مرض شارون عزز موقعه باستطلاعات الرأي في اسرائيل

حجم الخط
0

مرض شارون عزز موقعه باستطلاعات الرأي في اسرائيل

الجمهور يريده لحل الصراع مع الفلسطينيينمرض شارون عزز موقعه باستطلاعات الرأي في اسرائيل بينما يصارع شارون بين الحياة والموت في المستشفي، وحيث يعلم الجميع بالشبهات حول ضلوعه في قضايا فساد ورشوة، قام الجمهور بمنحه 42 مقعدا في استطلاع صحيفة (هآرتس) أي أن رصيده المتوقع ارتفع بثلاثة مقاعد مقارنة بما كان عليه قبل اسبوعين. كيف يحدث ذلك؟ ألا يقلق أحد من وضعه الصحي؟ وألا يكترث أحد من امكانية ارتكاب اعمال فساد ورشوة؟.ورطة شارون بدأت في عام 1999 إبان المعركة الانتخابية الداخلية في حزب الليكود في مواجهة ايهود اولمرت ومئير شطريت. لجنة برئاسة عضو الكنيست ابراهام بوراز هي التي حددت مبلغ 830 ألف شيكل المسموح به لتمويل الحملة الانتخابية الداخلية. اولمرت وشطريت التزما بالمبلغ المحدد.أما شارون ـ بواسطة ابنه عمري ـ فقد استخف بقرار اللجنة وصرف مبلغا هائلا (5.5 مليون شيكل) ـ أي ما معدله 6.6 أضعاف المبلغ المسموح به. شارون فاز فوزا ساحقا، فماذا يمكن أن نُسمي ذلك اذا لم يكن الفساد بعينه؟ ذلك لأنه لو كان بامكان اولمرت وشطريت صرف نفس المبالغ فربما كانا سيُحرزان النصر، ذلك لأن الحملة الانتخابية تكلف أموالا كثيرة: بيانات صحافية وملصقات خارجية واجتماعات انتخابية ومقاولون للاصوات. أي أنه قد حدث هنا شراء واضح للاصوات بالمال.شارون كان علي قناعة بأنه مُحصن. هو لم يصدق أن أحدا ما سيقوم بالتأكد الجدي من المبالغ التي أنفقها. إلا أن مراقب الدولة فكر بطريقة اخري. المراقب تحقق ووجد التجاوز الضخم الذي ارتكبه شارون، وأعلمه بأن عليه أن يعيد 4.7 مليون شيكل، التي هي قيمة تبرعات غير قانونية كان قد حصل عليها.لو كان شارون وولداه عائلة عادية يُخيم الخوف من القانون فوق رأسها، لقام بارسال ابنه عمري الي مراقب الدولة ليقول له: صحيح. لقد جمعت اموالا كثيرة، فلم يكن من الممكن تنظيم حملة انتخابية بمبلغ 830 ألف شيكل، ولكن المال قد أُنفق وليس لدينا مصدر لاعادته . في ظل هذا الوضع كان المراقب سيضطر الي اقتراح تسوية ديون العائلة وشطب جزء منها وترتيب دفعات طويلة ـ كما هي العادة في امور كهذه.ولكن في عائلة شارون ساد شعور أنهم هم وحدهم ومن بعدهم الطوفان. شارون كان قد أصبح رئيسا للوزراء بعد انتصاره الكبير علي ايهود باراك، وكان منتشيا بقوته. هو عرف أن للعائلة أثرياء كثيرين في أرجاء المعمورة سيسرهم أن يقدموا لها قرضا صغيرا، ذلك لأن للحكم طرقا كثيرة لمساعدة هؤلاء الأثرياء بعد ذلك حتي يزيدوا ثراءهم.من هنا بدأت الورطة، ذلك لأن الورطة تبدأ كما هو معروف دائما مع محاولات الاخفاء وليس في القضية نفسها. أول من تم تجنيده للعملية كان سيريل كيرن، المواطن من جنوب افريقيا، الذي أعطي العائلة اعتمادا لقرض بقيمة 1.5 مليون دولار، ومن ثم مارتين شلاف، صاحب الكازينوهات بما فيها كازينو أريحا الذي تدعي الشرطة أنه حوّل مبالغ كبيرة اخري لعائلة شارون.ولكن كيف حدث أن شارون يحظي بمثل هذه الاغلبية الساحقة رغم أن كل ذلك مسألة معروفة للجميع؟.لأن شارون يعتبر اليوم وعداً كبيرا، فقد اعتبر الشخص صاحب المزايا المطلوبة القادر علي انهاء الصراع الدموي مع الفلسطينيين ـ أي توفير الهدوء الذي تنشده اغلبية الجمهور في اسرائيل، كما تبرهن كافة الاستطلاعات.لو كان شارون قد نجح في الولاية الحالية، ليس فقط لفك ارتباطه عن غزة، وانما التوصل الي اتفاق سلمي شامل ايضا مع الفلسطينيين، لشكره الجمهور وألقي به من الحكم علي الفور بسبب اعمال الفساد. ونستون تشرشل أُزيح عن الحكم بعد أشهر من انتصاره الأكبر علي ألمانيا لأن الجمهور رغب بجدول اعمال جديد. ليس هناك امتنان وعِرفان في السياسة. محك الحاجة هو الحاسم هنا، ولذلك لأن شارون لم يوفر للجمهور ما يريده بعد، وانما وعد بتلبيته لاحقا ـ فما زال هذا الجمهور مستعدا للتحمل والانتظار.لذلك ليس مهما ماذا سيكون حكم عمري شارون، ولا يهم اذا كانت الشرطة ستوصي بتقديم شارون للمحاكمة. الجمهور سيواصل غض بصره ـ طالما أنه يُقدر أن شارون يستطيع التوصل الي اتفاق يوقف دائرة العنف مع الفلسطينيين. عندما تكون هناك حاجة للص، فانهم حتي يُنزلونه عن شجرة الإعدام.نحميا شترسلركاتب في الصحيفة(هآرتس) 5/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية