محاكم عراقية تمضي في تنفيذ «العفو العام»… وطعن جديد في جلسة «السلّة الواحدة»

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: تناقلت مواقع إخبارية محلّية جمّلة وثائق لمحاكم عراقية في محافظات في وسط وجنوب البلاد، تقضي بالمضي في تنفيذ قانون «العفو العام» المثير للجدل، رغم عدم حسم الخلاف الناشئ بين المحكمة الاتحادية من جهة، وبين مجلس القضاء الأعلى، من جهة ثانية، حول مدى شرعية تطبيق القوانين التي باتت تعرف محلّياً بـ«قوانين السلّة الواحدة» وسط تسجيل دعوى برلمانية جديدة للطعن بجلسة تمرير هذه القوانين.

التزامنا بالتوجيهات

وطبقاً لمصادر صحافية، فإن محاكم الاستئناف في المناطق الجنوبية والفرات الأوسط، قررت المضي في تطبيق قانون العفو العام بناءً على ما قرره مجلس القضاء الأعلى في جلسة أول أمس، وفقاً للنصوص والتعليمات الصادرة عنه.
وأعلنت محكمة جنايات النجف، أمس، التزامها بتوجيهات مجلس القضاء الأعلى عبر تطبيق قانون العفو العام وفقاً للقرارات الصادرة بهذا الشأن.
وطبقاً لوثيقة مُتداولة، فقد أكدت المحكمة تنفيذ هذه التوجيهات على مستوى محكمة الجنايات.
وورد في الوثيقة أن «محكمة جنايات النجف تشكلت أمس الخميس للنظر في تطبيق قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 (التعديل الثاني) والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 21 كانون الثاني/ يناير 2025، بموجب التعليمات الصادرة من مجلس القضاء الأعلى بشأن القضايا المعروضة».
كما وجهت رئاسة محكمة استئناف محافظة الديوانية، بالمضي في تنفيذ قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام وفقا للنصوص والتعليمات الخاصة بها الصادرة من مجلس القضاء الأعلى، حسب وثيقة ثانية.
وسبق أن أصدرت المحكمة الاتحادية «أمراً ولائياً» يقضي بإيقاف العمل بالقوانين الثلاثة «العفو العام» و«الأحوال الشخصية» و«الأراضي المصادرة بزمن النظام السابق» والتي دخلت حيّز التنفيذ في يوم التصويت عليها، لحين البتّ بالطعون المقدّمة من نواب اعترضوا على آلية التصويت على القوانين الثلاثة في «سلّة واحدة». غير أن مجلس القضاء الأعلى كان له موقف آخر، حينما اعتبر الأمر الولائي «غير دستوري» مستنداً إلى عدم جواز وقف العمل بقانون قبل أن يُنشر في الجريدة الرسمية.
هذا الخلاف القضائي كان له أثر سياسي، ففيما يؤيد نواب سنّة موقف مجلس القضاء الأعلى، كونه يضمن تنفيذ قانون «العفو العام» وهو أبرز مطالبهم، يصطف سياسيون شيعة مع قرار المحكمة الاتحادية، ويواصلون مسعاهم في منع تنفيذ القانون.

بارقة أمل

ومساء الأربعاء، دعا تحالف «العزم» السنّي، بزعامة مثنى السامرائي، إلى إعادة النظر بجميع الاتفاقات السياسية وتعديل الدستور.
وقال في بيان: «في ظل التطورات الأخيرة المتعلقة بقانون العفو العام، نؤكد في تحالف العزم موقفنا الثابت في التعامل مع هذه القضية بمسؤولية وطنية عالية، باعتبارها بارقة أمل لعشرات الآلاف من العائلات العراقية التي تنتظر العدالة والانصاف لأبنائها».
وأضاف: «منذ الأمس، وبعد مشاورات مكثفة داخل قيادة التحالف، ارتأينا التريث في إصدار أي موقف حرصاً منا على احترام المسارات الدستورية والقانونية، وانتظاراً لاستكمال المؤسسات الدستورية كافة إجراءاتها في النظر بالقضية، إذ يعكس هذا الموقف إيماننا العميق بأن معالجة القضايا الحساسة يجب أن تتم وفق الأطر القانونية والدستورية التي تضمن حقوق المواطنين وتحفظ استقرار العراق».

الخلاف القضائي يخلق انقساماً واجتماع طارئ للائتلاف الحاكم غداً لتدارك الأزمة

وتابع: «في هذا السياق، نعبر عن تقديرنا لمؤسسة القضاء ودورها في دعم تنفيذ التشريعات التي تصب في خدمة المواطن ورفع الحيف عن المظلومين، كما نجدد تأكيدنا على احترامنا الكامل لجميع المؤسسات الدستورية، مع التأكيد على أهمية تفعيل مبدأ الفصل بين السلطات، باعتباره أساس النظام الديمقراطي وضمانة لاستقلالية القرار السياسي والقضائي بعيداً عن أي تدخلات أو ضغوط».
وأشار إلى أنه «في ضوء المتغيرات السياسية التي يشهدها العراق اليوم، نرى ضرورة إعادة النظر في جميع الاتفاقات السياسية السابقة، لا سيما أن الظروف التي أُبرمت في ظلها قد تغيرت، ولم يعد بعض الأطراف الموقعين عليها جزءاً من المشهد السياسي الحالي. وعليه، ندعو إلى إطلاق حوار وطني شامل يمهد لعقد اجتماعي جديد يبدأ من تعديل الدستور، على أن يتم الاستفتاء على التعديلات الدستورية بالتزامن مع الانتخابات المقبلة في اليوم نفسه، بما يتماشى مع تطلعات الشعب العراقي ويعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي».
وعبّر التحالف عن رفضه «استغلال القضايا الإنسانية لأغراض سياسية أو استخدامها كأداة لتأجيج الشارع العراقي، فهذه القضايا تتطلب معالجات قانونية وإنسانية رصينة، بعيداً عن المزايدات والخطابات الشعبوية، ونؤمن أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من خلال الحوار البنّاء والاحتكام للعقل والقانون بما يضمن العدالة والكرامة لجميع العراقيين».
لكن في مقابل ذلك، قدّم نواب في البرلمان، أمس، دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية، ضد تصويت البرلمان على القوانين الثلاثة.
وقال النائب محمد الخفاجي في «تدوينة» له، معلقا على صورة له هو ومجموعة من زملائه النواب، نحن: «قبل قليل في المحكمة الدستورية لمتابعة إجراءات الدعوى المقدمة من قبلنا بشأن عدم دستورية التصويت على القوانين بسلة واحدة».
وأكد أنه «كلنا دعم وإسناد لقرارات المحكمة الاتحادية العليا» مشددا أن «القضاء العادل هو الضامن للبلد».
وأوضح أنه «في حال تم كسب الدعوى ستتم إعادة التصويت على القوانين بشكل أصولي ودستوري لكل قانون على حدة».
وفي إشارة إلى قانون العفو العام، قال النائب، إنه «بعد إجراء التعديلات اللازمة لمنع خروج الإرهابيين وسراق المال العام بتسوية أوضاعهم ليستفيد منها أبناء الشعب العراقي».
ويبدو أن تداعيات الخلاف القضائي على العملية السياسية العراقية، تجسّد أيضاً بعدم نجاح البرلمان في عقد جلسة كانت مقررة أول أمس، بسبب عدم الوصول إلى نصابها القانوني.
وحسب بيان مقتضب للدائرة الإعلامية للبرلمان، «فقد قرر مجلس النواب، تأجيل انعقاد جلسته لعدم اكتمال النصاب القانوني لحضور النواب».
ولتدارك تعمّق الأزمة، دعا رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ورئيس البرلمان محمود المشهداني، ائتلاف «إدارة الدولة» الحاكم، إلى الاجتماع يوم غد السبت.
ومساء أول أمس، أكد السوداني والمشهداني، أهمية تكامل عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، من أجل المضي في تحقيق مستهدفات البرنامج الحكومي.
وقال المكتب الإعلامي للسوداني في بيان، إن «الأخير استقبل المشهداني، وجرى استعراض الأوضاع العامة في البلاد، والملفات والقضايا السياسية والاقتصادية والخدمية».
وحسب البيان، فقد شهد اللقاء «تأكيد المشترك على أهمية تكامل عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، من أجل المضي في تحقيق مستهدفات البرنامج الحكومي، واستكمال الإصلاحات الاقتصادية، وتحقيق التنمية المستدامة، بما ينعكس إيجاباً على تلبية تطلعات المواطنين».
وأشاد السوداني، بـ«إقرار مجلس النواب تعديل قانون الموازنة، بما يمكّن الحكومة من تنفيذ برنامج عملها وفق الأولويات والضرورات التي تتطلبها الأوضاع الخدمية والمعاشية لشعبنا، في جميع المحافظات».
وسبق أن دعا رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، القوى السياسية للاجتماع في إطار ائتلاف «إدارة الدولة».

بحث التحديات

وقال، في بيان، إن «من باب المسؤولية الوطنية وتداعيات المشهد السياسي، ندعو القوى السياسية أولاً، وأعضاء ائتلاف إدارة الدولة كافة، إلى اجتماع موسع وطارئ، لبحث التحديات التي تواجه العراق وصولاً إلى توحيد الرؤية الوطنية وإنهاء الخلافات السياسية التي ظهرت مؤخراً».
وكان السوداني، قد دعا في وقت سابق من الأربعاء، أعضاء ائتلاف «إدارة الدولة» إلى عقد اجتماع في القصر الحكومي السبت المقبل.
وأوضح بيان صادر عن مكتبه، أن دعوة الأخير الى عقد ذلك الاجتماع تهدف إلى «مناقشة الأوضاع العامة في البلاد، والبحث في عدد من الملفات على المستوى الوطني».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية