منذ أيام قليلة شهد العالم مسرحية بوليوديّة، هي الأولى من نوعها على مسرح فلسطين المحتلة. كانت بطولة «برهوم بيك» و«بيبي الحباب»، إخراج العم «بيدو»، بمشاركة بعض الكومبارس العرب. استمر العرض لعدة ساعات. وقد تابعه معظم سكان القارة العجوز. ففي عالمنا العربي هناك من شاهد العرض بشكل مباشر وبَهَره المشهد. أما في بلاد الآخرين فقد تسمرت عيون المشاهدين على شاشات التلفزيون لمتابعة أحداث المسرحية لحظة لحظة، خصوصاً وقد أعلن عنها «برهوم بيك» بشكل صريح ومباشر قبل أيام من عرضها.
بدأت المسرحية «سواريه» كي تضيف نكهة رومانسية على مشهد الألعاب الناريّة. مشهد جاء بمثابة الحدث الأبرز في سلسلة من الأحداث التي بدأت بتعدي «بيبي» على السفارة الإيرانية في دمشق، وهذا مخالف لكل القوانين الدولية، مما أشعل غضب «برهوم» ورفاقه فقرروا الانتقام.
هكذا أطلقت إيران 100 صاروخ باليستي و150 مسيرة هجومية، وما لا يقل عن 30صاروخ كروز. حتى خيّل لبعض المشاهدين العرب أنها نهاية جيش الاحتلال الإسرائيلي. نهاية مُستحقة بعد 75 عاما من الاحتلال الوحشي.
لقد طارت الصواريخ لتضيء سماء العراق ومصر وسوريا والأردن ولبنان، وهي في طريقها إلى فلسطين المحتلة. لم يكن مرورها عادياً فقد هلل لها اللبنانيون الساهرون معتقدين إنها ألعاب نارية ساحرة، وهي جزء من باقة حفلات بيروت الصاخبة.
لكن «العم بيدو»، بمساعدة حلفائه أسقطوها جميعاً، ما عدا خمسة، حسب ما أكده مسؤولان أمريكيّان. نعم خمسة فقط. هل تعرفون المثل: جاءت المسكينة لتفرح فلم تجد لها مطرح. ويا للخذلان!
إن معظم مشاعر العرب في ذلك الوقت كانت متشابهة، وذلك إن كانوا من مناصري «برهوم بيك» و»حسّونة لبنان» أو لم يكونوا. فعدو عدوي هو حبيبي. ومن تابع قتل الأطفال في غزة ومشاهد المقابر الجماعية، التي دفن فيها الفلسطينيون شباناً وشيوخاً، ومن سمع صراخ النساء وهن يُغتصبن ومن شاهد سياسة التجويع وتعطيش وتعذيب الفلسطينيين وسرقة الأعضاء والجثث التي قدّمت ولائم للكلاب، لا يمكنه إلا أن يتمنى نهاية شنيعة لبيبي الشرير وحكومته وجيشه وعودة الأرض المسروقة لأصحابها.
ولكن أجدادنا علمونا أن في بلادنا تحديداً لا تجري الرياح كما تشتهي السفن.
هجوم باهت
تساءل عديدون عن هدف إيران من ذلك الهجوم الخاطف، بدلاً من القيام بشيء يكون أكثر أهمية عسكرية. فهي لم تستخدم كل قوتها في ذلك الهجوم ولم تفتل عضلاتها كما ينبغي. وكأن العرض كان مصمماً للتحذير. وقد أعلنت بسرعة قصوى أن ذلك الهجوم الذي أوهم، ولو لساعات قليلة، بعض الغافلين بأنه انتصار للضعفاء ولدموع الأطفال وشهقات الأمهات وقرابين للأموات، هو نهاية انتقامهم. هكذا بدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي بتبادل النكات حول الانتقام الإيراني الضعيف.
منهم من اعتبره بمثابة عراك بين كلبين يفصلهما باب زجاجي. ومنهم من تداول صورة لنتنياهو كُتِبَ عليها: تقدمنا بشكوى للأمم المتحدة بإيران لأنهم سهرونا عالفاضي! وصورة أخرى لخامنئي وهو يسأل جنرالاته: حسناً وما هي الخسائر بعد إطلاق 300 صاروخ؟ ليرد عليه الجنرالات: 300 صاروخ سيدي!
كيف تنتهي المسرحية بسيناريو متوقع، ولمَ تكبدوا تلك التكلفة الباهظة إن كانوا يخططون أن تكون تلك الصواريخ مجرد ألعاب نارية؟
لقد أجاب الدبلوماسي الأمريكي، ريتشرد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية السابق في حوار له في جريدة «بوليتيكو» الأمريكية عن حقيقة ما كانت طهران تحاول تحقيقه بهذا الهجوم، وإن كان يعتبر فعلاً خطأً فادحاً. لأنه قبل وقوعه، كانت ما زالت كل من إسرائيل والولايات المتحدة تهتمان الى حد ما بشأن القضية الإنسانيّة في غزة.
وهُنا استشهد هاس بمقولة نابليون قائلاً: عندما يقوم أعداؤك بخطأ كبير جداً، فلا تقاطعهم. لقد قاطعت إيران الوضع عندما كانت إسرائيل معزولة بشكل متزايد، سواء على الصعيدين الدولي وفي علاقتها الخاصة جدا مع الولايات المتحدة أيضاً. كان الظرف يلعب لصالح إيران. وكان لإيران العديد من الطرق الأخرى للرد بفاعلية – ربما باستخدام حزب الله لتسليح الضفة الغربية أو للقيام بهجمات أخرى في المنطقة.
كان هذا جوهر سياسة الأمن القومي الإيراني لعقود. فالهجوم بشكل مباشر على فلسطين المحتلة كان خطأ إستراتيجيا كبيرا من جانب إيران.
لكن هناك لحظات فرح عابرة حققها ذلك الانتقام الباهت.. منها فرحة الغزيّين المطحونين قهرا، بمرور ليلة هادئة فوق سمائهم. لا ضحايا فيها ولا أصوات صواريخ تلعلع فوق رؤوسهم وأطفالهم. لقد نام الأطفال ملء عيونهم. فجيش العدو في تلك الليلة كان منشغلاً بالهجوم الإيراني. ومن لحظات الفرح أيضاً، استمتاع العرب، وهم يشاهدون لعنة الخوف تهرول في شوارع تل أبيب. وأجمل اللحظات في تلك الليلة هي حلم العودة إلى مدينة غزة وشمالها والعيش فوق ركام المنازل، لكن ذلك الحلم انتهى باستشهاد 6 فلسطينيين، من بينهم طفلة عند شارع الرشيد، بعد أن تصدى جيش الاحتلال لمئات العائلات الفلسطينية بإطلاق الرصاص الحي والقذائف المدفعيّة على النازحين العابرين. وكل ذلك خلال 24 ساعة فقط، ففي غزة حتى الأحلام تموت سريعاً.
يبقى السؤال الكبير، هل سترد إسرائيل على الهجوم الإيراني الهادئ الذي تتوعد فيه، رغم كل التحذيرات الأمريكية؟ وإن ردّت ما هو مصير المنطقة العربية، وهل يكون ذلك بداية لحرب عالمية ثالثة أو نهاية لدولة إسرائيل المحتلة؟
تبقى العلاقة الحميمة بين «بيبي الشرير» و»العم بيدو»، رغم كل الخلافات وطيدة، ولن يسمح الأخير أن يُهزَم «بيبي» في حربه المحتملة مع إيران ليس محبة بإسرائيل، بل حفاظاً على مصالحه في منطقة الشرق الأوسط.
٭ كاتبة لبنانيّة
وقبل فترة ليست بالبعيدة رأينا مسلسلا رومنسيا واقعيا وحقيقيا على شاكلة مسلسل الحاج متولي حيث تسابقت فيه 4 حسناوات عربيات لكسب ود ابن عمهن الحاج المتولي الذي لعبت دوره إسرائيل .. ولولا طوفان الأقصى لربما رأينا مسلسلا جديدا على شاكلة مسلسل راجل وست ستات والراجل للأسف دوما هو إسرائيل…. ليت العرب تخلو عن مسلسلاتهم وانتهجو نهج ايران ومسرحياتها فهي أكثر جذبا ومتابعة كما جاء في تقريرك و هي طبعا أحب للجمهور
مقال في الصميم