الناصرة- “القدس العربي”: أصدر “حملة- المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي” في حيفا داخل أراضي 48 تقريراً جديداً بعنوان “العدوان على الحقوق الرقمية الفلسطينية” يوضح ويوثق من خلاله الانتهاكات التي تعرضت لها الحقوق الرقمية الفلسطينية خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على الفلسطينيين (في الفترة ما بين 6-19 مايو/ أيار2021) واستجابة شركات التواصل الاجتماعي لهذه الانتهاكات.
ويشير تقرير “حملة” المركز المتخصص بالحقوق الرقمية لتصاعد العدوان على الفضاء الرقمي والرواية الرقمية الفلسطينية، ويُفصّل الانتهاكات التي تعرض لها المحتوى خلال هذه الفترة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي والشركات التكنولوجية، إلى جانب انتشار خطاب الكراهية والتحريض على الفلسطينيين والعرب باللغة العبرية.
كما يشير التقرير لتوثيق المركز لما يزيد عن 500 بلاغ للحقوق الرقمية الفلسطينية في الفترة المذكورة بالتعاون مع مؤسسات شريكة، ما يشير لازدياد ملحوظ لرقابة وسائل التواصل الاجتماعي على الخطاب السياسي الفلسطيني، حيث تصاعدت كثافة رقابة شركات التواصل الاجتماعي على المحتوى الفلسطيني منذ تاريخ 6 مايو/ أيار ما أدى إلى إزالة جزء كبير من المحتوى الفلسطيني من المنصات وتعليق حسابات وإغلاق أخرى بالإضافة إلى انتهاكات أخرى يفصلها التقرير.
جاء ذلك على أثر النشر عن قضية الشيخ جراح، والاعتداءات على القدس، ثم لاحقاً عن العدوان على غزة والاحتجاجات والمظاهرات، ولم تقدم المنصات تفسيراً مقنعا لذلك، فيما يرجح أن تكون وحدة السايبر الإسرائيلية التابعة لوزارة القضاء الإسرائيلية، والتي قدمت خلال السنوات الماضية عشرات آلاف الحالات للشركات دون أي إجراء قانوني، خلف هذه الانتهاكات الأخيرة.
وفقاً للتقرير، فقد تنوعت أسباب الانتهاكات ما بين إزالة المحتوى، وحذف وتقييد الحسابات، وإخفاء الأوسمة، إضافة إلى تقليل الوصولية لمحتوى بعينه، وحذف المحتوى المؤرشف، وتقييد الوصول، فيما تنوعت نسبة الانتهاكات على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد وثقّ مركز حملة 50% من هذه الانتهاكات على منصة “إنستغرام” و35% على منصة “فيسبوك” بينما وثّق ما نسبته 11% من مجمل الحالات على منصة “تويتر” و1% من الحالات على “تيك توك”، بينما كانت 3٪ الأخيرة من الحالات دون معلومات كافية من المبلغين.
وحسب “حملة” لم يتم إعطاء أو تحديد سبب الحذف أو التعليق من قبل الشركات في جزء كبير الحالات، فيما تنوعت الأسباب المقدمة للحالات الأخرى ما بين خطاب كراهية، ومخالفة لمعايير المجتمع، وطلب إثبات هوية وغير ذلك من الأسباب، واستطاع المركز حتى اللحظة استعادة جزء من هذه الحسابات، فيما لا يزال جزء منها قيد المراجعة.
ومن الجدير ذكره أنه على الرغم من أن بعض المنصات قد أصدرت تصريحات عامة حول الرقابة على الخطاب السياسي الفلسطيني، بعد ضغط العديد من المؤسسات والنشطاء، إلا أن تبريراتها ركزت فقط على “المشاكل التقنية” ولا تقدم تفسيرًا كافيًا لمعدل ونوع الرقابة التي وثقها مناصرو الحقوق الرقمية خلال السنوات الماضية، حيث لم تكن هذه المشكلة وليدة اللحظة وإنما هي استمرار وتصاعد لمشكلة موجودة بالفعل”.
وفي سياق التوقف عند ازدواجية المعايير يؤكد “حملة” أنه من ناحية أخرى، فقد عملت مجموعات الإسرائيليين المتطرفين خلال الفترة الماضية على حشد وتنظيم أنفسهم عبر مجموعات “الواتساب” و”التيليغرام”، وعلى الرغم من هذا الخطاب التحريضي العنيف ضد العرب والفلسطينيين، الذي امتد أثره على أرض الواقع، وأدى إلى استشهاد فلسطينيين، وتعرض غيرهم للأذى، إلا أن المنصات سمحت لهذا الخطاب بالبقاء على الإنترنت.
وقد وثّق التقرير رصد المركز خلال الأسبوعين الماضيين لأكثر من 40 حالة من هذا الخطاب الذي احتوى دعوات لقتل الفلسطينيين والعرب وحرقهم والاعتداء عليهم بشكل مباشر، وعلى الرغم من تمكن المركز من إزالة جزء من هذا المحتوى، إلا أنه ما زال هذا المحتوى موجودا خاصة وأن شركات التواصل الاجتماعي لا تقوم بمراقبة خطاب الكراهية والمحتوى العنيف الموجه للفلسطينيين بفعالية.
كما وثق التقرير انتهاكات أخرى شملت مراقبة السلطات الإسرائيلية للمصلين في المسجد الأقصى وتتبعهم وإرسال رسائل لهواتفهم لتهديدهم بمحاسبتهم لاحقاً، والتي استخدمت فيها الاستخبارات نظام التتبع GPS لتحديد أماكن المصلين. أما منصة يوتيوب، حسب “حملة” فقد روّجت وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية لمقطع فيديو عبرها يهدف إلى التبرير للعدوان الشرس الذي شنته سلطات الاحتلال على قطاع غزة، بينما أشار التقرير إلى إظهار “خرائط غوغل” لقطاع غزة كمنطقة ضبابية ومنخفضة الدقة ما يعيق قدرة مجموعات حقوق الإنسان على توثيق حالات هدم المنازل، ومن جهة أخرى، فقد وثق التقرير منع منصة “فينمو” للتبرعات للمنظمات الفلسطينية.
ويشار أنه في ذات السياق، عقد رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، يوم 18 مايو/ أيار الجاري، اجتماعاً مع رئيس الشؤون العالمية والاتصالات في “فيسبوك” نيك كليغ، للبحث في آليات تعامل الشركة العملاقة مع المحتوى الفلسطيني والمناصر للقضية الفلسطينية ووقف التحريض عبر منصات الشركة، وذلك بمشاركة وحضور مديرة المناصرة المحلية في مركز حملة منى شتية.
وجاء هذا الاجتماع بعد رسالة وجهّها مركز “حملة” للمدير التنفيذي لشركة فيسبوك، مارك زوكربيرغ، بتاريخ 17 مايو/ أيار 2021 والتي طالبه فيها بالتوقف عن تهديد الفضاء الرقمي للفلسطينيين والمساهمة في انتهاك حقوقهم الرقمية، مسلطاً الضوء على المحتوى المحرض والعنيف ضد الفلسطينيين والعرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار “حملة” إلى عمل وحدة السايبر الإسرائيلية التي عملت على إرسال عشرات آلاف الطلبات لشركات التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية دون أي سند أو إجراءات قانونية. وقد ركز “حملة” في الرسالة على الطلبات التي تلقاها مؤخراً حول حذف المضامين والحسابات الفلسطينية وتقييدها، مطالباً “فيسبوك” للتحقيق في هذه الحالات وتقديم تقارير أكثر شفافية وإجابات واضحة لمن تعرضوا للرقابة على محتواهم أو للتقييد والحظر من النشر عبر حساباتهم.
ويشار إلى أن هذه الجهود تأتي كاستكمال واستمرار لعمل مركز “حملة” لحماية الحقوق الرقمية الفلسطينية، حيث كثف المركز جهوده خلال فترة العدوان لزيادة استقبال وتوثيق وتصعيد حالات انتهاك الحقوق الرقمية لشركات التواصل الاجتماعي والتي تتخذ من مركز حملة شريكا موثوقا بالنسبة لها، لضمان حماية المحتوى والرواية الفلسطينية، وتوفير فضاء رقمي آمن وعادل وحر للكل الفلسطيني.
وشهدت الحرب الأخيرة على غزة معركة واسعة على الرواية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في منتديات التواصل الاجتماعي وقد اعتبر مراقبون وباحثون كثر منهم إسرائيليون أيضا أن الفلسطينيين تفوقوا على الاحتلال وروايته في منتديات التواصل الاجتماعي في العالم بشكل واضح.