وتضمنت مطالب الأطباء أن تقع المسؤولية الجنائية على الطبيب فقط حال مخالفته لقوانين الدولة، أو عمله في غير تخصصه، أو قيامه بإجراء طبي ممنوع قانونا.
وأكدت النقابة على عدم جواز الحبس الاحتياطي في الاتهامات التي تنشأ ضد مقدم الخدمة الصحية أثناء تأدية مهنته أو بسببها؛ حيث إن مبررات الحبس الاحتياطي غير متوفرة في القضايا المهنية، وأن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الخبير الفني لجهات التحقيق والتقاضي، وتتلقى كافة الشكاوى المقدمة ضد مقدمي الخدمة الطبية بجميع الجهات المعنية وذات الصلة بتلقي شكاوى المواطنين بشأن الأخطاء الطبية.
هناك مبادئ متفق عليها طبيا وقانونيا ومنها لايجوزمعاقبة الطبيب مدنيا او جزائيا اذا كانت الاصابة شافية او قابلة للشفاء وانه لايمكن اعتبار الاصابة ذات عاهة دائمة الا اذا دت الى فقدان جزء كبير من العضو المصاب او ادت الى فقدان منفعته وان الخبرة يجب ان يقوم بها ثلاثة اطباء من اهل الاختصاص في العضو المصاب