محور صلاح الدين: أين الموقف المصري؟

حجم الخط
21

أكدت مصادر سياسية وإعلامية متعددة أن نقطة الخلاف الرئيسية في المفاوضات الجارية بين «حماس» وإسرائيل تتركز على رفض الاحتلال الانسحاب من محور صلاح الدين (المعروف أيضا بمحور فيلادلفيا) الحدودي وهو معبر ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة يمتد على مسافة 14 كيلومترا، إضافة إلى رفض إسرائيل الانسحاب من محور نتساريم قرب مدينة غزة الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه.
تصر حركة المقاومة الإسلامية طبعا على انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي فيما تصرّ حكومة بنيامين نتنياهو على السيطرة عليه، وأن الأخير رفض حلولا لتأمين الصفقة من أطراف في حكومته، بمن فيها وزير الحرب يوآف غالانت الذي اقترح الانسحاب لفترة محدودة مدتها 6 أسابيع.
برغم الاختلاف النسبي بين الموقفين، فالظاهر حاليا هو أن المستويات السياسية والعسكرية والأمنية في الدولة العبرية متوافقة، مع ذلك، على رفض وقف الحرب، والاحتفاظ، بالتالي، بالقدرة على استئناف القتال ضد «حماس» بعد إنجاز الصفقة الحالية لإطلاق الأسرى، وأن ذلك نابع من استراتيجية جديدة لتل أبيب، اعتُمدت بعد عملية «حماس» في 7 تشرين أول/أكتوبر الماضي وتقوم على السيطرة الأمنية اللاحقة على القطاع، ولكن لماذا يصرّ نتنياهو، والحال كذلك، على رفض الانسحاب من محور فيلادلفيا ولو كإجراء مؤقت؟
يمكن تبيّن ملامح الجواب من مواقف الأطراف الأخرى، وعلى رأسها، بالطبع، «الوسيط» الأمريكي، الذي اقترح، حسب مصادر إعلامية، تقليص تواجد الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا وعدم الانسحاب منه، إلى جانب عودة السلطة الفلسطينية إلى الإدارة، تحت قيادة إسرائيلية، وفي المقابل هناك تباين في قراءة الموقف الأمريكي من محور نتساريم، فبعض المصادر (مثل القناة 12 الإسرائيلية) تقول إن الأمريكيين رفضوا الشرط الإسرائيلي حوله، فيما أكد مصدر من «حماس» لوسائل إعلام عربية أن الاقتراح الأمريكي يوافق على إشراف إسرائيل على النازحين العائدين إلى شمال القطاع.
يقع المحور، حسب معاهدة السلام الموقعة عام 1979 بين مصر وإسرائيل على أن تكون المنطقة القريبة من الحدود (المسماة ج) منطقة منزوعة السلاح، وبعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2004 وإخلاء المحور المذكور تم نقل سلطة محور صلاح الدين الى السلطة الفلسطينية ومصر والاتحاد الأوروبي، ووقّعت اتفاقا تنشر فيه الدولة المصرية حرس حدود في رفح الفلسطينية وتسير دوريات على الجانب المصري باعتبارها «قوة لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود» لا قوة عسكرية مع الإشارة أن هذا إجراء أمني وليس إلغاء لاعتبار المنطقة «منزوعة السلاح».
بمقاطعة السياق التاريخي الآنف مع التطوّرات الخطيرة الجارية في القطاع (وتداعياتها العربية والإقليمية والعالمية) يتجاوز إصرار حكومة نتنياهو على الاحتفاظ بمحور صلاح الدين مسألة المماحكة على التفاصيل أو محاولة انتزاع أكثر ما يمكن من المفاوضات. المعنى العميق للموضوع يتمثّل في استراتيجية إسرائيل، بقيادة نتنياهو وشركاه، بتعديل شروط «السلام» مع مصر، وإلغاء السلطة الفلسطينية، ورفض الرعاية الأوروبية لحل الدولتين والتسوية مع الفلسطينيين.
تذكر بعض الروايات التاريخية أن الجنرال الفرنسي غورو الذي كان المندوب السامي لدولته على لبنان وسوريا الذي أشرف على فصل البلدين عام 1920 زار قبر صلاح الدين الأيوبي وركله ثم قال: «استيقظ يا صلاح الدين. لقد عدنا» في تشبيه بين احتلال القوى الغربية للمشرق العربي في بداية القرن العشرين والحملات الصليبية التي بدأت عام 1096 (وهو تشبيه أعاد تكراره بصيغة أخرى الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش).
رغم أنه يقال إن اختيار الجيش الإسرائيلي لتسمية محور صلاح الدين بـ«فيلادلفيا» كان عشوائيا، لكن الواقع أن احتلال الأسماء له أهمية رمزية كبيرة بقدر احتلال الجغرافيا، وأن استيلاء إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، وانتهاك الحماية القانونية الدولية للمدنيين، والرعاية الأوروبية لحل الدولتين، واتفاق السلام مع مصر، قضايا مترابطة يكون فيها الاستيلاء على الحاضر معادلا للاستيلاء على التاريخ.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول وجيه:

    قال ايدي كوهين: السيسي أكثر صهيونية مني.
    كررها مرتين في برنامج الاتجاه المعاكس قناة الجزيرة.

  2. يقول كريم إلياس /غزة الجريحة:

    ستبقى الامور على حالها و ستبقى المياه راكدة …و ستزداد ( عفونة) مادامت مصر باقية تحت سيطرة إنقلابي رويبضة ..يعاني من داء الجُبن و القهر و غلبة الرجال..!؟ و هو شريك مع المحتل الصهيوني المجرم الفاشي…( مادام يحمي ظهره )و يمنع إطلاق و لو رصاصة ( شرف واحدة ) ضد جبش هذا الكيان الغاصب…لن يتغير الواقع ..مادام السيسي و عصابته و هو ( الذي تم تنصيبه كحارس من طرف الاسياد) يتحكم في مستقبل مصر و رقاب المصريين..!؟ و هو الذي لم بُحرك و لو رمزيا جيشه بعد الإخلال و خرق إتفاقية الاستسلام ..التي تتعلق بمعبر صلاح الدين…و قد بات الجيش الصهيوني على مشارف ارض مصر و تهديد امنها …و لم يتحرك..! فكيف سيتحرك للدفاع عن غزة و شعبها !؟.

  3. يقول مجتهد:

    مصر دولة محايدة لا علاقة لها بغزة! من لا يستطيع أن يدافع عن حقوقه المائية لن يستطيع أن يدافع عن الآخرين حتى ولو كانوا جيران تربطهم بمصر صلة قرابة و تاريخ مشترك و ما يسمى عروبة وإسلام اللذان ضاعا في الدوشة. باختصار فاقد الشيء لا يعطيه!

  4. يقول صعيدي:

    منذ إنقلاب المجرم السيسي، لم يتبقى شيء من مصر سوى شعب فقير وبلد غارق في الديون والفساد والفشل، ونظام متصهين أكثر من الصهاينة أنفسهم، ولولا ذلك لما تجرأ النتن ياهو على هذه المواقف والابادة، لذلك اعتبر بعض قادة الاحتلال بأن السيسي كنز استراتيجي لدولتهم ..

    1. يقول تاريخ حروب الغرب وأتباعهم:

      منذ كامب ديفد، وإن سارع السمسار الأمريكي باللقمة والقطرة لسد الرمق وتغطية الفجوة!

  5. يقول alaa:

    العميل الصهيوني فعل افاعيله ولا يزال في خدمة المحتل

  6. يقول qoraish:

    منذ أن وضع الصهاينة ومُحَمَّد بِن زَايد آل نَهيَان السيسي على رأس مصر..
    ، لم يتبقى شيء من مصر , نأمل أن الشعب المصري على علم بما يحدث في بلاده.

  7. يقول سنان:

    منذ البدء
    الغرب يدعمون بعضهم بعضا
    والعرب يتآمرون على بعضهم البعض في المقابل –

  8. يقول abuelabed.:

    طالما راس الخيانة على راس الدولة فلا موقف مصري ولا غير مصري.

  9. يقول ابو سلامه:

    السيسي مشغول باٍدارة الاحتفالات الغنائيه بمدينة العلمين التي أنشأها بقروض صندوق النقد الدولي بعد ان اصابه الملل من تسويق العاصمه الاداريه الخاويه على عروشها . مشكلة اسرائيل انها لم تجد حتى الآن عدواً لها ذا قيمه باستثناء حماس وحزب الله .

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية