الرباط – «القدس العربي»: لم يكن نداء السفير الفلسطيني في المغرب، جمال الشوبكي، الذي وجهه أكثر من مرة إلى الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، للتدخل واستخدام ثقل المغرب من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بفلسطين، نداء اعتباطياً، بل كان مستنداً إلى ما يتوفر عليه المغرب من “أوراق دبلوماسية” تتيح له لعب دور الوساطة بين طرفي الحرب الهوجاء الدائرة منذ بضعة أسابيع، والتي أفضت إلى هدنة إنسانية مؤقتة.
ويرى مراقبون، وفق موقع “هسبريس”، أن المغرب يتوفر بالفعل على أوراق سياسية ودبلوماسية واستراتيجية تمكنه من امتلاك مفاتيح رئيسية لتدشين وساطة في الوقت الراهن أو في زمن لاحق بهدف نزع فتيل الصراع في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويعتبر محللون أن المغرب بعد أن تراجع في السنوات الأخيرة عن لعب تلك الأدوار، التي كان يقوم بها في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، يمكنه أن يسترجع ذلك الإشعاع ويلعب دور الوساطة بين طرفي النزاع، لا سيما بعد إبرامه اتفاقية أبراهام” مع الكيان الإسرائيلي.
أوراق دبلوماسية
في هذا الصدد يقول الدكتور مولاي هشام معتضد، الخبير في العلاقات الدولية، إن المغرب يعتمد على عدة أوراق سياسية ودبلوماسية واستراتيجية لتدبير وساطته في الحرب القائمة بين حركة حماس وإسرائيل، مضيفاً أن رئاسته لجنة القدس وعلاقاته الطبيعية بالعديد من القيادات في حركة “حماس” ووجود شخصيات إسرائيلية من أصل مغربي في أعلى المناصب بإسرائيل، بالإضافة إلى وجود جالية مغربية من أصل يهودي بإسرائيل، كلها أوراق ضمن أخرى تسعى القيادة في المغرب إلى استثمارها من أجل الوصول إلى حل لما يجري في غزة.
وزاد قائلاً: “للمغرب أيضاً فاعلون مدنيون وتنظيمات إنسانية، بالإضافة إلى أحزاب سياسية لها علاقات مميزة وروابط سياسية وشراكات متقدمة مع مختلف الأطراف الفلسطينية والمكونات الإسرائيلية، وهذه الهيكلة المجتمعية والسياسية للدولة المغربية كانت دائماً عاملاً مركزياً في تدبير العلاقات مع الحركات الفلسطينية وسلطتها من جهة، ومع الإسرائيليين من جهة أخرى”.
ولأن عنصر السلام يوجد في قلب سياسة المغرب الخارجية فيما يخص الملف الفلسطيني الإسرائيلي، يتابع معتضد أن القيادة في الرباط تسعى جاهدة، من خلال دينامية مؤسساتها الدبلوماسية والسياسية، إلى تفضيل المقاربة الدبلوماسية القائمة على الحوار وحفظ الحقوق والدعم الإنساني من أجل إنهاء هذا الصراع بما يضمن للفلسطينيين حقوقهم المهضومة، ويتيح للدولة الفلسطينية القيام بكامل مكوناتها التاريخية والسياسية والحضارية بعيداً عن المزايدات والتجارة بالقضية.
خريطة طريق
وأبرز المحلل ذاته أن “هناك علاقات شخصية قوية بين المؤسسة الملكية والعديد من القيادات البارزة في “حماس” و”فتح”، فعاهل البلاد يحظى بمكانة جد خاصة ومميزة لدى العديد من الشخصيات الإسرائيلية واليهود المغاربة في إسرائيل، بالإضافة إلى أن الطائفة اليهودية المغربية المتواجدة بالمغرب تكن للملكية المغربية تقديراً كبيراً، وبالتالي فإن المؤسسة الملكية بشكل عام وشخص الملك بشكل خاص يشكلان حلقتين جوهريتين في دور المغرب كوسيط له ثقله السياسي في أحداث غزة”.
وأشار إلى أنه “بالإضافة إلى علاقاته بالفلسطينيين واليهود هناك دور يسعى المغرب إلى القيام به داخل المنظمات الدولية بالاعتماد على صداقاته الشخصية لدى القوى العظمى على غرار الولايات المتحدة الأمريكية من أجل دفعها إلى الانخراط الجدي والمسؤول بهدف اتخاذ قرارات أكثر جرأة وتقدمية قادرة على وقف العنف الإسرائيلي، خاصة التسريع بوضع خريطة طريق للسلام قابلة للتنفيذ في المنطقة”.
مهمة الوساطة سابقاً وراهناً
ويرى المتخصص في الشأن الإسرائيلي، عبد الرحيم شهيبي، أن “الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين كانت مهمة تقليدية للمغرب في فترة الملك الراحل الحسن الثاني بدليل أنه في العديد من المرات استقبل الملك الراحل رؤساء وزراء إسرائيل وكذلك الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، فالحسن الثاني كان محط إجماع دولي للقيام بالوساطات بين الفلسطينيين والإسرائيليين”. واستحضر مشاهد من جنازة الملك الراحل، حيث كان أكبر وفد رسمي عدداً هو الوفد الإسرائيلي، كما أن الراحل ياسر عرفات كان هو الزعيم الوحيد الذي رافق جثمان الملك إلى المدفن قبل أن يقف إلى جانب الملك الحالي ويقبل رأسه، في إشارة إلى أنه يعول عليه في أن يستمر في نهج والده.
لكن في العقدين الأخيرين، يتابع المتحدث ذاته، تخلى المغرب بشكل واضح عن هذا الدور لأنه “ركز أكثر على شؤونه الداخلية، ووجه جهوده الدبلوماسية لخدمة قضية الصحراء دون غيرها”، مضيفاً: “اليوم تغيرت الكثير من الموازين بعد “اتفاقيات أبراهام”، وصار من الضروري على المغرب أن يسترجع مكانته الدبلوماسية في الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
ووفق الخبير ذاته، “هذا الأمر يمكن أن يربح منه المغرب الكثير حتى فيما يتعلق بجهوده الدبلوماسية من أجل القضية الوطنية، فالمغرب اليوم موثوق به للقيام بهذا الدور”، لافتاً إلى أن “القوى الدولية ستقف إلى جانب المغرب من أجل إنهاء هذا النزاع، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وحتى روسيا لن تعترض على هذا الدور”.
ونبه شهيبي إلى أن هناك ثلاث مشاكل أساسية يمكن أن تقوض مجهودات المغرب إذا اختار القيام بهذه الوساطة، أولاها أن المغرب لا يعترف رسمياً بحركة حماس وسلطتها على قطاع غزة، بل يعترف فقط بالسلطة الفلسطينية، مشيراً إلى أن الزيارة التي قام بها إسماعيل هنية للمغرب لم يحظ فيها بأي استقبال رسمي، باستثناء الاستقبال الذي خصه به سعد الدين العثماني، لكن بصفته الحزبية وليس باعتباره رئيس الحكومة المغربية.
والمشكلة الثانية، تبعاً للمحلل نفسه، تتمثل في وجود دول داعمة وحاضنة لحركة حماس، وهي التي تملك زمام أمورها، من قبيل قطر وإيران، وإن كانت قطر لديها علاقة نوعاً ما جيدة مع المغرب فإنها ترفض أن توصف بكونها داعمة لهذه الحركة، وهذا الرفض هو الذي جر عليها سابقاً غضب جيرانها من بعض بلدان الخليج، وهي بالتالي لن تكون مستعدة لمناقشة ملف حركة حماس مع أي وساطة، لكن في المقابل يمكنها أن تسهل اللقاء مع قيادات هذه الحركة الذين يوجدون في الدوحة، أما فيما يتعلق بإيران فإن العلاقات الدبلوماسية بينها وبين المغرب مقطوعة رسمياً ومتذبذبة بشكل غير رسمي، كما أنها تنأى بنفسها عن دعم حركة حماس، يضيف شهيبي.
أما بخصوص المشكلة الثالثة، فيرى أن هذا الملف يوجد ضمن محور ثلاثي يتمثل في قطر وإيران وتركيا، مشيراً إلى أن قطر ترغب في أن تصنع لنفسها مكانة في الشرق الأوسط، بينما إيران تستغله للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، أما تركيا فهذا الملف يمنحها فرصة لا تعوض لاستعادة أمجادها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وترغب بأن تلعب بنفسها دور الوساطة في هذا الملف، لكنها لا تحظى بالقبول لدى الجميع، وبالتالي قد لا تقبل بأي وساطة أخرى تقصي دورها في هذا المجال.
هذا ما يسمى ركوب الموجه
أين كانت وساطة المغرب طيله سنوات ما قبل طوفان الاقصى (اعتقالات و تقنيل و طرد الفلسطينيين من اراضيهم و منازلهم و تدميرها من فوق رؤوسهم من أجل بناء مستوطنات جديدة)؟!!!
ومن دعى إلى المؤتمر العربي في السعودية ومصر…ومن أرسل المساعدات في بداية الأحداث… وأين سجلت أضخم المظاهرات…الركوب على الأحداث موجود في عنوان آخر معروف..