أنطاكيا – «القدس العربي»: يسود قلق كبير بين أوساط قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والأكراد في شمال شرق سوريا، من انسحاب أمريكي من سوريا على غرار ما جرى في أفغانستان. ويُعتقد على نطاق واسع أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، لن يكون الأخير في المنطقة، لا سيما بعد إعلان الولايات المتحدة عن انتهاء الدور القتالي لقواتها في العراق مع حلول نهاية العام الحالي، واقتصار دورها على التدريب ومكافحة «الإرهاب».
وتُعد القوات الأمريكية، الداعم الرئيس لـ»قسد» التي يهيمن على قراراها أكراد سوريا، الذين يخشون من انسحاب أمريكي مفاجئ، قد يتركهم عرضة للنظام السوري مدعوماً بروسيا، والجيش الوطني المدعوم تركياً. وفي هذا السياق، قال نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لـ»الإدارة الذاتية» بدران جيا كرد في حديث لـ«القدس العربي» إنه من المؤكد أن للانسحاب الأمريكي من أفغانستان تداعيات على المنطقة برمتها، وما حصل بالحكومة الأفغانية الحليفة لأمريكا كان كارثياً مهما كانت هناك أسباب بنيوية متعلقة في الداخل الأفغاني، بحيث حالت السياسة الأمريكية دون تطوير وإنشاء حليف قوي في المنطقة. وأضاف جيا كرد أن الخطوة الأمريكية المتمثلة بالانسحاب خلقت بشكل ما وعلى مستويات مختلفة نوعاً من القلق لدى حلفاء واشنطن في المنطقة، وقد تؤدي إلى زعزعة الثقة بين الطرفين.
وبسؤاله عن احتمالية انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، قال ما زالت الشراكة بيننا وبين «التحالف الدولي» مستوجبة الأسباب أي «الإرهاب» والرسائل الرسمية التي تصلنا من قبل الإدارة الأمريكية العسكرية والسياسية تؤكد على استمرار هذه الشراكة والبقاء لتأمين الاستقرار في المنطقة. وتابع جيا كرد، «نرى أن الأوضاع في سوريا والعراق تختلف عن أفغانستان، بحيث لكل دولة ومنطقة قواعد اشتباك وطبيعة صراع مختلفة عن الآخر، واستدرك: «مع ذلك يشكل تعرضنا لهجوم تركي «إرهابي» واحتلال مناطق رأس العين وتل أبيض من الدولة التركية ومرتزقتها جراء الانسحاب الأمريكي منها، وكذلك عدم التحرك الأمريكي لدى الهجوم التركي على عفرين، تشكل مصدر قلق».
وقال: «نرى أن من الضروري أن تكون جميع الجهود والمخططات تصب في خدمة تطوير الحل السياسي وتأمين الاستقرار المستدام، وإننا (الإدارة الذاتية) سنعمل مع مختلف الجهات الفاعلة من أجل الحل السلمي والسياسي، وهذا التوجه هو الخيار الاستراتيجي لنا قبل التدخل الأمريكي، لأننا برزنا كقوة محلية سورية بعيداً عن الرهانات الخارجية ومكونات المنطقة هي الأساس في تشكيل «الإدارة الذاتية» بكل مؤسساتها المدنية والعسكرية».
وحسب جيا كرد، فإن أي «انسحاب أمريكي دون توافق سياسي مع الاطراف الفاعلة والسوريين يؤدي إلى خلق فوضى عارمة، تنسف كل الجهود التي بذلها المجتمع الدولي لمحاربة «الإرهاب» مما يعني تكرار سيناريو أفغانستان وفتح الأبواب أمام صعود التيار الإسلامي الراديكالي بدعم بعض دول المنطقة».
ولم تحد التطمينات الأمريكية، بعدم وجود تغيير على وجودها العسكري في سوريا، بعد حديثها عن انسحاب حتمي من العراق، من حجم مخاوف «قسد» إذ أكدت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن الترقب هو سيد الموقف في أوساط «قسد» بعد الانسحاب من أفغانستان. وحسب الصحيفة لم تنسَ «قسد» الذكريات المؤلمة للانسحاب الأمريكي السابق قبل 3 سنوات، حين أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب بشكل مفاجئ عن انسحاب 2000 جندي أمريكي من سوريا. وتابعت أنه «على الرغم من تحذير ترامب حينها من سحب كامل الجنود، إلا أنه قام بعدها بسحب نصفهم، وبذلك مهد الطريق أمام تركيا، الخصم الأكبر لقسد، للسيطرة على جزء من المنطقة» مضيفة أن «الخطوة الأمريكية وصفت بأنها خيانة للأكراد، الذين خسروا آلاف المقاتلين خلال الحملة التي يشنها التحالف الأمريكي ضد تنظيم الدولة (داعش)».