مراكز إيواء مؤقت تفتقر لمقومات الحياة شمال غربي سوريا

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: شرد الزلزال المدمر، وفق تقرير لمنظمة الخوذ البيضاء، أكثر من 40 ألف عائلة وتركهم في العراء أو في مخيمات إيواء مؤقتة بنيت على عجل وبظروف طارئة، يهددها ضعف البنية التحتية ومرافق الإصحاح وافتقار الكثير منها لمقومات الحياة ووسائل التدفئة التي هي من أهم الاحتياجات للمنكوبين في ظل الأجواء الشتوية التي يمر بها شمال غربي سوريا والانخفاض في درجات الحرارة ليلاً.
وكانت مخيمات الشمال السوري قد تأثرت بالزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمال غربي سوريا فجر يوم الاثنين 6 شباط/فبرير، إذ لم تقتصر آثاره على الأثر المباشر والضحايا التي خلفها من قتلى ومصابين، بل امتدت لتشمل مختلف نواحي الحياة، من مسكن وتعليم وصحة وخدمات.
كما ضاعفت الزلازل والهزات الارتدادية من معاناة المدنيين ومأساتهم في ظل فقدان عشرات آلاف العوائل لمنازلها إما بالانهيار جراء الزلزال أو بتصدع هذه المنازل وتضررها بشكل كبير للسبب ذاته وأصبحت غير صالحة للسكن بسبب خطرها الكبير على حياتهم وخوفهم على أرواحهم وأطفالهم من المبيت داخلها، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة وانخفاض لدرجات الحرارة، واحتياجات هائلة للسكان بعد فقدانهم مصادر رزقهم، ودمار البنية التحتية وخطوط المياه والصرف الصحي في الكثير من المناطق ما يزيد احتمالية تفشي الكوليرا، وتهديده حياة السكان.
وجهزت فرق الدفاع المدني في مدن دارة عزة وأريحا واعزاز مراكز لإيواء المتضررين بالزلزال بالتنسيق مع المجالس المحلية في تلك المناطق، تضمنت تجهيز أماكن لتموضع 150 خيمة استفاد منها 1600 مدني من المنكوبين بالزلزال.

قصف مكثف

لم تمنع الفاجعة التي حلت بسوريا جراء الزلزال المدمر، نظام الأسد وروسيا من الاستمرار بهجماتهم القاتلة، في وقت يعيش فيه المدنيون حالة توتر دائم جراء الزلزال وآثاره التي خلفها والهزات الارتدادية المستمرة، واضطرار السكان للفرار من منازلهم نحو المناطق المفتوحة.
ووفق الدفاع المدني السوري، فإن النازحين يعيشون أوضاعاً صعبة في شمال غربي سوريا ومأساة قديمة متجددة خلّفتها حرب نظام الأسد وروسيا على المدنيين وفاقمها الواقع الخدمي في مخيمات التهجير وبنية تحتية هشة وغياب لمقومات الحياة فيها، لتزيد منها كارثة الزلزال والهزات الارتدادية التي ضاعفت من أعداد المتضررين والقاطنين في مخيمات الإيواء ومخيمات التهجير. وشنّت قوات النظام وروسيا هجمات قاتلة على شمال غربي سوريا في الساعات الأولى من شهر رمضان ما أدى لمقتل شخصٍ وإصابة 4 مدنيين بينهم امرأتان، لتحول موائد رمضان إلى مسرحٍ لجرائمها المتواصلة بقصف المدنيين وترويعهم، وتأتي هذه الهجمات في وقت مازالت آثار كارثة الزلزال في ذروتها.
وأصيبت امرأة ورجل بقصف من قوات النظام وروسيا استهدف السوق الشعبي والأحياء السكنية في مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، مع ساعة الإفطار مساء الخميس 23 آذار، أول أيام شهر رمضان. وبعد نحو ساعة تجدد القصف المدفعي على مدينة الأتارب وطال الأحياء السكنية فيها وامتد ليشمل أطراف مدينة الدانا في ريف إدلب الشمالي مخلفاً أضراراً ماديةً فقط دون وقوع إصابات. وعاودت قوات النظام وروسيا قصفها مع ساعات المساء لمدينة الأتارب وقرية الجينة المحاذية لها في ريف حلب الغربي حيث سقطت إحدى القذائف بالقرب من خيام للناجين من الزلزال في مركز إيواء بقرية الجينة، دون وقوع إصابات.
وواصلت قوات النظام وروسيا قصفها حتى ساعات ما قبل السحور من اليوم الثاني من رمضان، فجر الجمعة، حيث استهدفت بلدة الأبزمو في ريف حلب الغربي بقذائف المدفعية الثقيلة ما أدى لمقتل شخص وإصابة امرأة وشاب آخرين، إذ طال القصف سوق البلدة ومنازل المدنيين القريبة منه واندلع حريق في أحد المحال التجارية في البلدة. وقبل أيام استهدفت قوات النظام وروسيا بلدة كفرتعال في ريف حلب الغربي بـ7 قذائف مدفعية استهدفت إحداها مسجد البلدة ما أدى لدمار المئذنة، وألحقت أضراراً بمنازل المدنيين.

هجمات مدفعية وصاروخية

وتتعرض القرى المحاذية لمناطق سيطرة النظام وروسيا في ريف حلب الغربي لهجمات مدفعية وصاروخية بين الحين والآخر لبث الذعر بين المدنيين وحرمانهم من الاستقرار، وخاصةً في القرى والبلدات التي فيها أبنية متصدعة جراء الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غربي سوريا في السادس من شباط.
وتتعمد قوات النظامين السوري والروسي استهداف المدنيين كل عامٍ في شهر رمضان المبارك لحرمان المدنيين من لحظات الفرح باجتماعهم على مائدة رمضان، وإيقاع أكبر عددٍ من الضحايا المدنيين باستهدافها الأسواق أثناء شراء المدنيين لحاجياتهم، وتأتي هذه الاستهدافات في وقت يعاني فيه مئات آلاف المدنيين من كارثة الزلزال المدمر التي لم تنتهِ آثاره بعد بسبب تصدع آلاف المباني وخشية المدنيين من السكن بداخلها واضطرار الكثيرين منهم للمبيت في خيام ومراكز إيواء لا تتوفر فيها مقومات الحياة في ظل أوضاع إنسانية صعبة يعانيها المدنيون في فصل الشتاء وضعف في البنى التحتية التي دمرها الزلزال بعد أن أنهكتها الحرب على مدار 13 عاماً.
ويواجه السوريون معاناة مضاعفة في مخيمات التهجير، عمقها ضعف الاستجابة الإنسانية وزادتها مأساة الزلزال، التي ضاعفت من أعداد المتضررين والقاطنين في مخيمات إيواء تم إنشاؤها بظروف طارئة وبشكل عاجل دون توفر بنية تحتية مناسبة تساعد على تخفيف وطأة العيش في مخيمات باتت تحمل سمة القهر للسوريين وتكتب كل يوم سطراً من الألم في سفر الكارثة الإنسانية التي تلم بالسوريين عاماً بعد آخر، بسبب غياب الحل الجذري لمأساتهم المتمثل بحقهم بالعودة الآمنة لمدنهم وبلداتهم التي هجرهم منها نظام الأسد وروسيا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية