محلل سياسي: لجنة مكونة من عشرة محامين لصياغة دستور جديد في تركيا ضمن الخطة الكبرى للرئيس أردوغان

حجم الخط
1

واشنطن: عندما تم استكمال بناء كنيسة الحكمة المقدسة العظيمة، آيا صوفيا، في القسطنطينية عام 537 ميلادية، صاح الأمبراطور جستنيان قائلا: “يا سليمان، لقد هزمتك “، في إشارة إلى هيكل الملك سليمان بالقدس.

وقال روبرت إليس، وهو محلل للشؤون التركية ومعلق ومستشار دولي في معهد البحوث للدراسات الأوروبية والأمريكية في أثينا، إن من المحتمل أن يكون هذا هو نفس الشعور الذي سوف ينتاب الرئيس التركي رجب طيب أردوعان عندما يحل دستور تركي جديد محل دستور عام 1982 الذي يعكس القيم العلمانية لمؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.

وأضاف إليس في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، أن أردوغان يصف دستور عام 1982 بـ”الدستور العسكري” نظرا لأنه تم صياغته عقب الانقلاب العسكري في عام 1980.

وعيّن أردوغان الآن لجنة مكونة من عشرة محامين لصياغة دستور جديد، يقول إنه سوف يكون “مدنيا وليبراليا”.

ويعود النقاش بشأن دستور علماني لتركيا إلى عام 1994 عندما تم انتخاب أردوغان عمدة لإسطنبول عن حزب الرفاه آنذاك برئاسة نجم الدين أربكان، الذي أيد الإسلام السياسي.

وبعد مرور ثمانية أشهر على انتخابه، شارك أردوغان في مناظرة تليفزيونية عندما انتقد الأديب والروائي التركي عزيز نيسين، أردوغان لقوله: “أنا من اتباع الشريعة الإسلامية”.

ورد أردوغان بقوله: “نيسين لديه الحرية والحق في أن يقول إنني كافر. فلماذا لا يمكن أن يكون لدى الحق في القول إنني مسلم ومن أتباع الشريعة؟”.

وقال نيسين: “إن هذا يتعارض مع الدستور التركي الذي ينص على أن الدولة التركية علمانية، فإما أن تغير الدستور وتطبق الشريعة أو تلتزم بالدستور. لا يمكن أن تكون من أتباع الشريعة وعلمانيا معا”. وأصبح حزب الرفاه أكبر حزب سياسي في تركيا وشرع مع رؤيته الوطنية في تأسيس “نظام عادل “(الشريعة )، ولكن في عام 1998، قامت المحكمة الدستورية بحله لكونه “مركزا لأنشطة تتعارض مع مبادئ العلمانية”.

وفي نفس العام، تم الزج بأردوغان في السجن لمدة أربعة أشهر لاقتباسه قصيدة قومية من عام 1912، ولكنه كان قد أوضح بالفعل أن “الديمقراطية ليست هدفنا”، إنها الوسيلة. غير أن أردوغان تعلم درسا، وعندما تم تأسيس حزب العدالة والتنمية في عام 2001 وصعد لسدة الحكم بعد ذلك بعام، قدم الحزب نفسه على أنه حزب غربي إصلاحي معتدل وليبرالي جديد. وقبلت أوروبا والولايات المتحدة ذلك النهج، وكما قالت وزيرة الخارجية السابقة كوندليزا رايس إن حزب العدالة والتنمية “حكومة عاقدة العزم على سحب تركيا غربا صوب أوروبا”.

وتحدث الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن “شراكة نموذجية “مع تركيا واستخدم أردوغان نفس العبارة بعد إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب.

وفي عام 1999، أعلن الاتحاد الأوروبي أن تركيا دولة مرشحة للعضوية في التكتل، واستغل حزب العدالة والتنمية بشكل استراتيجي شروط التكتل لتعزيز أهدافه.

وتابع إليس أنه بمجرد أن قلّم الحزب أظافر الجيش والمؤسسة العلمانية في سلسلة من المحاكمات الصورية من عام 2008 إلى عام 2013، تخلى عن عملية الانضمام للاتحاد الأوروبي.

ورغم أن الحزب بدأ كحركة شعبية، يعتبر قرابة 70% من الأتراك الذين تم استطلاع آرائهم، أن حزب العدالة والتنمية يتحيز للأغنياء، بينما 16% فقط يعتقدون أنه يدعم الفقراء. ويتم انتقاد أردوغان وزوجته بشدة بسبب أسلوب حياتهما الباذخ.

وفي سوريا الجديدة، حيث تلعب تركيا دورا بارزا، يتسم دستورها المؤقت بتغيير جوهري عن الدستور السابق، حيث إن الفقة الإسلامي لم يعد مصدرا رئيسيا للتشريع، و لكن “المصدر الرئيسي”. ويتم تجاهل حقوق الأقليات. ويتم غالبا وصف تركيا بأنها رأس جسر الغرب إلى الشرق الأوسط، والعكس يمكن أن يكون صحيحا.

ومع الوضع في الاعتبار الهجرة الجماعية إلى أوروبا من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان وتركيا، أثبت صدام القيم غالبا أنه مصدر للصراع. فعلى سبيل المثال، يحصر التعريف الإسلامي لحرية التعبير، كما حدده إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام (1990)، التعبير عن الرأي في إطار كل ما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية. ويخالف هذا المعيار إعلان الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان والعهد الدولي بشأن الحقوق السياسية والمدنية. ومع ذلك، وقّعت تركيا على كل من إعلان القاهرة والعهد الدولي.

وعلاوة على ذلك، وكونها عضوة في مجلس أوروبا، فإنها أيضا طرف في المعاهدة الأوروبية بشأن حقوق الإنسان. وفي تركيا تحت رئاسة أردوغان، هيمنت القيم الإسلامية على التعليم والاقتصاد والسياسة الخارجية، وهو الأمر الذي لم يؤد إلى ابتعاد عن العالم الغربي فحسب، ولكن أيضا إلى صراع داخلي.

وكانت احتجاجات متنزه جيزي في عام 2013، بقيادة الشبان المتعلمين، الانتفاضة الأولى ضد سياسة أردوغان العقائدية. وكانت المظاهرات ضد القبض على عمدة إسطنبول العلماني أكرم إمام أوغلو هى الانتفاضة الثانية. وبدأ تحرك أردوغان لإجراء تغير دستوري عندما صافح حليفه السياسي دولت بهتشلي أحد زعماء حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد في البرلمان التركي في شهر أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي.

و قد تعزز هذا بعد القرار الذي اتخذه حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) بشأن حل نفسه ونزع سلاحه وإنهاء صراعه على مدار 40 عاما مع الدولة التركية. ولكن العملية اثارت أسئلة أكثر من الإجابات. ويزعم أردوغان أن تركيا “الخالية من الإرهاب” سوف تدفع الاقتصاد التركي إلى أفاق أرحب جديدة، ولكن هناك شكوك.

ويمكن أن يعتمد حزب العدالة والتنمية فقط على 321 مقعدا في البرلمان، وسوف يحتاج إلى 360 (من 600) لطرح دستور جديد للاستفتاء. وبدعم مقاعد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب التي تبلغ 56 مقعدا، سوف يصبح حزب العدالة والتنمية أكثر قربا من تحقيق هدفه.

واختتم المحلل إليس تقريره بالقول، إنه أيا كانت النتيجة، فإن حقيقة واحد تبقى، وهى أن زعيم تركيا رجب طيب أردوغان السبعيني المريض الآن، ليس لديه أية نية للتخلي عن السلطة.

(د ب أ)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    ههه السلطان أردوغان يريد أن يوطد أركان عرشه 😎

اشترك في قائمتنا البريدية