الدوحة: تؤشر المباحثات المباشرة التي أجرتها الولايات المتحدة مع حماس الى الصعوبات التي تواجهها المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة الفلسطينية في قطاع غزة، بحسب محللين.
وأكد البيت الأبيض الأربعاء أن واشنطن أجرت اتصالات مباشرة ظلت طي الكتمان مع حماس التي تصنّفها الولايات المتحدة منظمة “إرهابية”، موضحا أنه تم “التشاور” مع إسرائيل في هذا الشأن.
وقال الخبير في الشأن الجيوسياسي نيل كويليام إن التواصل المباشر بين الطرفين “هو مؤشر على انهيار في الوساطة بشأن وقف أوسع لوقف النار”.
ورأى في ذلك “دلالة على… تململ (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب من المفاوضات المعقدة التي تتطلب وقتا”، معتبرا أن الدولة العبرية “قلقة غالبا من أن هذه المقاربة المستفرِدة قد تقوّض مصالحها المباشرة”.
وتابع الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمركز تشاتام هاوس للأبحاث “سبق للرئيس الأمريكي أن تخلى عن عدد من حلفائه الرئيسيين”.
من جهته، رأى الباحث في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي أن المباحثات المباشرة مع واشنطن ستشعِر حماس “بأنها انتزعت مشروعية قوية”.
وأشار الى أن الاسرائيليين بدورهم “قلقون بطبيعة الحال” جراء ذلك.
“ثقة قليلة”
ورأى دورسي أن المباحثات بين الأمريكيين وحماس “تعقّد بشأن إضافي مفاوضات وقف إطلاق النار لأن حماس ستتصلّب في إصرارها على أن يتم الالتزام بوقف إطلاق النار، بدلا من (اتباع) جدول زمني إسرائيلي”.
ودخل الاتفاق الذي أبرم بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر، حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير، وأتاح تحقيق هدوء نسبي في القطاع إثر حرب مدمّرة اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وامتدت المرحلة الأولى ستة أسابيع، وأتاحت عودة 33 من المحتجزين الى إسرائيل بينهم ثمانية قتلى، فيما أفرجت إسرائيل عن نحو 1800 معتقل فلسطيني كانوا في سجونها.
ومع انقضاء المرحلة الأولى في نهاية الأسبوع، أعلنت إسرائيل رغبتها في تمديدها حتى منتصف نيسان/أبريل بناء على مقترح أمريكي، في حين تمسكت حماس بضرورة التفاوض حول المرحلة الثانية التي يفترض بها أن تضع نهاية للحرب.
وعندما سُئلت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت عن هذه الاتصالات، ردت بأن المبعوث الخاص لشؤون الرهائن آدم بولر الذي “يشارك في المفاوضات، لديه السلطة للتحدث إلى أي كان”.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “خلال المشاورات مع الولايات المتحدة، أبدت إسرائيل رأيها بشأن إجراء مناقشات مباشرة مع حماس”.
وبحسب موقع أكسيوس الذي كان أول من كشف عن الاتصالات، أجرى المبعوث الأمريكي الخاص المشاورات في الأسابيع الأخيرة في الدوحة. وركزت على إطلاق سراح خمسة أمريكيين ما زالوا محتجزين لدى حماس، أربعة منهم تأكد مقتلهم ويعتقد أن خامسا لا يزال على قيد الحياة.
ورأى الباحث المتخصص في المسائل الأمنية أندرياس كريغ إن قرار فتح قنوات مباشرة مع حماس “يظهر بوضوح أن للولايات المتحدة ثقة محدودة بإسرائيل وبالمفاوضين الإسرائيليين… للقيام بما هو ضروري لتأمين عودة الرهائن”.
وأشار الأستاذ في جامعة كينغز كوليدج في لندن الى أن نتنياهو عمل “خلال الأشهر الـ12 والـ13 الأخيرة، إن لم يكن من قبل ذلك حتى، على تقويض جهود الوساطة لاستعادة الرهائن”.
وتابع “أعتقد أن الولايات المتحدة أدركت ذلك الآن”.
مسار منفصل
ورأى كريغ أنه قد يكون ملائما لقطر المشارِكة في جهود الوساطة “أن تسمح بفتح ما يشبه مسار المفاوضات المنفصل حيث لا يحضر طرف مثل حكومة نتنياهو التي دائما ما تعمل على إثارة الاضطراب، والتخريب، والتقويض”.
وأشار كويليام الى أنه على الرغم من أن “مصر وقطر قد تبدوان على الهامش في الوقت الراهن…. لكن الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس ستبقى في حاجة إليهما لأن الجهود الأمريكية والإسرائيلية ستؤدي الى مزيد من الصراع، والدولتان العربيتان هما المحاوران الوحيدان القادران على التدخل وأداء دور بنّاء”.
وبعد ساعات من تأكيد الإدارة الأمريكية إجراء الاتصالات المباشرة، وجّه ترامب “آخر تحذير” الى حماس لكي تطلق المحتجزين الأحياء والأموات، وتغادر قيادتها قطاع غزة المدمّر بفعل الحرب.
وحذّر سكان القطاع قائلا “هناك مستقبل جميل ينتظركم، لكن ليس إذا احتفظتم بالرهائن. إذا احتفظتم برهائن أنتم أموات! خذوا القرار الصحيح”.
ورأى دورسي أن تصريحات ترامب في منشور عبر منصته للتواصل الاجتماعي قد يكون هدفها “الى حد ما، محاولة تخييب أمل حماس والتقليل من توقعاتها وتهدئة المخاوف الإسرائيلية”.
أضاف دورسي أن ترامب “لا يعلن سياسة. هو يترك الجميع يخمّنون”.
واعتبر كريغ أن “الإنذار النهائي الذي وضعه ترامب على الطاولة هو جزء من سياق كامل للتفاوض حيث يستخدم الإرغام… وكثير من الضغط على حماس”.
وأبدى اعتقاده بأن ترامب يريد صرف الاهتمام عن كشف التواصل بين واشنطن والحركة “من خلال القول أنا قوي، سأعيد الرهائن… بهذه الطريقة أبرّر لماذا نتحدث مباشرة الى حماس”.
(أ ف ب)