محللة سياسية إسرائيلية: الظروف بدأت بالنضوج ونتنياهو جاهز لخطوة جديدة وكبيرة

وديع عواودة
حجم الخط
0

الناصرة ـ «القدس العربي»: تقول وسائل إعلام عبرية أن طاقم المفاوضات سيغادر تل أبيب هذا الأسبوع إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات حول صفقة جديدة مع حماس بوساطة مصرية وسط أجواء من التفاؤل الحذر، وفي التزامن يطلق عدد من الوزراء تصريحات في هذا الاتجاه، غير أن علامات السؤال ما تزال تحوم حول حقيقة نوايا نتنياهو الراغب بالتأجيل قدر الإمكان رغم تصريحات وتهديدات ترامب ودعواته لإتمام صفقة. في هذا السياق ترى المحللة السياسية في القناة 12 الإسرائيلية دفنا ليئيل أنه بعد “السابع من أكتوبر” بـ426 يوماً، يبدو أن الظروف بدأت بالنضوج في غزة وتل أبيب بشكل يمكن أن يسمح بصفقة تبادُل إضافية. وتقول في مقال نشره موقع قناتها إن دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض والتهديد الواضح الذي صدر عنه بتحويل الشرق الأوسط إلى جهنم، يهدف إلى تفعيل الضغوط على “حماس” من أجل أن تبدي مزيداً من الليونة. وضمن مقولتها حول قرب صفقة محتملة تزعم ليئيل أن حركة “حماس” مستمرة في تلقّي الضربات الميدانية، وتراجعت آمالها بإشعال المنطقة، بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. في المقابل أيضا تعتقد ليئيل أنه على صعيد سياسي أيضاً، يبدو أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يرى أن الفرصة سانحة، بعد أن وسّع ائتلافه بضم جدعون ساعر وتقليص قوة بن غفير، وأيضاً دخول ترامب إلى البيت الأبيض سيصعّب على بن غفير وسموتريتش تفكيك حكومة اليمين المتطرف.

منظومة الحسابات الخاصة

وتتابع: “لكن الأكثر تغيراً هي منظومة الحسابات الخاصة بنتنياهو نفسه فبعكس جو بايدن، يفتح ترامب أمام نتنياهو فرصاً جديدة يمكن أن تعيد صياغة إرثه من جديد، لا يمكنه أن يمحو أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر، حتى لو أعاد المخطوفين، لكنه يمكن أن يصنع إرثه في المنطقة بطرق مختلفة- اتفاق تاريخي مع السعودية، أو تغيير ميزان القوى في مقابل إيران”. وطبقا للمحللة السياسية الإسرائيلية فهذا لن يحدث، طبعاً، من دون تقدُّم في الساحة الغزية مرجحة أن ترامب لن يسمح بذلك، لا هو ولا شركاؤه الاستراتيجيون في المنطقة. من هنا تستنتج أن نتنياهو يسعى الآن لعقد صفقة موسعة أكثر، يمكن أن يكون اتفاق تبادُل الأسرى فيها أداة ضغط لتحقيق إنجازات كبيرة جداً في ساحات أُخرى. وتقول إن صفقة كهذه يمكن أن تسمح له أيضاً، ولشركائه في الائتلاف، بتسويق الصفقة التي يتحفظ الجمهور منها. وطبقا لـ لليئيل أيضا فإن “الأوقات المصيرية أكثر هي الأسابيع التي تفصلنا عن موعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض- خلال هذه الفترة، حيث يمكن أن يقع كثير من المصائب، مثل أوامر الاعتقال الدولية، وأيضاً الفرص التي لم يحلم أيّ شخص بها، وتبدو الآن ممكنة”. وتتساءل ليئيل: “إذاً، علامَ يدور الحديث الآن؟ الحديث الآن عن صفقة جزئية فقط. لا يزال نتنياهو يرفض وقف الحرب، ويفهم أنه من الصعب جداً، سياسياً، أن ينسحب كلياً من القطاع. وعلى الرغم من ذلك، فإنه سيكون من الصعب عليه تسويق صفقة جزئية للجمهور بعد 430 يوماً وأكثر من عام على الصفقة الأولى، لأنه من الصعب جداً ترك مخطوفين، بينهم جنود هناك، ويعتقد كثيرون أن هذا ما سيؤدي إلى هلاكهم”. كذلك تتساءل ماذا يجري في الساحة الداخلية؟ وعن ذلك ترى ليئيل أنه لا يمكن القول إن الإصلاحات القضائية عادت، لأنها أساساً لم تختفِ قط، ببساطة، إنها تتقدم بخطوات بطيئة أكثر وذكية أكثر، على طريقة الضفدع في المقلاة التي تسخن بالتدريج. الداعمون لها يعرفون جيداً أن المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير ياريف ليفين في كانون الثاني/يناير 2024 كان خطأً كبيراً، وبدلاً من الدخول من الباب الرئيسي، يدخلون الآن بصمت عبر الشبابيك الجانبية: قانون اختيار مفوض عام الشكاوى بحق القضاة سياسي، تقليص ميزانيات نقابة المحامين، رفض تعيين رئيس للمحكمة العليا استناداً إلى الخبرة، وقائمة طويلة من القوانين المساهموة في احداث انقلاب على النظام السائد.

منظومة ضبط القانون

تعتقد ليئيل في هذا المضمار أن منظومة ضبط القانون لا تخلو من الأخطاء: في الأسبوع الأخير فقط، ارتكبت النيابة العامة خطأين كلفّاها كثيراً في أوساط الجمهور- اتهام مساعد نتنياهو، إيلي فدلشتاين، بمحاولة الإضرار بأمن الدولة بعدما سرق وسرب وثيقة استخباراتية سرية، وهو اتهام رفضه القاضي؛ والاعتقال الانتقامي الذي تعرّض له، هو والضابط الآخر المقرب من بن غفير. وكذلك الأمر بالنسبة إلى محاولة اتهام المتهمين الأربعة بإلقاء قنبلة ضوئية بالقرب من بيت رئيس الحكومة في مدينة قيسارية بـ”القيام بعمل إرهابي وتعامُل متهاون مع النيران والاستهتار” والإبقاء عليهم في السجن حتى انتهاء الإجراءات. وتقول إن “هذه الملفات الحساسة، جعلت النيابة العامة تصعد إلى شجرة عالية جداً، وحاولت المساواة، بشكل واهم، ما بين حقوق المتهمين، وهذا كله بعد فضيحة الملفات التي بدأت بصوت مرتفع جداً، وانتهت بصوت منخفض وضعيف”. وتعتبر ليئيل أن هذا مؤسف جداً، لأن الأخطاء تُستغل سياسياً من أجل القيام بموجة قوننة بعيدة كل البعد عن أن تكون حلاً للمشكلة، منوهة أن الهدف من وراء هذه القوانين ليس مساعدة المواطن، إنما منح السياسيين مزيداً من القوة، بالإضافة إلى أنها وقود لحملات شعبوية تجعل الجميع متهمين، باستثناء الحكومة. وتضيف “بالمناسبة هذه هي القضية – يجب أن تتم التغييرات النظامية بمسؤولية، ومن خلال اتفاق واسع. فالائتلاف الذي فقد، بحسب الاستطلاعات، كثيراً من قوته، ولم ينجح في تشريع هذه القوانين قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر، غير مخوّل ببلورة النظام في إسرائيل من جديد”. وتخلص المحللة السياسية الإسرائيلية للقول إنه “لدى هذه الحكومة مهمة واحدة، يبدو أنها شارفت على النهاية أيضاً: إعادة السفينة إلى حالة الاستقرار، بعد الكارثة الكبيرة والدمار، ومن المؤكد أنها غير مخولة إجراء تغييرات إشكالية، الهدف منها إزاحة السفينة عن مسارها وإبعادها عن التحديات الحقيقية، وإعادة فتح الجروح القديمة. إذا كانت هذه الحكومة تريد ترميم الوضع فعلاً، فيتوجب عليها أولاً تشكيل لجنة تحقيق مستقلة. لكنها بدلاً من ذلك، تحاول كسب الوقت بشكل لا يسمح بالتحقيق في الكارثة بشكل نزيه إطلاقاً”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية