محللة بريطانية: حرب غزة تكشف أخطاء الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط

حجم الخط
7

لندن: عندما كان الرئيس الأمريكي جو بايدن في طريقه إلى إسرائيل، تصدر نبأ قصف المستشفى العربي الأهلي المعمداني في وسط غزة ومقتل مئات الفلسطينيين عناوين الأخبار، ما أدى إلى تعقيد الزيارة الرئاسية التي كانت محفوفة بالمخاطر بالفعل.

كما جاءت زيارة بايدن بعد أسبوع من التحركات الدبلوماسية المتواصلة لوزير خارجيته أنتوني بلينكن في المنطقة. في الوقت نفسه أدى الهجوم الذي نفذه مقاتلو حركة “حماس” الفلسطينية ضد إسرائيل، يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، والرد الإسرائيلي الكاسح عليه، إلى استقطاب وانقسام الشعوب حول العالم، بما في ذلك داخل حرم الجامعات الأمريكية نفسها، والتي تشهد ظهور جيل جديد من الناخبين الأمريكيين الذين يعبّرون عن آرائهم حالياً، بحسب المحللة البريطانية الدكتورة ليزلي فينجاموري، عميدة أكاديمية أليزابيث الثانية للقيادة في الشؤون الدولية، في تقرير نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) البريطاني.

فينجاموري: تنسف الممارسات السياسية المثيرة للاضطراب من جانب أعضاء الكونغرس جهود بناء الجسور بين مختلف مكونات المجتمع الأمريكي المنقسم حول الحرب

وأضافت فينجاموري، مديرة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين  في “تشاتام هاوس”، أن كل هذه التطورات تفرض نفسها على الدبلوماسية الأمريكية التي ستحتاج إلى مخاطبة متلقّين متعددين ومختلفين. وينبغي موازنة الدبلوماسية الأمريكية الهادئة للتأثير على طبيعة الرد الإسرائيلي على هجمات “حماس”، بدبلوماسية أخرى تؤكد لحكومات المنطقة جدية التزام الولايات المتحدة بحماية المدنيين من طرفي الصراع.

وترى فينجاموري أن هذا أمرٌ بالغ الصعوبة، لكن قدرة الولايات المتحدة على المساهمة في تحقيق السلام  بالمنطقة تتوقف على ذلك. وستحتاج الولايات المتحدة إظهار قدرتها على العمل مع إسرائيل ومصر، وغيرهما من الدول والمنظمات والحركات الفاعلة في المنطقة، لكي تضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة.

وربما تزداد الحاجة إلى الدبلوماسية العامة الأمريكية  لمنع اتساع نطاق الصراع. وفي الحقيقة، يتعرض الدعم الأمريكي لإسرائيل حالياً لضغط مكثف من جانب الرأي العام.

في الوقت نفسه فإن الحرب البرية الإسرائيلية في غزة ستؤدي لمزيد من القتلى واشتعال نيران العداء لأمريكا في الخارج وانقسامات داخل الولايات المتحدة وزيادة الضغط على دول المنطقة العربية لاتخاذ خطوات تظهر دعمها للفلسطينيين.

وفي حين أصبحت الدبلوماسية العامة شديدة الأهمية،أصبحت أيضاً أكثر صعوبة بعد قصف المستشفى الأهلي في غزة.

فالآثار الإنسانية المدمرة  لقصف المستشفى أدت إلى تعقيد زيارة بايدن. وعلى مدى الأسبوع الأول بعد هجوم “حماس” أصدرت الولايات المتحدة سيلاً من البيانات التي تؤكد الدعم غير المشروط لإسرائيل، في حين ظلت الاتصالات المباشرة المكثفة لبلينكن في المنطقة خارج دائرة التركيز.

وتقول فينجاموري إنه مع ذلك يمكن القول إن تغييراً ما طرأ على الموقف الأمريكي، يوم الأحد الماضي، حيث دعا بايدن، في مقابلة مسجلة مع برنامج “60 دقيقة” التلفزيوني، إسرائيل إلى ضبط النفس وحماية المدنيين في غزة.

ورغم إعلان موقف الرئيس الأمريكي بهذا الشأن، فإن قدرة الولايات المتحدة على التأثير على إسرائيل على المدى القريب تبدو محدودة: فرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو حذّرَ من أن رد بلاده على هجمات حماس “سيتردد صداه لأجيال عديدة”.

ومع جهود تشجيع إسرائيل على ضبط النفس، من المهم أن تحاول الولايات المتحدة ردع إيران و”حزب الله” عن التورط في المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين بشكل مباشر، وإقناع  دول الخليج العربي على العمل من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

ومن المهم أيضاً بالنسبة للولايات المتحدة ضمان استمرار التوافق الأمريكي الأوروبي، لأن أي شيء أقل من هذا سيكون له تأثيرات سلبية على مجالات مهمة بالنسبة للتعاون بين جانبي المحيط الأطلسي، وبخاصة أوكرانيا.

 وتشير فينجاموري إلى أنه يتعين على إدارة بايدن مضاعفة جهود دبلوماسيتها العامة. وقد قال الرئيس الأمريكي إنه “غاضب وحزين بشدة” من تفجير المستشفى في غزة. وفي حين يتبادل الإسرائيليون والفلسطينيون الاتهامات بشأن المسؤولية عن التفجير، فإن عليه إدراك أن دعوات أمريكا لإسرائيل لحماية المدنيين سيكون تأثيرها أقوى على الرأي العام في المنطقة العربية إذا رأت شعوبها خطوات ملموسة من جانب واشنطن لحماية المدنيين.

فينجاموري: إن تغييراً ما طرأ على الموقف الأمريكي، حيث دعا بايدن إسرائيل إلى ضبط النفس وحماية المدنيين في غزة

في الوقت نفسه فإن ضغوط المعسكر اليميني المتطرف للحزب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي من أجل تحويل المساعدات الأمريكية من أوكرانيا لإسرائيل، والاستقطاب الحزبي الراديكالي ينسف الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إقناع الرأي العام في الشرق الأوسط بأن إلزام إسرائيل بضبط النفس  يمثل أولوية لإدارة بايدن.

كما  تنسف الممارسات السياسية المثيرة للاضطراب من جانب أعضاء الكونغرس جهود بناء الجسور بين مختلف مكونات المجتمع الأمريكي المنقسم حول الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين.

وقبل أيام قليلة من هجوم حركة “حماس” على إسرائيل، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان إن “الشرق الأوسط الآن أهدأ من أي وقت مضى طوال 20 عاماً”، مؤكدا قدرة الولايات المتحدة على تركيز أولوياتها الإستراتيجية خارج الشرق الأوسط.

وتضيف فينجاموري أن الحقيقة هي أن غرق أفغانستان في مستنقع الفوضى بعد انسحاب الولايات المتحدة منها، في صيف 2021، والآن الهجمات التي نفذتها حركة “حماس”، بعد سنوات من الهدوء، تذكّرنا بحقيقة أن ما نراه في المنطقة هو استقرار زائف. وكلتا الكارثتين في أفغانستان وغزة تؤكدان خطورة التفكير الثنائي بمعنى: “كل شيء أو لا شيء “. فالمطلوب من الولايات المتحدة صياغة دبلوماسية تمثل نقطة وسط بين الانسحاب والاحتلال، كما تؤكدان خطأ الإستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

كما أن هجمات “حماس” أعادت التذكير بأن مشكلات الشرق الأوسط ما زالت هاجساً رئيسياً للولايات المتحدة. فالفلسطينيون يحتاجون لإقامة دولتهم المستقلة حتى يتحقق الاستقرار الحقيقي، ولا يمكن تجاهل هذه الحقيقة حتى النهاية.

وتقول فينجاموري إنه يتعين على إدارة بايدن العمل بجد لضمان استعادة أمن إسرائيل، ولمطالبة كل الأطراف بحماية المدنيين، ولإبقاء دول المنطقة ملتزمة بالعمل على استعادة السلام والاستقرار.

(د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa:

    هم قتلة محتلين ويعيشون علي سرقة الدول الضعيفة يقتلون شعوبها ويسرقون ثرواتها وسيجئ يومهم ان شاء الله

  2. يقول عبد الوهاب عليوات:

    تحليل ركيك أحادي النظرة همه الأول ضمان بقاء إسرائيل كقوة مهيمنة على الشرق الأوسط من خلال ألعاب إعلامية ووعود سياسية كاذبة نسميها المحللة الدبلوماسية.
    حتى حماية المدنيبن بالنسبة لها ليس أكثر من شعار على بايدن أن ينادي به من أجل نحب فصل الجماهير العربية بغض النظر عن تطبيقه الفعلي وقاعيا طبق ام لم بطبق.

  3. يقول الناقد السياسي:

    تحليل عادي جدا ويتخلله الكثير من الركاكة حتى، في حقيقة الأمر.. أخطر ما في الأمر هنا، بغض النظر عن “إنسانوية” المحللة ليزلي فينغاموري ذاتها، إنما يشير إلى ذلك التعاضد الوطيد والحميم بين بلينكن اليهودي والصهيوني بالفطرة وبين بايدن اللايهودي لكن الأشد صهيونيةً من الصهائنِ أنفسهم، من طرف أول، وبينهما وبين نتنياهو الإسرائيلي الأشد صهيونيةً بكثير من كل من الاثنين ضد كل ما هو عربي عامةً وضد كل ما هو فلسطيني خاصةً، من طرف آخر !!؟

  4. يقول محمود حميد الناصر:

    المحلل الغربي بشكل عام يعصر تفكيره وأحاسيسه عصراً كي يمنح الصهيوني كلّ ما في
    حوزته ثم يرجوه بتذلل أن يصرف النظر عن حبّة أرز صغيرة صغيرة كي يمنحها للطرف الثاني
    باستعراضية القصد منها إعلامي ودعائي ليس إلاّ .
    قال الشاعر بدر شاكر السياب في قصيدة له عن فلسطين المقسمّة قسمة ضيزى بين صاحب الأرض
    والصهيوني المستوطن :
    قال السياب :
    هذا لكلّ اللاجئين
    وكل هذا لليهود

  5. يقول تاريخ حروب الغرب وأتباعهم:

    وهل ينفع الفلسطينيين تصحيحها على المدى البعيد وهم بحاحة لحل جذري نهائي؟

  6. يقول عاشق الأقصى:

    بسم الله الرحمن الرحيم. ما يأخذه الحكام العرب من أمريكا بالذل والتطبيع يمكن الحصول عليه بالعز والنصر.

  7. يقول Neo:

    أخطاء اميركا ؟؟؟
    من تكون ومن هي اميركا ؟؟
    وكأن اميركا معصومة من الخطأ ؟
    يوم اميركا آت لا محالة .
    صَاحِ هَذِهْ قُبُورُنَا تَمْلَأُ الرُّحْـ
    ـبَ فَأَيْنَ الْقُبُورُ مِنْ عَهْدِ عَادِ؟ فرعون والنمرود وثمود ؟؟؟
    الكيان الصهيوني هو آخر مسمار في نعش اميركا وإنا غدا لناظره قريب .

اشترك في قائمتنا البريدية