قطعت مسيّرة تابعة لجماعة «أنصار الله» (الحوثيين) مسافة نحو ألفي كيلومتر في قرابة عشر ساعات متجاوزة في طريقها الطويل منظومات الاعتراض والرادارات الأمريكية والإسرائيلية لتصطدم، في الساعة الثالثة صباحا، بشقة في شارع شالوم عليخم في تل أبيب غير بعيد عن موقع السفارة الأمريكية.
سمع السكان ما يشبه هدير طائرة مقاتلة تطير بسرعة على نحو منخفض ثم استحال الهدير، حسب شهود، دوي انفجار ضخم وأزيزا يصم الآذان، وأدى الهجوم، حسب الشرطة الإسرائيلية، إلى مصرع شخص وجدت جثته في مبنى مجاور، وجرح 10 آخرين بشظايا وصدمة عصبية، وإلى تحطيم نوافذ كل المباني المطلة على الشارع.
أثار هجوم المسيرة المسمّاة «يافا» غضبا شديدا لدى قادة إسرائيل فقال ناطق باسم جيش الاحتلال إن «هذا حادث سيئ لا ينبغي أن يحدث» وبرّره بحصول خطأ بشري، ليعترف بعدها بأن الدفاعات الجوية الإسرائيلية ليست «مُحكمة» مرجحا أن تكون المسيّرة إيرانية الصنع وجاءت من اليمن.
تعهد وزير الحرب الإسرائيلي بالانتقام وتوعد الحوثيين بـ«دفع ثمن باهظ» وأجرى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تقييما للأوضاع بمشاركة رؤساء الأجهزة والمؤسسات الأمنية، وأكد مسؤولون إسرائيليون بعدها أن «خيار الرد ضمن الأراضي اليمنية مطروح على الطاولة».
تزامنت العملية الجوية مع استمرار الهجمات البحرية للجماعة التي استهدفت في وقت متزامن سفينة تحمل علم سنغافورة بدعوى أنها انتهكت حظرها لزيارة الموانئ الإسرائيلية، وذلك بعد يوم من حديث قائد الجماعة عن توسيع الهجمات في المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، وقال مسؤولون عسكريون حوثيون إن المسيّرة تم تطويرها بعد 7 تشرين أول/أكتوبر معتبرين الهجوم على تل أبيب «مرحلة جديدة» في عملياتهم ضد الدولة العبرية.
تسجّل العملية، بالفعل، فارقا مهما، لأسباب تتعلّق ببعد المسافة التي قطعتها الطائرة بدون طيار، وبتمكنها من تجاوز العقبات الدفاعية لأكثر الجيوش تحديثا في العالم، وبإظهارها الأهمية الكبيرة لهذا السلاح منخفض الثمن كأحد أركان الحرب الحديثة بين «الضعفاء» و«الأقوياء».
وإذا أدت هذه الواقعة إلى رد إسرائيلي داخل اليمن فإن ذلك سيشكل أيضا «مرحلة جديدة» تنتقل الدولة العبرية خلالها، من أطر الصراع العسكري الدائر حاليا مع الفلسطينيين في غزة و«حزب الله» في لبنان إلى اشتباك، ولو كان محدودا، مع طرف وازن في اليمن من دون أن ننسى المعركة الخطيرة التي أدى إليها اغتيال قادة إيرانيين كبار في دمشق، واستهداف طهران لإسرائيل بعدها بوابل من الصواريخ والمسيّرات.
تظهر عمليات الحوثيين الأخيرة أيضا فشل العمليات العسكرية ضد الحوثيين، وهي العمليات التي لم تنقطع لـ«تحالف الراغبين» الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر القوى العسكرية في العالم، في البحر الأحمر والخليج العربي، ضد قوة هامشيّة في ميزان القوى العالمي تقاتل من بلد فقير وجائع.
إلى جانب كل ذلك، تظهر عملية تقصف فيها مسيّرة يمنية سمّاها مطلقوها «يافا» ونجحوا في إسقاطها قرب السفارة الأمريكية وفي شارع يدعى «شالوم عليخم» صعوبة تجاهل القوة الرمزية لهذا الحادث ولمفعوله على إسرائيل نفسها، وعلى سكان هذه المنطقة المنكوبين بها.
ضربة موجعة للكيان الإبادة
وشكرا للإخوة اليمنيين جماعة أنصار الله
بعد هذا كله تأتي بعض الابواق الخليجية لتسرد علينا قصص سيئة عن الحوثيين والشيعة .
حجارة من سجيل قريبا ،