محاكمات عديدة لصحف مستقلة في المغرب تثير اسئلة حول نوايا الحكومة
بوزوبع نفي توجها لخنق الصحافة والنقابة تشتكي من تبعية القضاءمحاكمات عديدة لصحف مستقلة في المغرب تثير اسئلة حول نوايا الحكومة الرباط ـ رويترز: اعادت محاكمات عدة صحف مغربية هذه الايام الي الواجهة الجدل حول حرية الصحافة في المغرب وسط انتقادات بأن السلطات تريد اخراس صوت الصحافة المستقلة الجريئة .وترك انضمام عدد من الاحزاب اليسارية والمعارضة سابقا للحكومة فراغا في صحافتها بعد ان تحولت من صحف تميزت بنقدها اللاذع احيانا الي صحف موالية للنظام مما افسح المجال لظهور يوميات واسبوعيات مستقلة حاولت سد هذا الفراغ. وتشهد هذه الايام عدة صحف اكثرها مستقلة محاكمات في مراحل تقاضي مختلفة بتهم منها المساس بالمقدسات ونشر اخبار زائفة وصور العائلة الملكية بدون اذن. وحكم علي بعض هذه الصحف والمجلات بأحكام وصفها مهتمون بغير العادلة تمثلت في غرامات مالية ثقيلة ناهزت المليوني درهم (نحو 220 الف دولار) كما هو الشأن بالنسبة لمجلة تيل كيل الاسبوعية المستقلة. فضلا عن احكام بالسجن ولو مع وقف التنفيذ. وبدأت سلسلة المحاكمات متوالية منذ حزيران (يونيو) الماضي عندما مثل مدير جريدة الاسبوعية الجديدة امام محكمة بعد نشرها حوارا مع ابنة الشيخ عبد السلام ياسين زعيم جماعة العدل والاحسان غير المرخص لها قالت فيها ان النظام الملكي لا يصلح للمغرب. وتوالت المحاكمات بعد ذلك لعدة جرائد اسبوعية سواء يحركها اشخاص بتهم القذف او النيابة العامة بتهم المساس بالمقدسات ونشر خبر زائف وصور العائلة الملكية بدون اذن. وقال وزير العدل المغربي محمد بوزبع في اتصال هاتفي مع رويترز قانون الصحافة واضح فيما يتعلق بالمساس بالاشخاص او بنشر اخبار حياتهم الشخصية. يجب ألا يقع الصحافيون في مثل هذا الخطأ. كذلك فيما يتعلق بالنسبة لعدد من الثوابت كالوحدة الترابية للمغرب والملك والعائلة الملكية والدين الاسلامي. هذه امور يجب ان تحترس الصحافة والا تمسها واي تجاوز فالقضاء لا يسمح به .وشعار المملكة هو الله.. الوطن.. الملك .واعلن وزير العدل في كانون الاول (ديسمبر) الماضي ان وزارة العدل شكلت خلية لتتبع كل ما تنشره الصحف وان النيابة العامة للمملكة تضطلع بمسؤولياتها في تحريك متابعات في حق كل من تبين تورطه وانزلاقه نحو نشر رسائل احباط وتيئيس وتشكيك في المؤسسات والثوابت الاسلامية والوطنية .وخلقت تصريحات وزير العدل جدلا واسعا في الاوساط الصحافية والحقوقية المغربية واعتبرتها تضييق خناق علي الصحافة الحرة المستقلة .وقال بوزبع لرويترز ابدا ليس هناك اي توجه لخنق الصحافة المستقلة .واضاف لا توجد اي مشكلة بين القضاء والصحافة، الصحافة سواء أكانت مستقلة او حزبية عندما تحرك شكوي ضدها يجب ان تأخذ مجراها مشيرا الي ان القضايا التي حركتها النيابة العامة ضد الصحف سنة 2005 لم تتعد ست قضايا لما يقرب 700 عنوان. في بريطانيا هناك ألف شكوي ضد الصحف في نفس الفترة. هل يمكن ان نعتبر هذا مساسا بحرية الصحافة؟ .ويقول مراقبون ان عهد الملك محمد السادس شهد تحسنا نسبيا علي مستوي الحريات والحقوق مقارنة مع عهد ابيه الراحل الحسن الثاني باعطاء حقوق للمرأة وانشاء هيئة حقوقية لطي ملفات انتهاكات حقوق الانسان في الماضي. غير انهم يسجلون مدا وجزرا في تعامل السلطة مع الصحافة. وقال عبدالحميد امين رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان المستقلة لرويترز ما يمكن ان نسجله في السنوات الاخيرة ان الصحافة المستقلة عرفت تقدما وبدأت تطرح مواضيع مهمة لم تكن الصحافة تجرؤ علي طرحها في السابق. لكن السلطات تتعامل معها بحيطة وحذر واحــيانا اخري بنوع من التشنج والقمع .واضاف فبعد وقف عدد من الجرائد مثل لوجورنال ودومان ومنع صحافيين من مزاولة المهنة ومحاكمة اخرين نلاحظ ان السلطة تعود في الشهور الاخيرة الي القضاء لمواجهة الصحافة .وعلق قائلا نلاحظ ان هناك توجها سياسيا لمواجهة جرأة الصحافة المستقلة. نحن كجمعية حقوقية لن نقبل بمواصلة هذه التجاوزات .وبعد محاكمة تيل كيل في قضيتي قذف ينتظر ان تمثل احدي الصحافيات ومدير اسبوعية الايام المغربية أمام القضاء في دعوي حركتها النيابة العامة ضد الجريدة اثر تناولها اسرار الحريم بين ثلاث ملوك حيث عرضت اسرار حريم القصر بين ثلاثة ملوك مغاربة هم الراحلان محمد الخامس وابنه الحسن الثاني وابنه محمد السادس الذي قالت الصحيفة انه وضع حدا لعهد الحريم في القصر الملكي. وفي السنة الماضية منع الصحافي المغربي علي لمرابط من مزاولة مهنة الصحافة لمدة عشر سنوات بعد ان كان قد حكم عليه بالسجن ثم صدر عفو عنه. كما ينتظر في وقت لاحق من هذا الشهر ايضا محاكمة اسبوعية لوجورنال ابدو مادير في قضية رفعها المركز الاوروبي للابحاث والاستخبارات والامن حين قالت الجريدة ان تقرير المركز حول الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة بوليزاريو موجه .وقال يونس مجاهد رئس النقابة الوطنية للصحافة المغربية لرويترز التوتر الحاصل مابين الصحافة المستقلة والسلطة مبالغ فيه. فالسلطة تعطي اهمية احيانا لبعض القضايا وتعتبرها خطيرة .واضاف فيما يتعلق بالحياة الخاصة للناس والحق في الصورة، الذي نلاحظه هو ان السلطة تستعمل مصطلحا قديما تقليديا يتعلق برخصة لنشر صور العائلة المالكة في حين أن الامر مطروح لجميع المواطنين. وحتي نشر خبر زائف فهذا غير صحيح فالاشخاص الذين مسوا في كرامتهم من حقهم الذهاب الي القضاء بتهمة القذف وليس بتهمة خبر زائف .ومن جهته قال وزير العدل بوزبع لرويترز ان وزارة العدل ستسعي الي عقد ندوة او ايام دراسية مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية في الايام القادمة لتدارس موضوع تطبيق قانون الصحافة وعلاقة الصحافة بالقضاء حتي يمكن ان نخرج بخلاصات توضح للصحافيين الحدود المرسومة لهم .وفي هذا الصدد قال مجاهد المشكلة ليست في قانون الصحافة. صحيح ان هذا القانون يجب ان يتغير.. الموضوع الثاني هو استقلالية القضاء اذا نلاحظ في عدد من المتابعات أن الاستقلالية تكون مفقودة .