عمر الراضي
الرباط- “القدس العربي”:
أحالت محكمة مغربية بالدار البيضاء في ساعة متأخرة من مساء الخميس، ملف محاكمة الصحافي عمر الراضي للمداولة، في انتظار النطق بالحكم يوم 12 آذار/ مارس الجاري.
ويُتابع الصحافي الراضي أمام المحكمة الابتدائية الزجرية عين السبع بالدار البيضاء، على خلفية تغريدة نشرها العام الماضي ينتقد فيها بشدة أحكاما أصدرتها محكمة الاستئناف بنفس المدينة ضد نشطاء حراك الريف والتي وصل بعضها الى 20 سنة سجنا نافذة.
وأثار قرار النيابة العامة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، متابعة الراضي بحالة اعتقال، قلقا في الأوساط الحقوقية والصحافية، ووضعت في إطار محاولة السلطات التضييق على الصحافيين وتكميم الأفواه. إلا أن قاضي التحقيق بعد الاحتجاجات التي عرفتها عدد من المدن، قرر متابعة الراضي بحالة سراح.
وقال الصحافي عمر الراضي، على هامش جلسة الخميس إن تغريدته التي يُتابع على إثرها تدخل في إطار حرية التعبير، إلا أن النيابة العامة ترى أن التغريدة تهين القاضي، وأن متابعته تأتي بعد 8 أشهر من نشرها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، ما يبعث على التساؤل والاستغراب. وأكد أنه يُتابع “لأنني أتضامن مع معتقلي حراك الريف”، مبرزا أنه يتضامن أيضا مع عائلات المعتقلين، لاسيما “الظلم الذي يتعرض له والد ناصر الزفزافي”.
وأكد دفاع الصحافي عمر الراضي، خلال المرافعة على براءته مما نسب إليه من تهم تتعلق بالإساءة إلى شخص القضاء وضرورة معاملته باعتباره صحافيا، وأن كتابة التدوينة ونشرها من اختصاص قانون الصحافة، متسائلا عن سبب “المزاجية” في المتابعة؟ ومتابعته بتدوينة كان نشرها في شهر نيسان/ ابريل 2019، وأنه كان من الممكن متابعته بقانون الصحافة، إلا أن التدوينة مر عليها أكثر من 6 أشهر الأمر الذي أسقط عنها المتابعة، فتمت متابعته بالقانون الجنائي.
وأشار الدفاع إلى أن أحكام القضاء فعل بشري وليس له أي حصانة، وأنه من حقنا انتقاده بدليل إحداث محكمة النقض، مستشهدا بإحداث اتحادات قضائية فرنسية قامت بانتقاد قرارات المحكمة الاستئنافية هناك، وأكد على ضرورة تكوين الضابطة القضائية في مجال حقوق الإنسان حتى لا يتم تسجيل متابعات قد تسيء إلى الوطن.
وذهب الدفاع إلى أن هناك يدا خفية وشخصا غير موجود في القاعة يستهدف الصحافي عمر الراضي وكل الأصوات التي تشبهه، مذكرا أنه كان الفضل للراضي في فضح عدة ملفات أبرزها ملف خدام الدولة، وأن التدوينة لا تتوفر فيها سياقات تستوجب المتابعة، بدليل أن الصحافي أكد في تصريحات عفوية أنه لا يعرف القاضي الذي أدان المتابعين في الأحداث المعروفة بـ“حراك الريف”، ولا يقصد شخصه بالإهانة وإنما انتقد الأحكام فقط.
وأكدت النيابة العامة على أنها منسجمة في أقوالها وأفعالها، وأن مربط الفرس واختلافها مع الدفاع هو تأويل كلمة “الجلاد” التي جاءت في التدوينة. وأوضحت “إذا قمنا باستطلاع عام حول كلمة “جلاد” فلن يختلف الجميع على أنها قدحية، وقد وجهها لمُصدر القرار وليس للحكم”.
وأضافت النيابة العامة أن “العبرة في إصدار الكلام ليس بنية قصدت أو لم تقصد.. اللسان أسد إلم تضبطه أكلك” و“لا يكفي أن تكون نيتك حسنة.. يجب أن تراعي إن كان الفعل سيحدث ضررا نفسيا للآخرين”، معتبرة أن الراضي وجه نقده لشخص القاضي.
وفي كلمة أخيرة أمام المحكمة، أكد الصحافي أنه لم يقم بأي شيء يستوجب المتابعة القضائية، “سنُسأل مستقبلا ماذا فعلنا حيال وطننا.. أنا لا أريد أن أكون وصمة عار في وطني ولن ألتزم الصمت.. وإن كان هذا مخالفا لقرار العدالة فسأذهب إلى مصيري مرفوع الرأس”.
صحفي حر له مواقف، ان تكون صحفيا أو لا تكون.
صحفي حر لكنه لا يتحفظ في التعابير التي يستعملها لانتقاد الوضع أو لاتخاذ مواقف سياسية أو حقوقية. أن تحتج على الأحكام القضائية و تصفها بالقاسية أو الجائرة والظالمة أمر عادي ،لكن أن تستعمل عبارة الجلاد ( وهي ذات معنى قدحي وهجائي ) يدل بكل وضوح أنك تستهدف القاضي لا الأحكام التي صدرت في الجلسة التي ترأسها.